مجلس الأمن يناقش مشروع قرار يفرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية

ترمب ومون يتفقان على إلغاء سقف القدرة الصاروخية لكوريا الجنوبية > الصين وروسيا تدعوان للحوار لنزع السلاح النووي بشبه الجزيرة الكورية

مجلس الأمن يناقش مشروع قرار يفرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية
TT

مجلس الأمن يناقش مشروع قرار يفرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية

مجلس الأمن يناقش مشروع قرار يفرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية

أعلنت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، أمس، أن مجلس الأمن سيجري خلال هذا الأسبوع نقاشا حول مشروع قرار يفرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية، على أن يعرض للتصويت الاثنين المقبل.
وتؤيد فرنسا وبريطانيا واليابان فرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية، في حين لم يعرف بعد موقفا موسكو وبكين اللتين أدانتا التجربة النووية السادسة التي قامت بها كوريا الشمالية أول من أمس.
في غضون ذلك، أعلنت سيول أمس أنها رصدت مؤشرات تفيد بأن كوريا الشمالية تعد لعملية إطلاق صاروخ باليستي جديد، فيما عززت دفاعاتها غداة قيام بيونغ يانغ بأكبر تجربة نووية وإعلانها أنها قنبلة هيدروجينية.
واستعرضت هايلي سلسلة العقوبات التي أصدرها مجلس الأمن الدولي ضد كوريا الشمالية منذ عام 2006. وأشارت إلى أن تصرفات بيونغ يانغ وتجاربها الصاروخية وتهديداتها النووية تشير إلى أنها تستجدي لإشعال حرب باستخدام الصواريخ. وأوضحت أن بلادها لا تسعى للحرب، لكن «للصبر الأميركي حدود، وسندافع عن بلادنا وحلفائنا»، على حد قولها.
وطالبت هايلي في الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي باتخاذ أقوى التدابير الممكنة، وقالت: «يكفي ما وصلت إليه الأمور، وآن الأوان لوقف (نصف الإجراءات) في مجلس الأمن ولاستنفاد جميع الوسائل الدبلوماسية». وقالت إنه رغم جهود مجلس الأمن على مدى 24 عاما، فإنه «أصبح البرنامج النووي لكوريا الشمالية أكثر تقدما وأكثر خطرا عما سبق، ولديهم إمكانات صواريخ عابرة للقارات، فضلا عن ورود تقارير عن أن بيونغ يانغ تحضّر لاختبار آخر لصواريخ عابرة للقارات».
وأعربت هايلي عن خيبة أمل المجتمع الدولي في الأسابيع الأخيرة من ازدياد التصرفات العدائية من جانب كوريا الشمالية، وقالت إن «اتّباع نهج تدريجي في التعامل مع الطموحات النووية لكوريا الشمالية وإجراء حوارات، قد يفشل. وقد دفعنا ذلك (الحلول الدبلوماسية) على طول الطريق، ولم يعد هناك أي طريق آخر». وطالبت السفيرة الأميركية باتّخاذ أقصى وأقوى العقوبات بوصفها أفضل الطرق الدبلوماسية، وشددت على أن بلادها ستعد أن أي دولة لديها تعاملات تجارية مع كوريا الشمالية هي دولة توفر موارد مالية لدولة مارقة تستخدمها في برامجها النووية.
ووزعت مندوبة الولايات المتحدة مشروع قرار، يتضمن فرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية، على الدول الخمس عشرة الأعضاء بالمجلس، للتشاور بشأنه وإصدار قرار من مجلس الأمن الدولي ضد كوريا الشمالية بحلول الاثنين المقبل. وبذل المجتمع الدولي جهودا عدة للحيلولة دون القيام بعمل عسكري، من أجل وقف كوريا الشمالية، لكن العقوبات الاقتصادية أو العزلة الدولية لم تؤد في نظر الأميركيين إلى نتائج مرضية.
وقبل جلسة مجلس الأمن بساعات، حذّرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب من رد عسكري واسع النطاق. وأكّد جيمس ماتيس وزير الدفاع الأميركي عقب اجتماع فريق الأمن القومي بالبيت الأبيض أن كوريا الشمالية ستواجه «ردا عسكريا هائلا»، إذا هددت الولايات المتحدة أو حلفاءها. وقال: «لقد عقدنا اجتماعات لفريق الأمن الوطني مع الرئيس ونائبه بشأن أحدث استفزاز في شبه الجزيرة الكورية، ولدينا كثير من الخيارات العسكرية. ويريد الرئيس إحاطته بكل خيار متاح». وتابع: «لقد أوضحنا أن لدينا القدرة على الدفاع عن أنفسنا وحلفائنا (كوريا الجنوبية واليابان) ضد أي هجوم»، مضيفا أن «أي تهديد للولايات المتحدة أو أراضيها، بما في ذلك قاعدة غوام، أو حلفائنا، سيواجه باستجابة عسكرية هائلة ورد فعل فعّال وساحق».
بدوره، حذر البيت الأبيض كوريا الشمالية الأحد من أن واشنطن لن تتوانى عن استخدام كل إمكاناتها، بما في ذلك السلاح النووي، إذا ما واصل نظام كيم جونغ أون تهديداته لواشنطن أو حلفائها.
وقالت الرئاسة الأميركية في بيان إن «الرئيس ترمب جدد التأكيد على التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن بلادنا وأراضينا وحلفائنا بكل ما لدينا من إمكانات دبلوماسية وتقليدية ونووية».
في المقابل، رأت الصين وروسيا أمس أن الأزمة مع كوريا الشمالية ينبغي أن تحلّ بشكل سلمي، بحسب ما أعلن مندوبا البلدين لدى مجلس الأمن الدولي، من دون الحديث عن اتخاذ إجراءات جديدة ضد بيونغ يانغ. وقال سفير الصين لدى مجلس الأمن لو جيي: «ندعو كوريا الشمالية إلى الحوار». وأضاف في الجلسة الطارئة لمجلس الأمن حول كوريا الشمالية: «بفضل الحوار، يمكننا أن نتوصل إلى جعل شبه الجزيرة الكورية منطقة منزوعة السلاح النووي».

