مصر تتجه لإقرار قانون يعزل موظفي الحكومة المتورطين في «قضايا الإرهاب»

قاعدة بيانات تشمل عناصر «الإخوان» و«داعش» و«الجماعة الإسلامية»

TT

مصر تتجه لإقرار قانون يعزل موظفي الحكومة المتورطين في «قضايا الإرهاب»

تتجه مصر لإقرار قانون جديد لعزل موظفي جهازها الإداري بالمؤسسات الرسمية للدولة، المدرجين على قوائم الإرهاب بأحكام قضائية، أو المتورطين في جرائم عنف وقتل. وقالت مصادر برلمانية في مصر إن «مجلس النواب (البرلمان) انتهى بالفعل من القانون الجديد، وينتظر الموافقة عليه في دور الانعقاد الجديد»، مضيفة أن «البرلمان يعد قاعدة بيانات لعناصر جماعة الإخوان الإرهابية، وتنظيم داعش الإرهابي، والجماعة الإسلامية، والتنظيمات المتطرفة الأخرى، بالتعاون مع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، والأجهزة الأمنية التي ستثبت من خلال التحريات ما إذا كان الموظف منضماً لتنظيم إرهابي. فإذا ثبت انضمامه، أحيل للقضاء، وطبق عليه القانون والعقوبة اللازمة».
وأعلنت الحكومة المصرية رسمياً الإخوان «جماعة إرهابية»، بعد أن اتهمتها بتنفيذ تفجيرات وأعمال عنف مسلحة، قتل خلالها المئات من الأشخاص، بينهم عناصر تابعة للجيش والشرطة، منذ عزل الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي عن السلطة، في يوليو (تموز) عام 2013.
من جانبه، قال مصدر في الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة (المسؤول عن إحصائيات الموظفين الرسميين في مصر) إن «إعداد قاعدة بيانات بأسماء الموظفين بالجهاز الإداري للدولة يهدف إلى تحقيق الاستقرار، ووأد الجماعات الإرهابية والأفكار المتشددة، واقتلاع جذور جماعة الإخوان»، مشيراً إلى أن «هناك من يعملون في المؤسسات الحكومية يعطلون مصالح الجماهير، وينشرون الأفكار المسمومة والشائعات عن السلطة الحالية في البلاد... وللأسف يتقاضون رواتب من الدولة».
كما أكدت جهات رقابية مصرية أن ما يقرب من 5 آلاف موظف «إخواني» يعملون في مؤسسات الدولة، وبعضهم يتولى مناصب قيادية، بخلاف آخرين يروجون لأفكار تنظيم داعش، وينتمون لجماعات وتنظيمات إرهابية أخرى، مثل «ولاية سيناء»، لم يتم حصر عددهم حتى الآن، ولا يوجد إحصاء رسمي بعددهم.
وينشط بقوة في سيناء تنظيم «أنصار بيت المقدس»، أو «ولاية سيناء»، الذي بايع أبو بكر البغدادي، زعيم «داعش»، في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014، وأطلق على نفسه «داعش سيناء»... وأخيراً، تم توقيف ما يقرب من 870 شخصاً يتبنون الفكر الداعشي، بينهم موظفون في المؤسسات الحكومية الرسمية بمصر.
وكشفت الجهات الرقابية ذاتها عن أن وزارات «التنمية المحلية، والأوقاف، والثقافة، والصحة، والتربية والتعليم، والتعليم العالي (خصوصاً الجامعات)، تضم أعداداً كبيرة ممن يحملون الأفكار المتطرفة».
وبدوره، قال قيادي سابق في الأوقاف إن «الوزارة ما زال بها عدد من الدعاة والقيادات التابعين للإخوان والجماعة الإسلامية، يستغلون أموال المساجد التي يتم جمعها عن طريق التبرعات، أو أموال الجمعيات، في نشر الأفكار المتطرفة، والتحريض ضد الحكومة والسلطة الحالية، ويسيطرون على منابر المساجد».
وأصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً بقانون، في فبراير (شباط) عام 2015، بشأن تنظيم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، ينص على أن الشخص المدرج في قوائم الإرهاب يعد فاقداً لشرط حسن السمعة والسيرة، اللازم لتولى الوظائف والمناصب العامة أو النيابية، وهو ما يستتبع إنهاء خدمة كل من يدرج بقوائم الإرهاب.
