دراسة تؤكد أن الرجل بات ينافس المرأة حباً في اقتناء الأحذية

عملية تفكيكية خففت من سماكتها وزادت من مبيعاتها

حذاء «داندي لوف» من المخمل من «كريستيان لوبوتان»  -  حذاء من جلد التمساح من «سانتوني»  -  حذاء من «سانتوني» بلون بني فاتح  -  من عرض كريستيان لوبوتان لموسم الصيف
حذاء «داندي لوف» من المخمل من «كريستيان لوبوتان» - حذاء من جلد التمساح من «سانتوني» - حذاء من «سانتوني» بلون بني فاتح - من عرض كريستيان لوبوتان لموسم الصيف
TT

دراسة تؤكد أن الرجل بات ينافس المرأة حباً في اقتناء الأحذية

حذاء «داندي لوف» من المخمل من «كريستيان لوبوتان»  -  حذاء من جلد التمساح من «سانتوني»  -  حذاء من «سانتوني» بلون بني فاتح  -  من عرض كريستيان لوبوتان لموسم الصيف
حذاء «داندي لوف» من المخمل من «كريستيان لوبوتان» - حذاء من جلد التمساح من «سانتوني» - حذاء من «سانتوني» بلون بني فاتح - من عرض كريستيان لوبوتان لموسم الصيف

لا يختلف اثنان على أن الخياطين الإنجليز أكثر من يُتقن التفصيل الرجالي. فشارع «سافيل رو» لا يزال لحد الآن عنوان الأناقة الرجالية ومطلب علية القوم وأثريائهم من كل أنحاء العالم، لكن لا بد من الاعتراف أن الإيطاليين أيضاً لهم مدرستهم الخاصة. ففي الثلاثينات من القرن الماضي، دخل خياطو نابولي التحدي لمنافسة الإنجليز، وكانت البداية تفكيكهم البدلة الرجالية، بإلغاء التبطين وتنعيم الأكتاف وتحديد الخصر لتأتي البدلة أكثر خفة مفعمة بروح شبابية. جذب هذا الأسلوب الشباب والأوروبيين خصوصاً ليس لرشاقتها فحسب بل لأنها تناسب أحوال الطقس في أوروبا والريفييرا. عملية التفكيك والتطوير لم تقتصر على البدلات التي فصلها وخيطها النابوليون ومن بعدهم بيوت الأزياء الإيطالية الشهيرة مثل جيورجيو أرماني و«زيغنا» وغيرها، إذ امتدت في السنوات الأخيرة إلى الإكسسوارات، لا سيما الأحذية والصنادل. فهي الأخرى، وحسب ما نراه في الموسم الحالي تحديداً، تخففت من ثقلها وسماكتها لتكتسب نعومة ومرونة أكبر. جيسوبي سانتوني الرئيس التنفيذي لشركة «سانتوني» أكثر من يعرف أهمية هذه العملية التفكيكية لمواكبة أحوال السوق ورغبات جيل جديد من الرجال الذين لا يرون تعارضا بين الأناقة وحب الموضة وبين الرجولة. فهو يمتلك ما لا يقل عن 400 حذاء بتصاميم مختلفة جمعها عبر السنوات. قد يقول البعض إن الأمر مبرر في حالته لأنه جزء من عمله، بل يمكن أن يكون نوع من الأبحاث التي يجب أن يقوم بها للاطلاع على مستجدات السوق وأعمال منافسيه. لكن هذا لا يمنع من القول إنه كأي رجل شاب يميل إلى الموضة بمعنى تجربة أي جديد فيها. هذا الموسم كانت قراءته ذكية لمتطلبات شاب رجل عصري تجسدت في مجموعة بعيدة عن التكلّف بأشكالها البسيطة. بعضها يتميز بإبزيم مزدوج وبعضها الآخر بشراريب. أما جديدها فيكمن في طريقة تصنيعها في المقام الأول. فقد تم إلغاء كثير من الطبقات الجلدية التي كانت تُعتبر جزءا من صناعة الأحذية لكن تزيدها ثقلا. كانت الفكرة أن هذه الطبقات المتعددة ضرورية لتماسك الحذاء وتقويته، لكن كل هذا لم يعد له داع بفضل التقنيات الجديدة. هذا التخفيف أضفى على التصاميم روحا عصرية تخاطب رجلاً شاباً وفي الوقت ذاته لا تتجاهل الرجل الكلاسيكي المحافظ من حيث شكلها الخارجي.
وتجدر الإشارة إلى أن جيسوبي سانتوني ليس وحده من يحب تجميع الأحذية، فقد بينت دراسة أجرتها مؤسسة «منتيل» للأبحاث مؤخرا أن الرجل عموما لم يعد يكتفي بحذاء أو حذاءين كما كان في السابق، بل أصبح ينافس المرأة في اقتناء أعداد تتنوع حسب المناسبة. وأضافت الدراسة أن 12 في المائة من الرجال، أغلبهم ما بين 25 و44 عاما، اشتروا ما لا يقل عن ثلاثة أحذية في العام الماضي. وذهبت الدراسة للقول إن الرجال كانوا، ولأول مرة، أكثر إقبالا من المرأة على شراء الأحذية في الشطر الأخير من العام الماضي، بنحو 47 في المائة من الرجال ما بين 16 و24 عاما مقابل 45 في المائة من النساء من نفس الأعمار. ويعيد الخبراء السبب إلى انتعاش سوق الأحذية الرياضية والتصاميم ذات الألوان المتوهجة التي شجعتهم على التنويع. وتشرح تامارا ساندر، محللة موضة في «منتيل» هذه الظاهرة الجديدة بقولها إنه «في الوقت الذي كان فيه الرجل يميل لشراء تصاميم معينة ومحدودة يبقى مخلصا لها طوال حياته، تذوق الشباب لعبة الموضة واستعذبوها. وهم الآن يريدون تجربة كل التصاميم والألوان، خصوصا أن أغلب المصممين يحاولون تغذية هذه الرغبة بالمزيد من الإغراءات على المستوى الفني. وليس أدل على هذا من دخول الفرنسي كريستيان لوبوتان الذي ركب هو الآخر موجة التطوير بالتخفيف من ثقل الأحذية وسُمكها. فعملية التفكيك على ما يبدو انتشرت انتشار الهشيم في النار في كل العالم ولم تعد تقتصر على الإيطاليين. المصمم المشهور بنعله الأحمر والمفضل لدى الكثير من النجمات وفتيات المجتمع المخملي، دخل القطاع الرجالي بطلب من الرجل نفسه، وكانت البداية بحذاء رياضي استهدف منه شريحة محدودة جداً لكنه تفاجأ بأن معظم عشاق الموضة أقبلوا عليه. شجعه هذا النجاح على التفنن في تصاميم أخرى، في تنوع مثير يجمع الكلاسيكي بالجريء من حيث الألوان والتطريزات. وصلت جرأته إلى الاستعانة أحيانا بمعامل لوساج المتخصصة في التطريز والطريف أنه وجد لها سوقا بين شريحة الرجل الـ«داندي» والجريء، الأمر الذي يؤكد أن قطاع الأزياء والإكسسوارات الرجالية ينمو بمعدل يدعو للتفاؤل والمزيد من الإبداعات.