وجدد الاقتراح الصيني - الروسي بوقف المناورات العسكرية المشتركة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، مقابل أن تعلّق كوريا الشمالية برنامجها النووي، وهو ما ترفضه واشنطن.
والصين هي الداعم الأول لكوريا الشمالية، ووجهة 90 في المائة من صادراتها.
ودعا كذلك المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا للحوار في سبيل حلّ الأزمة مع كوريا الشمالية. وقال إن بلاده «تدعو كل الأطراف إلى الحوار واستئناف المفاوضات». وأضاف: «ليس هناك حل عسكري»، مشددا في الوقت نفسه على أن كوريا الشمالية تعاملت «بازدراء» مع القرارات الدولية. وشدد على «ضرورة الحفاظ على الهدوء» و«عدم الانجرار وراء المشاعر، والعمل بشكل هادئ ومتوازن» فيما يبدو أنه تلميح للرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي توعّد كوريا الشمالية في الأسابيع الماضية «بالنار والغضب».
يذكر أن الصين قدمت احتجاجا رسميا أمس لدى كوريا الشمالية بعد التجربة النووية التي أجرتها الأحد، وعبرت عن استيائها من التهديدات الأميركية بوقف «كل المبادلات التجارية» مع الدول التي تتعامل مع بيونغ يانغ. وقال المتحدث باسم الخارجية غينغ شوانغ للصحافيين خلال مؤتمر صحافي إن «الصين قدمت احتجاجا قاسيا لدى الشخص المكلف شؤون سفارة جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية لدى الصين» في إشارة إلى كوريا الشمالية.
وأضاف أن «الصين تعارض تطوير جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية برنامجها النووي والباليستي، ونحن ملتزمون بنزع الأسلحة النووية في شبه الجزيرة. هذا الموقف معروف، كما أن جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية تعلم هذا الأمر تماما».
وردا على التلويح الأميركي بقطع العلاقات التجارية مع الدول التي تتعامل مع كوريا الشمالية، قال الناطق باسم الخارجية الصينية إن «ما هو غير مقبول إطلاقا من جانبنا، هو أننا نبذل جهودا شاقة من جهة لتسوية سلمية للقضية (الكورية الشمالية)، ونرى من جهة أخرى مصالحنا تتعرض للخطر وتعاقب». وأكد أن «الأمر يجب ألا يكون كذلك، وهذا غير عادل»، مشددا على أن «الصين لا تريد أن تمس مصالحها».
واجتمع مجلس الأمن أمس في ثاني اجتماع طارئ يعقد خلال أقل من أسبوع، فيما يعدّ العاشر الذي يجتمع فيه لمناقشة ملف كوريا الشمالية هذا العام. وكان المجلس قد أصدر بيانا رئاسيا الأسبوع الماضي أدان فيه قيام بيونغ يانغ بإطلاق صاروخ فوق اليابان، إلا أن واشنطن تريد هذه المرة إصدار قرار دولي.
وأدلى رئيس الشؤون السياسية، جيفري فيلتمان، بإحاطة قبل انطلاق جلسة مجلس الأمن، قال فيها إن قوة التجربة النووية السادسة، التي بلغت 6.3 على مقياس ريختر، تفوق بـ5 أضعاف قوة القنبلة التي ألقتها الولايات المتحدة على مدينة هيروشيما. وأكد فيلتمان في كلمته أن «التطورات الخطيرة الأخيرة تتطلب استجابة شاملة من أجل كسر دائرة الاستفزازات من جمهورية كوريا الشمالية»، مشددا على أهمية أن «تشمل هذه الاستجابة دبلوماسية حكيمة وجريئة لكي تكون فعالة».
وأضاف فيلتمان أن كوريا الشمالية وصفت هذا الحدث بأنه «نجاح تام في اختبار قنبلة هيدروجينية للقذائف العابرة للقارات»، وأنه خطوة كبيرة جدا في اتجاه استكمال القوة النووية للدولة.
كما أشار فيلتمان إلى ما ذكره الأمين التنفيذي للجنة التحضيرية لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية في فيينا، من أن محطات المراقبة التابعة للمنظمة قد التقطت حدثا زلزاليا غير عادي في منطقة الموقع المستخدم للتجارب النووية السابقة بكوريا الشمالية.
وتابع فيلتمان أن رئيس كوريا الشمالية قد تفقد ما زعم أنها قنبلة هيدروجينية، التي عرضت بشكل واضح أمام قذيفة عابرة للقارات من طراز «هواسونغ 14»، مضيفا ما زعمته الدولة الكورية من أن «القنبلة الهيدروجينية هي سلاح نووي حراري متعدد الوظائف، وذو قوة تدميرية كبيرة يمكن تفجيرها حتى على ارتفاعات عالية».

