«فيتش»: نزوح الودائع يرفع تكلفة التمويل على البنوك القطرية

حكومة قطر تدعو المصارف إلى الاعتماد على نفسها... وتراجعات كبيرة بالودائع الأجنبية

بنوك قطر تواجه ضغوطا في التمويل بسبب قلق العملاء الخارجيين من تفاقم أزمتها (رويترز)
بنوك قطر تواجه ضغوطا في التمويل بسبب قلق العملاء الخارجيين من تفاقم أزمتها (رويترز)
TT

«فيتش»: نزوح الودائع يرفع تكلفة التمويل على البنوك القطرية

بنوك قطر تواجه ضغوطا في التمويل بسبب قلق العملاء الخارجيين من تفاقم أزمتها (رويترز)
بنوك قطر تواجه ضغوطا في التمويل بسبب قلق العملاء الخارجيين من تفاقم أزمتها (رويترز)

قالت مؤسسة فيتش الدولية للتصنيف الائتماني، أمس، إن تبعات أزمة قطر مع الرباعي العربي المقاطع لها، والمكون من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، سترفع تكلفة التمويل على البنوك القطرية في أسواق الدين العالمية... وذلك بالتزامن مع تقارير اقتصادية أوضحت تراجعات كبيرة بالودائع الأجنبية في البنوك القطرية، وأيضا تأكيدات على أن حكومة قطر طالبت البنوك المحلية بالاعتماد على نفسها في محاولة جذب التمويل الأجنبي بدلا من الاعتماد على الحكومة انتظارا للمساعدات.
وأوضحت «فيتش» أن التمويل والسيولة لدى البنوك القطرية يتعرضان للضغط بسبب «نزوح الودائع غير المحلية». وأشارت إلى أن سحب الودائع غير المحلية سيؤدي إلى اشتداد المنافسة بين البنوك القطرية على الودائع، ما يرفع تكلفة التمويل ويضغط على هوامش الربح.
ويتماشى تقرير «فيتش» مع تقرير صحافي نشرته «وول ستريت جورنال» الأميركية أمس، جاء فيه أن بنوك قطر تواجه ضغوطا في التمويل لتراجع الودائع الأجنبية، والتي تراجعت بنحو 8 في المائة خلال الشهر الماضي.
وأضافت الصحيفة الأميركية، أن «بنوك قطر تواجه ضغوطا في التمويل بسبب قلق العملاء الخارجيين من تفاقم أزمتها مع الدول الداعية إلى مكافحة الإرهاب، فأي صعوبة في التمويل الخارجي ستؤثر في الاستثمار القطري المعتمد أساسا على المال الأجنبي»، مشيرة إلى أن «انخفاض الودائع جاء على الرغم من إغراءات الفائدة التي قدّمتها البنوك القطرية»، وأن العملاء الخليجيين لن يضعوا ودائعهم في البنوك القطرية، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من الانخفاض.
وفي الأسبوع الماضي، عدلت وكالة موديز للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية للنظام المصرفي القطري من مستقرة إلى سلبية، لضعف ظروف التشغيل واستمرار الضغوط التمويلية التي تواجه البنوك. وأوضحت الوكالة في مذكرة بحثية، صادرة الثلاثاء الماضي، أن التصنيف يعكس ضعف قدرة الحكومة القطرية على دعم البنوك.
وأشارت الوكالة إلى أن النظرة السلبية تعبر عن توقعاتها لكيفية تطور الجدارة الائتمانية للقطاع المصرفي القطري على مدى الأشهر الـ12 إلى 18 المقبلة، وقال نيتيش بوجناغاروالا، نائب الرئيس ومحلل لدى «موديز»، إن اعتماد بنوك قطر على التمويل الخارجي الذي يتأثر بثقة المستثمرين ارتفع في السنوات الأخيرة بسبب الانخفاض الملحوظ في العائدات النفطية، ما جعلها عرضة للتحولات في ميول المستثمرين.
وتوقعت «موديز» تباطؤ الناتج المحلي الإجمالي في قطر إلى 2.4 في المائة بالعام الجاري، مقابل معدلات نمو استثنائية بلغت 13.3 في المائة خلال الفترة ما بين أعوام 2006 و2016.
ورجحت الوكالة تباطؤ نمو الائتمان المحلي القطري إلى 5 في المائة بالعام الجاري، و7 في المائة عام 2018، تراجعا من مستوى 15 في المائة في عام 2015، مضيفة أن تباطؤ نمو الناتج المحلي والائتمان إلى جانب مقاطعة أربع دول عربية لقطر سيؤدي إلى انخفاض طفيف في جودة الأصول.
وأوضحت «موديز» أنه من المتوقع ارتفاع القروض المتعثرة في عام 2018 إلى 2.2 في المائة من إجمالي القروض، مقارنة بنحو 1.7 في المائة نهاية العام الماضي. أما بالنسبة لرأس المال فسوف يستمر في قوته؛ لقدرة البنوك القطرية على استيعاب الخسائر، بحسب الوكالة.
وتراجعت أرباح 9 بنوك مدرجة بالبورصة القطرية خلال الربع الثاني من العام الجاري بنسبة 1.8 في المائة على أساس سنوي. وبلغت أرباح البنوك التسعة في الربع الثاني 5.5 مليار ريال (1.46 مليار دولار)، مقابل أرباح الفترة المماثلة من العام الماضي البالغة 5.6 مليار ريال (1.49 مليار دولار).
وبحسب المذكرة البحثية، فمن المرجح أن تؤدي التوترات العربية الناشئة إلى تدفق بعض الودائع إلى الخارج، وإلى ضعف التمويل الخارجي الذي يمثل نحو 36 في المائة من موجودات النظام المصرفي منذ مايو (أيار) الماضي.
وتوقعت «موديز» تراجع سيولة البنوك بنسبة 24 في المائة من إجمالي الموجودات في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مشيرة إلى أن الودائع المحلية تظل محدودة بسبب انخفاض عائدات النفط. ونوهت بأنه من المرجح انخفاض ربحية البنوك القطرية، مع تراجع العائد على الأصول إلى 1.4 في المائة في عام 2017، مقارنة بنحو 1.6 في المائة بالعام الماضي، بدفع زيادة في تكاليف التمويل والتكاليف.
وكانت موجودات البنوك القطرية قد تراجعت خلال يونيو (حزيران) الماضي بنسبة 0.6 في المائة، لتصل إلى 1305.9 مليار ريال، كما انخفضت ودائع الأجانب غير المقيمين بنسبة 7.6 في المائة إلى 170.6 مليار ريال، مقابل 184.6 مليار ريال في مايو الماضي.
وتناولت وكالة «بلومبيرغ» الأمر ذاته في وقت سابق الأسبوع الماضي، قائلة في تقرير لها إن المركزي القطري طلب من البنوك المحلية التوجه للأسواق الخارجية، وطرق أبواب المستثمرين الأجانب للحصول على تمويل، بدلا من انتظار المساعدات الحكومية، والذهاب للحكومة كملجأ أخير فقط بدلا من الاعتماد عليها بشكل رئيسي، وذلك في ظل تفاقم أزمة نزوح الودائع، خصوصا الخليجية من المصارف القطرية.
وذكرت الوكالة أن المركزي القطري يجري لقاءات مع البنوك المحلية لتشجيعها على التوجه لأسواق الدين الخارجية، طلبا لقروض أو من خلال طرح لتفادي مزيد من التقلص في الاحتياطيات النقدية الأجنبية، وأي تخفيضات جديدة في التصنيف الائتماني.
وحاولت البنوك القطرية أن تستميل عملاءها عبر منحهم معدلات فائدة مرتفعة، لكن ذلك لم يحل دون تواصل هبوط الودائع الأجنبية خلال شهري يونيو ويوليو (تموز) الماضيين.



كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
TT

كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)

تعهدت وزارة المالية في كوريا الجنوبية، يوم الأحد، بمواصلة اتخاذ تدابير استقرار السوق بسرعة وفعالية لدعم الاقتصاد، في أعقاب إقالة الرئيس يون سوك-يول، بسبب فرضه الأحكام العرفية بشكل مؤقت.

وأكدت الوزارة أنها ستستمر في التواصل بنشاط مع البرلمان للحفاظ على استقرار الاقتصاد، مشيرة إلى أنها تخطط للإعلان عن خطتها السياسية نصف السنوية قبل نهاية العام الحالي، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، دعا زعيم الحزب الديمقراطي المعارض، لي جاي-ميونغ، إلى تشكيل «مجلس استقرار وطني» يضم الحكومة والبرلمان لمناقشة القضايا المالية والاقتصادية وسبل تحسين مستوى معيشة المواطنين. وأشار إلى أن التحدي الأكثر إلحاحاً هو تراجع الاستهلاك بسبب الطلب المحلي غير الكافي، وتقلص دور الحكومة المالي. وأضاف لي أن معالجة هذا الأمر تتطلب مناقشة عاجلة لموازنة إضافية يمكن أن تشمل تمويلاً لدعم الشركات الصغيرة، بالإضافة إلى استثمارات في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية، لمواجهة تحديات نقص الطاقة.

وكان البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب المعارض، قد مرر مشروع موازنة 2025 بقيمة 673.3 تريليون وون، متجاوزاً اقتراح الحكومة الذي بلغ 677.4 تريليون وون، وذلك دون التوصل إلى اتفاق مع حزب «قوة الشعب» الذي ينتمي إليه الرئيس يون والحكومة.

من جهته، أعلن بنك كوريا -في بيان- أنه سيعتمد على كافة الأدوات السياسية المتاحة بالتعاون مع الحكومة، للرد على التحديات الاقتصادية، وتفادي تصاعد التقلبات في الأسواق المالية وأسواق العملات الأجنبية. وأكد البنك ضرورة اتخاذ استجابة أكثر نشاطاً مقارنة بالفترات السابقة من الإقالات الرئاسية، نظراً للتحديات المتزايدة في الظروف الخارجية، مثل تصاعد عدم اليقين في بيئة التجارة، وازدياد المنافسة العالمية في الصناعات الأساسية.

