قمة أوروبية ـ أفريقية لإبطاء تيار الهجرة غير الشرعية

باريس تقترح مراكز لـ«فرز» المهاجرين في القارة السمراء

جانب من القمة الأوروبية - الأفريقية التي عقدت في قصر الإليزيه أمس (أ.ف.ب)
جانب من القمة الأوروبية - الأفريقية التي عقدت في قصر الإليزيه أمس (أ.ف.ب)
TT

قمة أوروبية ـ أفريقية لإبطاء تيار الهجرة غير الشرعية

جانب من القمة الأوروبية - الأفريقية التي عقدت في قصر الإليزيه أمس (أ.ف.ب)
جانب من القمة الأوروبية - الأفريقية التي عقدت في قصر الإليزيه أمس (أ.ف.ب)

عقد قادة 4 دول أوروبية رئيسية؛ هي ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا، و3 قادة أفارقة من النيجر وتشاد وليبيا، إضافة إلى «وزيرة» الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، قمة دعا إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، خصصت لبحث ملف الهجرات الأفريقية الكثيفة التي تتدفق على الشواطئ الأوروبية منطلقة في غالبيتها من ليبيا.
وأمل الأوروبيين في «استنساخ» التجربة التي خاضوها مع تركيا لوقف تدفق المهاجرين السوريين عبرها باتجاه اليونان، ومنها صعودا نحو «ممر البلقان» وبلدان غرب وشمال أوروبا. ولذا، فإن الغرض الأساسي للقمة، التي انعقدت بعد ظهر أمس، هو إيجاد السبل التي من شأنها «إبطاء» تيار الهجرة من خلال عملية «فرز» تتم على الجانب الأفريقي بين اللاجئين الذين يحق لهم المجيء إلى أوروبا وبين من يسمون «المهاجرين الاقتصاديين» غير المرغوب بهم أوروبياً. ولم يكن اختيار البلدان الأفريقية الثلاثة محض «صدفة»؛ إذ إنها تشكل «الممر» الطبيعي للراغبين في الوصول إلى أوروبا بحيث يمر عبرها 90 في المائة من هؤلاء.
المبادرة جاءت من الرئيس الفرنسي الذي سيعود بلا شك قبل ظهر اليوم لهذا الملف بمناسبة خطابه أمام سفراء فرنسا عبر العالم. وسبق لماكرون أن نجح أواخر شهر يوليو (تموز) الماضي في جمع رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر في «قمة» برعايته، تمخضت عن «خريطة طريق»؛ أهم بنودها اثنان: وقف القتال، وإجراء انتخابات نيابية ورئاسية في الربيع المقبل.
إلا أن المبادرة الفرنسية قوبلت بفتور أوروبي بسبب سعي باريس لسحب البساط من تحت أرجل الأوروبيين، خصوصا إيطاليا المعنية الأولى بملف الهجرات؛ حيث إن ما يزيد على 400 ألف مهاجر حطوا على شواطئها منذ عام 2015، ومائة ألف خلال الأشهر الثمانية المنقضية. ولذلك، فإن «استبعادها» أثار انتقادات شديدة في المقلب الثاني لجبال الألب.
وهذه المرة، شددت باريس على العمل الجماعي، وعلى وضع بلدان «المصدر» وجها لوجه مع البلدان الأوروبية المعنية أكثر من غيرها بملف الهجرات، بحثا عن خطة تعاون تستجيب لأحد اثنين من التحديات الكبرى لأوروبا؛ وهما الإرهاب والهجرة.
ولم يأت ماكرون إلى قمة أمس خالي الوفاض؛ إذ أعاد طرح اقتراح سبق له أن ذكره الشهر الماضي ويقضي بإنشاء مراكز استقبال أوروبية لفحص طلبات اللجوء في البلدان الأفريقية نفسها، وتحديدا في 3 منها؛ وهي النيجر وتشاد وليبيا. والهدف من المقترح الفرنسي هو الفصل بين من يحق له الهجرة إلى أوروبا، وبين من لا يحق له ذلك. وبالتالي، ردع من يرفض طلبه عن ركوب المخاطر ومحاولة الوصول إلى الشواطئ الأوروبية. وبذلك تكون أوروبا، في حال أنشئت هذه المراكز وتم تشغيلها بشكل مُرض، قد «تخلصت» من عبء استقبال عشرات آلاف المهاجرين غير الشرعيين، واستقبلت فقط الذين يحق لهم اللجوء بموجب القوانين الأوروبية.
بيد أن مقترح ماكرون لم يلق تجاوبا يذكر؛ لا أوروبيا ولا أفريقيا. وجاء الرد الأكثر سلبية من وزير خارجية تشاد، حسين إبراهيم طه، الذي أعلن صراحة أن بلاده تعارض المقترح الفرنسي «لأنه سيجتذب إلى بلادنا الآلاف من طالبي الهجرة، ونحن ليست لدينا القدرة على استقبالهم». ونقلت وكالة «رويترز» أمس عن مسؤول من غرب أفريقيا وصفه مشروع ماكرون بأنه «عبثي»، وأطلقه من غير التشاور مع الجانب الأفريقي.
كذلك، عبرت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان عن معارضتها للمقترح، لأن العمل به يعني عمليا نقض حق الهجرة المعترف به دوليا. لكن أوساط «الإليزيه» رأت في القمة «فرصة لإعادة تأكيد دعم» أوروبا للبلدان الأفريقية الثلاثة، من أجل تمكينها «من السيطرة» على تيارات الهجرة التي تنطلق منها أو تمر على أراضيها.
وتعد باريس، وفق تصريحات لوزير خارجيتها، أن إنشاء مراكز الفرز سيكون أكثر صعوبة في ليبيا «في الوقت الحاضر» بسبب الحالة الأمنية، منها في النيجر وتشاد. وفي أي حال، وعد جان إيف لودريان بتقديم مقترحات «ملموسة» نهاية الصيف الحالي. وتتعاون باريس مع المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة ومع المنظمة العالمية للهجرات بشأن مقترحها. ولخص لو دريان أهداف بلاده بأنها تسعى إلى «حماية طالبي اللجوء، وتلافي حصول مآس في المتوسط، ومواجهة مهربي المهاجرين».
وفي قمة فاليتا بمالطا التي عقدت في 2015، أقر الأوروبيون تقديم 1.8 مليار يورو إلى الأفارقة، الذين يطلبون المزيد. ويعي الاتحاد الأوروبي أن المعالجة «الأمنية» وحدها لا تكفي، بل إن الحل يمر عبر توفير الأمن والاستقرار في بلدان «المصدر» من جهة، وتقديم الدعم المالي والاقتصادي وإيجاد فرص عمل محليا. وجاء في بيان صادر عن مكتب فيديريكا موغيريني، مسؤولة الشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي أن غرض الاجتماع هو «تحسين أوضاع طالبي اللجوء في بلدانهم الأصلية، ومساعدة الراغبين بالعودة إليها، وفتح أبواب الهجرة المشروعة أمام الذين بحاجة للحماية الدولية».
وذهب رئيس النيجر في الاتجاه عينه؛ إذ تعد بلاده أن محاربة الهجرة غير الشرعية يفترض أن تتم على محورين: أمني، وتنموي، داعيا الأوروبيين إلى إقرار تدابير «ملموسة» يكون من شأنها توفير «بدائل» لطلاب الهجرة. والمقصود بالتدابير الملموسة، مزيد من التمويل لمشروعات التنمية الاقتصادية. أما بالنسبة لليبيا، فإن مصادر رافقت الاجتماع أشارت إلى أن الجانب الليبي ممثلا في رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج، يطالب برفع الحظر الأممي عن تصدير السلاح إلى ليبيا، وحجته في ذلك أن السلاح والعتاد ضروريان لفرض الرقابة على الحدود وملاحقة مهربي البشر.


