روسيا تعتمد على العائدات النفطية لتسديد عجز ميزانية السنوات المقبلة

بوتين يعلن تجاوز الاقتصاد الروسي للأزمة... وميدفيديف يؤكد دينامية إيجابية

تقارير حديثة وتصريحات مسؤولين تشير إلى عودة روسيا للاعتماد على الدخل النفطي الإضافي لتمويل العجز في ميزانية 2018 (رويترز)
تقارير حديثة وتصريحات مسؤولين تشير إلى عودة روسيا للاعتماد على الدخل النفطي الإضافي لتمويل العجز في ميزانية 2018 (رويترز)
TT

روسيا تعتمد على العائدات النفطية لتسديد عجز ميزانية السنوات المقبلة

تقارير حديثة وتصريحات مسؤولين تشير إلى عودة روسيا للاعتماد على الدخل النفطي الإضافي لتمويل العجز في ميزانية 2018 (رويترز)
تقارير حديثة وتصريحات مسؤولين تشير إلى عودة روسيا للاعتماد على الدخل النفطي الإضافي لتمويل العجز في ميزانية 2018 (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن اقتصاد البلاد خرج من الأزمة ويستعيد فعاليته تدريجيا، بينما أشار رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف إلى دينامية إيجابية في الاقتصاد، قال إنها ستظهر جلية بوضوح في موازنة عام 2018. هذا في الوقت الذي تحدث فيه مراقبون عن «ثقوب» في ميزانية العام المقبل، ستعود روسيا وتعتمد على الدولار النفطي لردمها. وفي خلفية هذا كله أشارت تقارير إلى اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء في روسيا. وكان الرئيس الروسي بحث الوضع الاقتصادي خلال اجتماع مع أعضاء الحكومة، استمع فيه إلى تقارير الوزراء، وعقب قائلاً: «كل ما جاء في حديثكم يشير بلا شك إلى أن الاقتصاد الروسي خرج من الأزمة، ويستعيد فاعليته تدريجيا»، وشدد على ضرورة «القيام بكل ما من شأنه الحفاظ على هذه الدينامية»، لافتا إلى أن «النتائج تظهر تدريجياً، وشيئا فشيئا سيشعر المساهمون في النشاط الاقتصادي والمواطنون بالعامل الإيجابي في الاقتصاد».
وكان بوتين حريصا على إبقاء التوقعات والآمال ضمن حدود الموضوعية والواقعية، وذلك حين لمح إلى أن المعطيات التي ذكرها وزير المالية حول زيادة الدخل الفعلي للمواطنين، ونمو المعاشات الشهرية، قد تكون أعلى مما هي في واقع الأمر، وقال إن «عددا من الخبراء يرون أن الدخل الفعلي للمواطنين يعود إلى وضعه الطبيعي لكن بوتيرة بطيئة»، وبالنسبة للطلب الاستهلاكي لفت إلى أن «نمو تجارة المفرق في الآونة الأخيرة بلغ 0.7 في المائة فقط». وفي وقت سابق تناول ميدفيديف الوضع الاقتصادي في البلاد، وذلك خلال اجتماع عبر دائرة تلفزيونية مغلقة أول من أمس، تحدث فيها إلى المراكز الانتخابية لحزب «روسيا الموحدة»، وقال إن «الاقتصاد الروسي يظهر نمواً، الأمر الذي سيتجسد في نهاية المطاف ويظهر مستواه في الموازنة الفيدرالية وفي موازنات الأقاليم الروسية» للعام المقبل. وكشف أن الفريق الاقتصادي في الحكومة باشر العمل على صياغة موازنة عام 2018 وللمرحلة حتى 2019 - 2020، لافتا إلى نزعات إيجابية تبلورت في الاقتصاد الروسي خلال المرحلة الحالية.
ومع أن العمل على ميزانية العام المقبل وللسنوات حتى 2020 لا يزال في مراحله الأولية، وفق ما أعلن ميدفيديف، فقد برزت منذ الآن بعض الجوانب الإشكالية، التي يتعين على الفريق الاقتصادي مواصلة العمل على حلها والتوافق حولها. وقالت صحيفة «كوميرسانت» إنها حصلت على معطيات تكشف العجز في تأمين التمويل ضمن الميزانية المقبلة، بما يتناسب مع طلبات بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية. وأشارت إلى أن الهوة بين إنفاق الوزارات من ميزانية عام 2018، وفقرات الإنفاق الفعلية التي تنوي وزارة المالية اعتمادها في الميزانية ستكون قياسية، موضحة أن الإنفاق الذي تطالب به الوزارات يزيد بصورة ملحوظة على مستوى العجز المخطط اعتماده في ميزانية 2018. ويبدو أن وزارة المالية الروسية التي تدرك أنه لم يعد بوسعها الاعتماد على التمويل من مدخرات صندوقي الاحتياطي والرفاه الوطني تتجه نحو الاعتماد على الدخل النفطي الإضافي لتمويل العجز في ميزانية 2018. هذا ما تشير إليه تصريحات وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف، الذي قال: «في عام 2017، وفي عام 2018، نرى إمكانية لزيادة الإنفاق على حساب عائدات النفط والغاز». وأشار إلى أن زيادة الإنفاق قد تصل هذا العام - كما في العام المقبل - حتى 100 مليار روبل، موضحا أنه سيتم توجيه هذه المبالغ لدعم الأقاليم والصناعات، ولحل بعض المهام في مجال الأمن والدفاع، ما يعني أن قدرة الحكومة الروسية على مواجهة العجز في الميزانية تبقى رهن تقلبات أسعار النفط.
في غضون ذلك، خصص الاقتصاديون المشاركون في منتدى موسكو المالي جلساتهم الأخيرة نهاية الأسبوع الماضي، لبحث الجوانب الاجتماعية للتطورات الاقتصادية، وتوقفوا بصورة خاصة عند اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء في روسيا. وناقش خبراء من البنك الدولي، ووزارة المالية الروسية، ومن معهد الدراسات والمدرسة الروسية العليا للاقتصاد سبل تقليص الهوة بين الطبقتين.
وعرض فيليب نوفوكمت من مدرسة باريس العليا للاقتصاد معطيات جديدة حول هذه الظاهرة، وقال إن «عدم المساواة في الدخل بين الفقراء والأغنياء بلغت في روسيا خلال السنوات الأخيرة مستويات أعلى من الصين ودول أوروبا الشرقية الأعضاء سابقا في حلف وارسو». وأشار إلى أن 10 في المائة من كبار الأغنياء الروس حصلوا عام 2015 على 29 في المائة من إجمالي الدخل، وفي هذه المرحلة أصبحوا يحصلون على 29.5 في المائة من الدخل القومي.