كما أكدت الهيئة التنظيمية المالية في كوريا الجنوبية أن الأسواق المالية قد تشهد استقراراً على المدى القصير، باعتبار الأحداث السياسية الأخيرة صدمات مؤقتة؛ لكنها ستوسع من الموارد المخصصة لاستقرار السوق إذا لزم الأمر.

من جهة أخرى، شهدت أسواق الأسهم في كوريا الجنوبية ارتفاعاً للجلسة الرابعة على التوالي يوم الجمعة؛ حيث بدأ المستثمرون يتوقعون تراجع حالة عدم اليقين السياسي بعد تصويت البرلمان على إقالة الرئيس يون. كما لم يتوقع المستثمرون الأجانب أن تؤثر الاضطرابات السياسية الأخيرة بشكل كبير على نمو الاقتصاد أو تصنيفه الائتماني لعام 2025، إلا أنهم أشاروا إلى تأثيرات سلبية محتملة على معنويات السوق، مما قد يؤدي إلى زيادة في سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي، واستمرار عمليات بيع الأجانب للأسواق المحلية.

غرفة تداول بأحد البنوك في سيول (رويترز)

وفي استطلاع أجرته «بلومبرغ»، أفاد 18 في المائة فقط من المشاركين بأنهم يعتزمون تعديل توقعاتهم بشأن نمو الاقتصاد الكوري الجنوبي لعام 2025، بسبب الأحداث السياسية الأخيرة، بينما أكد 82 في المائة أن توقعاتهم ستظل دون تغيير. كما توقع 64 في المائة من المشاركين أن يظل التصنيف الائتماني السيادي كما هو، في حين توقع 27 في المائة خفضاً طفيفاً. ووفقاً للاستطلاع، يُتوقع أن يتراوح سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي بين 1.350 و1.450 وون بنهاية الربع الأول من 2025.

أما فيما يتعلق بأسعار الفائدة، فقد زادت التوقعات بتخفيضات مسبقة من قبل بنك كوريا؛ حيث توقع 55 في المائة من المشاركين عدم حدوث تغييرات، بينما توقع 27 في المائة تخفيضاً في الأسعار قريباً. وتوقع 18 في المائة تخفيضات أكبر. وأشار كيم سونغ-نو، الباحث في «بي إن كي للأوراق المالية»، إلى أن تحركات السوق ستعتمد بشكل كبير على قرارات لجنة السوق الفيدرالية الأميركية في ديسمبر (كانون الأول)؛ حيث قد يسهم أي تخفيض لأسعار الفائدة من جانب الولايات المتحدة في تعزيز توقعات تخفيض الفائدة في كوريا الجنوبية في الربع الأول من 2025.

وقد أكد كيم أن العوامل السياسية ليست المحرك الرئيسي للأسواق المالية؛ مشيراً إلى أن الاضطرابات السياسية عادة ما تكون لها تأثيرات قصيرة الأجل على الأسواق. وأضاف أن الركود الاقتصادي -وليس الأحداث السياسية- هو المصدر الرئيس للصدمات المالية الكبيرة.

كما أشار كثير من المسؤولين الماليين إلى أن إقالة الرئيس يون قد تعود بالفائدة على الاقتصاد الكوري الجنوبي. وفي مقابلة إعلامية، أكد محافظ هيئة الرقابة المالية، لي بوك هيون، أن عزل الرئيس سيكون خطوة إيجابية للاستقرار الاقتصادي في البلاد، معرباً عن اعتقاده بأن القضاء على حالة عدم اليقين السياسي أمر بالغ الأهمية لتحقيق استقرار الاقتصاد، وفق صحيفة «كوريا تايمز».

وفيما يخص التوقعات المستقبلية، أشار صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية من المتوقع أن يصل إلى 2.2 في المائة في 2024 بدعم من صادرات أشباه الموصلات، في حين يُتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 2 في المائة في 2025 مع اقتراب الاقتصاد من إمكاناته الكاملة. وأكد الصندوق أن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، والمخاطر تميل إلى الاتجاه السلبي.

وبينما يظل التضخم قريباً من هدف بنك كوريا البالغ 2 في المائة، شدد الصندوق على ضرورة تطبيع السياسة النقدية تدريجياً في ظل هذه الظروف، مع الحفاظ على تدخلات محدودة في سوق الصرف الأجنبي لمنع الفوضى. كما أشار إلى أهمية تعزيز التوحيد المالي في موازنة 2025 لمواجهة ضغوط الإنفاق الطويلة الأجل، مع التركيز على السياسات المتعلقة بمخاطر العقارات.

كما أشار إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل لدعم النمو وسط التحولات الهيكلية؛ مشيراً إلى ضرورة معالجة تراجع القوة العاملة من خلال تحسين الخصوبة، وزيادة مشاركة النساء في العمل، وجذب المواهب الأجنبية، بالإضافة إلى تعزيز تخصيص رأس المال، وتحسين مرونة المؤسسات المالية.