مقالات ذات صلة

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

نقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصادر أمنية، السبت، أن اثنين من رجال الأمن ومهاجرَين قُتلوا بإطلاق نار في لون بلاج بالقرب من مدينة دونكيرك الشمالية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا منظمة «أطباء بلا حدود» تنقذ مئات المهاجرين على متن قارب في البحر الأبيض المتوسط (أ.ب)

بسبب القوانين... «أطباء بلا حدود» تُوقف إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط

أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود»، الجمعة، وقف عملياتها لإنقاذ المهاجرين في وسط البحر الأبيض المتوسط بسبب «القوانين والسياسات الإيطالية».

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي مهاجرون جرى إنقاذهم ينزلون من سفينة لخفر السواحل اليوناني بميناء ميتيليني (رويترز)

اليونان تعلّق دراسة طلبات اللجوء للسوريين

أعلنت اليونان التي تُعدّ منفذاً أساسياً لكثير من اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي، أنها علّقت بشكل مؤقت دراسة طلبات اللجوء المقدَّمة من سوريين

«الشرق الأوسط» (أثينا)
العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

جزر الباهاماس ترفض اقتراح ترمب باستقبال المهاجرين المرحّلين

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن جزر الباهاماس رفضت اقتراحاً من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب المقبلة، باستقبال المهاجرين المرحَّلين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.