«الحمض النووي» يحسم هوية 10 جنود لبنانيين خطفهم «داعش»

حداد وطني... والحريري يعد بكشف الحقيقة

قريب أحد الجنود اللبنانيين الذين خطفهم «داعش» في خيمة اعتصام الأهالي وسط بيروت أمس (أ.ب)
قريب أحد الجنود اللبنانيين الذين خطفهم «داعش» في خيمة اعتصام الأهالي وسط بيروت أمس (أ.ب)
TT

«الحمض النووي» يحسم هوية 10 جنود لبنانيين خطفهم «داعش»

قريب أحد الجنود اللبنانيين الذين خطفهم «داعش» في خيمة اعتصام الأهالي وسط بيروت أمس (أ.ب)
قريب أحد الجنود اللبنانيين الذين خطفهم «داعش» في خيمة اعتصام الأهالي وسط بيروت أمس (أ.ب)

أبلغت قيادة الجيش اللبناني، أمس، أهالي العسكريين الذين اختطفهم تنظيم داعش عام 2014 بنتائج فحوص الحمض النووي، التي أثبتت أنها تعود لأبنائهم، على أن يقام التشييع الرسمي لهم يوم الجمعة الذي أعلنه رئيس الحكومة سعد الحريري يوم حداد وطني، تقفل فيه الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات.
والتقى قائد الجيش العماد جوزيف عون، الأهالي، في مكتبه بوزارة الدفاع، بحضور مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، والطبيب المختص الذي أشرف على الفحوص، ووضعهم في صورة التطورات، وأبلغهم رسميا النتائج التي تثبت أن الجثامين تعود إلى أبنائهم.
وأكد مصدر عسكري لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «العسكريين العشرة استشهدوا على أيدي تنظيم داعش، لكن نتيجة فحوصات الحمض النووي لا يمكن أن تبيّن الطريقة التي قتلوا بها، نظراً لتحلل الجثث بحسب ما أبلغنا الطبيب الشرعي».
وتعود الجثامين لثمانية عسكريين كانوا مخطوفين لدى تنظيم داعش منذ أغسطس (آب) 2014، من دون توفر أي معلومات عن مصيرهم. وتم العثور على الجثتين الباقيتين في مكان منفصل، تعود الأولى لجندي سبق للتنظيم أن بث مقطع فيديو يوثق إعدامه بعد أكثر من شهر على خطفه مع بقية العسكريين، وتعود الجثة الثانية لجندي قتله التنظيم خلال قيامه بمهمة عسكرية.
وأكد الحريري خلاله لقائه الأهالي في السراي الحكومي «إصرار الدولة على القيام بالتحقيقات اللازمة لمعرفة الجناة وإحالتهم على القضاء لينالوا عقابهم». وقال: «نحن نشعر بمعاناتكم ومدى الظلم اللاحق بكم، كلنا تأثرنا بجريمة الخطف، وبذلنا كل ما بوسعنا لتحرير العسكريين المخطوفين، وقد نجحنا في تحرير من كان منهم لدى (النصرة)، ولكن لم يكن باستطاعتنا تحرير المختطفين لدى تنظيم داعش الإرهابي الذي ارتكب هذه الجريمة». وأضاف: «نحن حريصون على أن تعرفوا الحقيقة حول كل ما حصل وهذا حقكم، وهناك تحقيق قضائي بدأ وسيستكمل بكشف الحقيقة وملاحقة الجناة والمتورطين ومحاكمتهم، وسيدفعون ثمن ارتكاباتهم».
ويوم أمس، أحال مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، إلى مديرية الاستخبارات في الجيش، ملف «استشهاد» العسكريين لإجراء التحقيقات الأولية، وضمه إلى ملف القضية الذي فتح في أثناء خطفهم.
وأعلن الأهالي رفضهم التنازل عن حق إعدام القتلة، وقال المتحدث باسمهم حسين يوسف: «لن نسمح لأحد بأن يلعب بقضيتنا أكثر مما تم اللعب بها، وما يعزينا أن أبناءنا رفعوا رؤوسنا وتحملوا كل المآسي والوجع والألم والضغط والإرهاب الذي مورس عليهم، واختاروا أن يموتوا بكراماتهم وشرفهم وفي ملابسهم العسكرية». وأضاف: «كل من تواطأ بملف العسكريين وكانت له علاقة بمقتلهم سيطالهم القانون، وقضية العسكريين أصبحت اليوم أمانة في عنق الرئيس الحريري، وهذا حمل كبير عليه، وهو وعدنا بمتابعة هذا الموضوع حتى النهاية، ولن نقبل إلا أن يكرّم الشهيد بقتل من قتله».
ومع استمرار تبادل الاتهامات بشأن خطف ومقتل العسكريين، وتحميل البعض الحكومة السابقة مسؤولية عدم اتخاذ قرار حسم معركة عرسال عام 2014، طلب الأهالي من الحريري وقيادة الجيش ووزير الدفاع يعقوب الصراف عدم حضور وزير الداخلية نهاد المشنوق مراسم التشييع بسبب مواقفه عام 2014، حسب تعبيرهم؛ لكن المشنوق نفى ما نسب إليه لجهة قوله عن العسكريين: «قتلوهم ونعتبرهم شهداء، وسنلصق صورهم على الحيطان»، لا كتابة ولا شفهياً. وذكّر بأن العملية الأمنية التي نفذت في المبنى «ب» من سجن رومية، تمّت بعد إعلان المجموعة الإرهابية التكفيرية عن إعدام الجندي علي البزّال؛ مشيرا إلى أنه لا يشاطرهم الرأي بوجود رابط بين تحرير سجن رومية من احتلال الموقوفين وإدارتهم الإرهاب من المبنى «ب»، وبين قتل العسكريين الشهداء على أيدي منظمة تكفيرية إرهابية.
وأوضح أنّ التحقيقات الرسمية المبدئية التي رافقت الكشف عن مصير العسكريين، أفادت بأنّ «أمير (داعش) الشرعي، ولقبه أبو بلقيس، قتل العسكريين المخطوفين قبل عامين، (أي بعد عام من تنفيذ عملية تحرير سجن رومية) بعدما جاء خصيصاً من الرقّة لتنفيذ حكم الإعدام بهم، ولمنع التفاوض بشأن مصيرهم، وغادر بعدها إلى الرقّة مصطحباً معه قيادات (داعش) التي شاركت في خطفهم، وتخلّص هناك من تلك القيادات حتى لا يبقى أثر ولا قدرة على المتابعة».


