ارتفاع الأسعار والضرائب على المشترين الأجانب يخفض مبيعات العقارات السكنية في تورونتو

سوق الملكية المشتركة في المدينة الكندية يحافظ على الوتيرة نفسها في الأداء

يقع المنزل بزاوية حديقة تحتل مساحة 32 هكتارا بمنطقة أوكفيل التاريخية التي تعد إحدى بلدات مدينة تورونتو الكندية
يقع المنزل بزاوية حديقة تحتل مساحة 32 هكتارا بمنطقة أوكفيل التاريخية التي تعد إحدى بلدات مدينة تورونتو الكندية
TT

ارتفاع الأسعار والضرائب على المشترين الأجانب يخفض مبيعات العقارات السكنية في تورونتو

يقع المنزل بزاوية حديقة تحتل مساحة 32 هكتارا بمنطقة أوكفيل التاريخية التي تعد إحدى بلدات مدينة تورونتو الكندية
يقع المنزل بزاوية حديقة تحتل مساحة 32 هكتارا بمنطقة أوكفيل التاريخية التي تعد إحدى بلدات مدينة تورونتو الكندية

يعود تاريخ المنزل المبني من الطوب الأحمر والمزين بالأشجار إلى عام 1880، ويقع المنزل بزاوية حديقة تحتل مساحة 32 هكتارا بمنطقة أوكفيل التاريخية التي تعد إحدى بلدات مدينة تورونتو الكندية الرائعة. للمنزل الفخم شرفة دائرية مزينة بنقوش شبكية ولها سور من الحديد المطاوع، كان للمنزل واجهة بحرية في السابق، لكن الوضع تغير اليوم بعد بناء الكثير من المباني المحيطة والتي حجبته عن مشهد المياه. ولا يفصل المنزل عن بحيرة أونتاريو سوى شارع واحد، وشارعان عن وسط بلدة أوكافيل.
تتخطى المساحة الإجمالية للمنزل 9200 قدم مربعة، ويضم سبع غرف نوم وسبعة حمامات كبيرة وحماما صغيرا. خضع المنزل للتجديد العام الماضي، حيث جرى فتح الصالة «لتبدو مناسبة أكثر للاستخدام العائلي»، بحسب أليكس أيريش، مسؤولة البيت بمؤسسة سوذبي إنترناشيوينال رياليتي بكندا التي تتولى عرض المنزل للبيع. تتدلى من الأسقف المصنوعة من الجبس المزخرف ثريات قيّمة، ويحتوي المكان على تحف معدنية وجدران وأرضيات من الخشب العريض الراقي التي لا تزال تحتفظ بحالتها، إضافة إلى خمس مدفئات.
استدركت مسؤولة البيع قائلة «هناك تفاصيل معمارية دقيقة لم يجر سردها مثل الأرضيات المصنوعة من خشب السنديان، لكن بعض معالم الطراز الفيكتوري المزخرف قد أزيلت من البيت مع الوقت».
ويفضي الباب الأمامي المصنوع من خشب السنديان المزين بقطع الزجاج المعشق إلى صالة ذات سقف أسطواني. وإلى اليسار هناك سلم يفضي إلى ثلاثة طوابق يحوي زخارف يدوية ونقشا شبكيا، وإلى جواره مصعد بجدران خشبية يحوي مقعدا وهاتفا بطراز عتيق. وتقع غرفة المعيشة الأساسية إلى اليسار وتحوي مدفأة مصنوعة من الخشب ذات نافذة مرتفعة.
وتفضي غرفة الطعام إلى ردهة بنوافذ عالية من الزجاج الملون وثريات للإضاءة تتدلى من السقف. وتؤدي الأبواب فرنسية الطراز إلى حديقة محاطة بأسوار بها نافورة مياه وموقد نار. ويتميز المطبخ باحتوائه على أثاث أوروبي راقي الطراز ومنضدة من الجرانيت في الوسط. والمطبخ يؤدي إلى غرفة عائلية، وكلاهما يطل على بحيرة أونتاريو. وإلى جوار السلم نافذة زجاجية يعود تاريخ صنعها إلى عام 1888 تطل على حديقة المنزل.
