مناطق «خفض التصعيد»... تراجع القتال وعدم تحسن الوضع الإنساني

طفل يلعب على دراجة هوائية في عين ترما في غوطة دمشق (رويترز)
طفل يلعب على دراجة هوائية في عين ترما في غوطة دمشق (رويترز)
TT

مناطق «خفض التصعيد»... تراجع القتال وعدم تحسن الوضع الإنساني

طفل يلعب على دراجة هوائية في عين ترما في غوطة دمشق (رويترز)
طفل يلعب على دراجة هوائية في عين ترما في غوطة دمشق (رويترز)

تشهد مناطق وقف إطلاق النار أو «خفض التصعيد»؛ سواء على الجبهة الجنوبية أو في الغوطة الشرقية لدمشق وريف حمص الشمالي، تراجعاً في العمليات العسكرية، لكن هذا التراجع في وتيرة العنف، لم يلغ الخروق التي يلجأ إليها النظام بنسب متفاوتة بين منطقة وأخرى.
ولم يحدث أي تبدّل إيجابي على صعيد الوضع الإنساني الصعب للمدنيين، خصوصا أن المناطق المذكورة لا تزال تحت حصار النظام وحلفائه، ولم تدخلها المساعدات الإنسانية والطبية، بحسب مصادر معارضة.
وتبدو هدنة الجنوب الأكثر ثباتاً رغم الخروق التي تتعرض لها، وقصف النظام الذي يستهدف مناطق سيطرة فصائل المعارضة، لكنها تبقى أفضل حالاً من أيام المعارك التي حولت آلاف المدنيين إلى ضحايا، وفق تقدير العقيد الركن خالد النابلسي، القائد العسكري لـ«جيش الثورة»، أحد أبرز فصائل «الجيش الحرّ» في الجبهة الجنوبية، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «النظام لم يحترم اتفاق الهدنة بشكل كامل بسبب استمرار خروقاته، إلا أن الوضع شهد تدنيا في مستوى العنف، ووضع حداً للبراميل المتفجرة التي فتكت بالمدنيين، وهذه أمور إيجابية أراحت المدنيين إلى حدّ كبير»، لكنه لفت إلى أن «الوضع الإنساني لم يشهد أي تغيير إيجابي، لأن المشافي والمؤسسات الطبية التي دمرها النظام ما زالت على حالها، ومساعدات المنظمات (الدولية) لم تصل إلى مناطق سيطرة الثوار».
وما دامت فصائل الجنوب لم تكن طرفاً في اتفاق الهدنة، فهي غير قادرة على التحكّم بمساراته، لكن العقيد النابلسي قدّم الأسباب التخفيفية لهذا الاتفاق، وقال: «نحن لم نعترض عليه، ما دام يخفف معاناة المدنيين»، معتبراً أن الفصائل «تنظر إلى الهدنة، كمرحلة اختبار للمجتمع الدولي، ومدى جديته في إحلال السلام في سوريا»، مؤكداً أن الفصائل «ترفض رفضاً قاطعاً أن تكون الهدنة وسيلة لإعادة إحياء نظام الأسد وتعويمه، أو محاولة للعودة إلى المصالحات التي يرفضها الشعب السوري».
ودخل اتفاق الهدنة في جنوب سوريا حيز التنفيذ، في 9 يوليو (تموز) الماضي، برعاية أميركية - روسية - أردنية، وأيدته فصائل الجنوب رغم تحفظاتها عليه. وشدد القائد العسكري لـ«جيش الثورة» العقيد خالد النابلسي، على أن «الفصائل قبلت الهدنة بشروط أساسية، أهمها أن تكون ممهدة للعملية السياسية في جنيف، والتوصل إلى هيئة حكم انتقالي لا دور فيها للأسد وكل من تلطخت يداه بدماء الشعب السوري، وأن لا تعني انتهاء للثورة».
ولا تزال مناطق الغوطة الشرقية هدفاً لقصف النظام بالمدفعية والصواريخ ذات القوة التدميرية، التي تطال الأحياء السكنية، لكن إيجابية الهدنة الوحيدة أنها وضعت حداً للاشتباكات على الأرض، بعد 5 أيام على توقيع الاتفاق. وأوضح وائل علوان، الناطق الرسمي باسم «فيلق الرحمن»، أحد فصائل المعارضة السورية في الغوطة الشرقية، أن النظام «لم يلتزم بوقف النار». وقال: «صحيح أن الاشتباكات تراجعت إلى حدّ كبير، وتوقفت كلياً في بعض محاور القتال، إلا أن القصف لا يزال مستمراً، وكل يوم يسقط ضحايا من المدنيين».
وأعلن علوان لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحصار لا يزال مفروضاً على مناطق الغوطة، والمساعدات الإنسانية لم تصل إلى المناطق التي يسيطر عليها (فيلق الرحمن)، ولم تفتح المعابر تنفيذاً للاتفاق». وأضاف علوان: «نحن نقرأ وقف إطلاق النار على أنه خطوة من خطوات الحل السياسي الشامل، الذي على أساسه يمكن البدء بمرحلة الانتقال السياسي الشامل على أرضية القرار الأممي (2254)»، مشيراً إلى أن «الهدف من وقف النار رفع المعاناة عن الشعب السوري والوصول لسوريا حرة ديمقراطية».
وكان اتفاق وقف النار في الغوطة وقّع مساء الجمعة الماضي، بين ممثلين عن «فيلق الرحمن» والجانب الروسي في جنيف، ووضع يوم السبت موضع التنفيذ. ولفت وائل علوان إلى أن «الاتفاق ليس بديلاً عن المسار السياسي، حيث تبدو المؤشرات إيجابية لإحداث التغيير المطلوب في سوريا». وقال: «على فرض أن الحلّ واجهته معوقات إقليمية ودولية، فإن النشاط المدني والثوري ما زال قائماً»، لافتاً إلى أن «الاتفاق يضمن للثوار احتفاظهم بسلاحهم ومناطق سيطرتهم بشكل كامل، لحماية الحراك الثوري المدني، ليعود كما انطلق في بدايات الثورة».
أما مناطق ريف حمص الشمالي، فتبدو كأنها خارج أي هدنة، لأن القصف الجوي والمدفعي لم يتوقف. ولم يشهد أي تراجع، حيث أكد الإعلامي المعارض في ريف حمص أبو البراء لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوضع الأمني في ريف حمص سيئ للغاية»، مشيراً إلى أن «مناطق غنطو والحولة وتلبييسة وغرناطة والرستن، تعرضت خلال الساعات الماضية لقصف عنيف، أدى إلى سقوط عدد من القتلى».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.