«الشرق الأوسط» في مهرجان فينيسيا السينمائي (1): ‬مهرجان فينيسيا السينمائي يتصدر موسم المهرجانات والجوائز

7 أفلام من هوليوود تتنافس على «الأسد الذهبي» من بين 21 فيلماً

من فيلم زياد الدويري «القضية»
من فيلم زياد الدويري «القضية»
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان فينيسيا السينمائي (1): ‬مهرجان فينيسيا السينمائي يتصدر موسم المهرجانات والجوائز

من فيلم زياد الدويري «القضية»
من فيلم زياد الدويري «القضية»

توفر الدورة الجديدة من مهرجان فينيسيا السينمائي هذا العام، عدداً أكبر من الأفلام الأميركية داخل المسابقة عما اعتادت عليه دورات هذا المهرجان الإيطالي السابقة، وبل أكثر مما عرضه مهرجانا برلين و«كان» في مسابقتي دورتيهما هذا العام. فهناك سبعة أفلام في مسابقة هذا المهرجان الإيطالي - الدولي الأعرق بين أترابه وهو يحتفل بالسنة 74 من عمره.
إذ ينطلق في الثلاثين من هذا الشهر ويتوقف في الحادي عشر من الشهر المقبل، يسوق إلى صانعي السينما أينما كانوا آخر مجموعة من الأفلام الكبيرة التي تم إنتاجها هذه السنة. ليس أنه لا يترك شيئاً يُذكر لمهرجانات السينما اللاحقة هذا العام فقط، بل يشكل محطة ثالثة وأخيرة بين المحطات الأوروبية الثلاث الأكبر في هذا المجال لجانب برلين، الذي يقام في مطلع كل سنة، و«كان» الذي يقام في ربيع العام.
سبعة أفلام من إنتاج أميركي «هوليوودي ومستقل» تتنافس على «الأسد الذهبي» من بين 21 فيلماً في المسابقة الرسمية وأكثر منها موزع في المسابقات الموازية أو في العروض الأخرى خارج المسابقات. والسبب هو أن موقع المهرجان، زمنياً، يتناسب وبدء الحملات الإعلامية التي تواكب الأفلام الجديدة في مطلع الموسم المعروف بموسم الجوائز. وسواء إذا كنا ننظر إلى جوائز «غولدن غلوبس» أو إلى جوائز الأوسكار أو الـ«بافتا» أو سواها، فإن تمركز فينيسيا عند الأيام الأخيرة من أغسطس (آب) والأيام العشرة الأولى من سبتمبر (أيلول) يمنحه تلك النافذة العريضة على ما سيصول ويجول في الأشهر اللاحقة حتى فبراير (شباط) المقبل.
«فينيسيا» ليس وحيداً في هذا المضمار. هو المهرجان الأول - أوروبيا - بالنسبة لحشد ما سيشغل الموسم المقبل من أفلام، لكن مهرجانا تورنتو الكندي وتليورايد الأميركي يصاحبانه في هذا الصدد. وما سنشاهده هنا من أفلام أميركية، أو حتى غير أميركية، سيعرض، في غالبه، في مهرجان تورنتو وقليل منه في مهرجان تيليورايد الذي بات، خلال سنواته الثلاث الأخيرة، مفتاحاً آخر مهماً من مفاتيح الموسم السينمائي الجديد.
ولا يمانع مدير المهرجان ألبرتو باربيرا ذلك على الإطلاق، فيقول لصحيفة «فاراياتي» المعروفة (التي عادة ما ينقل البعض عنها في الشرق والغرب من دون إشارة لها): «أنا سعيد إذا عرض أحد اختياراتي في أحد هذين المهرجانين» هذا لأن «فينيسيا»، كما يمكن لنا أن نضيف، يصبح بذلك أكثر حتمية وأهمية مما كان عليه سابقاً وبالمواكبة مع مهرجان تورنتو الذي لديه، عموماً، دور أكبر في تصريف أفلام الموسم من أي مهرجان آخر سواه.