وللجناح الرئيسي بالطابق الثاني نافذة مرتفعة وسقف مستدير ويحوي الطابق مدفأة من الرخام وغرفة لتغيير الملابس وحماما داخليا من الرخام به حوضان من البورسلين، وحوض استحمام، وحوض منفصل وخزانة خاصة. وفي الطابق نفسه جناح ثانٍ به مدفأة وحمام وحوض منفصل، وحوض استحمام منعزل. وفي الطابق الثالث غرفة للجلوس بها إضاءة بالسقف وثلاث غرف نوم إضافية، بكل غرفة خزانة وحمام خاص.
وتفضي السلالم الأمامية والخلفية إلى الطابق السفلي الذي يحوي غرفتين صغيرتين وحماما وغرفة مكتب وغرفة نوم بها حمام داخلي، وغرفة تستخدم ورشة، وحماما لتنظيف الكلاب. وتفضي الأبواب الزجاجية إلى شرفة تزينها عناقيد اللبلاب. بالمنزل مراب تعلوه شقة تحوي غرفة نوم واحدة.
يبلغ عداد سكان بلدة أوكافيل نحو 200 ألف نسمة، وبالبلدة ممشى يطل على بحيرة. بالبلدة مرفآن ومطعمان ومتاحف ومعارض للفنون ومحال لبيع الملابس، وميدان يضم أشجارا تحمل مصابيح للإضاءة خلال أعياد الكريسماس، بالإضافة إلى ساحة كبيرة. وبوسط مدينة تورونتو طريق بطول 25 ميلا، أو مسير 30 دقيقة بالسيارة.
- نظرة عامة على السوق
بعد 20 أبريل (نيسان) الماضي، وهو التاريخ الذي نفذت فيه بلدية أوريانتو «خطة الإسكان العادل» والتي تضمنت ضريبة 15 في المائة على الأجانب بالنسبة للمنازل المخصصة لعائلة واحدة: «شهد سوق العقارات السكنية ازدهارا كبيرا، بحسب ستيفين غرين، مندوب البيع بشركة رويال لي باغ بارتنرز ريالتي.
وأفادت أيريش بأنه مع نمو بلغت نسبته 30 في المائة خلال عام واحد، تسبب نقص الواردات في عدم استقرار الطلب «وزيادة المعروض واشتعال حرب المزايدات، والتي كان ضمن أسبابها اللهاث على الشراء عالميا». أضافت أيريش، إن «الغرض من فرض الضرائب على المشترين الأجانب كان تهدئة السوق، وكان ذلك جزءا من خطة تهدف إلى جعل أسعار المنازل في متناول الناس» والمساعدة في توفيرها، وبخاصة للأسر الشابة.
وعندما وضع القانون الجديد موضع التنفيذ، بحسب أيريش: «تحركت السوق من مرحلة السخونة البالغة إلى مرحلة الفتور» بعدما جلس المقبلون على الشراء على جانب الطريق لمشاهدة إذا ما كانت السوق ستتحرك تجاههم، لكن السوق بدأت أكثر توازنا».
وبحسب مجلس عقارات تورونتو، فقد تراجعت مبيعات العقارات السكنية الشهر الماضي بنسبة فاقت 40 في المائة مقارنة بالعام السابق، في حين زادت العقارات الجديدة المعروضة للبيع بواقع 5 في المائة. وزاد متوسط سعر البيع بواقع 5 في المائة.
بيد أن سوق الملكيات المشتركة لم تتراجع، وفق ألتون تاب، رئيس «مجموعة إنترناشيونال هوم ماركتنغ غروب» ومقرها تورونتو، مضيفا أن «الأسعار واصلت الارتفاع ليتراوح سعر القدم المربع ما بين 650 دولارا كنديا و1100 دولار كندي (513 إلى 867 دولارا)».
