هل «أوبك» بحاجة لتمديد اتفاق خفض الإنتاج بعد نهايته في مارس؟

أسباب كثيرة تدعم الخيارين

عمال يسيرون بالقرب من منشأة صحنون النفطية قرب البصرة في العراق (رويترز)
عمال يسيرون بالقرب من منشأة صحنون النفطية قرب البصرة في العراق (رويترز)
TT

هل «أوبك» بحاجة لتمديد اتفاق خفض الإنتاج بعد نهايته في مارس؟

عمال يسيرون بالقرب من منشأة صحنون النفطية قرب البصرة في العراق (رويترز)
عمال يسيرون بالقرب من منشأة صحنون النفطية قرب البصرة في العراق (رويترز)

خلال أسبوعين فقط، صرح وزراء الطاقة والنفط السعودية والكويت وفنزويلا وروسيا وإيران والعراق والإمارات العربية المتحدة، بأن الكل يدعم «احتمالية» تمديد اتفاق خفض إنتاج النفط الذي اتخذته منظمة «أوبك» ودول من خارجها، لكن الكل يقول إنه من المبكر حسم هذا الأمر.
ويوم الأربعاء، شدد كل من وزراء النفط في الكويت وفنزويلا على أن أمر التمديد قد يأخذ وقتاً، وأنه لا يوجد أي شيء حالياً يدل على حسمه. ولم يقتصر الأمر على وزراء النفط أو الطاقة، بل إن رئيس كازاخستان نور سلطان نزارباييف صرح بالأمس للصحافيين أن بلاده تدعم الاتفاق إذا ما كان سيحافظ على استقرار أسعار النفط؛ إذ أن سعر 50 دولارا مرضٍ لبلاده.
وأول سؤال يتبادر إلى الذهن بعد سماع كل هذه التصريحات هو هل هناك خيار آخر غير تمديد اتفاق تخفيض الإنتاج أمام كل هذه الدول؟ إذ أن الكل يصرح بأن الكل يدعم هذا القرار إذا «ما كان هناك حاجة له» ولكن لا أحد يستطيع الجزم حتى الآن بوجود اتفاق.
وكانت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) قد اتفقت وغيرها من كبار المنتجين، ومن بينهم روسيا، في نهاية العام الماضي على خفض إنتاج النفط بنحو 1.8 مليون برميل يوميا لدعم إعادة توازن السوق. وفي مايو (أيار) اتفقوا على تمديد الاتفاق حتى مارس (آذار) 2018.
وفي حقيقة الأمر المسألة لم تعد مسألة «هل نحتاج إلى التمديد»، ولكن «إلى متى سيتم التمديد؟» إذا ما تم النظر للأسباب العديدة التي تدعم هذا الطرح، ولكن في الوقت ذاته هناك أسباب منطقية تقول إن الاتفاق قد لا يستمر بعد نهايته في مارس القادم. وفيما يلي استعراض لكل من الطرحين.

لماذا قد لا يستمر الاتفاق؟

أولاً هناك احتمالية بأن تتوازن السوق مبكراً، وإن كانت هذه الاحتمالية خاضعة لمتغيرات كثيرة. حيث إن اتفاق أوبك مع حلفائها ينص على أن تتواصل الجهود حتى يتم التخلص من المخزونات وموازنة السوق، وهذا ما نص عليه بيان اللجنة الوزارية المعنية بمراقبة الإنتاج في اجتماعها الأخير في روسيا، إذ أن الجهود ستتواصل حتى يتم تخليص السوق من المخزونات المرتفعة، ولم ينص البيان على فترة محددة، ولهذا طالما أن هناك خللا في السوق فإن الدول من المفترض أن تستمر في الاتفاق.
وبالنظر إلى أساسيات السوق، فإن هناك تحسنا كبيرا جداً وملموسا في الأساسيات. فعلى سبيل المثال هبطت المخزونات بشكل كبير جداً في الدول الصناعية خلال شهر يوليو (تموز) لتصل إلى 190 مليون برميل فقط فوق متوسط الخمس سنوات بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية الصادرة أول من أمس.
وبما أن الاتفاق ينص على تخليص السوق من 1.8 مليون برميل يومياً، فإن السوق تحتاج إلى 120 يوماً حتى يتوازن بالكامل، أي أربعة أشهر... ولهذا قد يتوازن السوق بحلول يناير (كانون الثاني) القادم وفي أسوأ التقديرات في مارس القادم إذا ما تم حسبان الزيادة في مخزونات النفط الأميركية خلال الشهر الجاري بسبب إقفال العديد من المصافي أبوابها نتيجة لإعصار هارفي.
وهناك جانب آخر مهم، وهو تحسن الطلب على النفط في النصف الثاني من العام الجاري، وفي كامل العام بصورة عامة، نظراً لتحسن الهوامش الربحية للمصافي والطلب على المنتجات.
ثانياً، قد لا يتم تمديد الاتفاق بسبب وجود رغبة من بعض الدول بعدم التمديد أو التمديد بشروط خاصة. إذ أن هناك العديد من الدول التي لم تستطع الالتزام أو التي تنوي زيادة إنتاجها في العام القادم بسبب ظروف ميزانياتها أو دخول حقول جديدة في الإنتاج. ومن بين الدول التي لم تلتزم بالكامل حتى الآن والتي تريد زيادة إنتاجها في العام القادم هي العراق التي لم تصل سوى إلى نصف الكمية التي تعهدت بها، كما أن هناك الإكوادور التي أعلنت رسمياً أنها لن تتمكن من الالتزام بالاتفاق بسبب حاجتها لدخل أعلى من مبيعات النفط.

