500 شركة عالمية ومحلية في معرض السودان لتكنولوجيا البناء

تستعرض قدراتها في المساهمة بمشاريع الإسكان الريفي والرأسي

يسعى المعرض لنقل تجارب بعض الدول التي أدخلت أساليب جديدة في مجال البناء والتشييد في الوقت تقدر الفجوة السكنية في الخرطوم بنحو 2.5 مليون وحدة
يسعى المعرض لنقل تجارب بعض الدول التي أدخلت أساليب جديدة في مجال البناء والتشييد في الوقت تقدر الفجوة السكنية في الخرطوم بنحو 2.5 مليون وحدة
TT

500 شركة عالمية ومحلية في معرض السودان لتكنولوجيا البناء

يسعى المعرض لنقل تجارب بعض الدول التي أدخلت أساليب جديدة في مجال البناء والتشييد في الوقت تقدر الفجوة السكنية في الخرطوم بنحو 2.5 مليون وحدة
يسعى المعرض لنقل تجارب بعض الدول التي أدخلت أساليب جديدة في مجال البناء والتشييد في الوقت تقدر الفجوة السكنية في الخرطوم بنحو 2.5 مليون وحدة

تشارك نحو 500 شركة عالمية ومحلية في أعمال الدورة الرابعة عشرة لمعرض السودان لمواد وتكنولوجيا البناء والتشييد، الذي تستضيفه أرض المعارض في ضاحية بري بالخرطوم، في الفترة من 18 إلى 22 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ويستهدف السودان من المعرض، في دورته الرابعة عشرة، استقطاب شركات البناء وتكنولوجيا صناعة مواد البناء في العالم للاستفادة منها في مشاريعه للسكن الريفي والرأسي، التي يعتزم بناءها في العاصمة الخرطوم والولايات خلال العام الحالي، بمعدل 100 ألف وحدة سكنية في كل مشروع، في حين تبلغ فجوة البلاد السكنية أكثر من مليونين ونصف المليون وحدة.
وقال لـ«الشرق الأوسط» صلاح عمر الشيخ، مدير شركة «سوداكسبو» لتنظيم المعارض والمؤتمرات، المنظمة للمعرض بالتعاون مع اتحاد المقاولين السودانيين ووزارة التجارة السودانية، إن المعرض يشارك فيه عدد كبير من الشركات العالمية والمحلية التي تعمل في مجالات مواد وتكنولوجيا البناء والكهرباء والعقارات، وكل أنواع التكنولوجيا والأثاث والديكور والمكاتب الاستشارية وشركات المقاولات ومعدات الكهرباء والمهندسين واتحاداتهم وهيئاتهم.
وأضاف أن «هذا المعرض المتخصص في مواد البناء الحديثة ظل، خلال ثلاثة عشر عاماً على التوالي، يحقق نجاحات واسعة ومتعددة، بمشاركة دولية مقدرة». وأكد الشيخ أن المعرض يأتي لنقل تجارب بعض الدول التي أدخلت تجارب جديدة في مجال البناء والتشييد، مثل تركيا وسنغافورة، كما أنه يسهل كثيراً نقل التقنيات الحديثة، ويعمل على خفض التكلفة الكبيرة، ويساهم في الترويج للصناعات المحلية، ويساعد على جذب المزيد من الاستثمارات، بجانب دوره في بناء العلاقات الاقتصادية بين البلدان.
ووفقاً لمصادر «الشرق الأوسط»، فإن المعرض وسيلة هامة لترويج معظم منتجات البلاد العقارية، ويأتي متزامناً مع اقتراب موعد الرفع الكلي للعقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان في أكتوبر المقبل، وما يحمله من توقعات بتدفقات استثمارية عالية من قبل شركات العقارات والمقاولات العالمية.
كما يتزامن معرض البناء والتشييد الرابع عشر مع إعلان وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي في السودان، الأسبوع الماضي، عن تسهيلات وضمانات لاستقطاب مؤسسات التمويل الخارجي، لتنفيذ مشاريع الإسكان الريفي وسكن الفقراء في البلاد.
ووجهت المالية والتخطيط الاقتصادي في هذا الصدد بنك السودان المركزي بضخ المزيد من التمويل العقاري للبنوك التجارية، خصوصاً البنك العقاري التجاري السوداني، الذي تقرر زيادة رأسماله ليكون الذراع التمويلي للصندوق القومي للإسكان، الذي يقود ويدير قطاع الإسكان في البلاد.
وينفذ الصندوق حالياً مشاريع للسكن الريفي المنتج، وتطبيق نماذج للسكن التعاوني والادخار السكني، وذلك بالاستفادة من تجارب الدول الشقيقة والصديقة، خصوصاً التي تستخدم تقنيات بدائل مواد البناء. ووقع الصندوق القومي للإسكان والتعمير بالسودان أخيراً اتفاقاً مع شركتين تركيتين تابعتين لبلدية إسطنبول، متخصصتين في «المدن الذكية» التي تعتمد على تقنية الليزر في المخططات الهيكلية للمساكن.
وتتخصص الشركتان التركيتان في إعداد المخططات العقارية والسكنية، وتوفير الخدمات الأساسية والمرافق التعليمية والصحية والمساجد، ومواقف المواصلات، بجانب عملها في مجال توفير الأراضي وتخطيطها، والتشييد، وتسليم الوحدات لمستحقيها، بجانب إدارة خدمات ما بعد البيع والتسليم. وستقدم الشركتان امتيازات للمتعاملين معها، حيث يتم عبرها البيع للوحدات بدفع 20 في المائة من المبلغ الكلي مقدماً، والباقي دون فوائد لمدة 5 سنوات.
ويشهد الصندوق القومي للإسكان هذه الأيام حراكاً مكثفاً نحو استقطاب استثمارات لمشروع الإسكان الرأسي لمحدودي الدخل في مختلف ولايات السودان، حيث اتفق أخيراً مع شركة «هيتكو» البريطانية للاستثمار لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم.
كان السودان قد طرح نهاية الشهر الماضي مشاريع إسكانية لمحدودي الدخل بالعاصمة الخرطوم، للاستثمار والتمويل الدولي. وتقدر هذه المشاريع بنحو مليون وحدة سكنية بنظام البناء الرأسي، وتأتي ضمن خطة واسعة لتحريك وتطوير برامج الصندوق في الإسكان، التي تتطلب تمويلاً مالياً عالياً. ويصل سعر المتر المربع في بعض المواقع بالخرطوم، البالغ سكانها نحو 10 ملايين نسمة، إلى نحو 1500 دولار، متجاوزاً سعر المتر في أكبر العواصم العالمية، مثل لندن.
ويقدر حجم الفجوة السكنية في الخرطوم بنحو مليونين ونصف المليون، وتعهد الاتحاد التركي للاستثمار العقاري والتجاري (الموصياد) ببناء 20 ألف وحدة سكنية، لتغطية جانب من هذه الفجوة، وفقاً لاتفاقية أقرت التعاون في مجال الاستثمار العقاري بين البلدين.
تجدر الإشارة إلى أن اتحاد المقاولين السوداني، وفي إطار توسيع علاقاته الخارجية للاستفادة من تجارب الدول في الإسكان، خصوصاً بعد مرحلة الرفع الجزئي للعقوبات الاقتصادية التي بدأت في يناير (كانون الثاني) الماضي، على أن يتم الرفع الكلي في الثاني عشر من أكتوبر المقبل، قد أجاز أخيراً خطة إصلاح شاملة لتنظيم سوق العقار، وتحفيز البنوك التجارية لتمويل مشاريع الإسكان في البلاد، وفك التمويل العقاري المحظور منذ عام 2014.
وأبرم الاتحاد السوداني للمقاولات مع وزارة التنمية الوطنية السنغافورية اتفاقاً لنقل التجربة السنغافورية في مجالات البناء والتشييد إلى السودان، لتنفيذ مشروع قومي لبناء وحدات سكنية متنوعة للفئويين والمهنيين بنظام التقسيط، ينفذه الصندوق القومي للإسكان، ومشروع آخر كبير لإسكان المغتربين السودانيين الذين تجاوزت أعدادهم 5 ملايين مغترب.