وأفاد تاب بأنه جرى بيع 660 وحدة سكنية ببرجي «نابو» الجديدين اللذين يتألفان من 46 طابقا خلال 30 يوما فقط. غير أن هناك 30 شقة من ثلاث غرفة، إضافة إلى أن عددا من الغرف العلوية على الأسطح ستكون متاحة خلال مهرجان «تورونتو الدولي للأفلام» المقرر إقامته الشهر المقبل بالمدينة. أضاف قائلا: «الأفق ممتد في مدينتنا، وأرى تورونتو تقترب من مانهاتن أكثر وأكثر». وتتراوح ارتفاعات أعلى مبانٍ في تورونتو ما بين 80 و90 طابقا، في حين تتراوح ارتفاعات غالبية مباني المدينة ما بين 45 و50 طابقا في ظل تركز كثافة سكانية كبيرة حول خطوط قطار الأنفاق. وأفاد تابو بأن «أسواق أوريانتو وتورونتو تعتبر رائجة استثماريا»، حيث يأتي المستثمرون الذين يحمل غالبيتهم جوازات سفر كندية للمدنيتين بحثا عن «استثمار لرؤوس أموالهم وللحصول على عائدات بعد تأجيرها للغير لاحقا».
- لماذا الشراء في تورونتو؟
يأتي غالبية المشترين من الصين، أحيانا من خلال فانكوفر، كولومبيا البريطانية، ونسبة أقل من إيران وكوريا. وأفادت إيريش بأنها لاحظت وجود نسبة مشترين كبيرة من الهند ومن دبي، وزيادة في عدد المشترين من الولايات المتحدة منذ الانتخابات الأميركية عام 2016.
واستطرد غرين: «بسبب الفارق الذي أحدثه التغيير في أسعار العملة، فقد أقبل المشترون من نيويورك وكونيتيكت على شراء منازل ذات ملكية مشتركة جوار المحال التجارية والمطاعم بضاحية يوركفيل وبالقرب من مناطق الترفية بوسط المدينة». كذلك لوحظ إقبال على شراء البيوت الصغيرة بمنطقة مسكوكة بوسط أونتاريو. أضاف غرين، أن «الكثيرين من نجوم السينما بات لهم بيوت صغيرة هنا. فقد أصبحت مثل جزيرة هامبتون وربما أفضل».
- قواعد الشراء
في تورونتو، يتعين على المشترين سداد رسوم نقل الملكية بما يعادل 2 في المائة من سعر العقار، إضافة إلى ضريبة 2 في المائة أخرى تسدد إلى إدارة مدينة أونتاريو. «ومن ضمن الأسباب التي جعلت الناس تقبل على الشراء في أوكافيل تفادي سداد ضريبة 2 في المائة المقررة في تورونتو»، وفق أيريش.
وأوضح غرين، أنه يتعين على المشترين الأجانب سداد 35 في المائة أكثر من السعر المحدد حال أرادوا الاستفادة من ميزة أقساط الرهن العقاري؛ ولذلك فإن غالبية الأجانب يفضلون سداد المبلغ كاملا وبشكل فوري عند الشراء، وبخاصة أن فوائد القسط لا تشمل أي خصومات.
تتراوح الرسوم القانونية بين 1000 و3000 دولار كندي، ما يعدل 789 و2366 دولارا أميركيا وفق ما يقرره المحامي ووفق قرار المشترى إذا ما كان يرغب في رهن عقاري أو سداد فوري، ووفق سهولة وقيمة إتمام الصفية ذاتها.
اللغة: الإنجليزية والفرنسية.
العملة: الدولار الكندي يعادل 0.79 دولار أميركي.
الضرائب والرسوم: تبلغ الضرائب السنوية على هذا العقار29.086 دولار كندي (23 ألف دولار أميركي).
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

