عاموس عوز يحذر من هاوية العنصرية وخطورتها

«سلاماً أيها المتعصبون»... تأملات صادمة ومناقضة للسائد في إسرائيل

عاموس عوز
عاموس عوز
TT

عاموس عوز يحذر من هاوية العنصرية وخطورتها

عاموس عوز
عاموس عوز

في كتابه الأخير المثير للجدل لا يقدم «عاموس عوز» عملا روائيا ينسجم القارئ مع شخصياته وأحداثه بعيدا عن مواقف كاتبه في المجتمع والسياسة، بل يأتي إلى القارئ بتأملات وتجارب شخصية صادمة ومناقضة للسائد. ولعل ولادة الكاتب ونشأته في القدس كان لها انعكاس على قناعاته بما تعرضت وتتعرض له المدينة وقاطنوها من أحداث وتطورات منها ما هو واقعي ومنها ما يعتمد الخرافة ويدخل التراث اليهودي إلى متحف القداسة بديلا عن المنطق الإنساني.
يقدم عوز في كتابه ثلاثة مقالات/ محاضرات تحليلية فكرية تقرأ التاريخ والواقع المشرقي وتحذر من هاوية العنصرية وخطورتها. ويذكر في تقديمه للكتاب على أنه موجه إلى من لا يوافقونه في الرأي. وقد صدر الكتاب بالعبرية والعربية والروسية وهي اللغات المتداولة في الديار الكنعانية.
في مقاله الأول «سلاماً أيها المتعصبون» يقول إن التعصب أقدم من الديانات السماوية وهو قديم قدم الإنسان لكونه «عنصرا متجذرا في طبيعة النفس البشرية. وثمة صراع عالمي اليوم بين من يعتقد أنه محق لكنه لا يقدس الحياة بل الحياة لديه هي وسيلة لتحقيق الغاية، هذه هي الخلفية السيكولوجية للإرهاب الأصولي وبين من يقدس الحياة ويضعها في مقدمة القيم الإنسانية». بالنسبة لعوز، كان من السهل الاكتفاء بقبول طرح «صراع الحضارات» الذي نادى به «صاموئيل هانتينغتون» والانصراف عن التعمق الجاد بفهم دوافع التعصب من جهة ومن جهة أخرى هذا الاكتفاء، أعفى البعض في إسرائيل وبلدان الشرق من إعطاء الحق للآخرين كما في القضية الفلسطينية وسواها.
من خلال الغوص في شخصية المتعصبين يقول عوز إنهم «لا يفكرون بأنفسهم مقدار انشغال فكرهم بالآخرين فهم يريدون أن نكون مثلهم وننتمي إلى عالمهم غير السوي وغير المتسامح والمأخوذ بالتعميمات والوعي المزيف». ويستشهد بحادثة وقعت مع الكاتب اليهودي العراقي سامي ميخائيل، حيث سافر الأخير ذات مرة في سيارة أجرة مسافة طويلة تجاذب مع سائقها المتعصب أطراف الحديث في الشأن العام فقال له السائق: يجب قتل كل العرب في البلاد! فرد عليه ميخائيل كيف يمكننا أن نقوم بعمل كهذا؟ فأجابه السائق: «كل يهودي ينفرد بمجموعة من العرب! لكن ميخائيل بذكائه وواقعيته سأل السائق: إذا منحت لك هذه الفرصة وأطلت عليك طفلة صغيرة تبكي.. هل ستقتلها؟ فجفل السائق والتفت إلى ميخائيل قائلا: «أية وحشية تلك..».
هنا تتبدى الفوضى في مفاهيم المتطرف وعاطفته المتهورة وضيق خياله.. عندما ذكر ميخائيل الطفلة الصغيرة جعل السائق المتطرف يشحذ خياله فرأى المشهد الإنساني ففهم أن عملا كهذا وحشي ومرفوض، من هنا فإن الخيال وحب الاستطلاع والانفتاح على الآخر عاطفيا قد تكون عوامل مضادة للتعصب.
يعترف عوز أنه كان في مطلع حياته متطرفا في أفكاره الصهيونية، يرمي الحجارة مع رفاقه في الحارة على دوريات شرطة الانتداب البريطاني لكنه غير موقفه عندما التقى شرطيا إنجليزيا يتقن العبرية ويحفظ التوراة. تجربته المقدسية هذه جعلته مختصا بما يسميه بالتعصب المقارن Comparative Fanaticism، أي فهم التعصب لدى أكثر من فئة من الناس ومن جوانبه المختلفة فثمة ضرورة لدى المتعصبين ورغبة قسرية بالخضوع لإملاءات أسيادهم والرغبة في الانتماء إلى مجموعات قوية سعيا لتعريف شخصياتهم الضعيفة.
