«النصرة» تعلن «حكومة» في إدلب... وتركيا تعجل التحضيرات العسكرية

فصائل معارضة توضح موقفها من عملية آستانة

تلاميذ مدرسة في درعا التي تخضع لخفض التصعيد جنوب سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
تلاميذ مدرسة في درعا التي تخضع لخفض التصعيد جنوب سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

«النصرة» تعلن «حكومة» في إدلب... وتركيا تعجل التحضيرات العسكرية

تلاميذ مدرسة في درعا التي تخضع لخفض التصعيد جنوب سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
تلاميذ مدرسة في درعا التي تخضع لخفض التصعيد جنوب سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)

تتسارع التحضيرات لبدء المعركة التركية المرتقبة ضد «هيئة تحرير الشام»، التي تضم «جبهة النصرة» وبعض الفصائل، في إدلب، بعد أيام على إعلان اتفاق خفض التصعيد في المنطقة في مؤتمر آستانة، ورفض «النصرة» التي تعاني من انقسامات في صفوفها له.
كانت فعاليات «المؤتمر السوري العام» قد انتهت، أول من أمس، بريف إدلب، بتشكيل هيئة تأسيسية لتسمية «حكومة داخلية» يعمل على تشكيلها في الداخل السوري، على اعتبارها «الحكومة الشرعية للشعب». وقال البيان الختامي للمؤتمر إن «المجتمعين اتفقوا على مبادئ أساسية تقوم على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للتشريع، ووجوب الحفاظ على هوية الشعب السوري». ويعتقد أن هذه الخطوة مدعومة من «النصرة».
وعلى وقع التعزيزات العسكرية التركية على الحدود السورية، من المتوقع أن تكون الأيام المقبلة حاسمة بشأن اتضاح صورة هذه المعركة التي بات يتحضر لها ما يقارب 3 آلاف مقاتل في تركيا، ينتمون لفصائل معارضة عدة، كان معظمها قد تعرض إلى ضغوط، وتفككت على أيدي «تحرير الشام»، بحسب ما يقوله مصدر في إدلب لـ«الشرق الأوسط»، ويوضح: «كل المعطيات تشير إلى أن أنقرة اتخذت القرار بإعلان ساعة الصفر، إضافة إلى أن هناك تخبطاً في صفوف (تحرير الشام) التي باتت تعاني، إضافة إلى الانشقاقات المتتالية، من انقسام في صفوفها، بين من يدعو إلى قتال أنقرة ومن يرفض»، ويلفت إلى أنه في الأيام الأخيرة نفذت عمليات اغتيالات عدة بحق عدد من قيادييها وعناصرها، معظمهم من المهاجرين.
وفي حين لفت مصدر في «الجيش الحر» إلى أن العملية ستكون تشاركية بين الفصائل والقوات التركية، عبر قواتها الخاصة، على غرار «درع الفرات»، أكد المصدر في إدلب على أن الاعتماد سيكون على المقاتلين الذين خضعوا لتدريبات في معسكرات بتركيا، ومعظمهم من الذين كانوا ينتمون إلى فصائل تعرضت للقتال من قبل «النصرة»، ما أدى إلى إنهائها وهروب عناصرها إلى تركيا، أبرزها «تجمع حركة حزم» و«جبهة ثوار سوريا» و«أنصار الحق»، إضافة إلى «الجبهة الشامية»، مشيراً إلى أن عدد هؤلاء يقدر بنحو 3 آلاف مقاتل، من دون أن يكونوا تحت مظلة أو غطاء فصائل محددة.
ويشكّك أكثر من مصدر في المعارضة بقدرة «تحرير الشام» على قتال تركيا، وهي التي تعاني من ضغوط داخلية وخارجية، في ظل الانشقاقات المتتالية التي أدت إلى اقتصار فصائلها بشكل أساسي على «النصرة». وهنا، يلفت المصدر: «إذا بدأت المعركة، لن يكون أمام النصرة إلا اللجوء إلى العمليات الانتحارية، وهو الأمر الذي لن يمنحها القدرة على الصمود». وفي هذا الإطار، كانت «الجبهة الشامية» المعارضة، قد أعلنت أن الفصائل السورية المسلحة الموجودة بريف حلب الشمالي مستعدة للدخول إلى محافظة إدلب، ضمن غرفة عمليات واحدة، وتنظيم موحد على غرار «درع الفرات». ولفت الناطق العسكري باسمها، محمد الحمادين، إلى أنهم لم يتلقوا أي تبليغات بخصوص عملية دخول مدينة إدلب، مؤكداً أنهم في حال أبُلغوا سيدخلون، قائلاً: «سندخل مدينة إدلب كتلة واحدة، بغرفة عمليات واحدة وتنظيم موحد، على غرار ما حدث في (درع الفرات)».
وأضاف الحمادين أن هدفهم من دخول المدينة هو الحفاظ عليها وحماية المدنيين، خوفاً من دخول «الميليشيات الكردية أو الإيرانية». مع العلم أن مصادر عسكرية تركية كانت قد أعلنت قبل نحو 4 أشهر أن فصائل في «الحر» تخضع لدورات عسكرية مكثفة بالقرب من الحدود مع تركيا، من قبل القوات المسلحة التركية، وذلك منذ إعلان انتهاء عملية «درع الفرات»، في مارس (آذار) الماضي.
وأشارت إلى أن التدريب يشمل استخدام مختلف أنواع الأسلحة، والتربية البدنية، ويضم عناصر جدداً وسابقين في الفصائل، ونقلت عن مسؤولين عسكريين أتراك في منطقة التدريب حينها قولهم إن «جيشاً سورياً حراً جديداً يولد هناك، وستظهر قدراته الجديدة عقب التدريبات، في العمليات المحتملة في سوريا». وبعد 3 أيام على اتفاق خفض التصعيد في إدلب، في آستانة، الذي نص على انتشار قوة مراقبين من الدول الثلاث (تركيا - إيران - روسيا)، لضمان الأمن في إدلب، ومنع الاشتباكات بين قوات النظام وقوات المعارضة، أعلن وفد الفصائل عما سماها «مخرجات مفاوضات آستانة».
وأوضح في بيان له أن أول هذه المخرجات ضم محافظة إدلب ومحيطها (ريف حلب، وريف حماة، وريف اللاذقية) إلى مناطق «تخفيف التوتر»، والنظر إليها بما تحويه من مدنيين يقدرون بـ3 ملايين نسمة، مؤكداً على «رفض دخول إيران، أو أي من ميلشياتها، أو النظام، لأي شبر من مناطق تخفيض التصعيد، حتى إدلب ومحيطها، وباقي المناطق المشمولة بالاتفاقية، والضغط في المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين».
وأشار البيان إلى أن مخرجات المفاوضات شملت أيضاً «وقفاً شاملاً لإطلاق النار يتزامن مع الحل السياسي القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالي، وتهيئة الظروف لانتخابات خالية من رئيس النظام بشار الأسد وزمرته»، وأكدت على مطالبتها الأمم المتحدة والأطراف الراعية لمفاوضات جنيف بتحمل مسؤولياتها، وإنجاز تقدم ملموس بعد تهيئة الظروف، وفق القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن، وإفشال مخططات أطراف أخرى، دولية وإقليمية وداخلية، تسعى لتعطيل وقف إطلاق النار، وإطالة أمد الصراع، واستنزاف وتدمير ما تبقى من سوريا.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.