الاقتصاد جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

شهدت عمليات الإقراض العقارية التي توفرها شركات التمويل ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بنهاية الربع الرابع من عام 2024 إلى 28 مليار ريال.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد من معرض سيتي سكيب 2024 الأكبر عقارياً في العالم (واس)

سوق الرهن العقاري بالسعودية... محرك رئيسي في النمو والتنويع المالي

يأتي توجه السعودية نحو تطوير سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري من ضمن التطورات المتسارعة التي يشهدها التمويل العقاري في السعودية.

محمد المطيري
الاقتصاد لوحة وكيل عقارات معروضة خارج منزل في شارع سكني في بلاكبيرن (رويترز)

أسعار المساكن في بريطانيا تتجاوز التوقعات وتواصل الارتفاع

أعلنت شركة «نيشن وايد» للإقراض العقاري، يوم الخميس، أن أسعار المساكن البريطانية شهدت ارتفاعاً جديداً في ديسمبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد مشروعات «الوطنية للإسكان» (واس)

الصفقات العقارية في السعودية تتجاوز 533 مليار دولار خلال 2024

تجاوزت قيمة الصفقات العقارية في السعودية 533 مليار دولار (2.5 تريليون ريال) لأكثر من 622 ألف صفقة في عام 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد جرى توقيع المذكرة بحضور وزير البلديات والإسكان ماجد الحقيل ووزير المالية محمد الجدعان وممثلي «السعودية لإعادة التمويل» وشركة «حصانة» (الشرق الأوسط)

«السعودية لإعادة التمويل العقاري» تُوقع مذكرة مع «حصانة» لتعزيز السيولة وتقديم فئة أصول جديدة

