إسرائيل تقصف «مصنعاً كيماوياً» وسط سوريا لتثبيت «الخطوط الحمراء»

تل أبيب تقول إنها لن تسمح بممر إيراني إلى «حزب الله»

الطيران الإسرائيلي شن غارات عدة على مواقع في سوريا في السنوات الأخيرة - أرشيف («الشرق الأوسط»)
الطيران الإسرائيلي شن غارات عدة على مواقع في سوريا في السنوات الأخيرة - أرشيف («الشرق الأوسط»)
TT

إسرائيل تقصف «مصنعاً كيماوياً» وسط سوريا لتثبيت «الخطوط الحمراء»

الطيران الإسرائيلي شن غارات عدة على مواقع في سوريا في السنوات الأخيرة - أرشيف («الشرق الأوسط»)
الطيران الإسرائيلي شن غارات عدة على مواقع في سوريا في السنوات الأخيرة - أرشيف («الشرق الأوسط»)

لَمّح وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إلى مسؤولية إسرائيل عن الهجوم على مركز عسكري في حماة وسط سوريا، قائلاً إن إسرائيل مصممة على منع الأعداء من تخطي «الخطوط الحمراء».
وقال ليبرمان في تصريحات نقلتها القناة العاشرة الإسرائيلية: «نحن لا نبحث عن مغامرات، لكننا عازمون على الدفاع عن أمن مواطنينا بكل الطرق المتاحة. نحن مصممون على منع أعدائنا من الإضرار بنا أو حتى خلق فرصة لذلك». وتابع: «إسرائيل مستعدة لكل سيناريو في الشرق الأوسط. وستفعل كل شي لمنع وجود ممر شيعي من إيران إلى دمشق... لن تسمح لأي جهة كانت بتعدي الخطوط الحمراء».
ويشير حديث ليبرمان إلى مسؤولية إسرائيل عن غارة استهدفت موقعاً عسكرياً قرب مصياف في ريف حماة، فجر الأمس وأدَّت إلى تدميره بالكامل، إضافة إلى مقتل جنديين في المكان.

ولم تعقب إسرائيل رسميّاً على الغارة، وقالت إنها لا ترد على مثل هذه التقارير، بعدما أقر الجيش النظامي السوري بالغارة، وقال في بيان إن «طيران العدو الإسرائيلي أقدم عند الساعة 2:42 فجراً على إطلاق عدة صواريخ من الأجواء اللبنانية استهدفت أحد مواقعنا العسكرية بالقرب من مصياف، ما أدى إلى وقوع خسائر مادية و(استشهاد عنصرين في الموقع)». وحذر في بيانه من «التداعيات الخطيرة لمثل هذه الأعمال العدوانية على أمن واستقرار المنطقة»، مؤكداً: «عزمه وتصميمه على سحق الإرهاب واجتثاثه من جميع أراضي الجمهورية العربية السورية مهما تعددت وتنوعت أشكال الدعم المقدم لهذه المجموعات الإرهابية».
وقال البيان إن هدف الغارة هو رفع معنويات تنظيم داعش الذي تكبد خسائر كبيرة بالفترة الأخيرة، ويعتبر أن إسرائيل والولايات المتحدة ترتبط مع التنظيم وتقوم بدعمه. لكن مصادر إسرائيلية قالت إن الهدف كان إحباط تطوير أسلحة كيماوية.
ودافع الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفيلن عن الهجوم بطريقة عير مباشرة أثناء لقائه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، قائلاً: «البنية التحتية للأسلحة التي يتسلح بها حزب الله تتطلب من دولة إسرائيل الرد عليها».
وجاء الهجوم الإسرائيلي في ظل اتفاق أميركي - روسي، حول الوضع الجديد في سوريا، وبعد مشاورات مكثفة أجرتها إسرائيل مع واشنطن ومع روسيا كذلك.
وقال مصدر إسرائيلي كبير إن الهجوم يرسل رسائل متوازية للطرفين بأن إسرائيل لن تقبل بأي اتفاق مستقبلي في سوريا من دون ضمان أمنها وطرد إيران وميليشياتها من الجولان. وقال عاموس يادلين رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق إن الهجوم «الاستثنائي» يحمل كذلك رسالة بأن أنظمة الحماية الروسية لن تمنع إسرائيل من العمل بحرية في المنطقة.
وأكد يدلين أن صواريخ كبيرة قد دُمِّرت جراء الهجوم المباغت.
وكتب عاموس هرئيل المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس» أن إسرائيل أرادت ظاهرياً نقل رسالة بأنه يمكن لها تعطيل ترتيب المستقبل الذي يتم إعداده في سوريا، إذا لم تؤخذ في الاعتبار المصالح الأمنية لها التي تتمثل في منع وجود إيران والميليشيات المرتبطة بها في منطقة مرتفعات الجولان.
والهجوم الجديد وقع بعد 10 سنوات من هجوم إسرائيلي كبير ضد المفاعل النووي الذي كانت تبنيه كوريا الشمالية لصالح النظام السوري عام 2007 في دير الزور.
وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إن المكان المستهدف هو مركز لتطوير أسلحة الدمار الشامل أنشئ عام 1970، وتم تطويره في السنوات الأخيرة، وكان مسؤولاً عن تطوير المفاعل النووي الذي قصفته إسرائيل في دير الزور قبل 10 أعوام.
وبحسب الصحيفة، فإنه خلال العامين الماضيين تم رصد توسيع عمل ونشاطات الموقع بشكل كبير. وأضافت: «في المكان دُفِن بقايا اليورانيوم التي تم إنتاجها من قبل كوريا الشمالية في المفاعل ذاته».
وكتب رون بن يشاي المحلل العسكري في «يديعوت أحرنوت» أنه «بينما كان حزب الله وإيران وسوريا يتابعون باهتمام المناورات العسكرية الأكبر للجيش الإسرائيلي منذ 20 عاماً على الحدود، وجَّهَت إسرائيل لهم ضربة هي الأقوى والأكبر منذ عام 2007». وأضاف: «لقد كانوا يعتقدون أن المناورات فرصة لنقل أسلحة مطورة من الموقع المستهدف إلى مناطق سورية أو لبنانية، لكن الجيش نفذ هجوماً غير مسبوق وغير روتيني».
وهذا ليس أول هجوم إسرائيلي على سوريا، إذ ضربت إسرائيل في الخمسة أعوام السابقة نحو 100 مرة في مناطق سورية وأخرى لبنانية، بهدف تعطيل نقل ترسانة لـ«حزب الله» أو استهداف عناصره، وهذه المرة تم استهداف منشأة تابعة للنظام السوري.
ودانت «حماس» الهجوم الإسرائيلي، وقال ممثل الحركة في لبنان علي بركة في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «ندين الغارات الصهيونية التي حصلت فجر اليوم (أمس) على سوريا ونرفض أي عدوان صهيوني على أي دولة عربية أو إسلامية».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.