تفاؤل بضم إدلب إلى مناطق «خفض التصعيد»

TT

تفاؤل بضم إدلب إلى مناطق «خفض التصعيد»

ارتفع منسوب التفاؤل عشية الجولة السادسة من اجتماعات آستانة اليوم، التي من المتوقع أن يتم خلالها ترسيم مناطق خفض التصعيد، وضم إدلب إليها، تنفيذاً لاتفاق روسي - تركي.
وقال عضو وفد التفاوض في مفاوضات جنيف، العقيد فاتح حسون، إن ما يتم تداوله عن ضم إدلب إلى مناطق خفض التصعيد «لا يندرج في إطار صفقة تركية – روسية، بل هو جزء من اتفاق تمت مناقشته مع قوى الثورة، ويشمل تحديد منطقة لخفض التصعيد في الشمال، على أن يحدد شكلها والآليات التي ستعتمد لفرض هذه المنطقة في نهاية (آستانة 6)».
وأشار حسون، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن ضم إدلب لمناطق خفض التصعيد «قد يعني تدخلاً مباشراً من قوى الثورة وقوى داعمة لها، الأرجح تركية، وهو ما سيتبلور خلال المباحثات الجارية حالياً في كازاخستان».
ورجّح حسون أن يتم خلال الجولة الحالية ترسيم مناطق خفض التصعيد، ووضع خطوط الفصل ونقاط المراقبة، وتحديد آليات وقف إطلاق النار، مشيراً إلى «توطئة إقليمية للمؤتمر الحالي تشير إلى وجود توافق دولي - إقليمي، وغطاء لضمان نجاحه».
وفي السياق نفسه، أفاد مصدر مقرب من اجتماعات آستانة، لوكالة «سبوتنيك» الروسية، بـ«توفر جميع الظروف للوصول إلى توافق على حزمة من الوثائق بشأن سوريا، بما في ذلك حول تخفيف التصعيد في إدلب»، متوقعاً أن يحقق الاجتماع «نجاحاً كبيراً فيما يتعلق بالانتهاء من العملية التي بدأت في شهر يناير (كانون الثاني) من العام الحالي».
وأضاف المصدر أن «جهوداً كثيفة بذلت للتوصل إلى اتفاق نهائي بشأن مناطق تخفيف التصعيد، بما في ذلك في إدلب وضواحيها»، لافتاً إلى أنه «في حال انتهاء الاجتماع بنجاح، والتوصل إلى اتفاق بشأن حزمة كاملة من الوثائق التي من شأنها تحديد النظام والجوانب العملية لتنفيذها، فإن الخطوة التالية ستكون العملية السياسية فقط».
كان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أول من أوحى بأهمية «آستانة 6»، حين قال إن الجولة الجديدة من المباحثات في كازاخستان «تعتبر مرحلة نهائية للمباحثات الرامية إلى حل الأزمة القائمة في سوريا منذ عام 2011».
ولعل أبرز مؤشر لوجود قرار دولي - إقليمي بإنجاح هذه الجولة هو الحضور المتوقع لفصائل المعارضة في الاجتماعات الرسمية التي تنطلق الخميس، بعدما كانت قد قاطعت بمعظمها الجولة السابقة، فأعلن «جيش الإسلام» و«الجبهة الجنوبية» في «الجيش الحر» و«حركة أحرار الشام» مشاركتهم بالمباحثات، إلى جانب عدد آخر من الفصائل. ونقل موقع «روسيا اليوم» عن الخارجية الكازاخستانية أن «المعارضة قدمت 18 اسماً للمشاركة في (آستانة 6)، وهناك آخرين بانتظار التأشيرات».
وقال رئيس أركان «الجيش الحر»، العميد أحمد بري، الذي يترأس وفد المعارضة، إن هذا المؤتمر بنسخته السادسة سيكون حاسماً في وضع أسس الحل للقضية السورية، لافتاً إلى أن وفده «أعد بشكل مسبق ومدروس كل الملفات التي سيتم طرحها خلال المؤتمر»، مؤكداً على أولوية تجنيب إدلب «السيناريو الأسود».
أما القيادي في المعارضة السورية رئيس الهيئة السياسية في «جيش الإسلام»، محمد علوش، فأعرب عن تفاؤله باجتماع آستانة الحالي، مشيداً بتوقف القصف في مختلف المناطق السورية. ورغم أنه رحب بدعم عسكري تركي في إدلب، فإنه أكد أن المعارضة لم توافق وغير معنية باتفاق جنوب دمشق، في إشارة إلى الصفقة التي تم تداولها، والتي تقضي بإخراج مقاتلي الجيش الحر من جنوب دمشق، وتسليمها لإيران، مقابل أن تدخل تركيا إلى إدلب.
وأصدر عدد من فصائل الجيش السوري الحر، يوم أمس، بياناً أكدوا فيه رفضهم تهجير سكان الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة، جنوب العاصمة السورية دمشق. ووقع على البيان كل من «جيش الإسلام»، و«جيش الأبابيل»، و«حركة أحرار الشام»، و«لواء شام الرسول»، و«فرقة دمشق»، و»لواء أكناف بيت المقدس».
ومن جهته، قال قائد «حركة أحرار الشام»، حسن صوفان، إنهم يخوضون «غمار السياسة في هذه الآونة بهدف حماية المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، والتخفيف عن قاطنيها»، مضيفاً: «سنكافح على طاولة المفاوضات لتحصيل الحقوق، ودفع المفاسد، وكلنا شركاء مع جميع الثوار في حمل الأمانة». وحده «جيش التوحيد» العامل في ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، أعلن رفضه المشاركة بـ«آستانة»، أو التجاوب مع مقرراتها. وقال في بيان له: «لن نقبل بأن تستخدم إيران مؤتمر آستانة كجسر تعبر من خلاله إلى مناطق خفض التصعيد في ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي».
ورد الباحث السوري أحمد أبا زيد «المشاركة اللافتة» لفصائل المعارضة إلى «متغيرات كثيرة شهدتها الساحة السورية منذ الاجتماع الأخير الذي عقد في كازاخستان»، لافتاً لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه خلال «آستانة 5»، كانت هناك معارك في الغوطة الشرقية ودرعا، وكان ذلك السبب الرئيسي لمقاطعة فصائل المنطقتين المباحثات.
وأضاف أبا زيد: «يبدو أن الهدف الأساسي للاجتماع الحالي هو ترسيم حدود نهائية لمناطق خفض التصعيد، إضافة للتوصل لحل لموضوع إدلب الذي سيكون مطروحاً للنقاش بين تركيا وروسيا بشكل رئيسي».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».