تراث الشعر الغنائي الكويتي منذ بدايته حتى الألفية الثالثة

حمد الحمد يتحول من الرواية للتوثيق ويصدر موسوعة ضخمة

تراث الشعر الغنائي الكويتي منذ بدايته حتى الألفية الثالثة
TT

تراث الشعر الغنائي الكويتي منذ بدايته حتى الألفية الثالثة

تراث الشعر الغنائي الكويتي منذ بدايته حتى الألفية الثالثة

أن تؤرخ للأعمال الأدبية، كالرواية أو الشعر والأعمال النثرية، فذلك أسهل من التوثيق للتراث الغنائي، كون الأولى موثقة في كتب أو مخطوطات، أو منشورة في صحف ومجلات. أما التراث الغنائي، فغالبيته يكون شفاهياً، خصوصاً عندما يكون هذا التراث موغلاً في الماضي من أوله.
لكن الكاتب الكويتي حمد الحمد خاض هذه المغامرة، وأصدر كتاباً ضخماً يتألف من 737 صفحة، بعنوان «موسوعة تراث الشعر الغنائي في الكويت: الكلمة في الأغنية الكويتية من البدايات حتى مطلع الألفية الثالثة».
الكتاب جاء بصبغة علمية عالية الدقة، حيث أرفق المؤلف معه فهرساً يتضمن اسم الشاعر والنص الغنائي والملحن والمغني، وتضمن ثلاثة فصول: الفصل الأول بعنوان «شعراء ومسارات»، والفصل الثاني بعنوان «المختارات»، أما الفصل الثالث فقد جاء تحت عنوان «الموسوعات».
ويبدو أن الفصل الأول من الكتاب كان إشكالياً، فعندما أراد تنسيقه وقع في حيرة - حسب تعبيره - فهناك ازدواجية في وضع ترجمة لعطاء الكثير من الشعراء الذين تسربت قصائدهم لتتحول لأغان شهيرة، لكن في نهاية المطاف: «كان علي أن أصنف من كان له أشعار مغناة إلى ثلاث فئات»، كما يقول المؤرخ الحمد، ويشرح هذه الفئات الثلاث: «الفئة الأولى هم شعراء الأغنية أو كتاب الأغنية، وهؤلاء كتبوا كلمات وأشعاراً لكي تُجاز وتُغنى من قبل لجنة إجازة النصوص في وزارة الإعلام، وظهورهم كان مع ظهور البث الإذاعي والتلفزيوني في الكويت، وفئة ثانية هم شعراء شعبيون لهم قصائدهم ودواوين أشعارهم لكن لهم نشاط مكثف بتحول أشعارهم لأغاني يزخر بها أرشيف إذاعة الكويت. أما الفئة الثالثة، فهم كبار الشعراء في تاريخ الكويت الذين تحولت أعداد كبيرة من قصائدهم إلى أغان، أو بعضها».
وفي الفصل الثاني من موسوعة تراث الشعر الغنائي في الكويت، يقدم المؤرخ عدداً من كلمات الأغاني التي ظهرت في فترات متباعدة من بداية الستينات، أو قبلها بقليل، حتى بداية العقد الأول من الألفية الجديدة؛ هذه المختارات أتت وفق ذائقة مؤلف الكتاب، ولا يعني بها أنها الأفضل، حسب قوله.
وعلى الرغم من ضخامة الموسوعة التي صدرت عن منشورات المؤلف نفسه، فإنه يترك باب الإضافات لما لم تقع عليه يداه، فيقول: «وإن كانت هذه الموسوعة لا تشمل كل ما أنتج، إنما تشمل ما وقعتُ عليه من مراجع موثوقة، كإذاعة الكويت، أو ما سُجل من قبل عدد من شركات الإنتاج الفني، مع تبيان أن مادة هذه الموسوعة كان هدفها الأول التركيز على ترجمة لحياة شعراء من الكويتيين ساهموا في جعل الأغنية الكويتية في مرتبة عالية، وكان لعدد منهم بصمة عطاء كبير يفترض ألا يقع في خانة النسيان».
والكاتب حمد الحمد طرح نفسه روائياً لسنوات طويلة، وبعض أعماله تحولت إلى الدراما، ولكن في الآونة الأخيرة بدأ ينهج التوثيق للشعراء بشكل خاص، فكان أول كتاب توثيقي له بعنوان «حديث الديوانية... سيرة مجتمعية»، عام 2012. ثم حدد مساره في مجال التوثيق الشعري، فيقول: «بدأت رحلتي مع الشعر والشعراء في عام 2014، عند صدور كتابي (فايق عبد الجليل: رحلة الإبداع والأسْر والشهادة)، حيث عرض الراحل عبد الجليل للأسر على يد قوات صدام الغازية عام 1990، قبل أن يكتشفوا استشهاده لاحقاً». ويضيف الحمد عن تحوله باتجاه التأريخ: «بعدها، جاء كتابي (فهد بورسلي... شاعر الكويت الشعبي)، ثم إصدار بعنوان (شعراء الكويت في قرنين... صفحات من تراث الشعر الشعبي والنبطي في الكويت)، ثم كتاب عن الشاعر (أحمد العدواني... من مقاعد الأزهر إلى ريادة التنوير)، وصدرت من هذا الكتاب طبعتان متزامنتان، إحداهما في الرياض والأخرى في الكويت، ثم كتاب (سلطان بن فرزان السهلي... شاعر الكويت ونجد)».


