المحكمة الاتحادية العليا في بغداد تقضي بإيقاف الاستفتاء الكردي

فالون في أربيل لإقناع بارزاني بالعدول عنه... وأنباء عن «مبادرة» تركية ـ فرنسية

المحكمة الاتحادية العليا في بغداد. («الشرق الأوسط»)
المحكمة الاتحادية العليا في بغداد. («الشرق الأوسط»)
TT

المحكمة الاتحادية العليا في بغداد تقضي بإيقاف الاستفتاء الكردي

المحكمة الاتحادية العليا في بغداد. («الشرق الأوسط»)
المحكمة الاتحادية العليا في بغداد. («الشرق الأوسط»)

تتواصل الضغوط السياسية والقضائية على إقليم كردستان لثنيه عن إجراء استفتاء الاستقلال عن العراق، المقرر في 25 سبتمبر (أيلول) الحالي، وجاءت آخر الضغوط الموجهة من زاوية السلطة القضائية، التي قضت بـ«عدم دستورية» إجراء الاستفتاء، بناءً على طلب تقدم به رئيس الوزراء حيدر العبادي، ويتهم «الطلب الولائي» الذي قدمه الأخير إلى المحكمة الاتحادية رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني وبرلمان الإقليم بمخالفة أحكام الدستور، من خلال تأييدهما لموضوع الاستفتاء، معتبراً أن من شأن إجراء من هذا النوع أن «يؤدي إلى نتائج خطيرة لا يمكن إزالة آثارها، تؤدي إلى تقسيم العراق، وتهدد السلم الأهلي في ظل الظروف الأمنية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، فضلاً عن تهديده للسلم الإقليمي»، كما ورد في نص كتاب طلب العبادي. بدورها، قالت المحكمة الاتحادية العليا إنها اجتمعت بحضور كل أعضائها، ونظرت في الطلبات المقدمة بوقف إجراءات الاستفتاء في إقليم كردستان والمناطق المشمولة بالاستفتاء خارجة سيطرته. وأكد بيان صادر عن المحكمة الاتحادية «توفر الشروط الشكلية القانونية في الطلبات». وعلى ضوء ذلك، «أصدرت أمراً ولائياً بإيقاف إجراءات الاستفتاء المنوي إجراؤه»، وذلك استناداً إلى أحكام المادة (151) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969.
ويقول الخبير القانوني طارق حرب لـ«الشرق الأوسط» بخصوص الأمر الولائي إنه «أمر ابتدائي تصدره المحكمة واجب التنفيذ، نتيجة دعوى مرفوعة، ويستمر لحين إصدار نتيجة النهائي، ويمكن أن يستمر تنفيذه أو يلغى نتيجة دعوى يقيمها الطرف الآخر».
ويؤكد حرب أنه من «حق رئاسة إقليم كردستان وبرلمانه الطعن بالحكم»، ويشير إلى أن أمر المحكمة الصادر «لا يلزم أي طرف حكومي أو غيره بعدم التفاوض حول قضية الاستفتاء مع الجانب الكردي».
ومن جانبها، ردت كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني النيابية على قرار المحكمة الاتحادية، متهمة القضاء العراقي بأنه «مسيس». وقال النائب عن الكتلة شاخوان عبد الله إن «قرار المحكمة الاتحادية غير ملزم لنا، ولا قيمة له؛ القضاء مسيس، وقراراته تصب بمصلحة أطراف محددة عرفت بموقفها المعادي للكرد».
واستمراراً لمسلسل الضغوط الموجهة إلى إقليم كردستان، ينشط نواب في «ائتلاف دولة القانون»، بزعامة نوري المالكي، في جمع تواقيع لإصدار قرار بـ«وضع اليد» على أموال رئيس إقليم كردستان، ورئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني، ومحافظ كركوك نجم الدين كريم. وفي هذا الاتجاه، قال النائب عن «دولة القانون» عبد السلام المالكي إنه جمع 90 توقيعاً لإصدار قرار وضع اليد على أموال رئيس إقليم كردستان، ورئيس حكومة الإقليم، ومحافظ كركوك المقال.
وأشار المالكي، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في مبنى البرلمان، إلى مطالبة مجلس النواب بـ«إصدار قرار ملزم لوزارة الخارجية والحكومة بمفاتحة سفارات الدول والمؤسسات المالية الدولية لإبلاغنا عن أرصدة واستثمارات هذه الشخصيات»، وتابع أن «القرار يتضمن أيضاً وضع اليد عليها، ومنع التصرف بها، ومقاطعة أي مصرف أو مؤسسة تتعامل معهم خارج إطار القوانين الدولية وسيادة العراق».