لإيضاح الصورة قليلاً أكثر، فإن ما يهم هوليوود من المهرجانات الدولية الدعاية لأفلامها ثم تصريف هذه الأفلام ومؤازرتها في نطاق ما يلي من جوائز تمنحها المؤسسات الكبيرة منها والصغيرة. هذا يؤمنه مهرجان تورنتو خير تأمين، كون نصف هوليوود وإنتاجاتها تنتقل إلى هناك لتلتقي بنصف آخر قادم من شتّى أنحاء العالم.
الخطة التي قام مدير المهرجان باربيرا بتحقيقها بروية وذكاء خلال السنوات القليلة الماضية لتتبلور فعلياً هذه السنة، اقتضت ضم مهرجان فينيسيا إلى المناسبات التي يتم فيها اتخاذ القرار الهوليوودي بالمشاركة الفعالة. «برلين» يأتي (في فبراير) متأخراً. «كان» يناسب الأفلام المستقلة تماماً، وبالتالي لا تعني مسابقته شيئاً يُذكر لهوليوود، بل تستفيد منه إذا ما كان أحد الأفلام غير المتسابقة على موعد مع بداية عروضه الصيفية في الشهر ذاته.
هذا يترك المجال واسعاً وحرّاً للمهرجان الإيطالي لكي يصول ويجول، معتمداً على حاجة هوليوود لتوزيع أفلامها في أوروبا والتحضير الإعلامي المكثف لها، ومؤمّناً لها الحشد الكبير من الإعلاميين والنقاد كما السمعة العريقة التي جعلته اليوم أحد الثلاثة الأكبر بين مهرجانات السينما حول العالم.
- تلاؤم
لكن اختلاف هذه الدورة عن دورتي «كان» وبرلين الأخيرتين يبدأ قبل الفوز عليهما بعدد المعروض من الأفلام الأميركية فبينما اختار برلين افتتاح دورته الأخيرة بفيلم فرنسي هو «دجانغو» لإيتيان كومار، وواكبه مهرجان «كان» بتقديم فيلم فرنسي آخر لافتتاح دورته الأخيرة، هو «شبح إسماعيل» لأرنو بلشان، فإن فينيسيا يواصل ما بدأه في السنوات الأخيرة من رصد فيلم أميركي للافتتاح. وهذا العام اختار فيلماً يجمع بين استقلالية المخرج وهيكلية الجهة المنتجة وهو «تصغير».
المخرج هو ألكسندر باين الذي كان توجه بآخر ما حققه من أفلام («نبراسكا»، 2013) إلى مهرجان «كان» والشركة المنتجة هي باراماونت ذاتها التي ستضم هذا الفيلم لبعض إنتاجاتها المقبلة في سبيل دفع مكانتها إلى الصدارة.
في هذا الإطار، فإنه من الملاحظ أن اختلاف مهرجان فينيسيا عن مهرجاني برلين و«كان» المنافسين الدائمين هذا العام ينطلق منذ بدايته. ففي حين اختار المهرجانان الألماني والفرنسي فيلمين فرنسيين للافتتاح («دجانغو» لإيتيان كومار في برلين و«شبح إسماعيل» لأرنو دبلشان في «كان»)، يفتتح «فينيسيا» دورته الجديدة بفيلم أميركي ما يتطابق ويتلاءم مع سياسته الرامية لأن يصبح رأس الرمح في التشكيلة الفنية الواثبة إلى موسم المهرجانات.
أما الأفلام الأميركية الأخرى التي سيعرضها مهرجان فينيسيا في مسابقته الأولى فهي «مصلح أول» (First Reformed) لبول شرادر و«لوحات ثلاث خارج إيبينغ، ميسوري» لمارتن مكدوناف، و«أم» لدارن أرونوفسكي و«سيبوربيكون» (وهو اسم المدينة الخيالية التي تقع فيها الأحداث)، ثم «شكل الماء» لغويلرمو دل تورو و«دفق بشري» وهذا الأخير لمخرج صيني هو آي وايواي لكنه من إنتاج أميركي (شركة أمازون).