مقالات ذات صلة

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

على الرغم من تعقيد الآلات المستعملة لصنعه، فإن نسيجه يستحق العناء، ويتحول إلى قماش ناعم جداً بمجرّد تحويله إلى سروال جينز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
TT

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

تحظى سراويل الجينز اليابانية المصبوغة يدوياً بلون نيلي طبيعي، والمنسوجة على أنوال قديمة، باهتمام عدد متزايد من عشاق الموضة، الذين لا يترددون في الاستثمار في قطع راقية بغض النظر عن سعرها ما دامت مصنوعةً باليد. وعلى هذا الأساس يتعامل كثير من صُنَّاع الموضة العالمية مع ورشات يابانية متخصصة في هذا المجال؛ فهم لا يزالون يحافظون على كثير من التقاليد اليدوية في صبغ قطنه وتصنيعه من الألف إلى الياء.

يوضع القطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن لا يلوّنها وحدها بل أيضاً أيدي العاملين (أ.ف.ب)

داخل مصنع «موموتارو جينز» الصغير في جنوب غربي اليابان، يغمس يوشيهارو أوكاموتو خيوط قطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن يلوّن يديه وأظافره في كل مرّة يكرر فيها العملية. يتم استيراد هذا القطن من زيمبابوي، لكنّ الصبغة النيلية الطبيعية المستخدَمة مُستخرجةٌ في اليابان، ويؤكد أوكاموتو أنّ لونها غني أكثر من الصبغات الاصطناعية. وكانت هذه الطريقة التي يشير إلى أنها «مكلفة» و«تستغرق وقتاً طويلاً»، شائعةً لصبغ الكيمونو في حقبة إيدو، من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