في مقابل ذلك، يسعى زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، وبالتنسيق مع مبادرة «الحوار» التي أطلقها رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، إلى اتباع مسار تفاوضي مع إقليم كردستان لحلحة الأزمة المتفاقمة بين بغداد وأربيل. وتقول أوساط تيار الحكمة إن عمار الحكيم خاض في الـ48 ساعة الأخيرة حوارات مكثفة بين مختلف الأوساط السياسية في بغداد وأربيل، كذلك عقدت لقاءات مختلفة مع الممثلية الأممية في العراق، ومجموعة من سفراء الدولة المؤثرة في العراق، بهدف إيجاد صيغة حل ترضى أطراف الأزمة. ويتوقع مسؤول العلاقات الوطنية في «تيار الحكمة» محمد جميل المياحي «الوصول إلى صيغة حل تنهي الأزمة في غضون الـ24 ساعة المقبلة».
من جهة أخرى، وصل وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، صباح أمس، إلى العراق، في إطار زيارة رسمية لبحث ملف الحرب ضد تنظيم داعش، والأوضاع السياسية. وتوجه فالون بعد ظهر أمس إلى إقليم كردستان، والتقى بارزاني، في محاولة لإقناعه بالتخلي عن الاستفتاء، والعمل مع الأمم المتحدة من أجل «بحث» بدائل.
وقدمت الأمم المتحدة مقترحاً لبارزاني، يقضي بتراجع الأكراد عن مشروع تنظيم الاستفتاء مقابل المساعدة على التوصل إلى اتفاق شامل حول مستقبل العلاقات بين بغداد وأربيل، في مدة أقصاها 3 سنوات، لكن رئيس الإقليم أبقى على الاستفتاء في الوقت الحالي، معتبراً أن المقترحات المقدمة غير كافية.
إلى ذلك، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن الاستفتاء سيشكل «مبادرة غير مناسبة»، داعياً إلى حوار بين بغداد وإقليم كردستان. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الوزير قوله، قبيل بدء أعمال الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة، في نيويورك: «يشتمل الدستور العراقي على عناصر شديدة الأهمية بشأن الحكم الذاتي، يجب احترامها وتثبيتها وتأمينها، في إطار حوار بين بغداد وكردستان. ويبدو لنا أن أي مبادرة أخرى ستكون غير مناسبة».
وأضاف لودريان: «إننا في العراق للإعداد لمرحلة ما بعد (داعش). وبالنسبة لنا، فإن ما بعد (داعش) يفترض نظام حكم يشمل الجميع، ويحترم الدستور العراقي وبعده الفيدرالي والمجموعات التي تشكله، ووحدة أراضي العراق».
وفي السياق نفسه، نقلت صحيفة «خبرتورك» التركية عن مصادر دبلوماسية وصفتها بـ«الرفيعة»، أمس، أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يعتزم أن يبحث مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وضع مبادرة مشتركة من 3 مراحل لحل الخلافات بين أربيل وبغداد، اليوم، على هامش فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك.
ونقلت شبكة «رووداو» عن الصحيفة أن مضمون إجراءات الاستجابة التركية سيحدده مجلس الأمن الوطني التركي خلال جلسته في 22 سبتمبر (أيلول) الحالي، إلا أن إردوغان ينوي أن يقترح على باريس، كخطوة أولى، إطلاق نداء مشترك إلى أربيل بالتخلي عن إجراء الاستفتاء. وفي المرحلة الثانية، إذا لم تستجب القيادة الوردية للنداء، ستقوم تركيا وفرنسا بوساطة بين أربيل وبغداد في المسائل المتعلقة بتحقيق الحقوق الدستورية لشعب كردستان العراق، ومصير المناطق المتنازع عليها (مثل كركوك)، على أساس خريطة طريق سيعملان على وضعها.
وحسب المصدر، إذا رفضت أربيل إلغاء التصويت، فإن تركيا تقترح على باريس فرض عدد من العقوبات على إقليم كردستان، ضمن المرحلة الثالثة من الخطة.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.