- هويات مختلفة
خارج هذا النطاق الأميركي، وهناك سواه، تتقدم الأفلام المشاركة في سيل متنوع من الاهتمامات. هنا نلحظ مرّة أخرى أنه في حين يحاول المهرجانان المنافسان برلين و«كان» رفع لافتات تعكس طينة الاهتمامات التي تشكل ناصية عروض كل منهما، يتحرر «فينيسيا» من المسميات ويشمر عن ساعديه وينطلق للعمل.
على سبيل المثال، يعتبر برلين نفسه، وعن حق، المهرجان الذي لا يزال يطرح شؤون العالم الاجتماعية والإنسانية والسياسية على نحو ثابت، وذلك منذ أن كانت مدينة برلين محطة لقاء بين الشرق والغرب الأوروبيين.
أما «كان» فقد تبارى في العامين الماضيين لإثبات أن عروضه السينمائية لا تحيد النساء بعيداً، بل إن مسابقته تهتم بضم المخرجات من دون تمييز.
في «فينيسيا» لا تشكل التسميات واللافتات أي أهمية. هو يجمع، تلقائياً بين المخرجين والمخرجات ويحتوي على أفلام كثيرة تطرح قضايا آنية، لكنه لن يتصرّف كما لو كان ذلك أمراً استثنائياً يستحق التوقف عنده.
لهذا، على المراقب أن ينتبه إلى أن ما يبحث عنه موجود، لكنه مغلف بالنية لتقديم حالة فنية ثابتة لا تتدخل فيها الأجندات السياسية الجانبية. خذ مثلاً فيلم زياد الدويري الجديد «القضية 23» (أو «الإهانة» كما اختير العنوان الفرنسي له) الذي شق طريقه إلى المسابقة هذا العام كأحد الأفلام الـ21 التي تحفل بها مسابقة «فينيسيا». هو فيلم قضية تملأ شواغل الكثيرين حول ما هو ثابت ومتحوّل في الوضع العربي. ربما، ونحن لم نرَ الفيلم بعد، يجيب على خلفيات ما وقع في لبنان، بل ما يقع في سواه من دول الجوار لكن لا أحد يقدمه على هذا الأساس بل كأحد أفضل ما وجده مدير المهرجان متوفراً من أفلام السنة.
بالنسبة للمخرج الدويري هو عودة إلى الموقع اللبناني الذي عالجه في «بيروت الغربية» سنة 1998 على مستوى الموضوع (أحداث الفيلم الذي تصوّر نزاعاً بين مسيحي لبناني ومسلم فلسطيني) كما على مستوى مكان التصوير، وذلك بعد سلسلة أعماله التي قادته إلى مناطق أخرى بينها الأراضي المحتلة لتصوير فيلم «الهجوم» الذي حصد عليه هجوماً من الوسط الإعلامي بصرف النظر عما أراد المخرج طرحه في ذلك الفيلم.
على أن «القضية 23» فيلم فرنسي الإنتاج، ولو أن العادة المتبعة اليوم في المحافل التغاضي عن التمويل إذا ما كان ذلك سيعترض هوية الفيلم، خصوصاً في المحافل الدولية. على سبيل المثال هنا، عندما وجدت السينما الفرنسية أن «أيام المجد» للمخرج الجزائري رشيد بوشارب، الذي هو إنتاج فرنسي كامل، مؤهل لدخول مسابقة الأوسكار في قسم أفضل فيلم أجنبي، قامت، بموافقة المخرج، بترشيح الفيلم تحت علم الجزائر واختارت فيلماً فرنسياً آخر يمثلها في الترشيحات (ولو أن ذلك لم يمكنها من دخول المسابقة أسوة بفيلم بوشارب حينها).
الحال ذاته مع الفيلم المقدّم باسم إسرائيل في مسابقة المهرجان الإيطالي هذا العام. الفيلم هو «فوكستروت» ويتناول قضية إسرائيلية بحتة يوفرها المخرج الإسرائيلي سامويل مواز، ذاك الذي حقق من قبل «لبنان» ونال عنه الجائزة الأولى هنا قبل نحو ست سنوات. لإنتاج الفيلم لجأ المخرج ومجموعة منتجيه إلى الشركة الألمانية «ذا ماتش فاكتوري» وحصل على موافقتها. في الواقع، وبمراجعة المعلومات المتوفرة للفيلم، ليست هناك من اسم شركة إسرائيلية على هذا الفيلم، بل فقط الشركة الألمانية المذكورة.