في المقال الثاني «أنوار وليس نورا واحدا» يقدم تعريفات للديانة اليهودية كثقافة وليست فقط ديانة أو قومية كما هو سائد في إسرائيل والعالم الغربي رافضا أن تكون لها «أخلاق نسبية» أي إن ما هو ملائم في أوروبا قد لا يكون صالحا في أفريقيا! ويخلص إلى استنتاج أن فكرة «لا تسبب الألم للآخرين» هي خلاصة الوصايا الدينية وفكرة عدم وجود «الحبر الأعظم» في اليهودية كما هو لدى المسيحيين نجمت عن الخلافات في الرأي منذ الخروج من سيناء ولا تزال تأثيراتها إلى اليوم.
وفي هذا السياق يتوقف لدى قطعة الخزف التي عثر عليها علماء الآثار قبل عدة سنوات في خربة «كيافا» في منطقة «بيت شيمش» غربي القدس، والمحفور عليها بالعبرية: «لا تظلموا، اتقوا الله، أنصفوا العبد والأرملة، احفظوا حق اليتيم والغريب»، ويعتبرها رسالة من الماضي وصلت إلى الحاضر المتعثر. إنها أقدم من التوراة، وهي تدعو بوضوح للتسامح وحب الغير، نقيض ما يمارسه المتدينون المتطرفون. نقده هذا هو نقد للفكر القدري الذي ينادي به المتعصبون زاعمين «أن إنجازات العلمانيين أتت كي يكونوا مطية لمجيء المسيح المنتظر» وبهذا يحبطون جهود العقل البشري ويقزمون إنجازاته الهائلة.
ويواصل عوز تساؤلاته: «هل الإنجازات العبرية الحديثة في العلوم التطبيقية والفكر والشعر والرواية يجب التعتيم عليها لصالح ثقافة الأقدمين التي يقدسها من لا يعترفون بمحكمة العدل العليا والبرلمان والحكومة ويريدون العودة إلى عهد السنهدرين؟» وينتقد في سياق المقال مفهوم «الطابع اليهودي» للدولة الذي تنشده قوى الصهيونية - الدينية المتطرفة، وتعريف «الدم اليهودي» كمصطلح عنصري لم يرد ذكره في الكتب الدينية كالتوراة أو التلمود. وهو يرى أنه لم تتح الفرصة للشعب الإسرائيلي خلال تاريخه القديم أن يطور ثقافة تفاهم مع دول أو شعوب أخرى ولعل ذلك مرده إلى حياة الشتات التي عاشها اليهود طويلا.
وبالنسبة لمكانة المتدينين يذكر حادثة لقاء ديفيد بن غوريون مع الحاخام «إبراهام يشعياهو» في «بني براك» شرق تل أبيب الذي سأل بن غوريون: إذا التقت عربة فارغة مع عربة مليئة على جسر.. أليس من الجدير أن تفسح العربة الفارغة الطريق للعربة المليئة لكي تعبر أولا؟ والعربة المليئة كناية عن المعرفة الدينية، وبهذا قبل بن غوريون أن يكون هو والعلمانيون في حلبة العربة الفارغة!
في المقال الثالث المعنون «أحلام يحسن الإسرائيليون صنعا لو تحرروا منها» يقدم عوز قراءة في الراهن السياسي وفرض السيادة العسكرية على الضفة الغربية ويؤكد أن الحرب التي لا تحقق هدفا تعتبر هزيمة، والخيار الأمثل هو قيام دولتين لأن خيار دولة ثنائية القومية لا يمكن تطبيقه داخل منظومة التعريف «دولة يهودية ديمقراطية» أما تأجيل قيام دولة فلسطينية وهذه جهود اليمين الاستيطاني فإنها قد تزيد من إحكام قبضة المتعصبين على مقاليد البلاد.
ويبدي عوز أخيرا تشاؤمه وتخوفه من استمرار الاحتلال متنبئا بما هو أسوأ على غرار خراب الهيكل الأول على يد البابليين والثاني على يد الرومان بسبب مواقف المتعصبين وقناعاتهم بالخوارق وقوى ما فوق الطبيعية.