العمل في هذه المصانع صارم فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع من صبغة إلى خياطة (أ.ف.ب)

وتشكِّل «موموتارو جينز» التي أسستها عام 2006 «جابان بلو»، إحدى عشرات الشركات المنتِجة لسراويل الجينز، ويقع مقرها في كوجيما، وهي منطقة ساحلية تشتهر بجودة سلعها الحرفية، بعيداً عن سراويل الجينز الأميركية المُنتَجة على نطاق صناعي واسع. ويقول رئيس «جابان بلو»، ماساتاكا سوزوكي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن صارمون جداً فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع». ويشمل ذلك «جودة الخياطة والصبغة»، ما يجعل الاعتماد على مهارات التصنيع التقليدية للحرفيين المحليين، مسألة ضرورية.

بيد أن كل ما هو منسوج يدويا ومصنوع بهذا الكم من الحرفية له تكلفته، إذ يبلغ سعر النموذج الرئيسي من الجينز الذي تنتجه «موموتارو» نحو 193 دولاراً. أما النموذج الأغلى والمنسوج يدوياً على آلة خشبية محوّلة من آلة نسج كيمونو فاخرة، فيتخطى سعره 1250 دولاراً.

يعمل أحد الحرفيين على تنفيذ بنطلون جينز باليد بصبر رغم ما يستغرقه من وقت (أ.ف.ب)

ومع ذلك، ازداد الاهتمام بما تنتجه «جابان بلو» على أساس أنها إحدى ماركات الجينز الراقية على غرار «إيفيسو»، و«شوغر كين». وتمثل الصادرات حالياً 40 في المائة من مبيعات التجزئة، كما افتتحت الشركة أخيراً متجرها السادس في كيوتو، ويستهدف السياح الأثرياء بشكل خاص. يشار إلى أن صناعة الجينز ازدهرت في كوجيما بدءاً من ستينات القرن العشرين لما تتمتع به المنطقة من باع طويل في زراعة القطن وصناعة المنسوجات. وخلال حقبة إيدو، أنتجت المدينة حبالاً منسوجة للساموراي لربط مقابض السيوف. ثم تحوّلت بعد ذلك إلى صناعة «تابي»، وهي جوارب يابانية تعزل إصبع القدم الكبير عن الأصابع الأخرى، وانتقلت فيما بعد إلى إنتاج الأزياء المدرسية.

تعدّ سراويل الجينز الياباني من بين أغلى الماركات كونها مصنوعة ومصبوغة باليد (أ.ف.ب)

ويقول مايكل بندلبيري، وهو خيّاط يدير مشغل «ذي دينيم دكتور» لتصليح الملابس في بريطانيا، إنّ سوق سراويل الجينز اليابانية «نمت خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 الماضية». ومع أنّ محبي الجينز في الدول الغربية يبدون اهتماماً كبيراً بهذه السراويل، «لا يمكن للكثيرين تحمل تكاليفها»، بحسب بندلبيري. ويتابع قائلاً: «إن ماركات الجينز ذات الإنتاج الضخم مثل (ليفايس) و(ديزل) و(رانغلر) لا تزال الأكثر شعبية، لكن في رأيي تبقى الجودة الأفضل يابانية». ويرى في ضعف الين وازدهار السياحة فرصةً إضافيةً لانتعاش سوق هذه السراويل.

رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها فإن الأنوال القديمة لا تزال هي المستعملة احتراماً للتقاليد (أ.ف.ب)

يعزز استخدام آلات النسيج القديمة رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها، وبالتالي لا تملك سوى رُبع قدرة أنوال المصانع الحديثة، من سمعة «موموتارو جينز» التي تعود تسميتها إلى اسم بطل شعبي محلي. وغالباً ما تتعطَّل هذه الأنوال المصنوعة في الثمانينات، في حين أنّ الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيفية تصليحها تزيد أعمارهم على 70 عاماً، بحسب شيغيرو أوشيدا، وهو حائك حرفي في موموتارو.

يقول أوشيدا (78 عاماً)، وهو يمشي بين الآلات لرصد أي صوت يشير إلى خلل ما: «لم يبقَ منها سوى قليل في اليابان» لأنها لم تعد تُصنَّع. وعلى الرغم من تعقيد هذه الآلات، فإنه يؤكد أنّ نسيجها يستحق العناء، فـ«ملمس القماش ناعم جداً... وبمجرّد تحويله إلى سروال جينز، يدوم طويلاً».