لماذا قد يستمر الاتفاق؟

أولاً، الكل يريد استقرار الأسعار... ومن دون الاتفاق كانت السوق في حالة فوضى والتقلبات السعرية كانت عالية جداً. ورغم عدم قدرة المنتجين على تحسين امتثالهم في الأشهر الأولى من الاتفاق، إلا أن الوضع تحسن لاحقاً بصورة بسيطة كما تظهر بيانات مصادر أوبك الثانوية. ومع تحسن الامتثال وتحسن الطلب وعوامل أخرى، تحسن السوق واستقرت الأسعار وأصبح الاتفاق يضمن أرضية للأسعار بين 45 إلى 50 دولارا لنفط برنت. ومن دون الاتفاق ستعود السوق للتقلب مرة أخرى وسيصبح من الصعب التكهن بمستوى الأسعار.
ثانياً، عدم وضوح الرؤية بخصوص ليبيا ونيجيريا والنفط الصخري. حيث إن أحد أكبر المخاطر للسوق ونجاح الاتفاق هو زيادة ليبيا ونيجيريا (اللتين تم إعفاؤهما من الاتفاق بسبب ظروفهما السياسية والأمنية) لإنتاجهما، حيث تسعى نيجيريا على سبيل المثال إلى رفع إنتاجها إلى 1.8 مليون برميل يومياً على الأقل قبل نهاية العام. ولن تجمد إنتاجها عند هذا المستوى إلا إذا تمكنت من الحفاظ عليه لمدة ستة أشهر على الأقل كما قال وزير نفطها إيمانيول كاتشيكو أول من أمس.
ولا تزال هناك مخاوف من إمكانية تحسن إنتاج النفط الصخري رغم أن إدارة معلومات الطاقة الأميركية خفضت توقعات الزيادة السنوية لإنتاج النفط الخام الأميركي بعد إعصار هارفي واستمرار تباطؤ عدد منصات وأبراج الحفر. ويتوقع مصرف جي بي مورغان أن تنخفض تكاليف إنتاج النفط الصخري في العام القادم كذلك، مما يعني أن إنتاجه لن ينخفض حتى مع أسعار عند 50 دولارا.
ثالثاً، عدم وصول كافة الدول إلى مستوى امتثال أو التزام كامل رغم تحسن النسب في بعض الأشهر. ففي شهر يوليو الماضي وصل التزام أوبك والدول خارجها إلى 94 في المائة بالتخفيضات المعلنة. ورغم تحسن النسبة الكلية، فإن بعض الدول ما زالت بعيدة تماماً عن النسبة الكاملة، وهو ما يعني أن المخزونات قد لا تنخفض بنهاية الربع الأول خصوصاً مع زيادتها نتيجة إعصار هارفي.
وقد لا يبقى الاتفاق كما هو عليه الآن، وقد تطرأ عليه بعض التغيرات... إلا أن الأفضل له أن يستمر حتى لو انخفضت المخزونات، لأن المهم هو استقرار الأسعار لأوبك أو حتى للصناعة النفطية كاملة.



المستثمرون يترقبون بيانات الوظائف الأميركية ومحضر «الفيدرالي» لرسم مسار مستقبل الفائدة

عرض قصاصات الصحف والبضائع الداعمة للرئيس المنتخب دونالد ترمب في بورصة نيويورك (أ.ب)
عرض قصاصات الصحف والبضائع الداعمة للرئيس المنتخب دونالد ترمب في بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

المستثمرون يترقبون بيانات الوظائف الأميركية ومحضر «الفيدرالي» لرسم مسار مستقبل الفائدة

عرض قصاصات الصحف والبضائع الداعمة للرئيس المنتخب دونالد ترمب في بورصة نيويورك (أ.ب)
عرض قصاصات الصحف والبضائع الداعمة للرئيس المنتخب دونالد ترمب في بورصة نيويورك (أ.ب)

