السودان متفائل بقرب رفع العقوبات الأميركية

TT

السودان متفائل بقرب رفع العقوبات الأميركية

أبدى السودان تفاؤله برفع العقوبات الأميركية المفروضة عليه منذ 20 عاماً، بحلول الموعد الثاني 12 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل الذي ضربته واشنطن لرفعها حال التزام الخرطوم بما عرفت بـ«خطة المسارات الخمسة».
وقال مسؤولون سودانيون رفيعو المستوى إن حكومة الخرطوم متفائلة برفع العقوبات، وذلك استناداً إلى تصريحات مسؤولين أميركان بزوال أسباب استمرار العقوبات. وكان من المقرر وفقاً للقرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي السابق بارك أوباما في آخر أيام ولايته، رفع العقوبات عن السودان بحلول 12 يوليو (تموز) الماضي، لكن الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة دونالد ترمب، أرجأت قرار رفع العقوبات إلى 12 أكتوبر المقبل، تحت ذريعة حاجتها لوقت إضافي لدراسة الملف.
وفرضت أميركا عقوبات اقتصادية على السودان منذ 1997 وتضمنت حظراً تجارياً، وتجميد أصول حكومية، متهمة الحكومة السودانية بالضلوع في انتهاكات لحقوق الإنسان ودعم الإرهاب، ولاحقاً في 2006 شددت العقوبات بسبب اندلاع الحرب في إقليم دارفور. وقال مساعد الرئيس لشؤون الصين والهند وروسيا عوض أحمد الجاز، إن تصريحات بعض المسؤولين الأميركيين تشير إلى أنهم لا يجدون سببا لاستمرار العقوبات على السودان، ووفقاً لما نقلته عنه بعض وسائل الإعلام، أوضح الجاز أن تقارير الطرفين المقدمة من اللجان المشتركة، إضافة إلى الرفع الجزئي لبعض العقوبات في يونيو الماضي، تشير إلى إمكانية رفع العقوبات عن البلاد، وقال الجاز: «اللجان المشتركة ما زالت تجتمع بعضها مع بعض، وهناك تصريحات من مسؤولين من أميركا تشير أنهم لا يجدوا سببا لأن تبقى هذه العقوبات على السودان». وأضاف: «العقوبات الأميركية على السودان منذ عام 1997، ولذلك تعايشنا مع هذا الوضع، والحكومة في الآخر جاءت إلى طاولة المفاوضات لنتفق على بعض البنود، وتم التشاور حولها».
يذكر أن الرئيس عمر البشير أصدر قراراً بحل اللجنة العليا التي تقود التفاوض مع الإدارة الأميركية، عقب قرار تأجيل رفع العقوبات، وقال وزير الخارجية إبراهيم غندور وقتها: «نأسف لصدور مثل هذا القرار بعد هذه الفترة الطويلة من الحوار بين السودان وأميركا»، بيد أنه عاد في وقت لاحق وذكر أن حل لجنة التفاوض لا يعني وقف الحوار مع الإدارة الأميركية، وأن المؤسسات المثيلة تدير الحوار بين الدولتين.
وفي السياق، نقلت «شروق نت» الحكومية، أن القائم بأعمال السفارة السودانية في واشنطن السفير معاوية عثمان خالد، أبدى تفاؤله برفع العقوبات، وتوقعاته لمزيد من التقارب بين الخرطوم وواشنطن الفترة المقبلة، وقال: «نحن مطمئنون أننا مقبلون على فترة أفضل مما سبق تمهد لمزيد من التقارب والعمل المشترك بين البلدين».
وأوضح السفير خالد أن زيارة رجال أعمال أميركيين للسودان كانت في إطار استكشاف الأوضاع ميدانياً في هذه المرحلة، انتظاراً لرفع العقوبات لنقل الشركات والمستثمرين أعمالهم المتكاملة داخل البلاد. وأشار إلى أن زيارة الوفود السودانية للولايات المتحدة، مثلت فرصة لطرح وجهة النظر السودانية والتعريف بالسودان في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية.
يذكر أن عددا من المسؤولين الأميركيين زاروا السودان خلال الفترة الماضية، وكذلك رجال أعمال، وأعضاء من الكونغرس، وتنفيذيون؛ أبرزهم مدير وكالة المعونة الأميركية مارك قرين الذي زار البلاد نهاية أغسطس (آب) الماضي، لوضع التقييم النهائي لخطة المسارات الخمسة.
ولأول مرة، شارك رئيس هيئة الأركان السودانية الفريق أول عماد الدين عدوي في أعمال قمة رؤساء أركان المجموعة الأميركية - الأوروبية - الأفريقية (أفريكوم) بمدينة «شتوتغارت» الألمانية في أبريل (نيسان) الماضي، فيما زار البلاد مطلع الشهر الماضي نائب القائد العام للقيادة الأميركية - الأفريقية لشؤون الارتباط المدني العسكري (أفريكوم)، ألكسندر لاسكاري، وهي زيارات تعد بنظر المراقبين مؤشرات على تحسن العلاقات بين الخرطوم وواشنطن.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.