مقالات ذات صلة

النفط يقفز أكثر من 3 % مع شبح عقوبات جديدة على إيران وروسيا

الاقتصاد ناقلة النفط «سونيون» التي تعرضت لهجوم حوثي في البحر الأحمر قبل عدة أسابيع (أ.ب)

النفط يقفز أكثر من 3 % مع شبح عقوبات جديدة على إيران وروسيا

قفزت أسعار النفط يوم الجمعة مع تركيز المتعاملين على اضطرابات الإمدادات المحتملة في حالة فرض المزيد من العقوبات على روسيا وإيران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد إحدى منصات «أديس» البحرية (موقع الشركة الإلكتروني)

«أديس» السعودية تبرم عقد إيجار لمنصة حفر بحرية في نيجيريا بـ21.8 مليون دولار

أعلنت شركة «أديس القابضة» السعودية فوز منصتها البحرية المرفوعة «أدمارين 504» بعقد حفر مع شركة «بريتانيا-يو» في نيجيريا بنحو 81.8 مليون ريال (21.8 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد خزانات تخزين النفط الخام في منشأة «إينبريدج» في شيروود بارك في أفق مدينة إدمونتون في كندا (رويترز)

الزيادة الكبيرة في مخزونات الوقود الأميركية تخفّض أسعار النفط

انخفضت أسعار النفط لليوم الثاني على التوالي، يوم الخميس، بعد زيادة كبيرة في مخزونات الوقود في الولايات المتحدة أكبر مستخدم للنفط في العالم.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد العلم الإيراني مع نموذج مصغر لرافعة مضخة للنفط (أرشيفية- رويترز)

«رويترز»: إيران تضغط على الصين لبيع نفط عالق بقيمة 1.7 مليار دولار

قالت مصادر مطلعة، 3 منها إيرانية وأحدها صيني، إن طهران تسعى لاستعادة 25 مليون برميل من النفط عالقة في ميناءين بالصين منذ 6 سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شعار «شل» خلال المؤتمر والمعرض الأوروبي لطيران رجال الأعمال في جنيف (رويترز)

«شل» تحذر من ضعف تداول الغاز الطبيعي المسال والنفط في الربع الأخير من العام

قلّصت شركة شل توقعاتها لإنتاج الغاز الطبيعي المُسال للربع الأخير وقالت إن نتائج تداول النفط والغاز من المتوقع أن تكون أقل بكثير من الأشهر الـ3 الماضية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان التي تتراجع منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وتقطع هذه الخطوة خمسة أشهر من الشراء، وتتزامن مع موجة بيع شرسة في أسواق السندات العالمية، مما يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول أيضاً ضمان ارتفاع العائدات في الداخل بالتوازي، أو على الأقل وقف الانخفاض، كما يقول المحللون.