مقالات ذات صلة

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي
TT

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

في عددها الجديد، نشرت مجلة «القافلة» الثقافية، التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، مجموعة من الموضوعات الثقافية والعلمية، تناولت مفهوم الثقافة بالتساؤل عن معناها ومغزاها في ظل متغيرات عصر العولمة، وعرّجت على الدور الذي تضطلع به وزارة الثقافة السعودية في تفعيل المعاني الإيجابية التي تتصل بهذا المفهوم، منها إبراز الهويَّة والتواصل مع الآخر.

كما أثارت المجلة في العدد الجديد لشهري نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول) 2024 (العدد 707)، نقاشاً يرصد آفاق تطور النقل العام في الحواضر الكُبرى، في ضوء الاستعدادات التي تعيشها العاصمة السعودية لاستقبال مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام في الرياض».

وفي زاوية «بداية كلام» استطلعت المجلة موضوع «القراءة العميقة» وتراجعها في العصر الرقمي، باستضافة عدد من المشاركين ضمن النسخة التاسعة من مسابقة «اقرأ» السنوية، التي اختتمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي السياق نفسه، تطرّق عبد الله الحواس في زاوية «قول في مقال» إلى الحديث عن هذه «المسابقة الكشافة»، التي تستمد حضورها من أهمية القراءة وأثرها في حياتنا.

في باب «أدب وفنون»، قدَّم قيس عبد اللطيف قراءة حول عدد من أفلام السينما السعودية لمخرجين شباب من المنطقة الشرقية من المملكة، مسلطاً الضوء على ما تتناوله من هموم الحياة اليومية؛ إذ يأتي ذلك بالتزامن مع الموسم الخامس لـ«الشرقية تُبدع»، مبادرة الشراكة المجتمعية التي تحتفي بـ«الإبداع من عمق الشرقية».

وفي «رأي ثقافي»، أوضح أستاذ السرديات وعضو جائزة «القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، د. حسن النعمي، دور الجائزة في صناعة مشهد مختلف، بينما حلَّ الشاعر عبد الله العنزي، والخطّاط حسن آل رضوان في ضيافة زاويتي «شعر» و«فرشاة وإزميل»، وتناول أحمد عبد اللطيف عالم «ما بعد الرواية» في الأدب الإسباني، بينما استذكر عبد السلام بنعبد العالي الدور الأكاديمي البارز للروائي والفيلسوف المغربي محمد عزيز الحبابي. أما علي فايع فكتب عن «المبدع الميّت في قبضة الأحياء»، متسائلاً بصوت مسموع عن مصير النتاج الأدبي بعد أن يرحل صاحبه عن عالم الضوء.

في باب «علوم وتكنولوجيا»، تناولت د. يمنى كفوري «تقنيات التحرير الجيني العلاجية»، وما تعِد به من إمكانية إحداث ثورة في رعاية المرضى، رغم ما تنطوي عليه أيضاً من تحديات أخلاقية وتنظيمية. وعن عالم الذرَّة، كتب د. محمد هويدي مستكشفاً تقنيات «مسرِّعات الجسيمات»، التي تستكمل بالفيزياء استكشاف ما بدأته الفلسفة.

كما تناول مازن عبد العزيز «أفكاراً خارجة عن المألوف يجمح إليها خيال الأوساط العلمية»، منها مشروع حجب الشمس الذي يسعى إلى إيجاد حل يعالج ظاهرة الاحتباس الحراري. أما غسّان مراد فعقد مقارنة بين ظاهرة انتقال الأفكار عبر «الميمات» الرقمية، وطريقة انتقال الصفات الوراثية عبر الجينات.

في باب «آفاق»، كتب عبد الرحمن الصايل عن دور المواسم الرياضية الكُبرى في الدفع باتجاه إعادة هندسة المدن وتطويرها، متأملاً الدروس المستفادة من ضوء تجارب عالمية في هذا المضمار. ويأخذنا مصلح جميل عبر «عين وعدسة» في جولة تستطلع معالم مدينة موسكو بين موسمي الشتاء والصيف. ويعود محمد الصالح وفريق «القافلة» إلى «الطبيعة»، لتسليط الضوء على أهمية الخدمات البيئية التي يقدِّمها إليها التنوع الحيوي. كما تناقش هند السليمان «المقاهي»، في ظل ما تأخذه من زخم ثقافي يحوِّلها إلى مساحات نابضة بالحياة في المملكة.

ومع اقتراب الموعد المرتقب لافتتاح قطار الأنفاق لمدينة الرياض ضمن مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام»، ناقشت «قضية العدد» موضوع النقل العام، إذ تناول د. عبد العزيز بن أحمد حنش وفريق التحرير الضرورات العصرية التي جعلت من النقل العام حاجة ملحة لا غنى عنها في الحواضر الكبرى والمدن العصرية؛ فيما فصَّل بيتر هاريغان الحديث عن شبكة النقل العام الجديدة في الرياض وارتباطها بمفهوم «التطوير الحضري الموجّه بالنقل».

وتناول «ملف العدد» موضوعاً عن «المركب»، وفيه تستطلع مهى قمر الدين ما يتسع له المجال من أوجه هذا الإبداع الإنساني الذي استمر أكثر من ستة آلاف سنة في تطوير وسائل ركوب البحر. وتتوقف بشكل خاص أمام المراكب الشراعية في الخليج العربي التي ميَّزت هذه المنطقة من العالم، وتحوَّلت إلى رمز من رموزها وإرثها الحضاري.