صنعاء: حشد «السبعين» يربك ميزان قوى الانقلاب

متظاهرون هتفوا «لا حوثي بعد اليوم» وأمين حزب صالح هاجم تعديل المناهج وطالب المتمردين بالرواتب

عناصر أمن تتابع تجمع السبعين الذي نظمه حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
عناصر أمن تتابع تجمع السبعين الذي نظمه حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

صنعاء: حشد «السبعين» يربك ميزان قوى الانقلاب

عناصر أمن تتابع تجمع السبعين الذي نظمه حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
عناصر أمن تتابع تجمع السبعين الذي نظمه حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء أمس (إ.ب.أ)

أربكت هتافات ميدان السبعين وأعداد المشاركين في تجمع حزب المؤتمر الشعبي العام (التابع للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح) ميزان القوى بين قطبي الانقلاب في صنعاء أمس.
مئات الآلاف، وفقا لوصف وكالة الصحافة الفرنسية عدد من احتشد لإحياء الذكرى الـ35 لتأسيس «المؤتمر»، في الوقت الذي وصف فيه المحلل السياسي ياسين التميمي لـ«الشرق الأوسط» ظهور الحزب بأنه «معارض داخل الانقلاب، رغم افتراض الشراكة».
وردد مشاركون: «لا حوثي بعد اليوم»، قبيل إلقاء صالح خطابا زعم خلاله وجود «عشرات الآلاف من المقاتلين» الذين قال إنهم لا ينقصهم إلا «المال والعتاد ليشاركوا في القتال» ضد الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف.
مقابل الحشد الواسع، أقام الحوثيون 4 تجمعات مختلفة في أطراف صنعاء، وفقا لما نقلته وسائل إعلام تابعة للجماعة المتمردة. لكن الصور ولقطات الفيديو التي نشرها الإعلام الحوثي لم تظهر زخما يضاهي ذلك الذي احتشد لدى «المؤتمر»، ولم تنقل وكالات الأنباء أي أرقام أو إشارات لتفوق العدد في أي من التجمعات الأربعة أو كلها مجتمعة، باستثناء وصفهم بالآلاف.
ولم تنقل الوسائل الإعلامية الحوثية أيا من فعاليات «المؤتمر» باستثناء خبر يزعم أنه تم تنسيق أمني مع «المؤتمر»، كما لم تنقل وكالة أنباء (سبأ) التي استنسخها الانقلابيون عن الوكالة اليمنية الرسمية، أيا من خطابات صالح أو أي قيادي آخر من «المؤتمر».
وترك صالح خلال كلمته المقتضبة الهجوم على شريك الانقلاب لأمين حزب المؤتمر الشعبي العام عارف الزوكا، الذي طالب الحوثيين بعدم التعديل على المناهج، ومكافحة الفساد، وصرف الرواتب، وحيادية الإعلام الرسمي.
كما أشار الزوكا في خطابه إلى مسألة الاحتكام للقانون والدستور، وهي رسالة مبطنة تكرر سخرية صالح قبل أيام من «الملازم الحوثية» التي استنسخت فيها الجماعة تجربة النظام الإيراني.
وصمت عبد الملك الحوثي زعيم المتمردين، في الوقت الذي ألقى فيه محمد علي الحوثي، رئيس ما تسمى «اللجنة الثورية الحوثية» التي يتهمها صالح بأنها «حكومة فوق الحكومة»، كلمة أمام حشد قالت وكالات الأنباء إنه بالآلاف وليس على غرار حشد صالح.
ولم يشر الحوثي إلى جديد فيما يتعلق بموقف الجماعة من الشرعية والتحالف، وفق مراقبين وصفوا الكلمة بأنها «تسجيل حضور، رغبة لإكمال الهدف من التجمعات الحوثية في هذا اليوم، وهو التنغيص وعدم ترك المساحة كاملة لحزب صالح».
من ناحيته، وصف المحلل السياسي، ياسين التميمي، حشد صالح أنصاره بأنه «يمكن أن يسمح له من الناحية السياسية بالبقاء في المزاد». وقال في حديث مع «الشرق الأوسط» إن «الحشد الذي دعا إليه المخلوع صالح في ميدان السبعين بصنعاء، جاء بمضمون سياسي ركيك ومرتبك، وعكس حجم القلق الذي يسيطر على المخلوع وحزبه، إثر التصعيد الخطير من جانب شريكه في الانقلاب».
وأضاف التميمي: «لم يستغل المخلوع مناسبة كهذه لتوجيه رسالة سلام، ولم يستغل الزخم الجماهيري لبناء موقف سياسي واضح من جهود التسوية السياسية؛ قدر انشغاله بتهدئة مخاوف شركائه في الانقلاب ميليشيات الحوثي، عندما زايد في خطابه المقتضب والمرتبك، بالاستعداد لرفد ما سماها الجبهات بعشرات آلاف المقاتلين من الجيش الذي أعيدت هيكلته، على حد تعبيره.
وأشار المحلل السياسي إلى ظهور «(المؤتمر) عبر كلمة زعيمه وأمينه العام، حزبا معارضا في سلطة انقلاب يفترض أنه يتقاسمها مع الحوثيين، وكرر المطالب نفسها بالحق في استخدام الإعلام الرسمي، وعدم العبث بالمال العام، وبضرورة صرف المرتبات، إلى جانب المطالبة بعدم تغيير المناهج»، مؤكدا أن «تحالف صالح مع الحوثيين قد سقط على المستويين التكتيكي والاستراتيجي، ومن الواضح أن صالح بات يستجدي الزخم الشعبي في محاولة لموازنة الصراع الذي يطغى عليه نفوذ الميليشيا المسيطرة على إمكانات الدولة ومواردها المسلوبة».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن سعيد العبيدي، المشارك في المظاهرة أمس، قوله: «حضرنا اليوم إلى ميدان السبعين للتعبير عن ثقتنا بالحزب (...)»، وأضاف: «اليوم (المؤتمر الشعبي العام) أثبت أنه حزب دولة، وأن الحوثيين غير قادرين على قيادة الدولة كما يقودها الحزب».
كما نقلت الوكالة أنه «تحسبا لهذا التجمع الذي نظم في ظل التوتر غير المسبوق بين الطرفين منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، أقام الحوثيون عدة نقاط تفتيش عند مداخل صنعاء، وباستثناء مواجهات محدودة بالأيدي بين عدد من المشاركين في المهرجان وعناصر من الحوثيين وإطلاق نار في الهواء لتفريقهم، لم يشهد التجمع حوادث أمنية كبرى».
كما أشار تقرير لـ«رويترز» إلى أن الشراكة «التكتيكية بين صالح والحوثيين تعد هشة؛ فكل طرف يتشكك في دوافع الآخر، ولا يربط الطرفين أساس فكري مشترك يذكر».
وتبادل الطرفان اتهامات بالمسؤولية عن تحديات مثل البطالة وازدياد الجوع بعد قتال مستمر منذ عامين ونصف العام مع الحكومة المعترف بها دوليا ويدعمها تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.