القوات العراقية تقترب من تحرير تلعفر بالكامل

استعادت مركز المدينة وقلعتها التاريخية وقتلت مئات المسلحين

جانب من المعارك بين القوات العراقية ومسلحي «داعش» في تلعفر أمس (رويترز)
جانب من المعارك بين القوات العراقية ومسلحي «داعش» في تلعفر أمس (رويترز)
TT

القوات العراقية تقترب من تحرير تلعفر بالكامل

جانب من المعارك بين القوات العراقية ومسلحي «داعش» في تلعفر أمس (رويترز)
جانب من المعارك بين القوات العراقية ومسلحي «داعش» في تلعفر أمس (رويترز)

اقتربت القوات العراقية، أمس، من تحرير مدينة تلعفر بالكامل، بعد أن حررت غالبية أحياء ومناطق المدينة في نحو أسبوع من المعارك بإسناد من طيران التحالف الدولي والقوة الجوية العراقية، بينما تواصلت المعارك في الأحياء التي ما زالت خاضعة لسيطرة التنظيم الذي يستخدم الانتحاريين والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة لإعاقة تقدم القوات الأمنية في المدينة.
وقال متحدث باسم الجيش العراقي إن القوات العراقية على وشك السيطرة بالكامل على تلعفر. وأضاف المتحدث لوكالة «رويترز»: «تلعفر على وشك أن تسقط بأيدي القوات العراقية ولم يبقَ منها إلا 5 في المائة بيد تنظيم داعش الإرهابي».
بدوره، قال قائد عمليات «قادمون يا تلعفر»، الفريق قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يار الله، إن «قوات مكافحة الإرهاب حررت حي القلعة وبساتين تلعفر وترفع العلم العراقي أعلى بناية القلعة». واستدرك قائلاً: «العمليات العسكرية مستمرة لحين إكمال ناحية العياضية والمناطق المحيطة». وتقع ناحية العياضية على بعد 15 كلم شمال مدينة تلعفر وإليها انسحب معظم عناصر التنظيم أمام تقدم القوات العراقية وفصائل الحشد الشعبي التي تقاتل إلى جانبها. وردد القادة العسكريون في الجبهة أن استعادة السيطرة على تلعفر ستكون أسرع بكثير من الموصل، ووعدوا بإمكانية الاحتفال بالنصر قبل عيد الأضحى.
في غضون ذلك، أعلن قائد قوات جهاز مكافحة الإرهاب، الفريق الركن عبد الغني الأسدي، من قلعة تلعفر التاريخية إتمام قوات مكافحة الإرهاب لجميع مهامها، «بعد أن حققت الأهداف المرسومة لنا حسب خطة تحرير المدينة». وأضاف الأسدي في تصريح للقناة الرسمية «العراقية»: «نحن الآن في قلعة تلعفر وجامع الدولة الكبير ويقع خلفنا مبنى قائمقامية تلعفر التي فجرها مسلحو (داعش) بالكامل، وكذلك مراكز الشرطة».
إلى ذلك، أعلنت قيادة قوات الشرطة الاتحادية أن قطعاتها أنهت تحرير كل المناطق الواقعة ضمن محورها في تلعفر، كاشفة عن إحصائية بخسائر التنظيم منذ انطلاقة عملية تحرير المدينة وأطرافها في 20 أغسطس (آب) الحالي وحتى أمس. وبحسب هذه الإحصائية بلغت أعداد قتلى «داعش» 242 مسلحاً من بينهم 6 قناصين، بينما بلغت أعداد السيارات المفخخة التي دمرتها قطعات الشرطة الاتحادية 15 سيارة مفخخة، وفجرت في الوقت ذاته 148 عبوة ناسفة زرعها مسلحو التنظيم وفككت 154 عبوة أخرى، وعثرت خلال تقدمها على كميات من الأسلحة والأعتدة التابعة للتنظيم. وقال قائد قوات الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، أمس: «حررت قطعاتنا 16 قرية وحياً في قضاء تلعفر، من بينها أحياء الربيع والقادسية الأولى والثانية وسعد والوحدة والكفاح».
من جهته، قال الملازم الأول محمد الربيعي، الضابط في قوات جهاز مكافحة الإرهاب، لـ«الشرق الأوسط»: «استعادت قطعات الجهاز السيطرة على مركز قضاء تلعفر وقلعتها التاريخية وقتل أغلب مسلحي التنظيم، بينما هرب من تبقى منهم إلى داخل الأحياء التي ما زالت خاضعة لهم في المدينة».
وكشف قادة عسكريون أن معارك تحرير تلعفر أسفرت حتى الآن عن مقتل نحو 400 مسلح من التنظيم، بينهم عرب وأجانب، مبينين أن من تبقى من مسلحي «داعش» في المدينة باتوا أمام خيارين، إما وضع السلاح والاستسلام أو القتل.



​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
TT

​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)

كان الصياد اليمني محمد يحصل بسهولة على رزقه اليومي، وتوفير احتياجات أسرته الغذائية، حيث يذهب إلى البحر في سواحل محافظة شبوة الواقعة إلى الشرق من مدينة عدن، لكن هذا الأمر أصبح صعباً بعد أن اضطر للجلوس بجوار طفله الذي أصيب بالكوليرا.

تعلّم محمد الصيد في سن مبكرة، وورث معرفة البحر من أسلافه، ويُكافح لتوفير احتياجات أسرته المكونة من تسعة أفراد، حيث تقع قرية حورة التي يسكنها على بُعد 50 كيلومتراً من أقرب مركز طبي، وكانت هذه الرحلة تمثل سفراً مرعباً لمعظم القرويين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف التنقل أو العلاج. ويقول الرجل إنه عندما يمرض أحد من السكان، يصبح توفير الرعاية الصحية اللازمة له عبئاً ثقيلاً.

اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا بعد تسجيل أكثر من 100 ألف إصابة (الأمم المتحدة)

وتؤكد الأمم المتحدة أن عودة انتشار الكوليرا تسبب في تسجيل عشرات الآلاف من حالات الاشتباه، منها أكثر من 30 ألف حالة منذ بداية العام، ورصدت ازدياد عدد الحالات في محافظة شبوة بشكل مُلاحظ ضمن أكثر الفئات ضعفاً ممن لديهم وصول محدود للخدمات الصحية الأساسية أو ليس لهم القدرة على الوصول إلى هذه الخدمات أصلاً.

وفي حين أن الأمطار الغزيرة والفيضانات زادت من انتشار الكوليرا، يذكر الصياد أنه شهد وفاة امرأة في الطريق إلى أقرب مركز صحي بسبب توقف الحركة بفعل الفيضانات الأخيرة، ولهذا ذكرت المنظمة الدولية للهجرة أنها استجابت لهذه الأزمة وقامت بإعادة فتح مركز «حورة» الطبي الذي صُمم لمعالجة مجموعة واسعة من المشكلات الصحية، مع التركيز بشكل رئيسي على الكوليرا.

تطوع مجتمعي

بينت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير حديث أنه وفي سبيل تمكين المجتمعات أسهمت جهودها في مكافحة الكوليرا بأكثر من مجرد تقديم الخدمات الطبية، حيث حشدت فريقها من متطوعي المجتمع المحلي لرفع الوعي بمكافحة الوباء، والالتزام بمساعدة المجتمعات في إدارة مواجهة تفشيه.

وتقول المتطوعة جميلة إنها تأثرت بشدة بمعاناة المجتمع، لذا قررت أن تصبح عاملة صحية لمساعدتهم. وذكرت أنه وطوال فترة تفشي الكوليرا تضمنت الأهداف الرئيسية تقديم الخدمات الصحية الأساسية، وتحسين الثقافة الصحية للمجتمع، والترويج لممارسات الصحة العامة، من خلال المتطوعين الذين ساعدوا بشكل كبير في تقديم الإرشادات الصحية العامة.

متطوعون يمنيون يتولون توعية السكان بطرق الوقاية من الكوليرا (الأمم المتحدة)

ووفق التقرير الأممي، فإن تغيير ممارسات المجتمع والتأسيس لعادات جديدة كانت مهمة مليئة بالتحديات، ولكن هِمّة المتطوعين كانت عالية، وإنه ومن خلال الزيارات المنزلية، شجعوا العائلات على تنفيذ أنشطة تحمي صِحتهم وسلامتهم، ابتداء من الترويج للوعي بنظافة اليدين وانتهاء بالدعوة لتطبيق ممارسات المياه النظيفة، وتعزيز الشعور بالمسؤولية الجماعية.

وبحسب الهجرة الدولية بدأت فرق التطوع أنشطتها في مركز «حورة» الطبي، ولكن تفشي الكوليرا تعدى سكان القرية، حيث أثر أيضاً على المهاجرين من القرن الأفريقي الذين يواجهون تحديات كبيرة في الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية، وللتعامل مع هذه الاحتياجات طلبت المنظمة مساعدة فرقها الطبية المتنقلة الموجودة على طرق الهجرة الرئيسية.

تعاون وثيق

طبقاً لما ذكرته منظمة الهجرة الدولية، فإنها وبالتعاون الوثيق مع وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن والمكاتب الصحية المحلية، وسّعت جهودها بشكل مستمر لتقديم المساعدات الفورية للمناطق المتأثرة بالكوليرا والإسهال المائي الحاد.

وتضمنت استراتيجية المنظمة إيجاد خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة داخل المراكز لمنع انتقال العدوى بين المرضى والطاقم الطبي. وتقديم أجهزة الكلورة ذاتية العمل، ومواد معالجة المياه، وحقائب النظافة والتعامل مع الكوليرا للمجتمعات الضعيفة.

وزير الصحة اليمني يتفقد مركز عزل الكوليرا في محافظة أبين (إعلام حكومي)

وتبين «الهجرة الدولية» أن المتطوعين في مركز «حورة» الطبي تعاملوا مع المشاكل الصحية الفورية بخاصة الكوليرا، ولم يقتصر دورهم على إحداث تغيرات إيجابية لتعزيز الرعاية الصحية للجماعات الضعيفة فحسب، ولكن ومنذ بدء التفشي، كان المتطوعون يقدمون خدمات الرعاية الصحية والجلسات التثقيفية للنساء والأطفال والرجال الذين لطالما حُرموا من هذه الخدمات في السابق.

وتواصل الحكومة اليمنية الكفاح بالتعاون مع المنظمات الدولية لمواجهة هذا الوباء، خاصة مع بدء موسم الأمطار الحالي، إذ سارعت إلى افتتاح مراكز لعلاج حالات الإصابة بالكوليرا في جميع المحافظات الخاضعة لسيطرتها، إلا أن الحوثيين يواصلون التكتم على أرقام الإصابات ويرفضون تخصيص مراكز لعلاج هذا الوباء.

وتظهر أحدث بيانات منظمة الصحة العالمية أن عدد الإصابات في مناطق سيطرة الحوثيين بلغت أكثر من 93 ألف حالة، حتى مطلع شهر يوليو (تموز) الحالي، فيما تم تسجيل بقية الحالات وتمثل نسبة 17 في المائة في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.