جنون الأسعار يعكر فرحة المصريين بعيد الأضحى

وسط ركود في سوق الأضاحي بمصر

سوق الأضاحي في كرداسة - الجيزة (أ.ف.ب)
سوق الأضاحي في كرداسة - الجيزة (أ.ف.ب)
TT

جنون الأسعار يعكر فرحة المصريين بعيد الأضحى

سوق الأضاحي في كرداسة - الجيزة (أ.ف.ب)
سوق الأضاحي في كرداسة - الجيزة (أ.ف.ب)

تشهد سوق الأضاحي في مصر حالة من الركود قبل أيام قليلة من عيد الأضحى، في ظل عدم قدرة كثير من المصريين على الشراء بسبب تدني دخولهم، وسط جنون الأسعار الذي اجتاح كل السلع والخدمات، عقب الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها مصر في الأشهر العشرة الماضية.
ويقول كريم الشرقاوي، وهو تاجر ماشية من الفيوم: «الإقبال ضعيف للغاية. العام الماضي كنت أبيع من 10 إلى 15 رأس ماشية في الأسبوع، وهذا العام أبيع نحو 3 رؤوس فقط أسبوعيا. نعم هناك ارتفاع في الأسعار، لكن انظر أيضا إلى أسعار الأعلاف، وإلى أين وصلت».
يبلغ متوسط سعر كيلوغرام اللحوم الحمراء نحو 100 جنيه (5.67 دولار)، ويرتفع إلى ما بين 140 و150 جنيها للحم الضأن لدى القصابين، ولكنه يصل في المجمعات التابعة لوزارة التموين ووزارة الزراعة وبعض المحافظات، إلى ما بين 80 جنيها و100 جنيه للكيلوغرام.
وقال محمد شرف، نائب رئيس شعبة القصابين باتحاد الغرف التجارية: «الإقبال على الشراء أقل من المتوسط... التراجع بسبب قرب العام الدراسي الجديد ومصروفاته الكثيرة، ولذا شراء اللحوم يأتي في أولوية متأخرة لدى المواطنين. أسعار العجول وصلت إلى 60 ألف جنيه مقابل 40 ألفا العام الماضي، ووصل متوسط سعر الخروف إلى 4 آلاف جنيه، من 2500 جنيه العام الماضي».
وقال كريم قرني، صاحب محل جزارة: «الجزارون (القصابون) يتعرضون لخسارة بسبب حالة الركود. أغلقت محلي العام الماضي عقب عيد الأضحى لمدة ثلاثة أشهر».
وتنفذ حكومة رئيس الوزراء شريف إسماعيل سلسلة إصلاحات اقتصادية منذ نهاية 2015، سعيا لإنعاش الاقتصاد وإعادته إلى مسار النمو، من بينها زيادة أسعار الطاقة، وإقرار قوانين جديدة للاستثمار، وتعديلات على قانون ضريبة الدخل، وإقرار قانون ضريبة القيمة المضافة، والموافقة مبدئيا على قانون للإفلاس.
وفي إطار الإصلاحات، حررت الحكومة سعر الصرف في نوفمبر (تشرين الثاني)، ورفعت أسعار المواد البترولية مرتين خلال أشهر قليلة، فضلا عن زيادة أسعار الكهرباء والمياه والدواء والمواصلات.
ويشكو مصريون من بين ملايين يعيشون تحت خط الفقر، من أنهم قد لا يجدون قوت يومهم بعد القفزات المتتالية في الأسعار، بما في ذلك مترو الأنفاق الذي يستخدمه ملايين المواطنين. ويبلغ الحد الأدنى للأجور في مصر 1200 جنيه.
وقالت نوال محمد، ربة منزل، في محافظة كفر الشيخ لوكالة «رويترز» للأنباء: «عيد الأضحى سيعقبه دخول المدارس. زوجي يعمل موظفا بالمحليات. نحن أمام معضلة حقيقية وحيرة من توفير احتياجات المدارس مع مصاريف العيد. لن نشتري لحوما كثيرة، سنكتفي باللحوم المجمدة أو لحوم وزارة التموين».
لكن ما قد يمثل انفراجة لدى الطبقة المتوسطة في مصر، وهي الأكثر تضررا من الإصلاحات الاقتصادية، هو لجوء الحكومة لتوفير الأضاحي واللحوم المذبوحة والمجمدة بأسعار منخفضة إلى حد ما، في كثير من أنحاء مصر، عبر 2000 منفذ تتبع وزارة التموين.
وقال ممدوح رمضان، المتحدث باسم وزارة التموين: «الأسعار لدينا منخفضة جدا، مقارنة مع أسعار القطاع الخاص، ولذا نشهد إقبالا كثيفا في منافذنا. لدينا رصيد من اللحوم الحية يكفي احتياجات البلاد لمدة 3.5 شهر، وطرحنا أكثر من 12500 أضحية (كندوز) سوداني بسعر 85 جنيها للكيلوغرام... ولدينا لحوم مجمدة برازيلية بسعر 60 جنيها للكيلوغرام، ولدينا منها كميات كبيرة استعدادا للعيد».
على الجانب الآخر، بدأت القوات المسلحة في مصر، منذ نحو عامين، في توفير أعداد كبيرة من السيارات التي تجوب جميع أنحاء البلاد، وخاصة المناطق الشعبية والفقيرة، لتبيع اللحوم والدواجن والسلع الأساسية بأسعار مخفضة، في محاولة لتخفيف العبء على المصريين.
وقالت آية محمد، من السويس: «والدي كان يشترك مع بعض الأقارب في شراء أضحية، لكن هذا العيد وبعد ارتفاع الأسعار بهذا الشكل، سيكتفي بشراء لحوم مذبوحة».
ولجأ بعض المصريين هذا العام لشراء الأضاحي بالتقسيط، أو بالمشاركة مع الأصدقاء والأقارب، للتغلب على ارتفاع الأسعار، والذي يتراوح ما بين 30 و50 في المائة في بعض المحافظات.
وقال رمضان فتحي، من محافظة مرسى مطروح: «العيد في مطروح هو الأضحية، ومن دونها لا يفرح الأطفال... يبدو أننا سنلجأ لشراء الأضحية بالتقسيط من أجل أطفالنا».
ورغم تحرك الحكومة لتخفيف وطأة الإصلاحات الاقتصادية، بإجراءات من بينها زيادة الدعم لبطاقات التموين والمعاشات ومنح علاوات غلاء، فإن المصريين يضجون بالشكوى من الغلاء الطاحن الذي يلتهم الدخل، ويعجزون معه عن تدبير احتياجاتهم الأساسية.