لا يعني ذلك عدم وجود مشاركات إسرائيلية وفرنسية في تحقيق هذا الفيلم، كما يعلن موقع الفيلم، لكن المسألة تتعلق بظاهرة عامّة تعاد للعلن في مهرجانات اليوم كافة. كذلك ليس «فوكستروت» هو الفيلم الوحيد الآتي من إسرائيل بل هناك اشتراكان معروضان في قسم «آفاق» هما «ابن العم» لتزاهي غراد و«الشهادة» لأميشاي غرينبيرغ.
في التظاهرة ذاتها فيلمان من إيران هما «لا تاريخ، لا توقيع» لفهيد جليلوند و«اختفاء» لعلي أصغري.
-بانوراما إنسانية
وفي حين تخلو هذه التظاهرة من أفلام أميركية (باستثناء فيلم واحد مستقل بعنوان «اغتضاب ريسي تايلور» لنانسي بوريسكي)، تمتلئ بأفلام أوروبية ولاتينية متعددة. ليس من بينها ما شوهد في مهرجان آخر من قبل، لذا من الصعب الحديث عن ملامحها أو ما قد تحمله من مضامين وإذا ما كانت هذه المضامين على درجة مهمّة أو لا.
على أن القول، آنفاً، من أن المهرجان لا يصدح باهتماماته بل يقوم بتوفيرها على نحو فعلي بعيد عن الصخب، لا يعني أنه لا يمتلك مثل هذا القضايا. لكن على المرء توسيع رقعة مشاهداته لكي يدرك تعدد وحجم المواضيع المتوفرة.
ما نعرفه بالنظر إلى أفلام المسابقة، التي - رغم أهمية ما عداها - تبقى الواجهة الأولى هو أن موضوع الهجرات من موطن إلى آخر والتغييرات المصاحبة لها تشكل جانباً مهماً مما سيعرضه المهرجان في دورته هذه. ولعل الفيلم الذي تدعمه شركة «أمازون» تحت عنوان «دفق بشري» هو الفيلم المرشح ليكون الأكثر مدعاة للاهتمام في هذا الشأن.
إنه فيلم تسجيلي من 140 دقيقة تتحدث عن اللاجئين الفارين من بلادهم (تتحدث مصادر الأمم المتحدة عن 65 مليون نازح ولاجئ حول العالم اليوم) وتسبر غور الوضع في 23 بلد. هناك مقابلات ومشاهد ملتقطة في العراق وفي سوريا وفي تركيا وفي كينيا والأردن وغزة التي تصفها إحدى الفتيات بـ«السجن الكبير».
مخرج الفيلم آي وايواي سينمائي تسجيلي تكتنز أفلامه (مثل «بينكينغ 2003» و«أوردوس 100» و«إخلال سلام») قضايا إنسانية متعددة، لكن هذا الفيلم هو أكبر أعماله وأكثرها طموحاً كما يتبدّى حتى الآن.
في الصميم أيضاً مشكلات العائلة مما يعني أن بعض الأفلام المعروضة ستحتوي على عدد من الدراميات حول هذا الموضوع. المشكلة التي تتصدى لها هذه الأفلام هي النزعات المختلفة ليس فقط بين عائلات حديثة العهد بل بين تلك المؤسسة منذ عقود كما الحال، على سبيل المثال في فيلم «إيللا وجون» وهو فيلم إيطالي تم تصويره في الولايات المتحدة من بطولة هيلين ميرين ودونالد سذرلاند.
وبعد شكوى الصحافة الإيطالية من عدم وجود أفلام إيطالية على نحو كاف في السنوات الماضية، هناك جعبة كبيرة منها هذه الأيام من بينها أربعة في المسابقة وهي من أصل 29 فيلم إيطالي تم توزيعه على أقسام المهرجان المختلفة. أحد هذه الأفلام يأتي تحت عنوان «طالب الرفاهية» لباولو فيرزي وآخر معروض بعنوان «هانا» لأندريا بالاورو. هذا الأخير من بطولة شارلوت رامبلينغ في دور هانا، المرأة التي دخل زوجها السجن فبقيت وحيدة وما لبثت الوحدة أن أثرت على قدراتها الذهنية.
