إسرائيل تجبر سكاناً في العراقيب على دفع تكاليف هدم بيوتهم

المحكمة تأمر بتغريم نحو 100 ألف دولار... ومختصون: هذا تنكيل وتحايل

TT

إسرائيل تجبر سكاناً في العراقيب على دفع تكاليف هدم بيوتهم

أمرت محكمة الصلح في بئر السبع، في إسرائيل، 6 مواطنين من قرية العراقيب البدوية، في منطقة النقب، بدفع نحو 260 ألف شيقل (72.2 ألف دولار) «للدولة»، تكاليف هدم بيوتهم. كما فرضت المحكمة على الستة دفع 100 ألف شيقل (27.2 ألف دولار)، كأتعاب محاماة للقسم المدني في النيابة العامة.
وجاء القرار الصادم بعد سنوات من رفع النيابة الإسرائيلية دعاوى ضد المواطنين الذين هدمت منازلهم.
وكانت النيابة العامة قد قدمت، في أغسطس (آب) 2011، دعوى مدنية ضد 34 مواطناً من قرية العراقيب، تطالبهم فيها بدفع المصاريف التي تكبدتها الدولة لتنفيذ 8 عمليات هدم وإخلاء للقرية، تمت خلال 4 أشهر، بين يوليو (تموز) وديسمبر (كانون الأول) من عام 2010، وقدرت أن المصروفات تصل إلى 1.8 مليون شيقل.
وخلال فترة المداولات، توفي اثنان من المدعى عليهم، وتوصل 26 مواطناً آخرين إلى تسوية مع الدولة، فيما قرر 6 فقط مواصلة الإجراءات القضائية، وهم الذين فرض عليهم دفع نسبة 20 في المائة من المصروفات، كونهم يشكلون، عملياً، نسبة 20 في المائة من المدعى عليهم. وقال المحامي خالد صوالحي، الذي مثل البدو، إنهم يدرسون الالتماس ضد القرار، مضيفاً أن «سلوك الدولة يعني التنكيل بالمدعى عليهم؛ الدولة هدمت القرية خلافاً للقانون، حسب رأيي، وبالغت في عملها حين طالبت بدفع تعويض لها عن عمل غير قانوني! أعتقد أن القرار تجاهل ادعاءاتنا الجوهرية، خصوصاً حقيقة أن مسألة الملكية المتعلقة بالدعوى لا تزال قيد البحث في المحكمة المركزية».
وقالت حايا نوح، المدير العام لمنتدى التعايش في النقب، إنه «لا يوجد سبب حقيقي لجباية مدفوعات لوحدة يتم تمويلها سنوياً من الدولة؛ هذه خدعة أخرى تستخدمها إسرائيل لإنهاك السكان، وتفكيك النضالات الجماهيرية، كما في قضية الحق بالمسكن. بدلاً من دفع السكان إلى الحائط، يجب على الدولة توفير مأوى لسكان القرية، والتوقف عن حملات الدفع والملاحقة».
وقال رئيس القائمة المشتركة، النائب أيمن عودة، إن «قرار المحكمة يوصل وحشية الدولة ضد المواطنين العرب في النقب إلى أرقام قياسية جديدة. الدولة التي تحاول زرع الأشجار بهدف سلب الناس من أرضهم، ترفض الاعتراف بالقرى التي تقوم غالبيتها على أراضيها منذ ما قبل قيام الدولة. والآن، تختار التدمير الاقتصادي لكل من يتجرأ على رفع رأسه، والنضال ضد الأوامر بوسائل مدنية وديمقراطية».
وكانت إسرائيل قد قامت، في عام 1954، ووفقاً لقانون امتلاك الأراضي، بمصادرة مناطق واسعة من أراضي النقب، من بينها أراضي قرية العراقيب، ولاحقاً هدمت منازلهم مرات عدة.
ويقول أبناء القرية إن السلطة العثمانية والانتداب البريطاني اعترفا بحقوقهم على الأرض التي زرعوها، لذلك يجب على إسرائيل، أيضاً، الاعتراف بذلك، لكن إسرائيل ترفض. وتناقش المحكمة المركزية في بئر السبع هذه المسألة منذ سنوات، فيما يمنع السكان من استخدام الأرض للسكن أو لاحتياجات أخرى.
ويعيش في القرية حالياً عدد قليل من السكان إلى جانب مقبرة القرية التاريخية، بعدما هدمت القوات الإسرائيلية القرية نحو 100 مرة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.