التنمية والفقر والبطالة وتغير المناخ على مائدة الجمعية العمومية

600 مليون شاب بالعالم لا يتوفر لهم التعليم أو التدريب أو فرص العمل

TT

التنمية والفقر والبطالة وتغير المناخ على مائدة الجمعية العمومية

يشارك البنك الدولي في عدة جلسات ونقاشات خلال الدورة الثانية والسبعين لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بملف متخم بقضايا التنمية وقضايا المناخ والموارد ومكافحة المجاعات ونقص الغذاء. وتنعقد الدورة الحالية في مرحلة يشهد فيها العالم عدداً كبيراً من التوترات السياسية المتزايدة، سواء مع استمرار أزمة اللاجئين، أو مع المخاوف المتزايدة من التجارب النووية والصاروخية لكوريا الشمالية. وتتزايد أيضاً التحديات المرتبطة بالتنمية والبطالة والتعليم وتغييرات المناخ، وتحديات التطور التكنولوجي والثورة الصناعية الرابعة، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي يحل محل كثير من الوظائف التي يقوم بها الإنسان، ويوجد حالياً 800 مليون شاب ليسوا في سوق العمل ولا مجال التعليم ولا مجال التدريب، وهي القضية التي تسمي اختصاراً بـ«ميت» (MEET) (اختصاراً لجملة - خارج التعليم والتدريب والوظيفة بالإنجليزية).
ويقول الدكتور محمود محيي الدين، النائب الأول لرئيس البنك الدولي لشؤون التنمية المستدامة، إن الدورة الحالية تتناول موضوعات مهمة في مجال السياسة الدولية، وقضايا التنمية، والتحديات المتنوعة التي يواجهها النظام الدولي تحت شعار «التركيز على البشر والسعي من أجل السلام وحياة كريمة للجميع على كوكب مستدام» وهو ما يعني التركيز على الجهود والاجتهادات لتحقيق السلام والاستقرار واستهداف حياة كريمة للبشر، مع الحفاظ على الاستدامة فيما بتعلق بالأرض والموارد».
ويشارك البنك الدولي في جلسات خاصة بالتمويل وتغييرات المناخ، وفقا لاتفاقية باريس التي تم إقرارها عام 2015، وجلسات خاصة بمكافحة المجاعات والتهديد بالمجاعات ونقص الغذاء، وجلسات أخرى تتعلق بالمرأة ومبادرة «كل امرأة وكل طفل»، وأيضا الجلسات التي تركز على قضايا تمويل وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030، مثل القضاء على الفقر والأمراض، وتحقيق المساواة وغيرها. وهناك مشاركة ضخمة من القطاع الخاص مثل البنوك وصناديق الاستثمار والمؤسسات المالية والجهات الدولية في تلك الجلسات والنقاشات.
وتشكل الصراعات والنزاعات جانبا مهما من النقاشات على شقيها السياسي والاقتصادي أيضا، حيث يبحث البنك الدولي سبل تحقيق الاستقرار والسلام، من خلال التعامل مع الجذور المسببة للصراعات والنزاعات»، ومنها الأزمات الطبيعية مثل الأعاصير والزلازل في أميركا اللاتينية والكاريبي، أو أزمات بسبب الصراعات والحروب الأهلية، وما يترتب عليها من نزوج جماعي أو مشكلة لاجئين.
ويؤكد محيي الدين أنه يوجد حاليا 65 مليون شخص ما بين نازح ولاجئ في العالم ويقول: «الأزمات الطبيعة بعد انتهائها تبدأ عمليات إعادة البناء بشكل أسرع، لكن النزاعات والحروب تمتد لسنوات طويلة وصلت إلى 17 عاماً في المتوسط». ويشير النائب الأول لرئيس البنك الدولي إلى أن انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام يأتي في مرحلة دقيقة تشهد عددا من التوترات والأحداث الدولية الحرجة التي تهدد الاستقرار، ليس فقط على مستوى البلدان، بل على مستوى المجتمع الدولي بأكمله، منها التهديدات النووية والإرهاب الدولي وتغير المناخ، ومشاكل عدم توافر العدالة ومشاكل الصراعات، إضافة إلى موضوعات جديدة تتعلق بأمن نظم المعلومات والإنترنت والقرصنة الإلكترونية وأمن المعلومات، وما تحدثه التطورات التكنولوجية المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتأثير ذلك على الإنتاج وفرص العمل، وكلها أمور لها تأثيرها الكبير على التنمية والاقتصاد.
وتتطرق مناقشات بعض الجلسات في الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى مشكلة «NEET»، وهي تتعلق بوجود 600 مليون شخص في العالم مصنفين وفقا لمنظمة العمل الدولية باعتبارهم ليسوا في مراحل التعليم ولا في مجال التدريب، وليسوا في سوق العمل، وهي مشكلات مرتبطة باختلالات في التركيبة السكانية ومشاكل ديمغرافية.
ويقول الدكتور محيي الدين: «البنك يطرح هذه القضية ويرى أنه يجب التعامل معها بإيجاد التعليم والتدريب وفرص العمل، خاصة أن المشكلة تتزايد مع تحديات الثورة الصناعية الرابعة التي تحل فيها الآلة محل الإنسان، إضافة إلى المشاكل الخاصة بالمناخ والمواد والتصارع الكبير في التحول إلى المناطق الحضرية، يما يزيد من الأعباء على الدول، ويحتاج لتعاون دولي لإيجاد الحلول».
وحول قضايا التنمية المستدامة 2030 خلال الدورة الحالية للأمم المتحدة، يشير الدكتور محيي الدين إلى أن هذا العالم يركز على «المحلية»، أي مساندة الدول في تنفيذ برامج التنمية المستدامة على المستوى المحلي داخل كل دولة، وهي نقلة نوعية في قضايا التنمية المستدامة وانتقالها من اتفاقات دولية في عام 2015 إلى قضايا محلية والاستفادة من التحارب السابقة في التنمية».
ويضيف: «في الفترة الماضية ظهرت برامج جديدة حققت نجاحات في ثلاثة مجالات هي التمويل والارتقاء بقاعدة البيانات والمساعدة في التنفيذ على المستوى المحلي. وفيما يتعلق بالتمويل، هناك نقاشات حول منهج يسمح بتطوير قدرات القطاع الخاص للمشاركة في التغلب على التحديات والعقبات التي تواجه الاستثمارات العامة والخاصة، وطرح حزم تمويلية متطورة تمزج بين التمويل طويل الأجل والمنح والضمانات لخفض تكلفة التمويل والتعجيل بالمشروعات الرئيسية للتنمية، وأيضا التعاون ما بين المنظمات والهيئات التنموية مثل البنك الدولي، ومنظمات تقوم بأعمال إنسانية مثل المفوضية السامية للاجئين، وبرنامج الغذاء العالمي واليونيسيف، وهي ما حققت نجاحاً كبيراً في مكافحة وباء الإيبولا والزيكا وأزمات اللاجئين في أفريقيا والشرق الأوسط.


مقالات ذات صلة

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام السورية خلال مسيرة في السويداء بسوريا في 13 ديسمبر 2024، احتفالاً بانهيار حكم بشار الأسد (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

نقلت متحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن عنه قوله، اليوم (الجمعة)، إنه يرى تحديات كثيرة ماثلة أمام تحقيق الاستقرار في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.