قيادي بالتيار المدني: ليبيا ليست بحاجة إلى دستور جديد

طاطاناكي أكد أن {حكام قطر يملكون طموحات للسيطرة والتوسع}

TT

قيادي بالتيار المدني: ليبيا ليست بحاجة إلى دستور جديد

قال حسن طاطاناكي، القيادي في التيار المدني الليبي، لـ«الشرق الأوسط»، إن اختيار قطر ليبيا لممارسة أنشطة على أراضيها، يرجع إلى الموقع المهم للبلاد في شمال أفريقيا، حيث يمكن الانطلاق عبرها إلى أي مكان في الصحراء الأفريقية والبحر المتوسط وأوروبا.
وفي تقييمه لأداء التيار المدني، كشف طاطاناكي عن أنه أصبح يعاني من الضعف مقارنة بما يسمى «التيار الإسلامي»، موضحا أن بلاده ليست في حاجة إلى دستور جديد، بل يمكنها العمل بالدستور الذي صدر في عهد النظام الملكي عام 1952، مع إدخال بعض التعديلات المطلوبة عليه، واختيار رئيس مؤقت للبلاد لمدة سنتين أو ثلاث سنوات.
وبخصوص احتمالات ترشحه للرئاسة، قال طاطاناكي إنه «من الخطأ أن تبحث عن اسم لمولود قبل أن يُولد. وإذا توافرت لديك حسن النية والوطنية والنزاهة، فإن آخر شيء يمكن أن تتمناه لنفسك حاليا هو منصب رئيس ليبيا».
وأسس طاطاناكي، الذي يملك شركات بترول ومقاولات في دول عدة، قناة «أزهري» التلفزيونية في عام 2008، وقناة «ليبيا أولاً»، ضمن دعم لـ«الثورة»، في فترة الحرب والانتفاضة التي أطاحت بنظام معمر القذافي في 2011.
وبخصوص الكيفية التي تمكنت بها تيارات متطرفة، مثل جماعة الإخوان وغيرها من التنظيمات، من الهيمنة على المشهد في ليبيا، قال طاطاناكي «علينا أن ننظر إلى تيار الإخوان، ليس كتيار ليبي، ولكن كتيار إقليمي... يقوى نتيجة الضعف الاقتصادي والأمني، ونتيجة الفوضى... هم يبحثون عن المناطق التي فيها بلبلة، أو عدم استقرار أو ضعف للدولة».
أما بخصوص ما ذكرته السعودية والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، ومصر، من أن هناك تسع شخصيات ليبية وتسع كيانات ليبية في لائحة الإرهاب المرتبطة بقطر، فقد أوضح طاطاناكي أن «لحُكام قطر إمكانات مالية وطموحات للسيطرة والتوسع، وهذا راجع إلى كون قطر دولة صغيرة... وللأسف الشديد، فإن ما هو شائع لدى العامة هو أن الدول الأربع لم تتحرك ضد قطر إلا الآن، لكن الحقيقة هي أن هذه الدول الأربع تواجه قطر منذ عشرين سنة ودولا أخرى، لكن ولاعتبارات احترام الجار وعدم التسبب في بلبلة في المنطقة، تحملت الدول الأربع أشياء كثيرة، وكانت تقوم بترميم الأضرار التي تقوم بها قطر... بيد أن الأمر وصل إلى مرحلة نفاد الصبر».
وبخصوص تجربة قناة «ليبيا أولا»، وعدم استمرارها، قال طاطاناكي: إن الأمر «بدأ بطريق غير مباشر في 12 مارس (آذار) 2011، وقد بدأت القناة في العمل من داخل ليبيا، بينما كان البث من مصر... واستمرت في العمل حتى عام 2016، لكنني اكتشفت أنه كلما حاولت أن أواجه أي فساد، أو سوء إدارة، أو الوصول لحل في ليبيا، تزداد الأمور سوءا. هي لم تكن قناة فقط. الفكرة كانت مشروعا كبيرا، والقناة جزء منه».
وردا على ما يدور في بعض الدوائر التي تحدثت عن إمكانية وجوده في المشهد السياسي، سواء مرشحا رئاسيا أو مرشحا لرئاسة الحكومة، قال طاطاناكي بنبرة غير متحمسة «لدينا مثل ليبي يقول إن فلانا يُسمِّي المولود قبل أن يولد».
أما بخصوص علاقته بالتيار المدني بعد 2011، والذي أصبح يعاني من التشرذم، فقد أكد طاطاناكي أنه «موجود في هذا التيار منذ ما قبل عام 2011، وأعتقد أن سبب هذا التشرذم يكمن في عدم وجود فكر سياسي. التيار المدني لم يتراجع. لكن للأسف من قاد التيارات المدنية بعد 2011 كان ضعيفا، كما أن قوة الطرف الآخر، من (تيار إسلامي) مزيف، هم من سيطروا على الوضع».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.