وعقب الإعلان عن الخطوة، ارتفعت العائدات التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، رغم أن أسعار الفائدة القياسية لأجل عشر سنوات كانت أقل قليلاً بحلول المساء.

ويشير التحول في السياسة واستجابة السوق الحذرة، إلى محاولة بنك الشعب الصيني إحياء النمو الاقتصادي من خلال الحفاظ على ظروف نقدية ميسرة في حين يحاول أيضاً إخماد ارتفاع السندات الجامح، وفي الوقت نفسه استقرار العملة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وقال محللون في «كومرتس بنك» في مذكرة: «لقد أشار البنك إلى استعداده لتخفيف السياسة بشكل أكبر... ومع ذلك، فإن ضعف اليوان بسبب الدولار القوي واتساع الفارق مع أسعار الفائدة الأميركية من شأنه أن يعقد موقف بنك الشعب الصيني».

واستشهد بنك الشعب الصيني بنقص السندات في السوق كسبب لوقف عمليات الشراء، والتي كانت جزءاً من عملياته لتخفيف الأوضاع النقدية وتعزيز النشاط الاقتصادي.

وكان عائد سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات قد ارتفع في البداية أربع نقاط أساس، لكنه انخفض في أحدث تداولات بأكثر من نصف نقطة أساس إلى 1.619 في المائة. وارتفع اليوان قليلاً رغم أنه كان يتداول عند مستوى ثابت حول 7.3326 يوان مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في 16 شهراً.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي الآسيوي في بنك «ميزوهو»: «أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض قيمة اليوان هو اتساع فجوة العائد بين الصين والولايات المتحدة، لذا فإن البنك المركزي يرسل إشارة إلى السوق بأن معدل العائد من غير المرجح أن ينخفض ​​أكثر».

وقال البنك المركزي الصيني في بيان إنه سيستأنف شراء السندات عبر عمليات السوق المفتوحة «في الوقت المناسب حسب العرض والطلب في سوق السندات الحكومية».

وكانت أسعار السندات في الصين في ارتفاع مستمر منذ عقد من الزمان - وهو الارتفاع الذي بدأ في الزيادة منذ ما يقرب من عامين حيث تسببت مشكلات قطاع العقارات وضعف سوق الأسهم في تدفق الأموال إلى الودائع المصرفية وسوق الديون.

وهذا الأسبوع شهدت السوق موجة بيع عالمية، والتي زادت بفضل الطلب الذي لا يقاوم على الأصول الآمنة ومراهنات المستثمرين على المزيد من خفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذر بنك الشعب الصيني لشهور من مخاطر الفقاعة مع انخفاض العائدات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية متتالية، على الرغم من أن السلطات في الوقت نفسه توقعت المزيد من التيسير. وهبطت العملة بنحو 5 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى المخاوف من أن تهديدات ترمب بفرض تعريفات تجارية جديدة ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي أنفانغ برايفت فاند كو» في شنغهاي، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الهبوطي في عائدات السندات مع «استمرار السوق في التعامل مع وضع التكالب على الأصول»، حيث يوجد نقص في فرص الاستثمار الجيدة... ويوم الجمعة، نقلت «فاينانشيال نيوز»، وهي مطبوعة تابعة لبنك الشعب الصيني، عن أحد خبراء الاقتصاد قوله إن السوق يجب أن تتجنب التوقعات المفرطة بشأن تخفيف السياسة النقدية.

وفي الأسواق، أنهت أسهم الصين وهونغ كونغ الأسبوع على انخفاض مع امتناع المتداولين عن زيادة استثماراتهم في السوق وانتظار تدابير تحفيزية جديدة من بكين.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني ومؤشر «شنغهاي المركب» على انخفاض بنحو 1.3 في المائة يوم الجمعة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 0.9 في المائة. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 1.1 في المائة، بينما انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 3.5 في المائة.

وقال محللون بقيادة لاري هو، من مؤسسة «ماكواري» في مذكرة: «السؤال الرئيسي في عام 2025 هو مقدار التحفيز الذي سيقدمه صناع السياسات. سيعتمد ذلك إلى حد كبير على تأثير التعريفات الجمركية، حيث سيفعل صناع السياسات ما يكفي فقط لتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر عدد قليل من المستثمرين أن السوق صاعدة، حيث تظل أرباح الشركات ضعيفة وسط ضعف الطلب المحلي. والرأي السائد هو أن السيولة ستصبح أكثر مرونة في عام 2025 ولكن النمو الاسمي سيظل بطيئاً».