وقال مراقبون إنه «منذ صدور القانون، لم يتحرك المسؤولون بمصر بعزل الموظفين المتورطين في قضايا عنف، خصوصاً أن بعضهم محبوس على ذمة قضايا، أو هارب خارج البلاد، وما زال يتقاضى راتبه، ولم يتم فصله».
من جانبها، قالت المصادر البرلمانية نفسها إن «الدولة لها الحق الكامل في معاقبة أي موظف يثبت تورطه في أي نشاط داخل المصلحة الحكومية التي يعمل بها، أو داخل الإدارة التابع لها، بما يتنافى مع الصالح العام»، لافتة إلى أن «بداية العزل ستكون على الموظفين الصادر بحقهم أحكام قضائية نهائية، سواء المحبوسين أو الذين ما زالوا يحاكمون، وهو ما يستوجب فصلهم من عملهم... ثم بعد ذلك، حصر أعداد الهاربين خارج مصر، والمنقطعين عن العمل، واتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم، إلى جانب حصر جميع المنتمين والمتعاطفين مع التنظيمات الإرهابية فكرياً».
وسبق أن وزعت بعض الوزارات إقرارات توبة للموظفين المتعاطفين مع الإخوان للتبرؤ من الجماعة، وفي مقدمتهم وزارة الأوقاف، لكن هذا الإجراء لم يأتِ بنتيجة.
وأضافت المصادر البرلمانية، في السياق ذاته، أنه تم «إرسال منشور لجميع المحافظين بمحافظات مصر يعمم على كل الوحدات المحلية والمراكز والقرى لحصر الموظفين المنتمين لجماعة الإخوان، الصادر ضدهم أحكام نهائية، وكذا جميع الجامعات الرسمية والخاصة في مصر، إذ إن هناك عدداً كبيراً من الأساتذة صادرة بحقهم أحكام قضائية، وآخرون هاربون، وما زالوا يتقاضون رواتبهم من الجامعات».
وسبق أن أعلن الدكتور جمال أبو المجد، رئيس جامعة المنيا (بصعيد مصر)، في أغسطس (آب) الماضي، فصل 10 أساتذة فصلاً نهائياً لانتمائهم إلى جماعة الإخوان، وصدور أحكام ضدهم، أبرزهم سعد الكتاتني (رئيس برلمان الإخوان المحبوس منذ عام 2013 على ذمة قضايا عنف وقتل).
وتؤكد وزارة التعليم العالي، في هذا الصدد، أنها «سوف تستمر في تطهير الجامعات من عناصر الإخوان... والمجلس الأعلى للجامعات يواجه بشدة أي خروج على القواعد الجامعية والقوانين المنظمة للعمل، التي تتضمن في مجملها حماية الطلاب، وعدم توجيههم ناحية جهة سياسية معينة».
بدوره، علق محمد حسن علي، المحامي بالمحاكم المصرية، قائلاً إن «المادة 86 مكرر من قانون العقوبات جرمت الانضمام أو الانتماء إلى أي جماعة إرهابية، أو المشاركة في أعمالها، وقررت عقوبة السجن 5 سنوات لأي شخص تنطبق عليه تلك الحالات»، مضيفاً أن أي موظف حكومي يثبت انتماؤه لجماعة إرهابية، مع علمه بأغراضها، من المفترض أن يحال فوراً إلى محكمة الجنايات، ويقرر القضاء في حينها عزله من وظيفته، إذا ثبتت التهم عليه، مشيراً إلى أنه «حال ثبوت مشاركة أي عضو في تلك الجماعة، سواء كان موظفاً عمومياً، أو في القطاع الخاص، في أعمال عنف، تصل عقوبته للإعدام»، وقال إن «القانون المصري يحظر فصل الموظفين في الدولة تعسفياً، لكن انتماء أي عضو داخل الجهاز الحكومي لجماعة إرهابية، يعلم بأهدافها الإجرامية، سيكون مصيره العزل من الوظيفة، إضافة إلى العقوبة الجنائية وفق الإجراءات الجديدة التي سوف تطبقها الحكومة المصرية، وتدخل حيز التنفيذ».


مقالات ذات صلة

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.