• المخرجون العرب ثلاثة أنواع: نوع يؤمن بالمحلية ولا يستعيض عنها بأي عمل خارج بيئته الشعبية أو المحلية. نوع يؤمن بالعالمية لكنه يصنع، في نهاية الأمر، أفلاما محلية، ثم نوع عالمي التفكير والفعل، يحقق أفلامه على نحو من يعرف تماماً كيف يصيغها للمشاهدين عالمياً.
• هاني أبو أسعد من النوع الثالث. منذ «الجنـة الآن» (2005)، وهو يبني عمارته الفنية خارج موطنه الفلسطيني وخارج العالم العربي بأسره. حتى «الجنة الآن» و«عمر» و«معبود الجماهير» التي تداولت شؤونا وشخصيات فلسطينية عرفت كيف تنفذ بها غرباً ووصل (بأول هذه الأفلام) إلى حافة الأوسكار.
• ما ساعده على ذلك موهبته في سرد غربي لحكاياته العربية. والآن يُقدم على خطوة أهم: لقد أنجز فيلماً لا علاقة له بأي موضوع عربي تقع أحداثه فوق جبال ثلجية عندما تسقط طائرة صغيرة براكبَيها كيت وينسلت وإدريس إلبا.
• إنه بالتالي فيلم مغامرات هوليوودي كامل سنراه في مهرجان تورونتو. لكن البعض سيسارع لإطلاق النار على الفيلم ومخرجه على أساس أنه ضحـى بالقضية مقابل الشهرة والنجاح. هذا كلام فارغ لأن القضية تحتاج إلى الناجح لكي تنجح، وتحقيق الأفلام ذات القضايا التي لا تبرح دور عرض صغيرة ليس الحل.
• من ناحيته، صرح المخرج عمرو سلامة، حسب ما أوردته مجلة The Hollywood Reporter بأنه يعمل الآن على تحقيق فيلم بعنوان «قناص عراقي» ((Iraqi Sniper هو، حسب وصفه، الجانب الآخر من قصة «قناص أميركي» الذي أخرجه كلينت إيستوود سنة 2014، حسب ما قاله لمراسلة المجلة الأميركية فإنه كره فيلم كلينت إيستوود، ليس قليلاً بل… «كرهته كثيراً جداً لدرجة أنني أردت العمل على نسخة أخرى من تلك القصـة».
• بذلك التصريح وضع الفيلم في أزمتين، وهذا قبل تصوير أولى لقطاته: حرمه من احتمال نجاح في الولايات المتحدة (يبدأ بالرغبة في توزيعه من قِـبل شركة كبيرة) والثانية أنه راهن على أن الفيلم سيكون جيداً لدرجة أنه سيتصدى لفيلم إيستوود الذي يصفه بأنه كان مع الحرب، أما فيلمه فسيكون ضد الحرب.
• لم يكن فيلم إيستوود مع الحرب. كان تعليقاً على شخصية بطله التي اعتادت العنف في موطنه منذ أن كان طفلاً. وعلى الوهم الذي عاشه بأنه على حق وحول حقيقة أنه ما عاد قادراً على العيش في مجتمعه وبات غريباً في بيته ما جعله يؤثِر العودة إلى العراق ليقتل من جديد. في النهاية يُـقتل القناص بالعنف كما عاش بالعنف وعلى يدي مجند أميركي آخر.
• الشخصية والقصة حقيقيتان، وكل ما فعله إيستوود هو نقلها ولم يبررها للحظة. لم يجعل القناص بطلاً ولم يسرد حكايته على هذا النحو. لكن القراءة المعكوسة دائما ما تقع مبنية على استعداد جاهز للشعور بالغبن.
م. ر
المشهد: أبو أسعد فوق الثلج
المشهد: أبو أسعد فوق الثلج
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة