تقرير اقتصادي: النفط الصخري سيحد من تذبذب الأسعار وتراجعها لما دون 100 دولار

مركز «السياسات البترولية» يؤكد أن دوره سيكون معززا لاستقرار السوق أكثر من منافس

تقرير اقتصادي: النفط الصخري سيحد من تذبذب الأسعار وتراجعها لما دون 100 دولار
TT

تقرير اقتصادي: النفط الصخري سيحد من تذبذب الأسعار وتراجعها لما دون 100 دولار

تقرير اقتصادي: النفط الصخري سيحد من تذبذب الأسعار وتراجعها لما دون 100 دولار

وصف التقرير السنوي الذي يصدره مركز السياسات البترولية والتوقعات الاستراتيجية (CPSS)، وهو مركز سعودي متخصص في المجال النفطي، تأثيرات النفط الصخري على أسواق الطاقة العالمية بالمحدودة على المدى البعيد، وخلص إلى أن تأثيراته الإيجابية أكثر من سلبياته في المجمل. وتناول المركز الذي يديره الدكتور راشد أبانمي، الخبير النفطي السعودي، في تقريره السنوي، موضوع النفط والغاز الصخري وطفرة إنتاجه في أميركا الشمالية لعام 2013. نظرا لتبوؤ هذا الموضوع صدارة الأحداث العالمية، خصوصا شؤون الطاقة لهذا العام. واعتبر التقرير أن النفط الصخري سيكون عامل ضبط للأسعار وصانعا لاستقرار الأسعار في السوق النفطية أكثر من تهديده للنفط التقليدي على المدى المتوسط على الأقل. واعتمد المركز في هذه الفرضية على كلفة استخراج النفط الصخري التي تتراوح بين 80 و85 دولارا للبرميل، في حين تتراوح تكلفة إنتاج البرميل في السعودية؛ أكبر بلد منتج للنفط، بين ثلاثة وستة دولارات، هذا من ناحية التكلفة فقط، بينما من الناحية الفنية والإنتاجية يؤكد التقرير أنها ترجح لصالح النفط التقليدي. ويقارن التقرير حجم الاستخراج الفعلي من النفط الصخري، الذي لا يتجاوز في الفترة الراهنة 5% من مجمل الاحتياطي، بينما تصل نسبة الاستخراج الفعلي من الخام العربي «الخام السعودي» 75% من حجم الاحتياطي الفعلي. وتوصل التقرير الذي صدر في 200 صفحة، وخص المركز «الشرق الأوسط» بملخص عنه، إلى أنه من المستبعد جدا مقارعة البترول الخام الذي يبلغ تكلفة إنتاجه في السعودية مثلا ثلاثة إلى ستة دولارات لإنتاج البرميل الواحد، مما يعني أن انخفاض سعر البترول إلى سبعين دولارا للبرميل الواحد في الأسواق العالمية مثلا، سيؤثر حتما في إنتاج الزيت الصخري بل ربما يلغي جدواه الاقتصادية. ويقول التقرير إن أسعار السوق تضع الجميع أمام حقيقة مهمة، يجب الانتباه إليها وهي أن إنتاج الزيت الصخري وتسويقه في الأسواق العالمية سينعكس إيجابا على أسعار البترول التقليدي، على اعتبار أن تسويق الزيت غير التقليدي سيعتبر رافدا إيجابيا لمستوى أسعار البترول للدول المصدرة للنفط بشكل عام، وبخاصة لمنظمة أوبك، ويصب في مصلحتها نظرا لتكلفة إنتاج الزيت الصخري العالية، التي ستجعل منه، عند اقتحامه للأسواق النفطية، عامل استقرار لأسعار النفط، حيث إنه سيشكل حدا أدنى لأسعار البترول لا يقل عن تكلفة إنتاج الزيت الصخري. ويضيف التقرير، أي أنه سيكون عاملا مساعدا على استقرار أسعار السوق النفطية فوق حاجز 80 دولارا، وهي تكلفة إنتاج النفط الصخري التي بطبيعة الحال لن تنخفض أسعار البترول عنها، على أقل تقدير، إذا ما قدّر للنفط الصخري الاستمرارية في الإنتاج. ويخلص التقرير إلى أن إنتاج النفط الصخري وتسويقه في الأسواق العالمية لن يشكل تحديا على أوبك أو على سياسات المملكة العربية السعودية البترولية، بل على العكس فإن التحدي الحقيقي هو في ذاته الذي يواجهه النفط الصخري حتى لو تطورت الإمكانات لإنتاجه وتخفيض تكلفته، لأن أضرار استخراجه وتكلفته البيئية على المياه الجوفية والزراعة وعلى صحة الإنسان والحيوان على المديين المتوسط والبعيد كبيرة جدا، وربما أكبر من المخاطر التي تسببها المفاعلات النووية، التي كانت في فترة من الفترات ثورة في عالم الطاقة، وتوهم العالم حينها أنها البديل الأرخص للبترول. على هذه البيانات والحقائق والتحليلات أسس مركز السياسات البترولية والتوقعات الاستراتيجية لعام 2013 نظرته بأن إنتاج النفط والغاز الصخري والتحول السريع المفاجئ في مجال الطاقة هو في حقيقته طفرة أكثر من كونها ثورة، وسيكون تأثيرها على أسواق النفط محدودا في بعض النواحي، وربما إيجابيا في نواح أخرى كرافد وداعم لمستوى الأسعار في السوق النفطية. وبيّن التقرير أن حزمة من التطورات والتحولات شهدها العالم خلال عام 2013، ‬شكلت في مجملها - ‬على نحو لافت‮ - ‬منعطفات مفصلية في القضايا والملفات المتعلقة بها، وبيّن أن هذه التحولات كانت نتائج حتمية لتأثيرات وارتدادات الأزمة المالية العالمية لعام 2008، وعلى وجه الخصوص الزيادة الهائلة والمتصاعدة في الين الأميركي والعجز في ميزان المدفوعات، خصوصا تكلفة الطاقة.‬‬‬ ويشير التقرير إلى كون الولايات المتحدة أكبر مستهلك للنفط في العالم، حيث يبلغ استهلاك الطاقة للفرد الواحد نحو ثمانية أطنان (7.8 طن) مكافئ نفطي في السنة، مقارنة - على سبيل المثال - بنحو أربعة أطنان (4.2 طن) فقط في ألمانيا، في حين يأتي أكثر من 62% من هذه الطاقة من النفط والغاز الطبيعي الذي يُستورد جزء كبير منه، بينما يشكل الفحم والطاقة النووية والطاقة المتجددة الجزء المتبقي، فإن هذه المعطيات شكلت بمجموعها نوعا من الضغوط على صناع القرار الأميركيين للعمل على إيجاد مخرج من تلك الأزمات المالية المتراكمة، ومحاولة تخفيض فاتورة واردات الطاقة، التي تشكل الطريق الأمثل لتخفيض أو حتى التخلص من العجز المالي الأميركي. ويشير التقرير إلى سعي صناع القرار الأميركيين في هذا الاتجاه من خلال المرونة والتساهل تجاه حماية البيئة وقوانينها الصارمة، وذلك بإبطال أو رفع بعض القيود والقوانين الصارمة لحماية البيئة التي كانت بلا شك عائقا للاستكشافات في سواحل وأعماق البحار الأميركية، وسعى المشرعون إلى توفير مناخ تنظيمي في أميركا لأول مرة، عبر تسهيلات ضريبية لتشجيع الاستثمارات في التنقيب عن البترول في تلك المناطق، وانتشرت شركات التنقيب عن النفط في السواحل وفي أعماق البحار، إلا أن حادثة التسرب النفطي في خليج المكسيك عام 2010 حدّت من هذا التوجه، مما دفع المشرعين الأميركيين للتنصل منها، لكن وبحسب التقرير فإن التوجه إلى طريقة غير تقليدية للحصول على الطاقة. على هذا الأساس يرى تقرير مركز السياسات البترولية والتوقعات الاستراتيجية، أن المشرعين الأميركيين قدموا التسهيلات والمزيد من الدعم التنظيمي تجاه التنقيب عن النفط والغاز الصخريين الذي رأوا منه أنه قد يحقق نهضة أميركية في مجال الطاقة خلال زمن وجيز، خصوصا من خلال تطبيقات تكنولوجيات الحفر الجديدة، مثل الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي وتسارع وتيراتها وتأثيراتها في الأسواق العالمية. ويضيف التقرير أن كل تلك السلسلة من الأحداث وردود الأفعال، شكلت فعليا طفرة هائلة في إنتاج النفط والغاز الصخري في أميركا الشمالية، وكانت محور اهتمام شؤون الطاقة العالمية، وبخاصة السياسة البترولية خلال هذا العام، مع أن الأكثر مدعاة للتأمل هو التصريحات الإعلامية المتضاربة والمبالغ فيها أحيانا، نظرا لارتفاع كلفة استخراج برميل من هذا النوع، التي تزيد على نظيره التقليدي أضعافا مضاعفة ماديا وتكلفة بيئية باهظة، ولكنها غير محسوسة على المدى القريب، وبالتالي تنتفي إمكانية وجود جدوى اقتصادية ومقبولة بيئيا من استخراج النفط والغاز الصخريين على المدى الطويل. ويرى التقرير أنه من المعلومات التي تستحق النظر والتحليل ما قيل عن ثورة الغاز الصخري في الولايات المتحدة، وأنها ليست ظاهرة محلية، حيث يسعى عدد من الدول اليوم من الأرجنتين إلى الصين، مرورا حتى بدول منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك السعودية، إلى التنقيب عن الغاز الصخري، وذلك لأن طبقات صخور الزيت والغاز توجد في معظم أنحاء العالم، ولكن يبقى موضوع التكلفة الاقتصادية والبيئة والتقنية محورا مهما في هذا الشأن. ووفقا لتقرير مركز السياسات البترولية والتوقعات الاستراتيجية فإن تقرير وكالة الطاقة العالمية الذي قال: إنها تمثل مصالح الطاقة في الدول الغنية، الأخير لهذا العام، توقع أن تتبوأ الولايات المتحدة الأميركية المرتبة الأولى عالميا في مجال الإنتاج النفطي بحلول أربعة أعوام، بينما أعلنت الوكالة الأميركية للمعلومات ذلك فعليا، في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، أن الولايات المتحدة ستحتل اعتبارا من هذا العام 2013 المرتبة الأولى عالميا في إنتاج النفط والغاز متخطية في ذلك السعودية وروسيا. وفعليا سجلت الولايات المتحدة أكبر زيادة سنوية في إنتاجها من النفط منذ أن بدأت ذلك في العام 1860. حيث بلغت الزيادة 850 ألف برميل يوميا، وشرعت أميركا فعليا في تعديل وتطوير المرافئ المعدة أصلا لاستيراد الغاز والبترول في لويزيانا إلى محطات للتصدير، حيث سيتم تبريد الغاز لشحنه إلى الخارج في هيئة غاز مسال، ومن المقرر أن تصدر المحطة حال استكمال تجهيزاتها، ما يقرب من 20 مليون طن من الغاز المسال سنويا، على أن تبدأ الشحنات الأولى في عام 2015. بموازاة ذلك بادرت بعض الدول الغربية بالتوجه لاستيراد الغاز «الرخيص» من أميركا كأحد الحلول لمساعدة المستهلكين الذين يعانون من ارتفاع أسعار فواتير الطاقة بسبب تدني الإنتاج المحلي. وأشار التقرير إلى أن شركة الغاز البريطانية «سنتريكا»، أبرمت عقدا بقيمة عشرة مليارات جنيه إسترليني لاستيراد الغاز من أميركا، بمباركة وثناء من الحكومة البريطانية على هذه الصفقة التي ترى أنها تساعد على توفير مصدر جديد للطاقة بأسعار معقولة للمستهلكين البريطانيين. وأضاف التقرير، تأسيسا على ذلك فإن أميركا، بدءا من العام المقبل، ستقود واحدا من أكبر معدلات الارتفاع في نمو إمدادات المنتجين المستقلين، مما يعني وفرة العرض النفطي وتلبية الطلب العالمي على المدى القريب، بينما يرى التقرير أن هناك شكوكا حول جدوى الاستمرار في هذا المجال على المديين المتوسط والبعيد لأسباب بيئية واقتصادية.



مليارات الذكاء الاصطناعي... هل هي فرصة تاريخية أم فخ الفقاعة؟

روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)
روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)
TT

مليارات الذكاء الاصطناعي... هل هي فرصة تاريخية أم فخ الفقاعة؟

روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)
روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)

في وقت تتدفق فيه مئات المليارات نحو صناعة الذكاء الاصطناعي بوتيرة غير مسبوقة، يجد المستثمرون أنفسهم أمام سؤال جوهري: هل نحن أمام ثورة رقمية تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، أم على أعتاب فقاعة مالية جديدة تشبه الدوت كوم؟

فالسباق العالمي لبناء مراكز البيانات، وتطوير الرقائق، وتوسيع البنية التحتية، تجاوز بالفعل حجم استثمارات تاريخية مثل «مشروع مانهاتن» و«برنامج أبولو»، فيما تتنافس شركات التكنولوجيا العملاقة على اقتناص موقع قيادي في «سباق السلاح الرقمي» الجديد. لكن هذا الزخم الهائل ترافقه مؤشرات مقلقة: أسعار أسهم صعدت بوتيرة فلكية، وتقييمات شركات ناشئة لا تعكس حجم إيراداتها الفعلي، وشهية استثمارية تغذِّيها توقعات النمو أكثر مما تغذيها النتائج الواقعية.

وبينما يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة اقتصادية تمتد لعقود، يُحذر آخرون من أن الحماس المفرط قد يُخفي وراءه هشاشة يمكن أن تؤدي إلى تصحيح قاسٍ في الأسواق.

لا يعتقد مورتن ويرود، الرئيس التنفيذي لشركة «إيه بي بي»، أن هناك فقاعة، لكن «نرى بعض القيود فيما يتعلق بسعة البناء التي لا تواكب جميع الاستثمارات الجديدة»، وفقاً لـ«رويترز».

وأضاف: «نتحدث عن تريليونات من الاستثمارات، وستستغرق عدة سنوات لتنفيذها، لأن الموارد والبشر غير كافيين لبناء كل هذا».

أما دينيس ماشويل، الرئيس التنفيذي لشركة «أديكو»، فيرى أن «هناك بالفعل فجوة حالية بين هذا العرض الهائل من الذكاء الاصطناعي والطريقة التي تقوم بها الشركات بتضمينه فعلياً في عملياتها الأساسية»، كما قال في نوفمبر (تشرين الثاني). وأضاف أن المشروع المشترك لمجموعته مع «سيلس فورس» قد يقلل من مخاطر فقاعة الذكاء الاصطناعي من خلال دفع الشركات لاستخدامات أكثر واقعية للتقنية.

يد آلية أمام رسالة مكتوب عليها «الذكاء الاصطناعي» ولوحة مفاتيح (رويترز)

ويقول سندر بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة «ألفابت»: «لا أعتقد أن أي شركة ستكون بمنأى عن التأثر، بما في ذلك نحن»، وذلك في مقابلة مع «بي بي سي» نُشرت في 18 نوفمبر، عند سؤاله عن كيفية تعامل «غوغل» مع احتمال انفجار فقاعة. وأضاف أن موجة الاستثمار الحالية في الذكاء الاصطناعي «لحظة استثنائية»، لكنه أقر بوجود «عناصر من السلوك غير العقلاني» في السوق، مشيراً إلى تحذيرات مماثلة خلال فترة فقاعة «الدوت كوم».

أما جيف بيزوس، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «أمازون»، فيقول: «عندما يتحمس الناس بشدة للذكاء الاصطناعي كما يحدث اليوم، يتم تمويل كل تجربة... ويصعب على المستثمرين التمييز بين الأفكار الجيدة والسيئة وسط هذا الحماس».

وأضاف: «الفقاعات الصناعية ليست بالخطورة نفسها كالفقاعات المصرفية، وقد تكون مفيدة لأن الفائزين النهائيين سيعودون بالنفع على المجتمع من خلال تلك الابتكارات».

وحذر بنك إنجلترا (البنك المركزي) من أن الأسواق العالمية قد تتراجع إذا تغير مزاج المستثمرين تجاه آفاق الذكاء الاصطناعي. وقالت لجنة السياسة المالية في البنك في 8 أكتوبر (تشرين الأول): «ارتفعت مخاطر حدوث تصحيح حاد في السوق»، مضيفةً أن احتمال تأثير ذلك على النظام المالي البريطاني «مهم».

وخلال حلقة نقاشية في قمة خاصة بالتكنولوجيا في آسيا في 3 أكتوبر الماضي، قال برايان يو، المدير الاستثماري في «جي آي سي»، إن «هناك بعض الضجة المبالغ فيها في مجال الشركات الناشئة»، وأضاف: «أي شركة ناشئة تحمل شعار (إيه آي) ستُقوَّم بمضاعفات ضخمة مهما كان حجم الإيرادات الصغيرة... قد يكون ذلك عادلاً لبعض الشركات وليس كذلك لأخرى».

فيما أكد جوزيف بريغز، الاقتصادي في «غولدمان ساكس» للأبحاث الاقتصادية العالمية، أن فيض الاستثمارات بمليارات الدولارات في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة مستدام، ورفض المخاوف المتزايدة من أن القطاع قد يكون في مرحلة فقاعة. لكنه حذر من أن «الفائزين النهائيين في الذكاء الاصطناعي لا يزالون غير واضحين»، مع تغير التكنولوجيا بسرعة، وانخفاض تكلفة الانتقال، مما قد يحد من مزايا المبادر الأول.

وأشار بيير-أوليفييه غورينتشاس، كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، إلى أنه قد تتبع موجة استثمارات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة انهياراً شبيهاً بفترة «الدوت كوم»، لكنها أقل احتمالاً أن تكون حدثاً نظامياً يضر بالاقتصاد الأميركي أو العالمي. وأضاف: «هذا لا يتم تمويله بالديون، مما يعني أنه إذا حدث تصحيح في السوق، قد يخسر بعض المساهمين وبعض حاملي الأسهم».

جن سين هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا»، يقول: «تحدث الكثير عن فقاعة الذكاء الاصطناعي، لكن من وجهة نظرنا نرى شيئاً مختلفاً جداً»، مشيراً إلى الطلب الكبير من شركات الحوسبة السحابية على رقائق شركته.

وفي أغسطس (آب) الماضي، تساءل سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»: «هل نحن في مرحلة يكون فيها المستثمرون بأكملهم مفرطين في الحماس تجاه الذكاء الاصطناعي؟ جوابي: نعم». وأضاف: «سوف يخسر البعض مبالغ هائلة، وسيجني البعض الآخر مبالغ هائلة أيضاً».

وفي أول منشور له على «إكس» منذ أكثر من عامين، حذر مايكل بوري، مستثمر ومؤسس «سايون» لإدارة أصول، من فقاعة في قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ووضع رهانات هبوطية على «إنفيديا» و«بالانتير» الشهر الماضي، وهذا زاد من مخاوف المستثمرين بشأن الإنفاق المبالغ فيه في صناعة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.

لكن تشي تاي-وون، رئيس «إس كيه هاينكس» الكورية الجنوبية، لا يرى «أي فقاعة في صناعة الذكاء الاصطناعي». وأضاف: «لكن عند النظر إلى أسواق الأسهم، نجدها صعدت بسرعة كبيرة جداً، وأعتقد أنه من الطبيعي أن يكون هناك بعض التصحيحات»، مشيراً إلى أن أسهم الذكاء الاصطناعي تجاوزت قيمتها الأساسية.

ويرى محللو الأسهم في بنك «يو بي إس»، أن عدد المستثمرين الذين يعتقدون أننا في فقاعة الذكاء الاصطناعي يقارب عدد أولئك الذين ما زالوا محتفظين باستثماراتهم في القطاع. وأضافوا في مذكرة منتصف أكتوبر الماضي: «معظمهم شعر بأننا في فقاعة، لكن بعيداً عن الذروة فإن نحو 90 في المائة من الذين قالوا إننا في فقاعة ما زالوا مستثمرين في العديد من مجالات الذكاء الاصطناعي».


أوروبا لتبسيط إجراءات الاستيراد

اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)
اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)
TT

أوروبا لتبسيط إجراءات الاستيراد

اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)
اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)

يدخل أكثر من 12 مليون طرد الاتحاد الأوروبي يومياً، مما يجعل مهمة فحصها بحثاً عن البضائع غير القانونية، أو التي لم تُعلن، أو تقدير الرسوم المستحقة عليها، مهمة شاقة على رجال الجمارك.

والكثير من هذه الطرود صغير الحجم وقليل القيمة، ففي عام 2024 دخل إلى التكتل 4.6 مليار طرد بقيمة معلنة فردية أقل من 22 يورو (25.6 دولار).

وذكرت المفوضية الأوروبية في أغسطس (آب) الماضي أن نسبة ما فحصته سلطات الجمارك من إجمالي المنتجات المستوردة بلغت فقط 0.0082 في المائة.

ووفقاً لديوان المحاسبة الأوروبي (محكمة المدققين الأوروبيين)، تفتقر عمليات الفحص الجمركي في بعض الدول الأعضاء إلى الصرامة الكافية. كما أن عدم توحيد تطبيق القواعد في جميع دول الاتحاد يجعل الاحتيال أمراً سهلاً.

إصلاح الجمارك: ما الخطة؟

وفي عام 2023، قدمت المفوضية الأوروبية مقترحات تهدف إلى إجراء إصلاح شامل للحد من البيروقراطية والتعامل مع تحديات مثل الارتفاع الحاد في حجم التجارة الإلكترونية.

وتُعدّ كيفية إدارة التدفق الهائل للطرود والشحنات الواردة من دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي -خصوصاً الصين- نقطة محورية في خطة الإصلاح.

وقررت دول الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي إلغاء الحد الحالي للإعفاء الجمركي، البالغ 150 يورو، على الطرود، وذلك بمجرد استكمال الإجراءات اللازمة -وهو أمر متوقع بحلول عام 2028- مع الالتزام بفرض رسوم جمركية مؤقتة على الطرود الصغيرة خلال الفترة الانتقالية. كما اقترحت المفوضية الأوروبية فرض رسوم عامة على المناولة، وهو إجراء لا يزال قيد النقاش.

وعلى نحو مختصر، يهدف الإصلاح إلى تحديث إجراءات الجمارك، وتعزيز التعاون بين سلطات الجمارك في الدول الأعضاء، وتحسين الرقابة على الواردات والصادرات. كما يعد بتحسين تحصيل الرسوم والضرائب، وتوفير حماية أفضل للسوق الداخلية في الاتحاد الأوروبي.

ومن أجل تحقيق ذلك، سيجري إنشاء «منصة بيانات الجمارك الأوروبية»، التي ستخضع لإشراف هيئة الجمارك الأوروبية، التي لم تُنشأ بعد.

ومن المقرر أن تعمل هيئة الجمارك الأوروبية بوصفها مركزاً رئيسياً لدعم هيئات الجمارك في الدول الأعضاء. وبمجرد تشغيلها، سوف تسعى إلى تبسيط الإجراءات، وتحسين سلامة المشتريات الإلكترونية، وتزويد السلطات الوطنية بأدوات أكثر بساطة وتوحيداً.

ومن المتوقع أن يحقق الإصلاح عدة مزايا، من بينها تبسيط متطلبات الإبلاغ عبر جهة موحدة، وذلك توافقاً مع وعود رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بتقليص الروتين.

ويتوقع الاتحاد الأوروبي تحقيق توفير بقيمة مليارَي يورو سنوياً، عبر إحلال المنصة محل بنية تكنولوجيا المعلومات في الدول الأعضاء.

مقر هيئة الجمارك الأوروبية

من المقرر إنشاء هيئة الجمارك الأوروبية بداية من عام 2026، وسوف تتولي المفوضية الأوروبية مسؤولية إطلاقها. ومن المتوقع أن تحصل الشركات على أول فرصة وصول إلى منصة البيانات بحلول 2028، مع بدء الاستخدام الطوعي في 2032، ثم الإلزامي في 2038.

أما القرار الأول الحاسم فسوف يكون تحديد مقر الهيئة، وقد تقدمت تسع دول أعضاء الأسبوع الماضي، بملفات لاستضافة المقر: بلجيكا (لييغ)، وكرواتيا (زغرب)، وفرنسا (ليل)، وإيطاليا (روما)، وهولندا (لاهاي)، وبولندا (وارسو)، والبرتغال (بورتو)، ورومانيا (بوخارست)، وإسبانيا (مالقا).

وستقوم المفوضية -الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- الآن بدراسة الطلبات التسعة، على أن تضمن أن الموقع الذي يقع عليه الاختيار سوف يمكن الهيئة من أداء مهامها، واستقطاب كوادر مؤهلة ومتخصصة، وتوفير فرص تدريب.

ومن المتوقع صدور قرار في هذا الشأن خلال شهر فبراير (شباط)، تقريباً، بالتعاون بين الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي.

وسيتعيّن على الدولة المضيفة توفير مبانٍ جاهزة على الفور، وبنية تحتية متقدمة لتكنولوجيا المعلومات والأمن، ومساحة لما لا يقل عن 250 من الموظفين، إلى جانب غرف اجتماعات ذات تقنية عالية، و«منطقة آمنة» لإدارة المعلومات السرية، إلى جانب العديد من الشروط الأخرى.

حماية الأسواق الأوروبية

وقال وزير المالية البولندي، أندجي دومانسكي: «تجارة أكثر أماناً تعني أوروبا أكثر أماناً». وأوضح أن اتحاداً جمركياً «قوياً ومرناً» يضمن حماية السوق الداخلية وسلامة المستهلك والتنمية الاقتصادية المستقرة.

ولكن، ما تزال كيفية إدارة سياسات التجارة والجمارك المشتركة محل خلاف. ويأتي الإصلاح في الوقت المناسب، في الوقت الذي تسعى فيه العواصم الأوروبية إلى حماية القطاعات الاستراتيجية الرئيسية لديها في ظل تصاعد حدة التوتر في التجارة الدولية.

وتتعالى الدعوات في بعض الأوساط لإطلاق برنامج «صنع في أوروبا»، الذي يعطي أفضلية للمنتجات المحلية، وهو موقف تتبناه فرنسا، على نحو خاص.

وكانت المفوضية الأوروبية تعتزم نشر مبادرة أوروبية مرتبطة بهذا الأمر هذا الشهر، لكنها واجهت معارضة من جمهورية التشيك، وسلوفاكيا، وآيرلندا، والسويد ولاتفيا، وغيرها. وحسب ما ذكرته صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، أُجّل المقترح حتى مطلع العام المقبل.


الصين لتعزيز الصادرات والواردات في 2026 سعياً لنمو «مستدام»

آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

الصين لتعزيز الصادرات والواردات في 2026 سعياً لنمو «مستدام»

آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)

ذكر تلفزيون الصين المركزي (سي سي تي في) نقلاً عن مسؤول اقتصادي كبير، السبت، أن الصين تخطط لتعزيز الصادرات والواردات العام المقبل ضمن الجهود الرامية إلى تعزيز التجارة «المستدامة».

ويثير الفائض التجاري البالغ تريليون دولار الذي سجله ثاني أكبر اقتصاد في العالم توتراً مع شركاء بكين التجاريين، ويؤدي إلى انتقادات من صندوق النقد الدولي، ومراقبين آخرين يقولون إن نموذج النمو الاقتصادي الذي يركز على الإنتاج غير مستدام.

وقال هان ون شيو، نائب مدير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية المركزية، في مؤتمر اقتصادي: «يجب أن نلتزم بالانفتاح، ونعزز التعاون المربح للجانبين في قطاعات متعددة، ونوسع الصادرات مع زيادة الواردات في الوقت نفسه، لدفع التنمية المستدامة للتجارة الخارجية».

وأضاف أن الصين ستشجع صادرات الخدمات في عام 2026، متعهداً باتخاذ تدابير لتعزيز دخل الأسر، ورفع المعاشات الأساسية، وإزالة القيود «غير المعقولة» في قطاع الاستهلاك.

وحث صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع بكين على اتخاذ «الخيار الشجاع» بالحد من الصادرات، وتعزيز الطلب الاستهلاكي.

ووعد القادة الصينيون يوم الخميس بالإبقاء على سياسة مالية «نشطة» في العام المقبل لتحفيز الاستهلاك، والاستثمار، إذ يتوقع المحللون أن تستهدف بكين تحقيق نمو بنحو 5 في المائة.