يقوم موظف في وزارة الداخلية الإيطالية، بمهمة سرية في ليبيا، لإبرام صفقات مع أمراء الحرب المحليين، ومسؤولي حرس السواحل، تستهدف وقف تدفق المهاجرين على أوروبا. إذا كانت أحداث الفيلم الخيالي «لاوردين ديل كوزي» لأندريا سيجريه، تبدو مألوفة، فذلك لأنها تذكر بشكل كبير بمجريات الحياة الواقعية. وقال المخرج الإيطالي في مقابلة أجرتها معه وكالة الأنباء الألمانية: «انتهيت من السيناريو منذ فترة طويلة، وبينما كنت أقوم بالتصوير، أدركت تدريجياً أن ما كنت أتخيله يحدث بالفعل».
وبدأ عرض فيلم سيجريه في إيطاليا، يوم الخميس الماضي، بعد أن تم عرضه لأول مرة خارج سباق التنافس بين الأفلام في مهرجان فينيسيا السينمائي. ولم يتم بعد الانتهاء من صفقات توزيع الفيلم في الخارج.
وتدور أحداث الفيلم القائم على مقابلات سرية مع جواسيس إيطاليين حقيقيين حول رجل طُلب منه أن يطلب من الليبيين «وقف جميع القوارب بطريقة منهجية»، لأن «الناس قد ضاقوا ذرعا».
ويأتي طرح الفيلم في دور العرض، في الوقت الذي يواجه فيه وزير الداخلية الإيطالي، ماركو مينيتي، وهو رئيس سابق في جهاز الاستخبارات، مزيجا من الإشادة والنقد، لنجاحه في صد تدفقات الهجرة.
وفي الشهر الماضي، لم يصل إلى إيطاليا سوى 3 آلاف و900 شخص، أي أقل من الخمس، بالمقارنة مع المستويات التي تم تسجيلها في أغسطس (آب) من عام 2016. ويأتي هذا الانخفاض، بعد تحرك إيطالي - بموافقة الاتحاد الأوروبي - لتعزيز قدرات حرس السواحل الليبي، إلا أن البعض يقول إن التكتيكات الخفية قد ساهمت أيضا في الحد من الهجرة. وبحسب العديد من الوسائل الإعلامية، فإن الميليشيات الليبية التي كانت تقوم من قبل بالاتجار في البشر، تقوم الآن بمنع مغادرة المهاجرين، وذلك بفضل نوع من الترتيبات السرية مع السلطات الأوروبية. من جانبها، قالت وزيرة الخارجية السابقة، إيما بونينو، أثناء عرض فيلم سيجريه في مجلس الشيوخ الإيطالي: «كنا نقوم حتى أمس بالدفع - بصورة مباشرة أو غير مباشرة - لتجار البشر».
من ناحية أخرى، قالت بونينو، العضوة في الحزب الراديكالي، وهو حزب إيطالي ليبرالي، والتي عملت أيضا مفوضة لشؤون المساعدات الإنسانية بالاتحاد الأوروبي، إن غلق طريق الهجرة بين ليبيا وإيطاليا وصل إلى حد «إعادة الناس إلى الجحيم». وفي ظل تزايد المشاعر المعادية للمهاجرين، قال مينيتي إن «الاستقرار الاجتماعي والديمقراطي في إيطاليا» كان سيتعرض للخطر إذا لم تعمل الحكومة على الحد من تدفق طالبي اللجوء. من جانبها، ذكرت منظمة «أطباء بلا حدود» الخيرية، الأسبوع الماضي في رسالة مفتوحة وجهتها إلى الاتحاد الأوروبي، أن الأشخاص الذين لم يعد يسمح لهم بالسعي للحصول على حياة أفضل في أوروبا، يواجهون «الاغتصاب والتعذيب والعبودية» في ليبيا.
وقال سيجريه: «هذا ما نعرضه في الفيلم». وفي فيلمه، الذي يبدو في بعض الأحيان واقعيا بحيث يبدو وكأنه فيلم وثائقي، يتم تصوير الحياة في المخيمات التي تديرها الميليشيات في ليبيا، بوضوح، مع حراس يتسمون بالوحشية، وضرب عشوائي، وجثث متناثرة.
وقال المخرج الإيطالي: «لدينا في وجداننا الآلاف من الناس الذين قد لا يموتون في البحر، ولكنهم يعيشون في عبودية مدمرة... كما أنه ليس هناك احتمال حقيقي لتخفيف وطأة محنتهم»، مشككاً في أن تكون الأمم المتحدة قد أقدمت في أي وقت مضى، على المساعدة، مثلما اقترح منيتي من الجانب الإيطالي. وبعد بعض المناورات الماكرة، ينجح بطل الفيلم، كورادو رينالدي، في مهمته، إلا أن عزمه يفتر عندما يطور علاقة شخصية مع امرأة صومالية يلتقي بها في أحد المعسكرات الليبية. وقال سيجريه إن جميع العملاء السريين الذين التقى بهم قبل تصوير الفيلم، قالوا له إن الطريقة الوحيدة للقيام بعملهم، هي عدم التفكير مطلقاً في الجانب الإنساني لأفعالهم، فبالنسبة لهم، تعتبر «القاعدة رقم واحد هي: لا يجب عليك أن تعرف هؤلاء الناس كأشخاص، فقط التعامل معها كأرقام».
فيلم إيطالي «يفضح» مأساة المهاجرين في مخيمات الميليشيات الليبية
بعد أن تم عرضه لأول مرة خارج سباق التنافس في مهرجان فينيسيا
فيلم إيطالي «يفضح» مأساة المهاجرين في مخيمات الميليشيات الليبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة