السلطات اللبنانية تلاحق «فلول» المتطرفين في عرسال

5 لبنانيين رُفض خروجهم إلى الشمال السوري مع عناصر «النصرة»

صورة أرشيفية تعود إلى 19 يونيو الماضي تظهر جندياً لبنانياً يراقب تحركات «داعش» بمنطقة قريبة من عرسال شمال شرقي البلاد (أ.ب)
صورة أرشيفية تعود إلى 19 يونيو الماضي تظهر جندياً لبنانياً يراقب تحركات «داعش» بمنطقة قريبة من عرسال شمال شرقي البلاد (أ.ب)
TT

السلطات اللبنانية تلاحق «فلول» المتطرفين في عرسال

صورة أرشيفية تعود إلى 19 يونيو الماضي تظهر جندياً لبنانياً يراقب تحركات «داعش» بمنطقة قريبة من عرسال شمال شرقي البلاد (أ.ب)
صورة أرشيفية تعود إلى 19 يونيو الماضي تظهر جندياً لبنانياً يراقب تحركات «داعش» بمنطقة قريبة من عرسال شمال شرقي البلاد (أ.ب)

تلاحق السلطات اللبنانية، لبنانيين من بلدة عرسال متهمين بالانتماء والتعاون مع تنظيمات إرهابية في البلدة الحدودية مع سوريا، يُضافون إلى مسلحين سوريين لا يزالون موجودين في مخيمات اللاجئين، في البلدة التي يداهمها الجيش يومياً بهدف توقيف المتورطين وتعزيز الأمن والاستقرار في عرسال. وتحدثت المصادر عن 5 أفراد من أبناء عرسال منضوين في التنظيمات المتطرفة، لم يُسمح لهم بالعبور إلى سوريا؛ بينهم نجل الشيخ مصطفى الحجيري.
ولا يعني طرد المسلحين المتطرفين من الجرود الحدودية مع سوريا في شرق لبنان، أن مرحلة الخطر قد زالت نهائياً، بالنظر إلى وجود مسلحين من فلول التنظيمات المتشددة في بلدة عرسال، أكبر بلدات قضاء بعلبك الهرمل من حيث مساحة الأراضي وعدد السكان، علما بأن المعارك الأخيرة التي خاضها الجيش اللبناني في جرود رأس بعلبك وجرود القاع، والمعارك التي خاضها «حزب الله» في جرود عرسال والتي سبقت اتفاقاً يقضي بنقل عناصر «النصرة» إلى شمال سوريا، أفضت إلى تحرير مساحة 320 كيلومترا مربعا من الأراضي اللبنانية على السلسلة الشرقية من 800 مسلح؛ منهم 200 من «سرايا أهل الشام»، و250 من «النصرة»، و450 من الدواعش من المجموعات المسلحة.
وبعد رحيل 30 شاباً من بلدة عرسال موالين لتنظيم «النصرة»، ضمن صفقة خروج مسلحي التنظيم إلى الشمال السوري، قالت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع في شرق لبنان لـ«الشرق الأوسط»، إن بعض اللبنانيين لا يزالون بالإضافة إلى سوريين آخرين داخل البلدة وفي مخيماتها، و«تلاحقهم السلطات اللبنانية لتوقيفهم»، مشيرة إلى أن هؤلاء «يشكلون خطراً من أن يكونوا لا يزالون على تواصل مع المنسحبين إلى سوريا أو يتلقون تعليماتهم من التنظيمات المتطرفة، وإن كانوا قد فقدوا السند والعضد والدعم». وقالت المصادر إن هؤلاء «يخضعون للرقابة والملاحقة، وسيجري توقيفهم جميعاً بهدف تعزيز الاستقرار في البلدة».
وأوضحت المصادر أن اللبنانيين «لا يتجاوز عددهم الخمسة أفراد من أبناء عرسال المنضوين في التنظيمات المتطرفة»، مشيرة إلى أنه «لم يُسمح لهم بالعبور إلى سوريا»، وبينهم نجل الشيخ مصطفى الحجيري، عبادة الحجيري الذي أوقفته استخبارات الجيش خلال الأسبوع الماضي، مشيرة إلى أن هؤلاء «يضافون إلى عدد من السوريين الدواعش المتسربين في المخيمات ومن المتورطين بلعبة الدم والخطف والقتل والسطو، ولم يسمح لهم بالمغادرة».
وتتضارب المعلومات حول الأسباب التي حالت دون رحيلهم إلى الشمال السوري. ففيما تقول المصادر إن السلطات اللبنانية منعتهم من المغادرة بغرض توقيفهم وتحويلهم إلى المحاكمة، قالت مصادر أخرى في عرسال إن عبادة الحجيري، نجل الشيخ مصطفى الحجيري أحد الوسطاء في حل أزمة المخطوفين اللبنانيين لدى التنظيمات المتطرفة في وقت سابق، رفضت السلطات السورية عبوره إلى أراضيها.
ولا ينفي أبناء عرسال المعلومات عن وجود سري لفلول التنظيمات المتطرفة في البلدة ومخيماتها، فقد أكدت نائبة رئيس بلدية عرسال ريما كرنبي لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك معلومات في البلدة تقول إن «مسلحين لا يزالوا يتوارون في المخيمات، ويلاحقهم الجيش اللبناني بغرض توقيفهم»، لافتة إلى أن الجيش ينفذ مداهمات مستمرة «لتطهير المخيمات وحسم هذا الملف، وتعزيز أمن البلدة واستقرارها».
وعما إذا كان هناك أفراد من البلدة يخافون العودة إليها بعد نزوحهم منها في عام 2014 بسبب تنامي نفوذ التنظيمات المتطرفة وأعضائها اللبنانيين والسوريين، قالت كرنبي: «ثمة أشخاص كانوا مهددين، عادوا إلى البلدة أخيرا، والناس هناك باتت تمتلك خيار العودة أو عدمها»، مشيرة إلى أن «الوضع الأمني يتسم الآن بالاستقرار النسبي بانتظار أن ينفذ الجيش عملية التطهير النهائية وبسط الأمن والاستقرار بشكل كامل في عرسال».
وفي هذا السياق، قالت المصادر اللبنانية واسعة الاطلاع إن السلطات اللبنانية «بصدد تنفيذ خطة فاعلة لتوقيف جميع المشتبه بهم وبسط الأمن بشكل كامل بعد عطلة عيد الأضحى استكمالاً للخطة التي أطلقتها لإلقاء القبض على المشتبه بهم جميعاً من اللبنانيين والسوريين وتوقيفهم».
وأوقف الجيش اللبناني خلال الأسبوعين الأخيرين السوري محمد الحلبي الملقب «أبو عائشة الأنصاري» مفتي «داعش» في عرسال، وقد ضبط بحوزته أسلحة وذخائر وصواريخ. كما أوقفت مخابرات الجيش اللبناني عبادة الحجيري نجل الشيخ مصطفى الحجيري في عرسال لارتباطه بالمجموعات الإرهابية، وعثر في سيارته على أسلحة وذخائر. كما عُثر على جثة في إحدى الآبار في محلة البابين في عرسال تعود للسوري عبد الحكيم سعد الله الخطيب وهو من بلدة يبرود السورية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.