مقالات ذات صلة

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)

سوزانا كلارك... توّجوها واحدةً من أعظم روائيي جيلها ثم اختفت

سوزانا كلارك... توّجوها واحدةً من أعظم روائيي جيلها ثم اختفت
TT

سوزانا كلارك... توّجوها واحدةً من أعظم روائيي جيلها ثم اختفت

سوزانا كلارك... توّجوها واحدةً من أعظم روائيي جيلها ثم اختفت

قبل عشرين عاماً، خاض محرر في دار «بلومزبري للنشر» مخاطرة كبيرة إزاء كتاب غير عادي للغاية. فهي رواية خيالية أولى لسوزانا كلارك، تدور أحداثها في إنجلترا بالقرن التاسع عشر، وتحكي قصة ساحرين متنازعين يحاولان إحياء فنون السحر الإنجليزي المفقود. كانت المخطوطة غير المكتملة مليئة بالهوامش المعقدة التي تشبه في بعض الحالات أطروحةً أكاديميةً حول تاريخ ونظرية السحر. وكانت مؤلفة الكتاب سوزانا كلارك محررة كتب طهي وتكتب الروايات الخيالية في وقت فراغها.

أطلقت «جوناتان سترينج والسيد نوريل»، على الفور، سوزانا كلارك واحدةً من أعظم كُتاب الروايات في جيلها. ووضعها النقاد في مصاف موازٍ لكل من سي. إس. لويس وجيه. أر. أر. تولكين، وقارن البعض ذكاءها الماكر وملاحظاتها الاجتماعية الحادة بتلك التي لدى تشارلز ديكنز وجين أوستن. التهم القراء الرواية التي بِيع منها أكثر من أربعة ملايين نسخة.

تقول ألكساندرا برينغل، المحررة السابقة في «دار بلومزبري»، التي كُلفت بطباعة أولى بلغت 250 ألف نسخة: «لم أقرأ شيئاً مثل رواية (جوناتان سترينج والسيد نوريل) في حياتي. الطريقة التي خلقت بها عالماً منفصلاً عن عالمنا ولكنه متجذر فيه تماماً كانت مقنعة تماماً ومُرسومة بدقة وحساسية شديدتين».

أعادت الرواية تشكيل مشاهد طمست الحدود مع الخيال، مما جعلها في القائمة الطويلة لجائزة «بوكر» وفازت بـ«جائزة هوغو»، وهي جائزة رئيسية للخيال العلمي والفانتازيا. وبسبب نجاح الرواية، نظمت جولات لها عبر الولايات المتحدة وأوروبا، ومنحتها «دار بلومزبري» لاحقاً عقداً ضخماً لرواية ثانية.

ثم اختفت كلارك فجأة كما ظهرت. بعد فترة قصيرة من إصدار الرواية، كانت كلارك وزوجها يتناولان العشاء مع أصدقاء بالقرب من منزلهما في ديربيشاير بإنجلترا. وفي منتصف الأمسية، شعرت كلارك بالغثيان والترنح، ونهضت من الطاولة، وانهارت.

في السنوات التالية، كافحت كلارك لكي تكتب. كانت الأعراض التي تعاني منها؛ الصداع النصفي، والإرهاق، والحساسية للضوء، والضبابية، قد جعلت العمل لفترات طويلة مستحيلاً. كتبت شذرات متناثرة غير متماسكة أبداً؛ في بعض الأحيان لم تستطع إنهاء عبارة واحدة. وفي أدنى حالاتها، كانت طريحة الفراش وغارقة في الاكتئاب.

توقفت كلارك عن اعتبار نفسها كاتبة.

نقول: «تم تشخيص إصابتي لاحقاً بمتلازمة التعب المزمن. وصار عدم تصديقي أنني لا أستطيع الكتابة بعد الآن مشكلة حقيقية. لم أعتقد أن ذلك ممكن. لقد تصورت نفسي امرأة مريضة فحسب».

الآن، بعد عقدين من ظهورها الأول، تعود كلارك إلى العالم السحري لـ«سترينج ونوريل». عملها الأخير، رواية «الغابة في منتصف الشتاء»، يُركز على امرأة شابة غامضة يمكنها التحدث إلى الحيوانات والأشجار وتختفي في الغابة. تمتد الرواية إلى 60 صفحة مصورة فقط، وتبدو مقتصدة وبسيطة بشكل مخادع، وكأنها أقصوصة من أقاصيص للأطفال. لكنها أيضاً لمحة عن عالم خيالي غني لم تتوقف كلارك عن التفكير فيه منذ كتبت رواية «سترينج ونوريل».

القصة التي ترويها كلارك في رواية «الغابة في منتصف الشتاء» هي جزء من روايتها الجديدة قيد التأليف، التي تدور أحداثها في نيوكاسل المعاصرة، التي تقوم مقام عاصمة للملك الغراب، الساحر القوي والغامض الذي وصفته كلارك بأنه «جزء من عقلي الباطن». كانت مترددة في قول المزيد عن الرواية التي تعمل عليها، وحذرة من رفع التوقعات. وقالت: «لا أعرف ما إذا كنت سوف أتمكن من الوفاء بكل هذه الوعود الضمنية. أكبر شيء أكابده الآن هو مقدار الطاقة التي سأحصل عليها للكتابة اليوم».

تكتب كلارك على طريقة «الغراب» الذي يجمع الأشياء اللامعة. وتصل الصور والمشاهد من دون سابق إنذار. تدون كلارك الشذرات المتناثرة، ثم تجمعها سوياً في سردية، أو عدة سرديات. يقول كولين غرينلاند، كاتب الخيال العلمي والفانتازيا، وزوج كلارك: «إنها دائماً ما تكتب عشرات الكتب في رأسها».

غالباً ما يشعر القارئ عند قراءة رواياتها وكأنه يرى جزءاً صغيراً من عالم أكبر بكثير. حتى كلارك نفسها غير متأكدة أحياناً من القصص التي كتبتها والتي لا توجد فقط إلا في خيالها.

تقول بصوت تعلوه علامات الحيرة: «لا أتذكر ما وضعته في رواية (سترينج ونوريل) وما لم أضعه أحب القصص التي تبدو وكأنها خلفية لقصة أخرى، وكأن هناك قصة مختلفة وراء هذه القصة، ونحن نرى مجرد لمحات من تلك القصة. بطريقة ما تعتبر رواية (جوناتان سترينج والسيد نوريل) كخلفية لقصة أخرى، لكنني لا أستطيع أن أقول إنني أعرف بالضبط ما هي تلك القصة الأخرى».

في الحوار معها، كانت كلارك، التي تبلغ من العمر 64 عاماً ولديها شعر أبيض لامع قصير، تجلس في غرفة المعيشة في كوخها الحجري الدافئ، حيث عاشت هي والسيد غرينلاند منذ ما يقرب من 20 عاماً.

ويقع منزلهما على الامتداد الرئيسي لقرية صغيرة في منطقة بيك ديستريكت في دربيشاير، على بعد خطوات قليلة من كنيسة صغيرة مبنية بالحجر، وعلى مسافة قصيرة سيراً على الأقدام من حانة القرية التي يزورونها أحياناً. ويساعد هدوء الريف - حيث لا يكسر الصمت في يوم خريفي سوى زقزقة الطيور وثغاء الأغنام بين الحين والآخر - كلارك على توجيه أي طاقة تستطيع حشدها للكتابة.

في يوم رمادي رطب قليلاً في سبتمبر (أيلول)، كانت كلارك تشعر بأنها على ما يرام إلى حد ما، وكانت قد رفعت قدميها على أريكة جلدية بنية اللون؛ المكان الذي تكتب فيه أغلب أوقات الصباح. كانت تحمل في حضنها خنزيراً محشواً، مع ثعلب محشو يجاورها؛ ويلعب كل كائن من هذه المخلوقات دوراً في رواية «الغابة في منتصف الشتاء». تحب أن تمسك حيواناتها المحشوة أثناء العمل، لمساعدتها على التفكير، وكتعويذة «لدرء شيء ما لا أعرف ما هو. يفعل بعض الناس أشياء كالأطفال، ثم مع التقدم في العمر، يتخلون عن الأشياء الطفولية. أنا لست جيدة للغاية في ذلك».

نظرت إلى الخنزير وأضافت: «لا أرى حقاً جدوى في التقدم بالعمر».

ثم استطردت: «أكبر شيء يقلقني هو كم من الطاقة سأحتاج للكتابة اليوم؟».

وُلدت سوزانا كلارك في نوتنغهام عام 1959، وكانت طفولتها غير مستقرة، إذ كان والدها، وهو قس مسيحي، يغير الكنائس كل بضع سنوات، وانتقلت عائلتها ما بين شمال إنجلترا وأسكوتلندا. في منزلهم البروتستانتي، كان إظهار العواطف غير مرغوب فيه؛ ولذلك نشأت كلارك، الكبرى من بين ثلاثة أبناء، على الاعتقاد بأن التقوى تعني أنه «ليس من المفترض أن تفعل في حياتك ما يجعل منك إنساناً مميزاً»، كما تقول.

*خدمة: «نيويورك تايمز»