مقالات ذات صلة

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

الاقتصاد يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

في حدث استثنائي شهدته مدينة جدة، جرى تدشين مشروع برج ترمب، بحضور إريك ترمب، نائب رئيس منظمة ترمب.

أسماء الغابري (جدة)
عالم الاعمال خالد الحديثي الرئيس التنفيذي لشركة «وصف» ورامي طبارة الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في «ستيك» ومنار محمصاني الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في المنصة ويزيد الضويان المدير التنفيذي للعمليات بـ«الراجحي السابعة» وهنوف بنت سعيد المدير العام للمنصة بالسعودية

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

أعلنت «ستيك» للاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إطلاقها منصتها الرسمية بالسعودية

الاقتصاد «دار غلوبال» أعلنت إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض بالشراكة مع منظمة ترمب (الشرق الأوسط)

«دار غلوبال» العقارية و«منظمة ترمب» تطلقان مشروعين جديدين في الرياض

أعلنت شركة «دار غلوبال» إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض، بالشراكة مع «منظمة ترمب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منازل سكنية في جنوب لندن (رويترز)

أسعار المنازل البريطانية تشهد ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر

شهدت أسعار المنازل في المملكة المتحدة ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة التوقعات؛ مما يعزّز من مؤشرات انتعاش سوق العقارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص تصدرت «سينومي سنترز» أعلى شركات القطاع ربحيةً المدرجة في «تداول» خلال الربع الثالث (أ.ب)

خاص ما أسباب تراجع أرباح الشركات العقارية في السعودية بالربع الثالث؟

أرجع خبراء ومختصون عقاريون تراجع أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية، خلال الربع الثالث من العام الحالي، إلى تركيز شركات القطاع على النمو.

محمد المطيري (الرياض)

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»