في مواجهتها، تتقدم حفنة من الأفلام الفرنسية من بينها «الفيللا» لروبير غويديغيان و«الحجز» لإكزافيير ليغران وكلاهما معروضان في المسابقة الرسمية. خارجها «اللحن» لرشد حامي و«مارفن» لأن فونتان.
في المسابقة أيضاً الفيلم الفرنسي الجديد للمخرج عبد اللطيف كشيش الذي كان أنجز «الأزرق اللون الأكثر دفئاً» قبل ثلاث سنوات. ذاك الذي عرى فيه بطلتيه وحام فوق جسديهما في شبق عجيب. هنا يبتعد بموضوعه عن تلك المعالجة لكنه لا يبتعد عن الشهوة ذاتها. حكاية شاب من ذوي الأصول العربية أسمه أمين (يؤديه شاهين بومدين) امتهن كتابة السيناريو وهناك منتج (لو لوتياو) يتبنى العمل إلى حين يلحظ أن زوجته مولعة بذلك الشاب.
وإذا كان الافتتاح أميركياً ممثلاً بفيلم مرح ومن بطولة ممثلين معروفين هما مات دامون وكرستين ويغ، فإن فيلم الاختتام سيكون من تلك الصاخبة التي يقدم عليها ويقوم بتمثيلها الياباني تاكيشي كيتانو. عنوانه «شفرة السخط» ويتعامل مع حلقة جديدة مما يرد في أفلام المخرج حول صراع عائلات الياكوزا اليابانية.
-- أخبار المهرجانات
- تم يوم أول من أمس (الأحد) عقد أول مؤتمر صحافي لمهرجان «الجونة» الذي سيقام في شرم الشيخ ما بين الثاني والعشرين والتاسع والعشرين من شهر سبتمبر المقبل. كشف رئيسه رجل الأعمال والإعلامي نجيب سايروس عما يأمله من وراء هذا المهرجان وما ستعنيه إقامته في هذه المنطقة السياحية المعروفة.
- من ناحيته قام مدير المهرجان انتشال التميمي بتناول الجانب التنظيمي للمهرجان متحدثاً عن سبب اختيار تلك الفترة المحددة لإقامة المهرجان فأشار إلى أن اختيارها تم ليتسنى للمهرجان جلب أفلام من تلك التي يعرضها مهرجان فينيسيا ومهرجان تورنتو. لكنه أشار كذلك أن اختيار عروض الأفلام الأجنبية كان بدأ منذ مطلع السنة، فمن بين ما تم اختياره أفلام عرضها مهرجان برلين السينمائي بينها رابح الجائزة الفضية «الجانب الآخر من الأمل» لأكي كوررسماكي. وهناك فيلمان على الأقل تم اختيارهما من مهرجان فينيسيا هما «القضية 23» لزياد الدويري و«دفق إنساني» لآي وايواي. والجدير بالذكر إلى أن نجيب سايروس كان من بين داعمي مهرجان «القاهرة السينمائي» قبل أن يقرر إقامة هذا المهرجان الجديد.
- من ناحيته أعلن في القاهرة عن أن وزارة الثقافة وافقت على زيادة دعمها المالي لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي سيقام في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وذلك بعدما أدى تقلص المعونات الحكومية في العام الماضي إلى عجز في الميزانية ما تسبب عنه مشكلات إدارية واقتصادية كان المهرجان بغنى عنها.
- مهرجان مالمو للسينما العربية الذي سيقام ما بين 6 أكتوبر (تشرين الأول) وحتى العاشر منه، قرر اختيار فيلم الفيلم التونسي «على كف عفريت» لكوثر بن هنية ليكون فيلم الافتتاح. وكان الفيلم شهد عرضه العالمي الأول في إطار مهرجان «كان» الماضي.


مقالات ذات صلة

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».