اكتشاف رأس تمثال لأحد كبار الشخصيات بالعصر البطلمي في الإسكندرية

الرأس المكتشف في الإسكندرية من العصر البطلمي (وزارة السياحة والآثار)
الرأس المكتشف في الإسكندرية من العصر البطلمي (وزارة السياحة والآثار)
TT

اكتشاف رأس تمثال لأحد كبار الشخصيات بالعصر البطلمي في الإسكندرية

الرأس المكتشف في الإسكندرية من العصر البطلمي (وزارة السياحة والآثار)
الرأس المكتشف في الإسكندرية من العصر البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت مصر اكتشاف رأس تمثال رخامي لرجل طاعن في السنّ يعود إلى العصر البطلمي بمدينة الإسكندرية (شمال البلاد)، السبت. واكتشفت الرأس البعثة الأثرية الفرنسية من جامعة ليون والمعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة؛ وذلك ضمن أطلال أحد المنازل العائد تاريخه إلى القرن الـ7 الميلادي، خلال أعمال حفائر البعثة بمنطقة «تابوزيرس ماجنا» على بُعد 45 كيلومتراً غرب الإسكندرية، وفق تصريح وزير السياحة والآثار شريف فتحي.

ويصل ارتفاع الرأس المكتشف إلى 38 سنتيمتراً، وهو أكبر من الحجم الطبيعي لرأس الإنسان؛ ما يشير إلى أنه كان جزءاً من تمثال ضخم قائم في مبني ضخم ذي أهمية سياسية عامة وليس منزلاً خاصاً، كما ورد في بيان للأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور محمد إسماعيل خالد.

ووصف رئيس قطاع الآثار المصرية، محمد عبد البديع، الرأس المكتشف بأنه «منحوت بدقة فنّية عالية بملامح واقعية، وينتمي إلى فنّ التصوير الواقعي الذي ازدهر وانتشر في نهاية الحقبة الهلنستية».

وتشير ملامح الرأس إلى أنه لرجل مسنّ، حليق الرأس، وجهه مليء بالتجاعيد وتظهر عليه الصرامة وعلامات المرض، وفق دراسات مبدئية، أوضحت كذلك أن صاحبه كان من كبار الشخصيات العامة وليس ملكاً، الأمر الذي يشير إلى أهمية موقع «تابوزيريس ماجنا» منذ عصر بطليموس الرابع، فصاعداً.

ويُجري فريق عمل البعثة الأثرية مزيداً من الدراسات على الرأس للتعرُّف على صاحبه، فضلاً عن البدء بأعمال الصيانة والترميم اللازمة له، إذ ذكر رئيسها جواكيم لوبومين أنّ تاريخه يعود إلى 700 عام قبل بناء المنزل الذي وُجد فيه.

وموقع «تابوزيريس ماجنا» من أهم المواقع الأثرية بالساحل الشمالي لمصر، وكانت له قدسية كبيرة في العصرين اليوناني الروماني والبيزنطي. ويحتوي على معبد ضخم خُصِّص لعبادة الإله «أوزير» الذي اشتقَّ منه اسم المدينة.

أطلال المنزل الذي وجدت فيه البعثة الآثارية الرأس (وزارة السياحة والآثار)

وعدّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، اكتشاف رأس تمثال في الإسكندرية «دليلاً جديداً على ثراء العصر البطلمي الفنّي والتاريخي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنّ «الدراسة العلمية الدقيقة ستكشف مزيداً عن تفاصيل هذا التمثال ودوره في تشكيل الهوية الثقافية لمصر البطلمية».

ويحتوي الموقع الأثري «تابوزيريس ماجنا» على عدد من الآثار الثابتة، من بينها معبد أبو صير، ومقابر البلانتين، والجبانة الضخمة الواقعة غرب المعبد وشرقه؛ وكذلك فنار أبو صير الشاهد على هيئة فنار الإسكندرية القديم.

ووصف عبد البصير الرأس المكتشف بأنه «إضافة مهمة لدراسة العصر البطلمي وفنونه. فمن خلال التحليل العلمي المتقدّم، يمكن استكشاف مزيد عن طبيعة ذلك الرأس، سواء كان يمثّل شخصية من البيت المالك أو النخبة الحاكمة. كما يمكن أيضاً مقارنته مع تماثيل أخرى محفوظة في المتاحف العالمية، مثل المتحف اليوناني الروماني في الإسكندرية أو المتحف البريطاني».

ويمثّل فنّ النحت البطلمي أحد أبرز إنجازات تلك الحقبة، إذ استطاع الجمع بين الواقعية اليونانية والرمزية المصرية لخلق أسلوب فنّي مبتكر وجديد. وأوضح عالم الآثار المصري أنّ «رأس التمثال المكتشف حديثاً يسهم في إثراء فهم ذلك الفنّ وتقديم صورة أوضح عن دوره في توثيق التفاعل الثقافي بين مصر واليونان».

وكانت إحدى البعثات الآثارية العاملة في موقع «تابوزيريس ماجنا» قد أعلنت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن اكتشاف مجموعة من اللقى الأثرية والقطع الجنائزية والطقسية التي تبوح بمزيد عن أسرار هذه المنطقة خلال العصر البطلمي المتأخر؛ وكان من بين القطع المُكتشفة رأس تمثال من الرخام لسيدة ترتدي التاج الملكي، ظنَّ مسؤولون في البعثة أنه للملكة كليوباترا السابعة، وهو ما نفاه علماء آثار لعدم تطابق الملامح.