وقّعت الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري مذكرة تفاهم مع شركة حصانة الاستثمارية تهدف إلى تعميق وتوسيع نطاق أسواق المال بالمملكة

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
TT

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)

تبرز المنازل الذكية خياراً جديداً في أسلوب الحياة مع التسارع الذي تشهده التقنيات المنزلية؛ مما يعتقد أنها تجعل الحياة أسهل من خلال التحكم في مرافق المنازل عبر الهاتف المحمول، الأمر الذي يضم هذا الاستخدام ضمن استخدامات كثيرة عبر تلك الأجهزة المحمولة.
ويمكن الآن التحكم بكل شيء في المنزل وفق طرق سهلة، سواء كان ذلك تشغيل الإضاءة أو فتح الستائر، أو تشغيل الواي فاي، أو تعديل درجة الحرارة، وفتح وإغلاق قفل الباب الأمامي، وحتى إشعال وإطفاء الموقد، حيث يقضي معظم الأفراد أغلب أوقاته في المنزل أكثر من أي مكان آخر، ومع ذلك التفكير بالتكنولوجيا عندما التواجد في المنزل يكون أقل مقارنة بالخارج فيما عدا تقنية الواي فاي.
غدت الصورة عن المنزل التي تتمثل بأنه مكان خالٍ من التكنولوجيا على وشك التغيير، فحان وقت النظر إلى الأجهزة الكثيرة المتناثرة في أنحاء المنزل، سواء كان التلفزيون في غرفة المعيشة، أو الثلاجة في المطبخ، أو المكيّف في غرف النوم، أو حتى جهاز تسخين المياه في الحمامات. وأصبح الأفراد محاطين بالإلكترونيات التي يتم وصفها بالأجهزة الذكية بشكل متزايد كل يوم، فهي تملك أجهزة استشعار تمكّنها من تسجيل البيانات ومشاركتها عبر الإنترنت. ويوجد اليوم نحو 31 مليار جهاز متصل بالإنترنت، ومن المفترض أن يرتفع هذا العدد إلى 75.4 مليار بحلول عام 2025، وفقاً لتقديرات وكالة الأبحاث «ستسيتا».
ولا شك بأن السؤال الذي يسيطر في الوقت الحالي هو، متى ستصبح المنازل أكثر ذكاءً عبر وصل جميع هذه الأجهزة بمركز واحد، ليتم التمكن من القياس والتحكم بكل شيء داخل المنازل. وتتجاوز رؤية المنزل الذكي مفهوم الراحة، حيث ستكون التقنيات الجديدة ذات تأثير عميق وإيجابي على الصحة من خلال مراقبة النظام الغذائي وظروف البيئة المحيطة في الأشخاص ورفاهيتهم بشكل عام. وسيتمكن الأطباء بفضل التكنولوجيا من معرفة حالة الأشخاص بالوقت الفعلي كما سيكون تاريخهم الطبي في متناول اليد قبل حتى إخبار الأطباء به. وعلاوة على ذلك، ستمكن المنازل الذكية العاملين في الرعاية الصحية من علاج الأمراض بشكل استباقي.
وسيمتد تأثير التكنولوجيا أيضاً إلى طريقة التعليم والتعلُّم عند وصل أجهزة التعلم الخاصة بالأطفال بأجهزة معلميهم، لتعزيز التفاعل والتعليم المخصص، وسيزداد التركيز على التدريس عبر الوسائط المتعددة، حيث سنتمكن من تحقيق فكرة غرف الدراسة الافتراضية على أرض الواقع، وسيتمكن البالغون أيضاً من إكمال دراستهم من النقطة التي توقفوا عندها، وذلك عبر الدورات التي تم تطويرها للتعلّم المنزلي والتي يمكن بثها على شاشات الأجهزة.
وتعد البيئة المحرك الأهم لتقنيات المنزل الذكي، وخاصة بما يتعلق بتأثير الأشخاص عليها، حيث تستطيع الأتمتة المنزلية الذكية أن تخفّض استهلاك الطاقة والمياه في المباني إلى حد كبير. وصحيح بأن المستهلك سيستخدم المزيد من الأجهزة التي تعمل بالطاقة الكهربائية، إلا أن حلول المنزل الذكي المدعمة بالذكاء الصناعي تستطيع أن تتعرف على سلوك من يعيشون في المنزل وتشغيل الأجهزة أو إيقافها استناداً إلى الروتين اليومي للمستخدم. وسنتمكن مع هذه الحلول الذكية عبر نظرة واحدة على الهواتف المحمولة من معرفة مقدار الطاقة والمياه المستهلكة وتكلفتها. وبالنظر إلى ارتفاع تكلفتهما بشكل مستمر، سيضطر أصحاب المنازل والمرافق والحكومات إلى البحث عن طرق أفضل وأكثر فاعلية للحد من التلوث البيئي، وجعل الحياة أكثر استدامة.
وقد تبدو هذه الأفكار التقنية بعيدة التحقيق، إلا أنها حالياً في مراحل التصميم في مشاريع مثل «نيوم»، المبادرة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي تعد حجر الأساس في «رؤية السعودية 2030»، كما أنها وصفت كأضخم مشروع حضري في العالم اليوم. وستعيد هذه المبادرة تعريف طريقة العيش وستركز في جزء كبير منها على المنازل.
وقال نجيب النعيم، رئيس مجلس إدارة العمليات في «شنايدر إلكتريك» السعودية: «سيكون لمبادرة (نيوم) تأثير غير مباشر على المنطقة بشكل عام، وينبغي أن تصبح المنازل الذكية القاعدة السائدة في الشرق الأوسط بحلول عام 2030. ويبدو لنا أن المنازل الذكية ستستمر في النمو مستقبلاً؛ مما يعني أن طريقة عيشنا اليومية ستتغير بشكل كبير». وبدأت الشركة الاستثمار في أتمتة المنزل الذكي منذ عقود من الزمن، ويعتقد النعيم بأن طريقة عيشنا «ستكون مختلفة بشكل جذري في المستقبل».

