الحكومة العراقية طلبت رسمياً تأجيل الانتخابات المحلية

مشادة بين نائب ورئيس البرلمان

TT

الحكومة العراقية طلبت رسمياً تأجيل الانتخابات المحلية

مر الموعد المقرر لإجراءات الانتخابات المحلية العراقية في 16 سبتمبر (أيلول) الحالي من دون أن يحظى باهتمام إعلامي يذكر، نتيجة انشغال الجميع بالاستفتاء الكردي المقرر في 25 من الشهر نفسه. في غضون ذلك، أخفق مجلس النواب العراقي، أمس، في التصويت لصالح اختيار أعضاء جدد لمجلس المفوضية المستقلة للانتخابات المنتهية ولايته، لاختلال النصاب القانوني، نتيجة الاختلاف بين الكتل على طريقة اختيار المفوضين.
وأبلغت مصادر من مفوضية الانتخابات المستقلة «الشرق الأوسط» أن رئاسة الوزراء أرسلت قبل أيام كتاباً إلى المفوضية تطلب فيه اختيار موعد جديد لإجراء الانتخابات. وتقول المصادر إن أزمة الاستفتاء إلى جانب الظروف الأمنية المعقدة في محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار حالتا دون إجراء الانتخابات في موعدها المحدد.
ورغم تصويت مجلس النواب العراقي في أغسطس (آب) الماضي على «دمج» الانتخابات المحلية بالانتخابات العامة المقررة مطلع العام المقبل، فإن مصادر مفوضية الانتخابات تشير إلى أن «المفوضية لا تعتمد قرارات مجلس النواب، إنما قرارات ومطالب مجلس الوزراء، لارتباطها به إدارياً، لذلك أرسل طلباً باختيار موعد جديد».
ويساور أوساط مفوضية الانتخابات القلق من عدم إجراء الانتخابات المحلية حتى لو أجّلت إلى موعد جديد، فضلا عن المخاوف من تأجيل العامة المفترض أجرائها في مارس (آذار) المقبل، وقد حذرت كتل شيعية مختلفة من تأجيلها. ويرجّح عضو «اتحاد القوى العراقية» حيدر الملا في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «عدم إجراء الانتخابات العامة المقبلة، لأسباب تتعلق بأوضاع المحافظات السنية غير المستقرة. لكن أوساط المراقبين السياسيين، تميل إلى الاعتقاد إلى أن السبب وراء رغبة القوى السنية في تأجيل الانتخابات العامة يكمن في «خشيتها من هزيمة انتخابية كبيرة تنتظرها في الانتخابات المقبلة، نتيجة خسارتها لسمعتها ورصيدها الانتخابي بعد صعود (داعش) عام 2014».
ويميل آخرون إلى الاعتقاد بأن أغلب القوى السياسية العراقية، بما فيها الشيعية والكردية، غير راغبة بإجراء الانتخابات في موعدها المحددة، لذات الأسباب التي تخشاها القوى السنية، وهو «التراجع المتواصل في رصيدها الجماهيري والانتخابي».
وفي شأن آخر يتعلق بالانتخابات العامة، أخفق مجلس النواب العراقي في التصويت على أعضاء مجلس مفوضية الانتخابات المستقلة، نتيجة الاستقطابات الحادة بين الأطراف المؤيدة لاختيار أعضاء مجلس مفوضية الانتخابات، الذين ترشحهم الكتل السياسية عبر «لجنة الخبراء»، وبين المطالبين بانتداب قضاة لإدارة العملية الانتخابية.
وتكرر، أمس، لليوم الثاني مشهد الشجار بين المؤيدين والمعترضين، وكان طرفاه النائب عن التيار المدني فائق الشيخ علي، المطالب باختيار قضاة، ورئاسة البرلمان التي تدافع عن فكرة اختيار مجموعة المفوضين عبر لجنة الخبراء. وكان النائبان محمد الكربولي وفارس الفارس اشتبكا بالأيدي، أول من أمس، على خلفية الموضوع ذاته، حيث يميل النائب الفارس إلى التصويت على مقترح انتداب القضاة، بينما يميل الكربولي على قرار اختيار المفوضين عبر لجنة الخبراء.
ويرى النواب المدافعون عن فكرة انتداب قضاة لمجلس المفوضين، ويناهز عددهم السبعين من كتل مختلفة، أن انتداب القضاة لمجلس المفوضية المستقلة سيضمن نزاهة العملية الانتخابية، ويبعد المجلس عن المحاصصة الحزبية داخله، كما أنهم يتهمون «لجنة الخبراء» وعددها 29 نائبا، بـ«المحاصصة وعدم النزاهة في اختيار المفوضين»، لأنها مؤلفة من أعضاء ممثلين للكتل السياسية في البرلمان. لكن المؤيدين لاختيار مجلس المفوضين عبر لجنة الخبراء، يرون أن إشراك القضاء في العملية الانتخابية يتناقض مع مبدأ فصل السلطات واختيار مجلس المفوضين من المهام الحصرية لمجلس النواب. وتشير بعض المصادر إلى أن الجهات القضائية أبدت استعدادها لترشيح قضاة لشغل منصب مجلس المفوضين المؤلف من 9 أعضاء.
الخلافات الحادة داخل مجلس النواب حول اختيار مجلس المفوضين، حالت دون حصوله على النصاب اللازم للتصويت على من يؤيد مقترح القضاة كمفوضين ومن يؤيد اختيار لجنة الخبراء. الأمر الذي اضطر مجلس النواب إلى تمدد عمل مفوضية الانتخابات المنتهية ولايتها شهرا واحدا.
النائبة عن التيار المدني المؤيدة لخيار القضاة، شروق العبايجي أعلنت، أمس، جمع تواقيع مجموعة من النواب بهدف إرسال شكوى إلى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق بشأن ما أسمته «ادعاء أعضاء لجنة الخبراء بأن اختيار مرشحين (مسيسين) جاء بتوصية من الأمم المتحدة».
بدوره، أصدر النائب عن التحالف الوطني هلال السهلاني المؤيد لاختيار القضاة، بيانا قال فيه إن «الكتل الكبيرة الممثلة لجهات سياسية نافذة تسعى لتمرير التصويت على المرشحين الجدد لمجلس المفوضين وتبرير عمل لجنة الخبراء بأنه تم وفقا لمعايير الشفافية والديمقراطية خلافا للواقع، وأن هذه الجهات هي نفسها من رشحت الأسماء التسعة وتضغط على النواب لأجل تمرير التصويت». ويرى السهلاني أن «الجهات نفسها هي التي استبعدت المرشحين المستقلين وذوي الكفاءات خلال مراحل المقابلة والتقييم ودفعت بمرشحيها المتحزبين»، معتبراً أن «المفوضية الجديدة لن تكون أفضل من المفوضية الحالية، بل أسوأ منها في حال إصرار الكتل على تمرير الأسماء التسعة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.