الصين تدعو لعولمة الاقتصاد بمحاربة «حمائية ترمب»

حثت دول «بريكس» على السعي لتحرير التجارة

الرئيس الصيني شي جينبينغ يتحدث في افتتاح مؤتمر {بريكس} في شيامن أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ يتحدث في افتتاح مؤتمر {بريكس} في شيامن أمس (أ.ف.ب)
TT

الصين تدعو لعولمة الاقتصاد بمحاربة «حمائية ترمب»

الرئيس الصيني شي جينبينغ يتحدث في افتتاح مؤتمر {بريكس} في شيامن أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ يتحدث في افتتاح مؤتمر {بريكس} في شيامن أمس (أ.ف.ب)

في حين تحاول الولايات المتحدة الأميركية فرض رؤيتها المحلية عالمياً (أميركا أولاً)، من خلال تقييد التجارة مع بعض الدول، وأبرزها الصين وألمانيا، تحاول بكين أن تتبنى مبادئ الرأسمالية، كثاني أكبر اقتصاد في العالم، بيد أن المرتبة الأولى ستشهد منافسة شرسة مع التغيرات الجيوسياسية الحالية، وبعد تبني ترمب للحمائية التجارية.
وفي تجمع لمجموعة دول بريكس، قال الرئيس الصيني شي جينبينغ، أمس (الأحد)، إن دول بريكس يجب أن تعمل على تحرير التجارة، وفتح الاقتصاد العالمي.
وأضاف جينبينغ، في بدء أعمال قمة مجموعة بريكس، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، المنعقدة في مدينة شيامن بجنوب شرقي الصين، والتي تستمر 3 أيام، أنه ينبغي على دول بريكس أن تستكشف وسائل ابتكار غير مكلفة، وتابع أن الصين ترحب بحرارة بشركات من دول أخرى للاستثمار فيها.
وسيتجمع قادة دول المجموعة في شيامن حتى يوم الثلاثاء، وهو ما يمنح الصين، باعتبارها الدولة المضيفة، فرصة جديدة لتؤكد نفسها كحصن للعولمة، في مواجهة أجندة الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أميركا أولاً).
وتكونت مجموعة «بريكس» من الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) لوضع ثقل مواز في النظام العالمي الذي يهيمن عليه الغرب.
وتغطي المجموعة أكثر من 25 في المائة من مساحة الكرة الأرضية، ويعيش بدولها أكثر من 40 في المائة من سكان الأرض، وتدر 22.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي لعام 2015.
ودعت الصين قادة كل من مصر وكينيا والمكسيك وطاجيكستان وتايلاند لحضور القمة، في إطار نهج «بريكس بلاس»، الذي يمثل توسعاً في مجموعة «بريكس»، ويهدف إلى تعزيز التعاون في الحوار بين دول «بريكس» وغيرها من الأسواق الناشئة والبلدان النامية.
ومن المنتظر أن يصل الرئيس المكسيكي إنريكي بينيا نييتو إلى الصين لمناقشة مسائل التجارة والاستثمار، مع تهديد ترمب مجدداً بإلغاء اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا)، التي وقعت منذ 23 عاماً، والتي يقول إنها تقتل فرص العمل في الولايات المتحدة.
وقال جينبينغ، أمام رؤساء شركات ومسؤولين كبار: «يجب أن نمضي قدماً صوب فتح الاقتصاد العالمي، وتحرير وتسهيل التجارة، وخلق قيمة عالمية جديدة، وتحقيق إعادة التوازن للاقتصاد العالمي»، وأضاف أنه لا تزال لديه «ثقة كاملة» في تنمية دول «بريكس»، رغم ادعاءات بتضاؤل أهمية المجموعة نظراً لتباطؤ النمو.
وفي وقت سابق، قال نائب وزير التجارة الصيني وانغ شو ون إنه من المتوقع أن يتوصل اجتماع «بريكس» إلى «توافق على اتخاذ إجراءات» لمعارضة سياسة الحماية التجارية، وأضاف أن الصين مهتمة باتفاقية تجارة حرة محتملة مع المكسيك.
- بريكس (نصف سكان العالم)
بنت البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، الدول الخمس التي تمثل معاً نحو نصف سكان العالم، التقارب بينها على طموح مشترك، هو التكلم بصوت واحد في عالم تحكمه قواعد اقتصادية وضعها الغرب.
والتصدع الذي يشهده تكتل الدول الخمس، التي تفصل بينها أنظمة سياسية واقتصادية شديدة الاختلاف، لم يكن يوماً بعيداً عن الظهور إلى العلن، ولفت عدد من المحللين إلى أن قلة تماسك المجموعة انكشفت في الأشهر الأخيرة.