يترقب المستثمرون، الأسبوع المقبل، مجموعة كبيرة من البيانات الاقتصادية الأميركية، بما في ذلك بيانات الوظائف الشهرية الرئيسية، ومحضر اجتماعات «الاحتياطي الفيدرالي»، عن كثب مع دخول عام 2025. كما سيقومون بقياس صحة الاقتصاد الأميركي وما يترتب على ذلك من توقعات لأسعار الفائدة قبل تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

بيانات الوظائف

ينصب التركيز خلال الأسبوع على بيانات الوظائف الشهرية الرئيسية غير الزراعية لشهر ديسمبر (كانون الأول)، التي ستعطي قراءة حديثة لمستويات التوظيف والأجور. ومن المرجح أن يكون الاقتصاد الأميركي اختتم عام 2024 بإضافة وظائف بشكل مطرد، استمراراً لاتجاه الأشهر الأخيرة. إذ إنه من المرجح أن يُظهر تقرير سوق العمل الذي من المقرر أن يصدره مكتب إحصاءات العمل يوم الجمعة أن الاقتصاد الأميركي أضاف 153 ألف وظيفة في ديسمبر، وفقاً لتوقعات الإجماع للاقتصاديين الذين استطلعت آراءهم «بلومبرغ». وهو سيكون أقل من 227 ألف وظيفة تمت إضافتها في ديسمبر، وأعلى قليلاً من 143 ألف وظيفة تمت إضافتها في المتوسط ​​لكل من الأشهر الستة الماضية. كما يتوقع المتنبئون أن يظل معدل البطالة ثابتاً عند 4.2 في المائة، وهو منخفض نسبياً وفقاً للمعايير التاريخية.

محضر «الفيدرالي»

كذلك، يصدر يوم الأربعاء محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي. وقد دفعت الأدلة المتزايدة على قوة الاقتصاد الأميركي المستثمرين إلى تقليص توقعات خفض أسعار الفائدة في عام 2025. وتقدر أسواق المال الأميركية أسعار الفائدة الأميركية بما يزيد قليلاً عن 40 نقطة أساس لخفض أسعار الفائدة بحلول ديسمبر، وهو فرق كبير عن بداية العام الماضي عندما كانت الأسواق تسعّر ما يصل إلى 150 نقطة أساس لخفض أسعار الفائدة.

وقد يؤدي المزيد من البيانات الأميركية القوية إلى خفض توقعات خفض أسعار الفائدة بشكل أكبر، لا سيما أنه من المتوقع أن يعلن الرئيس المنتخب دونالد ترمب عن سياسات تشمل التعريفات التجارية والتخفيضات الضريبية، التي قد تعزز الاقتصاد وتؤجج التضخم بعد تنصيبه في 20 يناير.

وقال الخبير الاستراتيجي في بنك «نورديا» للائتمان وأسعار الفائدة، لارس مولاند، إن السياسة النقدية الأميركية دخلت مرحلة جديدة حيث يتوقف خفض أسعار الفائدة على انخفاض التضخم أو ضعف سوق العمل. وأضاف في مذكرة أن هناك خطراً أن تنتهي أسعار الفائدة الأميركية إلى أعلى مما تتوقعه الأسواق، وفق ما نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال».

وقد سجل الدولار مؤخراً أعلى مستوى له في عامين مقابل سلة من العملات، ومن المرجح أن تؤدي البيانات الاقتصادية القوية إلى ارتفاعه أكثر من ذلك، في حين قد ترتفع عوائد سندات الخزانة الأميركية أيضاً.

وكان «الاحتياطي الفيدرالي» قد خفّض أسعار الفائدة في ديسمبر، لكنه خفض أيضاً توقعاته لخفض أسعار الفائدة في المستقبل. ويتوقع الآن خفض أسعار الفائدة مرتين فقط في عام 2025.

وقال خبراء اقتصاديون في «إنفستيك» إن محضر اجتماع يوم الأربعاء يمكن أن يقدم تفاصيل حول كيفية تأثير سياسات ترمب المخطط لها على الاقتصاد وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على توقعات أسعار الفائدة.

وقبل صدور بيانات الوظائف غير الزراعية يوم الجمعة، سيتم توفير المزيد من الدلائل على صحة سوق الوظائف من خلال أرقام الوظائف الشاغرة لشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، الصادرة يوم الثلاثاء، وبيانات الوظائف الخاصة لشهر ديسمبر الصادرة يوم الأربعاء. بالإضافة إلى أحدث أرقام مطالبات البطالة الأسبوعية يوم الخميس.

ومن المؤشرات الرئيسية الأخرى التي سيراقبها المستثمرون لقياس مدى جودة أداء الاقتصاد الأميركي هو مؤشر مديري المشتريات التصنيعي لشهر ديسمبر، المقرر صدوره يوم الثلاثاء، بالإضافة إلى استطلاع ثقة المستهلكين الأولي لجامعة ميشيغان لشهر يناير، المقرر صدوره يوم الجمعة. ومن المقرر صدور بيانات التجارة لشهر نوفمبر يوم الثلاثاء.