حدود لبنان الشرقية خالية من «داعش»... والجيش اللبناني ينتشر في الجرود

{المرصد}: النظام السوري و{حزب الله} على الحدود

حافلة تقل عناصر من  {داعش} متوجهين من القلمون الى دير الزور شرق سوريا (إ ف ب)
حافلة تقل عناصر من {داعش} متوجهين من القلمون الى دير الزور شرق سوريا (إ ف ب)
TT

حدود لبنان الشرقية خالية من «داعش»... والجيش اللبناني ينتشر في الجرود

حافلة تقل عناصر من  {داعش} متوجهين من القلمون الى دير الزور شرق سوريا (إ ف ب)
حافلة تقل عناصر من {داعش} متوجهين من القلمون الى دير الزور شرق سوريا (إ ف ب)

بدأ الجيش اللبناني يوم أمس انتشاره في آخر المناطق المحررة عند الحدود الشرقية اللبنانية مع سوريا رافعا العلم اللبناني، في حين استكمل «حزب الله» سيطرته على الحدود السورية الغربية نتيجة الاتفاق الذي وقعه مع «تنظيم داعش» ونص على انسحابه من الجرود اللبنانية والقلمون الغربي إلى دير الزور، بحيث بات طرفا الحدود خاليين بشكل كامل من وجود التنظيم، وتنقسم السيطرة عليها بين «حزب الله» و«الجيش اللبناني» في الجهة اللبنانية و«الحزب» والنظام السوري في الجهة السورية.
وأمس، أصدرت مديرية التوجيه بياناً قالت فيه إن «وحدات الجيش استكملت انتشارها في منطقة وادي مرطبيا ومحيطه، التي تأكد خلوّها من عناصر تنظيم داعش الإرهابي، وقد تمّ رفع العلم اللبناني فوق قمم: حليمة قارة وعقابة مرطبيا وحليمة القبو، التي تشكّل المرتفعات الأعلى في المنطقة، في حين تقوم الفرق المختصة في فوج الهندسة بمسح الأراضي لكشف العبوات والألغام والأجسام المشبوهة التي خلفها الإرهابيون والعمل على معالجتها». وفي حين تتوجه الأنظار إلى ما ستكون عليه الحدود في المرحلة المقبلة، ولا سيما فيما يتعلّق بتواجد «حزب الله»، أكّدت مصادر عسكرية أن الجيش سيكون وحده منتشرا في مراكز استراتيجية له على طول الحدود». وقالت لـ«الشرق الأوسط» «معركة الجيش الأساسية كانت الوصول إلى الحدود، أما وقد تحقق الهدف سيتم تمركز الجيش وإقامة نقاط ثابتة له، وهو الأمر الذي لم ولن يتطلب أي تنسيق مع الجهة السورية. فحماية الحدود لا تتطلب التنسيق مع أي طرف والجيش سيقوم بمهمته منفردا على أكمل وجه».
وفي الجهة السورية، يشير مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، في هذا الإطار، إلى أن «حزب الله» والنظام ينتشران على الشريط الحدودي في القلمون وسهل الزبداني بشكل كبير، وصولا إلى ريف حمص الجنوبي في منطقة القصير، بحيث لا يزال نحو 2.5 كلم من الحدود السورية في ريف دمشق الجنوبي الغربي خاضعة لسيطرة فصائل من المنطقة تجمعت تحت مسمى «اتحاد قوات جبل الشيخ».
وأوضح الخبير العسكري العميد المتقاعد خليل الحلو، بقوله: «كان الجيش اللبناني متواجدا في جزء الحدود الشرقية الممتد من وادي خالد إلى القاع ومن الأخيرة إلى بريتال قبل بدء المعركة، في حين من المتوقع أن ينتشر على ما تبقى من هذه الحدود، وهي المرة الأولى التي يثبت الجيش مراكز عليها منذ الاستقلال عام 1943 نتيجة عملية عسكرية، وتحديدا على امتداد المسافة التي تقدر بـ160 كلم وتضم شرق اللبوة والفاكهة ورأس بعلبك والقاع، وقد يصل ارتفاع أعلى نقطة فيها المعروفة بتلال حليمة إلى 2700 متر». وأوضح أن «غياب الجيش كان نتيجة عدم أهمية هذه المنطقة القاحلة؛ وهو الأمر الذي استفاد منه المسلحون للسيطرة عليها»، مضيفا: «أما اليوم فبات تواجده أمرا حتميا».
أما في جرود عرسال التي كان «حزب الله» قد خاض معركتها قبل أسبوعين ضد «جبهة النصرة» وانتهت أيضا باتفاق يقضي بانسحاب عناصرها إلى سوريا، فلا يزال معظمها تحت سيطرة «الحزب» الذي كان قد أعلن أمينه العام حسن نصر الله استعداده لتسليمها إلى الجيش، في وقت عزت مصادره ومصادر عسكرية التأخير إلى الانهمال بمعركة «فجر الجرود»، مؤكدين أن التسليم سيتم في وقت لاحق بلا أدنى شك. في المقابل، تستبعد مصادر مطلعة أن يعمد «حزب الله» إلى تسليم كامل الحدود، وتحديدا تلك الواقعة في المنطقة الوسطى إضافة إلى بعض الجيوب الأخرى، موضحا «لا بد أن يحتفظ بممر له، وبشكل خاص في جنوب عرسال وصولا إلى بريتال». ويحمّل الحلو الدولة اللبنانية، وليس الجيش، مسؤولية ترك هذه الثغرات بيد «الحزب»، مضيفا: «من الصعب على الجيش أن يتسلّم الحدود إذا لم تكن له اليد المطلقة عليها، وهو الأمر الذي يحتاج إلى قرار سياسي وتغليب لغة القانون على ما عداها من اجتهادات».
ويرجّح الحلو أن تقوم أفواج الحدود البرية الموجودة في الجيش اللبناني بالانتشار على هذه الحدود، لمنع انتقال المسلحين من طرف إلى طرف ومكافحة التهريب التي لطالما كانت ناشطة في هذه المنطقة الحدودية. وأتى انسحاب «داعش» بعد أسبوع من القتال بين الجيش اللبناني ومسلحي التنظيم على الجانب اللبناني من الحدود، وبين الجيش السوري و«حزب الله» من جهة ومسلحي تنظيم داعش على الجانب السوري من الحدود، من جهة ثانية.
وكان أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله قال مساء أول من أمس، إن «الأهداف تحققت. لبنانيا، أخرج (داعش) من الأراضي اللبنانية وكشف مصير الجنود اللبنانيين وتم تأمين الحدود وسوريا، وتم تطهير القلمون الغربي من (داعش)»، مضيفا: «لم يعد هناك اليوم لا جرد ولا تلة ولا جبل ولا وادٍ ولا نقطة حدودية يتواجد عليها إرهابي. هذا إنجاز عظيم. الحدود اللبنانية باتت آمنة».
واعتبر الحلو أن «دولة التنظيم» انتهت في لبنان كما هي في طريقها إلى الانتهاء في الدول الأخرى، لكن فكر التنظيم المتطرف لم ولن ينتهي في وقت قريب، ويضيف «الادعاء بأنه تم إنهاء الإرهاب في لبنان والقضاء عليه، هذا كلام غير منطقي وخطر التنظيم لا يزال موجودا في لبنان كما في كل أنحاء العالم».



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.