وتساءل الخبير الاقتصادي كريستوفر بالدينغ، الأستاذ في جامعة بكين: «يصعب علينا أن نرى أدنى تماسك بين دول (بريكس)... أي قواسم مشتركة هناك بينها؟»، مضيفاً أن هذه الدول «تفعل كل شيء بطريقة مختلفة، سواء اقتصادياً أو تجارياً أو مالياً؛ لا نرى كيف يمكن أن تتقاطع الأمور بينها».
ما القاسم المشترك بين الصين الشيوعية وروسيا، التي يحكمها فلاديمير بوتين بتسلط، وديمقراطيات البرازيل والهند وجنوب أفريقيا، التي تهزها بلبلة واضطرابات؟ وما نقاط التلاقي بين الاقتصاد الصيني، الذي يعتبر ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والهند التي تسجل حيوية اقتصادية متصاعدة، والدول الثلاث الأخرى التي تعاني من تبعات تراجع أسعار المواد الأولية، مما ينعكس سلباً على صادراتها؟!
كما أن كلاً من الرئيسين البرازيلي ميشال تامر والجنوب أفريقي جاكوب زوما يواجه أزمة خطيرة على الساحة الداخلية.
وكان التوتر على أشده، قبل أيام قليلة، بين الصين والهند، بشأن نزاع حدودي في الهيملايا، بعدما تدخل جنود هنود لوقف شق طريق عسكري كان يقيمه الجيش الصيني في منطقة متنازع عليها بين البلدين.
وانسحب الجيش الهندي، في اللحظة الأخيرة، لتمكين رئيس الوزراء نارندرا مودي من التوجه إلى قمة شيامن، لكن الخلاف بين العملاقين الآسيويين ستكون له تداعيات. وقد أعرب وزير الخارجية الصيني وانغ يي، الأربعاء، عن أمله في أن تستخلص الهند «العبر من هذا الحادث، وتتفادى تكرار مثل هذه الأمور».
وفي مؤشر إلى الريبة القائمة بين البلدين، امتنع مودي، في مايو (أيار) الماضي، عن التوجه إلى بكين للمشاركة في قمة «طريق الحرير الجديد»، الحدث الدبلوماسي الأكبر خلال السنة في الصين. وترى بعض الدول، لا سيما الهند، في هذا المشروع الذي يتمسك به الرئيس الصيني وسيلة تستخدمها الصين لبسط نفوذها السياسي والتجاري.
ولفت أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الشعب ببكين، شي يينهونغ، إلى أنه لا يمكن في مثل هذا الوضع توقع الكثير من قمة سيسعى المشاركون فيها أولاً لإخفاء الخلافات بينهم، وقال: «كانت دول (بريكس) تجسد في بادئ الأمر كثيراً من الأمل للمستقبل، لكن لم يكن لها حتى الآن سوى تأثير محدود جداً على السياسة والاقتصاد العالميين».
والإنجاز الملموس الوحيد لمجموعة «بريكس» هو «بنك التنمية الجديد»، الذي أنشأته الدول الخمس ليكون بديلاً للبنك الدولي، الذي يعتبر خاضعاً لسيطرة الغربيين. ومقر بنك التنمية الجديد في شنغهاي، حيث يبدو منافساً للبنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية، الذي يتخذ مقراً له في بكين.
وعلى الصعيد التجاري، تحقق الصين فائضاً كبيراً في ميزانها التجاري مع شركائها الأربعة، وتتهمها الهند بممارسة المنافسة غير النزيهة. غير أن بكين نفت أن تكون الملفات الجيوسياسية الكبرى الراهنة، مثل البرنامج النووي الكوري الشمالي، ستطغى على قمة «بريكس».
وقال وزير الخارجية الصيني، الأسبوع الماضي، للصحافيين: «قد تكون بعض الدول غير مكترثة (للقمة)، لكن هذا لا يهم»، مؤكداً على أن «التعاون بين دول (بريكس) سيستمر في المضي قدماً».
- بداية الخلاف مع ترمب
كان زعماء دول «بريكس» قد عقدوا اجتماعاً على هامش قمة العشرين، المنعقدة في هامبورغ (شمال ألمانيا) في السابع من يوليو (تموز) الماضي، ودعت دول المجموعة، خلال الاجتماع، إلى اقتصاد عالمي منفتح ومتوازن.
وفي بيان مشترك، أعرب زعماء البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا عن معارضتهم للحمائية. وطالب زعماء مجموعة «بريكس» المجتمع الدولي بتفعيل «اتفاقية باريس» لحماية المناخ.
وبهذا البيان، تباين موقف زعماء دول «بريكس» عن موقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي يعول على القومية الاقتصادية، والذي أعلن خروج بلاده من اتفاقية باريس.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.