استعدادات حوثية لإنهاء الشراكة والانقضاض على صالح

كتائب عسكرية تابعة للمتمردين على مرمى حجر من السبعين

عناصر مقاتلة حوثية تجوب العاصمة صنعاء (رويترز)
عناصر مقاتلة حوثية تجوب العاصمة صنعاء (رويترز)
TT

استعدادات حوثية لإنهاء الشراكة والانقضاض على صالح

عناصر مقاتلة حوثية تجوب العاصمة صنعاء (رويترز)
عناصر مقاتلة حوثية تجوب العاصمة صنعاء (رويترز)

عقب أن كان يفاخر بأنه راقص جيد على رؤوس الأفاعي، يبدو أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح والذي يلقب في الكثير من الأوساط بـ«الثعلب» نتيجة ما يتصف به من مراوغة شديدة في التعاطي مع أصدقائه قبل أعدائه، يقترب من فصل جديد هذه المرة في العلاقة مع حلفائه الحوثيين، والذين قرروا أمس إنهاء «زواج مصلحة» مع المؤتمر الشعبي استمر منذ سبتمبر (أيلول) 2014.
الفصل الجديد الذي يواجه علي عبد الله صالح، قد يكون الأخطر في مسيرة حياته السياسية التي بدأها أواخر سبعينيات القرن الماضي، حيث يتضح من المعلومات الواردة من صنعاء ومحيطها بأن الأفعى التي لطالما كان يأمن من الرقص حولها، باتت على بعد أمتار قليلة من الالتفاف حول رقبته.
مصادر يمنية مطلعة أبلغت «الشرق الأوسط» بأن الأوضاع في صنعاء باتت «محتدمة للغاية»، وأن الـ48 ساعة المقبلة يتوقع أن تشهد «صفعة قوية» من أحد الطرفين للآخر.
وطبقا للمعلومات، فإن هناك مجاميع حوثية مسلحة تلقت تدريبا نوعيا خلال الفترة الماضية، غادرت مواقعها في صعدة، وباتت قريبة جدا من المربع الأمني لمنطقة ميدان السبعين (المكان الأكثر أمنا وحصنا للرئيس السابق)، فيما بدأت مجاميع تابعة لصالح بالخروج من صنعاء تحسبا من محاصرتها.
ويأتي ذلك، في وقت أعلن فيه مصدر يمني أمس، أن ميليشيا الحوثيين قررت إنهاء التحالف القائم مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام، في وقت أصدرت فيه أوامر بالاستعداد لتطبيق خطة ترمي إلى اعتقال حليفها الانقلابي ونقله إلى محافظة صعدة.
وفيما لم ترد أي معلومات رسمية تؤكد هذا السيناريو الذي يسعى الحوثيون إلى تنفيذه بحق حليفهم علي عبد الله صالح، توقع الباحث الأمني والسياسي اليمني محمد الولص أن يكون الإعلان عن هذا المخطط هو بمثابة «تسريب متعمد» لجس نبض الرئيس السابق وحزب المؤتمر الشعبي العام حياله، رغم نفيهم لذلك.
إلا أن الأمر الأكيد وفقا للولص، بأن «اعتقال علي صالح ونقله إلى صعدة أصبح أحد الخيارات الرئيسية لدى جماعة الحوثي وذلك لإخضاعه للتحقيق ومعرفة ما تبقى من أسرار عن بعض أمواله وعلاقاته الخارجية مع بعض دول الغرب وماهية الملفات السرية المهمة التي ما زال يحتفظ بها في الخارج والداخل».
وبحسب الباحث الأمني اليمني، فإن علي عبد الله صالح بات في «وضع المحاصر داخل صنعاء»، مضيفا أن المعلومات الواردة من هناك تفيد بأن «جماعة الحوثي استطاعت خلال الفترة الماضية اختراق مكتب الأمن الخاص لعلي صالح ومعرفة بعض الأماكن والمنازل التي يتنقل فيها».
وفي غضون ذلك، تشير الأنباء إلى أن كتائب حوثية مسلحة باتت على مرمى حجر من المربع الأمني الأهم للرئيس صالح في العاصمة صنعاء، وهي كتائب تلقت تدريبات نوعية في فترات سابقة.
ويقول الولص حيال ذلك إن تلك «الكتائب موجودة حالياً في منطقة جبلية في صنعاء تسمى (أرتل) في أطراف منطقة حدة، حيث تم توزيعها في مناطق (حدة وأرتل والعشاش)، وهي في طور الجاهزية لـ(اقتحام منصة وميدان السبعين ومعسكر ريمة حميد وبلاد الروس ومخازن نقم وسنحان)».
وتعكس تعليقات المقربين من علي عبد الله صالح حالة من القلق المتنامي إزاء السيناريو الأسوأ الذي ممكن أن تشهده صنعاء وسط حالة الاستقطاب الواسعة في معسكري الانقلاب داخل اليمن.
وفي منشور لنبيل الصوفي (أحد المقربين من علي عبد الله صالح) على صفحته في «فيسبوك»، يمكن معرفة حجم الخلافات الناشبة بين ميليشيا الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام، وذلك من خلال تطرقه إلى الدور الذي يلعبه صالح الصماد (قيادي حوثي) وهو رئيس المجلس السياسي الانقلابي، في إطار التهدئة مع المؤتمر الشعبي، وهي المهمة التي لا تلقى قبولا كافيا من طرفي الانقلاب الذي وصلت حدة الخلافات بينهما إلى مستويات كبيرة لا يمكن إصلاحها.
ومن أهم المفاجآت التي شهدتها الساحة اليمنية أمس، الأنباء التي تتحدث عن فرار حسين حازب وزير التعليم العالي في حكومة الانقلابيين غير المعترف بها من صنعاء إلى محافظة مأرب الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية.
ورغم محاولة الوزير توصيف ذهابه إلى مأرب بأنها عبارة عن زيارة لـ«عيادة مريض» فإن الاعتقاد يسود بأن الوزير حازب قرر الانشقاق عن حكومة الانقلابيين إلى غير رجعة، في وقت أشيعت فيه أنباء عن وصوله إلى أراضي سلطنة عمان.


مقالات ذات صلة

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.