على صعيد متصل، اتفق الرئيسان الأميركي والكوري الجنوبي دونالد ترمب ومون جاي إن، أمس، على إلغاء سقف القدرة الصاروخية لكوريا الجنوبية، وفق مكتب الرئاسة في سيول، في حين قرر مجلس الأمن الدولي عرض مشروع بفرض عقوبات على كوريا الشمالية للتصويت بعد أسبوع.
واتفق الرئيسان، وفق بيان الرئاسة الكورية الجنوبية، خلال اتصال هاتفي على رفع سقف القدرة الصاروخية «في موازاة» التجربة النووية التي أجرتها كوريا الشمالية الأحد. وكان يسمح لسيول سابقا بحيازة صواريخ باليستية لا يزيد وزن رأسها الحربي على 500 كيلوغرام، وفق اتفاق ثنائي مع الولايات المتحدة.
وكوريا الجنوبية التي تستضيف نحو 28.500 جندي أميركي، ممنوعة من بناء ترسانة نووية، بموجب اتفاق وقعته مع واشنطن في عام 1974 يمنحها في المقابل «مظلة نووية» ضد أي اعتداء محتمل، كما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأعلنت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية أنها تعزز من دفاعاتها الوطنية، عبر عدة وسائل؛ من بينها نشر مزيد من الأنظمة الأميركية الدفاعية المضادة للصواريخ، مثل ذلك المعروف باسم «ثاد».
وأجرت سيول، أمس، مناورات عسكرية بالذخيرة الحية وأطلقت صواريخ باليستية في محاكاة لهجوم على موقع للتجارب النووية في كوريا الشمالية.
 



تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
TT

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم (الجمعة)، أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً على مقربة منها.

وأضافت السفينة أنها لا تزال في حالة تأهب قصوى وأن القوارب غادرت الموقع.

وأفاد ربان السفينة بأن الطاقم بخير، وأنها تواصل رحلتها إلى ميناء التوقف التالي.

وتشن جماعة الحوثي في اليمن هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك منذ اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل. وقالت الجماعة إن هجماتها للتضامن مع الفلسطينيين.


بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بعض المقترحات في خطة أميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، غير مقبولة للكرملين، مشيراً في تصريحات نُشرت اليوم (الخميس) إلى أن الطريق لا يزال طويلاً أمام أي اتفاق، لكنه شدد على ضرورة «التعاون» مع واشنطن لإنجاح مساعيها بدلاً من «عرقلتها».

وقال بوتين في التصريحات: «هذه مهمّة معقّدة وصعبة أخذها الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب على عاتقه».

وأضاف أن «تحقيق توافق بين أطراف متنافسة ليس بالمهمة بالسهلة، لكن الرئيس ترمب يحاول حقاً، باعتقادي، القيام بذلك»، متابعاً: «أعتقد أن علينا التعاون مع هذه المساعي بدلاً من عرقلتها».

وأطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقوى دفعة دبلوماسية لوقف القتال منذ شنت روسيا الغزو الشامل على جارتها قبل نحو أربع سنوات. ولكن الجهود اصطدمت مجدداً بمطالب يصعب تنفيذها، خاصة بشأن ما إذا كان يجب على أوكرانيا التخلي عن الأراضي لروسيا، وكيف يمكن أن تبقى أوكرانيا في مأمن من أي عدوان مستقبلي من جانب موسكو.

وتأتي تصريحات الرئيس الروسي في الوقت الذي يلتقي فيه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاريد كوشنر، بكبير المفاوضين الأوكرانيين رستم أوميروف، اليوم، في ميامي لإجراء مزيد من المحادثات، بحسب مسؤول أميركي بارز اشترط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوّل له التعليق علانية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشخصيات روسية سياسية واقتصادية يحضرون محادثات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قصر مجلس الشيوخ بالكرملين في موسكو بروسيا يوم 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

محادثات «ضرورية»

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محادثاته التي استمرت خمس ساعات، الثلاثاء، في الكرملين مع ويتكوف وكوشنر كانت «ضرورية» و«مفيدة»، ولكنها كانت أيضاً «عملاً صعباً» في ظل بعض المقترحات التي لم يقبلها الكرملين، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وتحدث بوتين لقناة «إنديا توداي تي في» قبل زيارته لنيودلهي، اليوم. وبينما لم تُبث المقابلة بأكملها بعد، اقتبست وكالتا الأنباء الروسيتان الرسميتان «تاس» و«ريا نوفوستي» بعض تصريحات بوتين.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول في المقابلة، إن محادثات الثلاثاء في الكرملين تحتّم على الجانبين «الاطلاع على كل نقطة» من مقترح السلام الأميركي «وهذا هو السبب في استغراق الأمر مدة طويلة للغاية».