مقالات ذات صلة

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

المشرق العربي قائد الجيش الأردني اللواء يوسف الحنيطي مستقبلاً وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة (التلفزيون الأردني)

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

هناك رأي داخل مركز القرار الأردني ينادي بدور عربي وإقليمي لتخفيف العقوبات على الشعب السوري و«دعم وإسناد المرحلة الجديدة والانتقالية».

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على العمل لضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عبد القادر مؤمن

كيف أصبح ممول صومالي غامض الرجل الأقوى في تنظيم «داعش»؟

يرجّح بأن الزعيم الصومالي لتنظيم «داعش» عبد القادر مؤمن صاحب اللحية برتقالية اللون المصبوغة بالحناء بات الرجل الأقوى في التنظيم

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا سائقو الشاحنات يتجمعون بجوار شاحنات إمدادات المساعدات المتوقفة على جانب الطريق في هانجو يوم 4 يناير 2025 بعد أن نصب مسلحون كميناً لقافلة مساعدات باكستانية (أ.ف.ب)

مقتل 6 أشخاص جرَّاء هجوم انتحاري جنوب غربي باكستان

لقي 6 أشخاص مصرعهم، وأصيب أكثر من أربعين بجروح، جراء هجوم انتحاري استهدف موكباً لقوات الأمن في منطقة تُربت، بإقليم بلوشستان، جنوب غربي باكستان.

الولايات المتحدة​ حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري (الثاني من اليمين) يتفقد شارع بوربون في الحي الفرنسي بنيو أورليانز بعد هجوم إرهابي في 1 يناير (أ.ف.ب)

منفذ هجوم الدهس في نيو أورليانز امتلك مواد تستخدم لصنع قنابل

أفاد مسؤولون في أجهزة الأمن بأن الرجل الذي صدم حشدا من المحتفلين برأس السنة في نيو أورليانز كان يمتلك في منزله مواد يشتبه في استخدامها لصنع قنابل.

«الشرق الأوسط» (نيو أورليانز)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.