التطورات في تقنيات المنزل الذكي
تتطور التكنولوجيا اليوم بوتيرة متسارعة وتقنيات المنزل الذكي ليست استثناءً، والتساؤل يتمحور في معنى هذا التطور من حيث الأداء العملي، وكيف يمكن أن تؤثر البيوت الذكية على الحياة.
الذكاء الصناعي: سيكون الذكاء الصناعي في صميم التقنيات في المنازل المستقبلية، وستتمكن المنازل الذكية من تتبع موقع الأشخاص داخل المنزل، إما عن طريق جهاز استشعار إلكتروني يتم تركيبه على الملابس أو أجهزة استشعار إلكترونية داخل المنزل. وسيمتلك المنزل القدرة على تحديد هوية الأشخاص وأماكنهم، وسيستخدم هذه المعلومات لتلبية الاحتياجات وتوقعها أيضاً. وسيكون المنزل قادراً على ضبط كل شيء بدءاً من التدفئة والتبريد إلى الموسيقى والإضاءة، وكل ذلك حسب احتياجات الشخص الذي سيدخل من باب المنزل.
الإضاءة الذكية: ستُحدث الإضاءة الذكية ثورة في طريقة إضاءة المنازل، فهي تعمل على ضبط نفسها تلقائياً من خلال الكشف عن وجود الأشخاص في الغرفة، وحال خروجهم من هناك، تصبح الأنوار خافتة أو يتم إطفاؤها تماماً. كما يمكن أن تطبق الإضاءة الذكية على نشاطات الأشخاص؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لأجهزة استشعار الضغط إطفاء الأنوار عند الاستلقاء في السرير بعد وقت معين، وستكتشف المستشعرات استيقاظ الأفراد لاستخدام الحمام وتقوم بتشغيل الإنارة. وتضبط الإضاءة درجة سطوعها تلقائياً وفقاً لفترات اليوم، وسيتذكر المنزل الذكي الروتين الخاص بالمستخدم ليتمكن من تخصيص كل جهاز في منزلك حسب الرغبة.
الأقفال الذكية: يمكن أيضاً برمجة الأقفال الذكية وفقاً لاحتياجات الأفراد، فيمكن السماح للزوار بالدخول أو منعهم بناءً على سمات تعريفية محددة. كما يمكنك السماح بالدخول لشخص ما، مثل حامل البريد عن بُعد. ويمكن إرسال رموز فتح الأقفال الافتراضية عبر تطبيق إلكتروني وفتح الباب عبر استخدام الهاتف المحمول.
مراقبة المنزل: تستطيع الأنظمة الأمنية الذكية مراقبة المنزل بشكل مستقل، والإبلاغ عن أي حوادث غير مسبوقة لمالك المنزل، وإبلاغ خدمات الطوارئ إذا لزم الأمر. وتستطيع المنازل الذكية أيضاً مراقبة كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، فتقدم لهم يد المساعدة كتذكيرهم بتناول أدويتهم وضمان إتمامهم للمهام اليومية بنجاح وأمان. وفي حالات الطوارئ كالسقوط أو الحوادث، سيتمكن نظام المنزل الذكي من إخطار خدمات الطوارئ والسماح لهم بالدخول تلقائياً.
نظام التكييف: يعد التكييف من الضروريات الأساسية في دول الخليج، وعلى الرغم من ذلك لن يتغير قريباً، فإن الحلول المنزلية الذكية يمكن أن تقلل استهلاك الطاقة التي نستخدمها لتشغيل أنظمة التبريد لدينا في الصيف وأنظمة التدفئة في الشتاء بشكل كبير. فمن خلال التعلم الذاتي لسلوك واحتياجات الأسرة بالنسبة لتدفئة وتبريد المنزل مع مرور الوقت وإقران تلك المعلومات مع درجة الحرارة داخل المنزل وخارجه، يستطيع منظم الحرارة الذكي تقليص قيمة فواتير استهلاك الطاقة بنسبة 15 في المائة أو أكثر؛ مما سيختصر على الوالدين تأنيب الأطفال للتوقف عن العبث بمفتاح الطاقة.
طريقة دمج الأجهزة الذكية بنظام المنزل الذكي: يملك كل واحد منا الكثير من الأجهزة الذكية في المنزل والتي يمكن وصلها بشبكة الإنترنت. وما يحتاج إليه معظم الأشخاص هو وسيلة بسيطة بأسعار معقولة لإيصال جميع هذه الأجهزة بنظام واحد. ويؤمن نجيب النعيم من شركة «شنايدر إلكتريك» بأن تطبيق ويزر الذي أطلقته الشركة ومفهوم المنزل المتصل المتطور (سكوير دي) ربما يكون الحل المثالي لمن يبحثون عن تقنية المنزل الذكي الرائدة اليوم.
وقال النعيم «سيتطلب تحقيق ذلك شركة ذات خبرة بالطاقة والكهرباء والخدمات الرقمية والأجهزة والبرامج لتنشئ جهاز تحكم المنزل الذكي الذي نحتاج إليه جميعاً. ويعمل تطبيق (ويزر) من جهاز واحد نحمله بيدنا دائماً هو الهاتف المتحرك. ومن خلال وصل كل جهاز لدينا في المنزل بالإنترنت والتحكم به عبر (ويزر) سنتمكن من مراقبة كافة أجهزتنا والتحكم بها بطريقة آمنة ومن جهاز واحد».
وتهدف «شنايدر» على المدى الطويل إلى إضافة مستشعرات في جميع المعدات الكهربائية في المنزل لتتيح قياس استهلاك الطاقة والتحكم بالأجهزة، إما مباشرة أو من خلال الذكاء الصناعي، ومساعدة أصحاب المنازل والمباني على إنشاء «شبكات كهربائية صغيرة» من خلال دمج البطاريات وأجهزة الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية. وبهذا قد تصبح الأسلاك الكهربائية والمقابس والقواطع الخاصة بك العمود الفقري الذكي لمنزلك المستقبلي.
«شنايدر» هي من المشاركين في مبادرة «موطن الابتكار» التابعة لشركة «سابك»، وهي مشروع يهدف إلى إنشاء منزل تجريبي متكامل بأثاثه لتوفير تجربة عيش حديثة ومريحة ومستدامة، وإلى رفد السعودية بالمشاريع المستدامة. ويعرض مشروع «موطن الابتكار» ما يمكن تحقيقه عندما تتعاون الشركات العالمية مع رواد الأبحاث مثل «سابك» لابتكار أفكار جديدة من شأنها أن تثير اهتمام السعوديين وتُطلعهم على ما ستبدو عليه منازلهم في المستقبل.
وقال النعيم: «لم تتغير منازلنا كثيراً على الرغم من كمية التقنيات المحيطة بنا. وأصبح ذلك على وشك التغيير، فسنستذكر مستقبلاً الماضي بعد عقد من الزمن، ونتساءل لماذا لم نختر مفهوم المنزل الذكي في وقت أبكر. وسيحدث ذلك ثورة في طريقة راحتنا وعملنا ولعبنا. وأعتقد أن السعودية ستقود مسيرة التطور التقني في المنازل الذكية بفضل مشاريعها الرائدة مثل (نيوم)».