وأضاف بوتين: «كان هذا حواراً ضرورياً وملموساً»، وكانت هناك بنود، موسكو مستعدة لمناقشتها، في حين «لا يمكننا الموافقة» على بنود أخرى.

ورفض بوتين الإسهاب بشأن ما الذي يمكن أن تقبله أو ترفضه روسيا، ولم يقدّم أي من المسؤولين الآخرين المشاركين تفاصيل عن المحادثات.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول: «أعتقد أنه من المبكر للغاية؛ لأنها يمكن أن تعرقل ببساطة نظام العمل» لجهود السلام.


القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
TT

القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، زيارة رسمية إلى الهند تستغرق يومين. وتعد واحدة من الزيارات الخارجية النادرة له منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022. ومثلما حظيت زيارته إلى الصين قبل ثلاثة أشهر، وقبلها إلى كوريا الشمالية العام الماضي، بأهمية كبرى في إطار رسم ملامح استراتيجية الكرملين في السياسة الخارجية، تُشكل الزيارة الحالية لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين، خصوصاً على خلفية الضغوط الأميركية المتزايدة على الهند لتقليص تعاونها مع موسكو.

وفي أول زيارة له إلى العاصمة الهندية منذ أربع سنوات، يرافق بوتين وزير الدفاع أندريه بيلووسوف، ووفد واسع النطاق من قطاعي الأعمال، والصناعة. ومن أبرز الوجوه المرافقة لبوتين رئيسا شركتي الطاقة «روسنفت» و«غازبروم» اللتين تخضعان لعقوبات غربية، إلى جانب مسؤولي المجمع الصناعي العسكري، ومؤسسة «روس أبورون أكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية. بالإضافة إلى رؤساء القطاع المصرفي الروسي الذي يخضع بدوره لعقوبات غربية. وتعكس تشكيلة الوفد المرافق أولويات أجندة الطرفين، وطبيعة النقاشات التي تم التحضير لها في موسكو، ونيودلهي.

برنامج حافل

على مدار يومي القمة، سيبحث الطرفان التعاون في مجالات الدفاع، والطاقة النووية، والهيدروكربونات، والفضاء، والتكنولوجيا، والتجارة.

تُشكل زيارة بوتين لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين (أ.ف.ب)

واستبق الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف الزيارة بإشارة إلى أن بوتين سوف يناقش مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي «القضايا الدولية، والإقليمية»، مشدداً على اهتمام الكرملين بتطوير التعاون الثنائي، وفتح مجالات جديدة للتعاون، وأشار إلى موقف واشنطن السلبي تجاه الزيارة، وتلويحها بمضاعفة التعريفات الجمركية في حال استمرت نيودلهي في تعزيز تعاونها مع موسكو، وخصوصاً في مجال الطاقة، موضحاً أنه «لا ينبغي أن تخضع العلاقات التجارية بين موسكو ونيودلهي لتأثير دول ثالثة»، وأعرب عن قناعته بأن «مسألة التعريفات الجمركية الأميركية تظل قضية ثنائية بين الولايات المتحدة والهند». ووصف بيسكوف الإجراءات المفروضة على قطاع النفط الروسي بأنها غير قانونية، مؤكداً أن روسيا تبذل كافة الجهود الممكنة لضمان استمرار تجارة الطاقة، وتدفقها دون انقطاع رغم التحديات. وأشار إلى أن الزيارة ستشهد توقيع حزمة مهمة من الوثائق الثنائية، دون الإفصاح عن تفاصيل محددة.

تعزيز التعاون في مجال الطاقة

قبل زيارة بوتين، أجرى مسؤولون من الجانبين محادثات في مجالات واسعة من الدفاع، إلى الشحن، والزراعة، وفي أغسطس (آب) الماضي، اتفق الطرفان على بدء محادثات بشأن اتفاقية تجارة حرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بقيادة روسيا.

وكرست هذه الخطوات مسار تعزيز العلاقة رغم بروز بعض المخاوف لدى مسؤولين في الهند أعربوا عن قلق من أن أي صفقات طاقة ودفاع جديدة مع روسيا قد تُثير رد فعل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي ضاعف الرسوم الجمركية إلى 50 في المائة في أغسطس على السلع الهندية، عقاباً على مشتريات نيودلهي من النفط الخام الروسي.

بوتين يتحدّث خلال مؤتمر في موسكو يوم 3 ديسمبر (رويترز)

ويُشكّل ملف تعزيز التعاون في مجال الطاقة إحدى أولويات الكرملين، الذي أكد أن الهند سوف تواصل الحصول على معاملة تفضيلية.

زادت واردات النفط الروسية على مدار سنوات اتفاقية التجارة الحرة بنسبة 600 في المائة، مما جعل الهند المشتري الرئيس لصادرات النفط الروسية (38 في المائة). كما تشتري الهند الأسمدة، والزيوت النباتية، والفحم، والمعادن.

تُنقل هذه الشحنات عبر الممر البحري الشرقي الذي افتُتح مؤخراً بين فلاديفوستوك وميناء تشيناي الهندي، وهو طريق بطول 10300 كيلومتر يربط بين موانٍ استراتيجية في المحيطين الهادئ والهندي. كما يعمل ممر النقل بين الشمال والجنوب فإن هذا الممر يتيح الاستقلال عن اللوجستيات الغربية، والتسويات بالعملات الوطنية تجاوزاً للعقوبات الغربية بنسبة تصل إلى 90 في المائة. وأكد الطرفان مجدداً هدفهما المتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030 (من 67 مليار دولار حالياً). وتطلب الهند دعماً لصادراتها إلى روسيا، لا سيما في مجالات الأدوية، والهندسة، والمنتجات الزراعية، ولتوفير فرص عمل للعمال الهنود المهاجرين، ويأتي ذلك تقديراً لإنجازات الهند في الالتفاف على العقوبات الغربية، خصوصاً في مجال تجارة النفط.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يحضران اجتماعاً على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند - أوزبكستان يوم 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

في المقابل، تسعى موسكو إلى الحصول على مساعدة الهند للحصول على قطع غيار، ومعدات تقنية لأصولها النفطية، حيث عرقلت العقوبات الوصول إلى الموردين الرئيسين.

ووفقاً لمصدر حكومي في الهند، فإن نيودلهي تسعى على الأرجح إلى استعادة حصة 20 في المائة لشركة التنقيب عن الغاز الحكومية في مشروع «سخالين-1» في أقصى شرق روسيا.

وتسعى موسكو أيضاً إلى تطوير تعاملها في القطاع المالي والمصرفي مع الهند، وصرح نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، بأنه ستتم خلال الزيارة مناقشة إمكانية إطلاق نظام الدفع الروسي «مير» في الهند، والذي من شأنه أن يُسهم في زيادة السياحة الروسية. ووفقاً له، فقد طُرحت هذه المسألة سابقاً خلال اجتماع بوتين مع وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار. وستُناقش الآن على أعلى مستوى في نيودلهي.

الصفقات العسكرية

ورغم الضغوط الأميركية، لا تخطط الهند لتجميد علاقاتها الدفاعية مع موسكو، لأنها تحتاج إلى دعم مستمر للعديد من الأنظمة الروسية التي تشغّلها.

وقال مسؤولان هنديان مطلعان على الأمر لـ«رويترز» إن طائرات «سوخوي-30» الروسية تشكل غالبية أسراب المقاتلات الهندية البالغ عددها 29 سرباً، وعرضت موسكو مقاتلتها الأكثر تطوراً «سوخوي-57» والتي من المرجح أن تكون جزءاً من المحادثات.

بوتين يلتقي المتطوعين المشاركين في جائزة #WeAreTogether الدولية في مركز التجارة العالمي في موسكو يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ولم تتخذ الهند قراراً بعد بشأن النسخة المحدثة من «سوخوي»، لكن الكرملين أعلن أن هذا الموضوع سيكون مطروحاً للنقاش. ومن المرجح أن تناقش نيودلهي شراء المزيد من وحدات نظام الدفاع الجوي «إس-400» وفق تصريحات لوزير الدفاع الهندي راجيش كومار سينغ، الأسبوع الماضي. وتمتلك الهند الآن ثلاث وحدات، مع انتظار تسليم وحدتين إضافيتين بموجب صفقة عام 2018.

لكن الحديث عن تعاون دفاعي لا يقتصر على بيع الأسلحة، والمعدات، إذ قطعت موسكو ونيودلهي شوطاً مهماً لتوطين صناعات دفاعية في الهند لتصبح أبرز شريك عسكري لروسيا. وأفاد ديمتري شوغاييف مدير الهيئة الروسية للتعاون العسكري التقني بأن القمة الحالية سوف تبحث مشاريع عسكرية تقنية جديدة، وتوسيع العقود القائمة بين البلدين.

وتشير مصادر إلى أنه يمكن توطين إنتاج ما يقرب من نصف نظام «إس-400» في إطار سياسة نقل التكنولوجيا التي توليها الهند أولوية قصوى. وفي حال تم الاتفاق على شراء طائرات «سوخوي-57» المقاتلة، فسينتقل طيارو القوات الجوية الهندية بسهولة إلى الطائرات الروسية من الجيل الجديد، مع تأكيد أن شركة «هندوستان» للملاحة الجوية المحدودة المملوكة للدولة قادرة على صيانة الترسانة الروسية.

وأفادت تقارير بأن اتفاقيات قيد التطوير -أو وُقِّعت بالفعل- لإنتاج مشترك لنظام الدفاع الجوي «بانتسير»، واحتمال شراء الهند لنظام رادار الإنذار المبكر «فورونيج»، الذي يتجاوز مداه 6000 كيلومتر.

وأكد شوغاييف أن العلاقات العسكرية التقنية بين روسيا والهند تشهد تطوراً ملحوظاً رغم التحديات الدولية الراهنة، مشيراً إلى أنه لم يغلق أي مشروع عسكري تقني خلال عام 2025.

بوتين خلال تقديمه جائزة #WeAreTogether الدولية في موسكو، يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ووفقاً للمسؤول الروسي ينتظر أن ينصب الاهتمام بشكل أساسي على الطائرات، وأنظمة الدفاع الجوي، والتعاون في تقنيات الطائرات المسيرة، والمساعدة في بناء سفن جديدة في أحواض بناء السفن الهندية. وأضاف: «تبدو آفاق الصادرات العسكرية إلى الهند في عام 2026 إيجابية للغاية، وأعتقد أن حجمها في العام المقبل سيتجاوز مستوى عام 2025»، مؤكداً أنه تم حل المشكلات المتعلقة بالجوانب اللوجستية، وتوريد المكونات للمشاريع المشتركة، بما في ذلك صيانة المعدات الموردة سابقاً.

وأشار شوغاييف إلى أن روسيا تسعى إلى تعاون عسكري تقني واسع النطاق مع الهند في مجال التقنيات الجديدة، حيث تتزايد حصة المشاريع المشتركة، والتقنيات التكنولوجية المتقدمة عاماً بعد عام.

وتنفذ روسيا والهند حالياً عشرات المشاريع العسكرية التقنية واسعة النطاق، ومن أهمها إنتاج الهند المرخص لطائرات «سوخوي-30»، ومحركات الطائرات، ودبابات «تي-90 إس»، والتعاون في إطار مشروع «براهموس» المشترك للصواريخ، وتحديث المعدات العسكرية التي سبق توريدها، والعمل المشترك في مجال تكنولوجيا الدفاع.

جانب من لقاء بوتين ومودي على هامش أعمال مجموعة «بريكس» في كازان شهر أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وأشارت مصادر إلى أن الطرفين يُعدّان «بيانات مهمة» ستحدد التوجهات الرئيسة للمرحلة المقبلة من شراكتهما. ومن المتوقع أن تُمهّد الاتفاقيات الجديدة للتعاون العسكري الصناعي الطريق لمرحلة جديدة من التعاون الدفاعي بين البلدين، ما يتيح للهند الوصول إلى أحدث تقنيات التخفي، والدفاع الصاروخي. وتتوقع المصادر أن يُعزز هذا مكانة الهند في المنطقة الآسيوية.

من المتوقع توقيع عقود عسكرية لتوريد وإنتاج أنظمة دفاع جوي من الجيل الجديد، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي إس-500. وقد لاقى نظام إس-400 الروسي استحساناً من الجيش الهندي خلال عملية سيندور، حيث أُشير إلى سرعة نشره في أقل من خمس دقائق لتكون ميزة كبيرة. ويُعتبر دمج نظام إس-400 في نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات الهندي على طول الحدود مع الصين وباكستان تعزيزاً أمنياً.

توازن بين الهند والصين

وتواجه موسكو -التي طورت علاقاتها مع الصين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وغدت بكين حليفاً رئيساً لها- تحدياً جدياً في إقامة توازن دقيق في العلاقة مع البلدين الخصمين.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

وأكد الكرملين أن موسكو تنطلق من أهمية المحافظة على علاقات مع «الشركاء التقليديين»، مشيراً إلى «تقدير خاص لاستعداد نيودلهي للمساهمة في البحث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا».

وفي إشارة مهمة، قال الناطق الرئاسي الروسي: «نحن مستعدون لتطوير علاقاتنا مع الهند في جميع المجالات الممكنة، إلى الحد الذي تكون فيه الهند مستعدة لذلك»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن روسيا «تواصل تطوير علاقاتها مع الهند، والصين».

وتابع: «نحن نحترم العلاقات الثنائية بين الهند والصين، وليس لدينا شك في أن أقدم دولتين، الدولتين الأكثر حكمة في هذا العالم، ستكونان حكيمتين بما يكفي لتسوية جميع المشكلات من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي».

تحدي الضغوط الأميركية

رأت تعليقات في وسائل إعلام حكومية روسية عشية الزيارة أن نيودلهي سارت خطوات لتحدي الضغوط الأميركية المفروضة عليها بسبب علاقاتها مع موسكو. ومن ذلك، ألغت الهند مناقشات اتفاقية التجارة الهندية-الأميركية، وقالت الصحافة الروسية إن تلك الاتفاقية «تراجعت أهميتها الاستراتيجية مقارنة بالنتائج المتوقعة بعد زيارة بوتين». وزادت أن «الهند ردت عملياً على الهجوم على سيادتها».

ترمب ومودي في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض في فبراير الماضي (رويترز)

كانت الحكومة الأميركية حملت نيودلهي مسؤولية تعزيز الجيش الروسي في أوكرانيا، واصفةً تصرفات الهند لاستيراد النفط الروسي بأنها «مزعزعة للاستقرار». ووصف الرئيس دونالد ترمب الهند بأنها «مغسلة للكرملين»، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 500 في المائة على الواردات الهندية إذا واصلت نيودلهي هذا المسار.

بدوره عارض الاتحاد الأوروبي مشاركة الهند في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا، بحجة أن صداقة نيودلهي مع موسكو تُشكل عقبة أمام تعميق التعاون الاستراتيجي مع أوروبا.

ورأت التعليقات الروسية أن «الهجوم السافر على السيادة الهندية من قبل الغرب فقد أثره. لقد اتُخذ القرار: التعاون مع روسيا أهم للهند منه مع الغرب، كما يتضح من زيارة بوتين. وقد اكتسبت روسيا والهند خبرة واسعة في العمل معاً ضمن مجموعة (بريكس)، ومنظمة شنغهاي للتعاون».