الأوبرا السلطانية في عمان تفتتح عروض 2017 ـ 2018 بـ«عايدة»

فريق متميز من المبدعين بينهم 50 مؤدياً عمانياً يقدمون رائعة فيردي

مشهد من أوبرا عايدة لجوزيبي فيردي ({الشرق الأوسط})
مشهد من أوبرا عايدة لجوزيبي فيردي ({الشرق الأوسط})
TT

الأوبرا السلطانية في عمان تفتتح عروض 2017 ـ 2018 بـ«عايدة»

مشهد من أوبرا عايدة لجوزيبي فيردي ({الشرق الأوسط})
مشهد من أوبرا عايدة لجوزيبي فيردي ({الشرق الأوسط})

تفتتح دار الأوبرا السلطانية في مسقط موسمها لعام 2017 - 2018، برائعة جوزيبي فيردي، أوبرا «عايدة»، في بادرة تحسب لإدارتها، إذ تقدم لعشاق هذا الفن الرفيع، إحدى أهم أعمال جوزيبي فيردي، الذي يعد من أعظم الموسيقيين في كلّ العصور، لتكون باكورة «موسم الفنون الرفيعة»، الذي ينطلق خلال أيام.
ولم يخف المدير العام للأوبرا السلطانية، أمبرتو فاني، الذي تحدث إلى «الشرق الأوسط»، حماسه الكبير لهذا الخيار الاستثنائي. وبدا متفائلا بعروض هذا العام. وعبر عن ثقته العميقة برؤية المخرج الشهير، ويليام فريدكن، للعمل. وقال إنها «ستنال إعجاب جمهورنا، من خلال التصميم المذهل للمسرح، والأصوات الرائعة التي تحكي قصة حب مفعمة بالعواطف في غمرة الصراع».
وأشار فاني، إلى أن الأوبرا ستستضيف طاقم عمل من موسيقيين موهوبين ومؤدّين في «دار أوبرا تياترو ريجيو تورينو» الإيطالية، التي يديرها المايسترو جياناندريا نوسيدا، والتي تعدّ من أعظم دور الأوبرا في العالم. بالإضافة إلى خمسين مؤدٍّ عمانيين يشاركون في تقديم هذا الإنتاج الأوبرالي الرائع، ما سيرسي، برأيه، معايير جديدة للإبداع خلال الموسم الحالي.
و«أوبرا عايدة»، هي حكاية حب جميلة نمت في أجواء من المؤامرات العسكرية والدسائس. تقدم الحكاية بأسلوب يحمل بصمات القرن التاسع عشر التي ميزت الأصل الذي ألّفه فيردي، بمشاركة عدد من ألمع المغنّين، وفناني الألعاب البهلوانية، والراقصين الذين يؤدّون لوحاتهم بأزياء تعود إلى تلك الفترة، وسط مشاهد مبهرة تعكس زمنها جماليا.
وتدور أحداث «عايدة»، التي عرضت أول مرة في القاهرة، عام 1871، في عصر ملكي قديم، كانت مصر تخوض فيه حربا مع إثيوبيا. تقع عايدة، الأميرة الإثيوبية وريثة عرش والدها الملك «أموناسرو»، في أسر القوات المصرية. لكنها تقع أيضا في غرام القائد العسكري المصري البطل «راداميس». وتعاني الأميرة الشابة والجميلة، من صراع نفسي قوي وعميق يمزقها بين حبها لراداميس وبين ولائها لوالدها أموناسرو، ولشعبها الإثيوبي. أما المعشوق نفسه، أي القائد المصري، فلم يكن بأفضل حال منها. فقد وقع بدوره في غرام الأميرة، وصار عليه أن يختار بدوره، بين حبه العميق لعايدة، وبين ولائه لسيده فرعون مصر. غير أن الكشف عن عشق «أمنيريس»، ابنة فرعون مصر أيضا لراداميس، الذي لا يبادلها المشاعر نفسها، وقلبه معلق بعايدة، يزيد الوضع المتأزم تعقيداً.
أسند دور عايدة للسوبرانو الأميركية كريستين لويس الحائزة الكثير من الجوائز، والمتخصصة، إلى حد كبير، في أدوار البطولة في أعمال فيردي الأوبرالية. بينما سيبهر غريغوري كوندي، الذي يعد أحد أكثر مغني التينور على المسرح الدولي اليوم شهرة، الجمهور بأدائه المفعم، والقوي لدور راداميس... توقع بيان صادر عن إدارة الأوبرا السلطانية. وتؤدي دور الأميرة «أمنيريس»، الميزو سوبرانو الجورجية، أنيتا راشفيليشفيلي، التي كان أول ظهور عالمي لها على خشبة مسرح «لاسكالا» عام 2010، حين أدّت دور البطولة في أوبرا «كارمن»، إلى جانب التينور الشهير عالميا، يوناس كاوفمان. أما دور الملك أموناسرو، فأسند للباريتون أمبروجيو مايستري، الذي انطلقت نجوميته بعد أدائه الأول لدور «فالستاف»، تحت قيادة واحد من ألمع قادة الأوركسترا، ريكاردو موتي، لتنهال عليه الدعوات بعدها للوقوف على خشبة أرقى المسارح العالمية.
وتولى المخرج الشهير عالميا، والمنتج، وكاتب السيناريو، «ويليام فريدكين»، الذي يشتهر بعدد من الأفلام السينمائية المميزة أيضا، الإخراج المسرحي. ويكمل هذا الحضور الأوبرالي المميز، المايسترو «جيان أندريا نوسيدا»، الحائز على جائزة أفضل مايسترو في جوائز الأوبرا الدولية لعام 2016.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».