تساؤلات أميركية حول جدية التزام طهران بالاتفاق النووي

نيكي هيلي: سلوك إيران يقوض مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط

نيكي هيلي سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة (رويترز)
نيكي هيلي سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة (رويترز)
TT

تساؤلات أميركية حول جدية التزام طهران بالاتفاق النووي

نيكي هيلي سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة (رويترز)
نيكي هيلي سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة (رويترز)

قالت نيكي هيلي سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، أمس (الثلاثاء)، إن الولايات المتحدة تريد أن تعرف ما إذا كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتزم تفتيش مواقع عسكرية إيرانية للتأكد من التزام طهران باتفاق نووي تم التوصل إليه عام 2015.
وستلتقي هيلي مع مسؤولي الوكالة في فيينا اليوم (الأربعاء) لبحث ما وصفته بمهمة لتقصي الحقائق تمثل جزءا من مراجعة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للاتفاق الذي توصلت إليه إيران مع القوى الكبرى للحد من برنامجها النووي مقابل رفع معظم العقوبات عنها.
وقالت هيلي في مقابلة مع وكالة أنباء «رويترز»: «إذا نظرتم لسلوك إيران في الماضي ما سترونه هو أفعال مستترة في المواقع العسكرية، في الجامعات، أشياء من هذا القبيل»، مبينة: «توجد بالفعل مشكلات في هذه المواقع ومن ثم هل سيضمون ذلك إلى ما سيفحصونه للتأكد من عدم وجود مثل هذه المشكلات؟». «لديهم سلطة فحص المواقع العسكرية الآن. لديهم سلطة فحص أي مواقع مريبة الآن، كل ما في الأمر هل هم يفعلون ذلك؟».
وبينت هيلي أنها ستسافر إلى فيينا لتطرح هذه الأسئلة وليس لدفع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لفعل أي شيء.
ورفضت السلطات العليا الإيرانية بشكل قاطع منح المفتشين الدوليين إذنا بدخول المواقع العسكرية الإيرانية.
وأبلغ مسؤولون إيرانيون «رويترز» بأن أي خطوة من هذا القبيل ستؤدي إلى عواقب وخيمة.
وقالت هيلي: «لماذا يقولون هذا إذا كانوا يقولون إنه ليس لديهم أي شيء يخفونه؟ لماذا لا يسمحون للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالذهاب إلى هناك؟».
وكانت وسائل الإعلام الإيرانية نقلت عن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، قوله إن «إيران يمكن أن تستأنف إنتاج اليورانيوم العالي التخصيب في غضون خمسة أيام إذا أُلغي الاتفاق النووي».
وأمر ترمب في أبريل (نيسان) بإجراء مراجعة بشأن ما إذا كان تعليق العقوبات على إيران نتيجة الاتفاق النووي الذي جرى التفاوض عليه خلال حكم الرئيس السابق باراك أوباما يصب في مصلحة الأمن القومي الأميركي. ووصف الاتفاق بأنه «أسوأ اتفاق جرى التفاوض عليه على الإطلاق».
وبموجب الاتفاق النووي ألغيت قبل 18 شهرا معظم العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة والدول الغربية. وما زالت الأمم المتحدة تفرض حظرا للسلاح على إيران بالإضافة إلى قيود أخرى لا تعد جزءا من الاتفاق من الناحية الفنية.
وبموجب القانون الأميركي يجب أن تخطر وزارة الخارجية الكونغرس كل 90 يوما بمدى التزام إيران بالاتفاق النووي. ويحل الموعد النهائي التالي في أكتوبر (تشرين الأول) وقال ترمب إنه يعتقد أنه بحلول ذلك الوقت ستعلن الولايات المتحدة عدم التزام إيران بالاتفاق.
وتنظر هيلي مراجعة الولايات المتحدة لسياستها تجاه إيران في سلوك طهران في الشرق الأوسط، الذي قالت واشنطن إنه يقوض المصالح الأميركية في سوريا والعراق واليمن ولبنان.
وأمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ندد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم (الأربعاء) بتعزيز الوجود الإيراني في سوريا واصفا إياه بأنه يشكل «تهديدا للعالم بأسره».
وقال نتنياهو الذي استقبله بوتين في سوتشي المنتجع الواقع على البحر الأسود إن «إيران تبذل جهودا لتعزيز وجودها في سوريا».
وأضاف خلال اللقاءأن هذا يشكل تهديدا للشرق الأوسط والعالم.
وروسيا، مع إيران، هي أحد أبرز حلفاء النظام السوري وتدخلت عسكريا في سبتمبر (أيلول) 2015 دعما لقوات نظام الرئيس بشار الأسد.
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي أن الجهود الدولية الهادفة لمكافحة تنظيم «داعش» مهمة جدا لكن «الأمر السلبي هو أن إيران تشغل حيزا حيثما يهزم التنظيم».
ومنذ بدء الحرب في سوريا عام 2011، تتابع إسرائيل بانتباه شديد الوضع في الدولة المجاورة لها مع الحرص على عدم الانجرار إلى النزاع والاحتفاظ بحقها في توجيه ضربات انتقائية لقوافل تعتبرها تهديدا لها، وتقول إنها لميليشيا حزب الله اللبناني أو مواقع لقوات النظام السوري.
وفي يوليو (تموز) عبر نتنياهو عن رفضه هدنة عرضتها الولايات المتحدة وروسيا في جنوب سوريا، معتبرا أنها تعزز وجود إيران بحسب ما قال مسؤول إسرائيلي.
ودخل وقف لإطلاق النار بمبادرة من الولايات المتحدة وروسيا والأردن حيز التنفيذ في 9 يوليو في محافظات السويداء ودرعا والقنيطرة. ويتم الالتزام به عموما.



قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

تخشى الولايات المتحدة من محاولات إيران لاستعادة حضورها العسكري في سوريا، بما في ذلك خط إمداد «حزب الله»، رغم سحبها الكبير لقواتها من الأراضي السورية بعد انهيار نظام الأسد، الشهر الماضي، في ضربة لاستراتيجيتها الإقليمية، وفقاً لمسؤولين غربيين وإقليميين.

وقال مسؤول أميركي رفيع لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن الانسحاب الإيراني من سوريا يمثل نهاية لجهود طهران الإقليمية لنشر النفوذ وشن حروب بالوكالة ضد أميركا وإسرائيل، حيث فر أعضاء في «فيلق القدس»، وتم تفكيك الميليشيات.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

بدأت إيران بسحب قواتها بعد انهيار الجيش السوري في أواخر العام الماضي، في ظل ضربات إسرائيلية متواصلة، وكانت غاضبة من الأسد الذي ظل غائباً خلال صراعها مع إسرائيل.

وامتدت شبكة إيران في سوريا من الشرق لنقل الأسلحة والمقاتلين إلى حدود لبنان لتسليح «حزب الله».

وقال مسؤولون غربيون وعرب إن معظم المقاتلين المدعومين من إيران في شرق سوريا، بينهم ضباط من «الحرس الثوري»، فروا إلى القائم بالعراق، بينما هرب بعض الإيرانيين المقيمين في دمشق إلى طهران، ومقاتلو «حزب الله» عبروا إلى لبنان.

وقالت باربرا ليف، المسؤولة عن شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية، عن مغادرة القوات الإيرانية من سوريا: «إلى حد كبير، نعم... إنه أمر استثنائي».

الرئيس السوري بشار الأسد في لقاء مع وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لسوريا في 2 ديسمبر 2024 (د.ب.أ)

وقالت ليف إن سوريا أصبحت الآن أرضاً معادية لإيران، وأضافت: «هذا لا يعني أنهم لن يحاولوا العودة، لكن الأوضاع هناك معادية للغاية».

وهاجم المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأسبوع الماضي، الانتقادات لحضور إيران الإقليمي، قائلاً: «بعض الأشخاص بسبب افتقارهم للفهم وقلة الوعي والتحليل الصحيح للقضايا يقولون إن الدماء التي أريقت في سبيل الدفاع عن الأضرحة قد ذهبت هدراً». وأضاف: «هذا التصور خطأ كبير؛ لأنه لولا قتال الجنرال سليماني ومدافعي الأضرحة لما بقي أثر من المراقد المقدسة، سواء السيدة زينب أو حتى كربلاء والنجف».

وقال دبلوماسيون غربيون إن العسكريين الإيرانيين وحلفاءهم أُجبروا على ترك كمية كبيرة من المعدات والذخائر العسكرية في أثناء هروبهم، وجرى تدميرها لاحقاً بواسطة إسرائيل، أو تم الاستيلاء عليها من قبل «هيئة تحرير الشام» وجماعات أخرى.

وقال مسؤول سابق في «البنتاغون» إن انهيار نظام الأسد قلل من تأثير إيران في المنطقة، وقدرتها على دعم الجماعات المسلحة لتحقيق أهدافها الإقليمية.

في الأيام الأخيرة، أفادت تقارير بأن إيران حاولت زيادة شحنات النقود إلى «حزب الله» في لبنان، وتم تأخير وتفتيش رحلة دبلوماسية إيرانية لدى وصولها إلى بيروت.

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من سلامي خلال جلسة مغلقة حول سوريا ديسمبر الماضي

ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن إيران ستسعى لإعادة الجسر البري، ولكن من غير المحتمل أن تسمح الحكومة السورية الجديدة لـ«الحرس الثوري» الإيراني بتجديد وجوده العسكري بسبب دعمه للأسد.

وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول)، توقع خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».

ویخشی المسؤولون الأمیركيون من أن إيران قد تحاول إعادة نفوذها في سوريا على المدى الطويل، عبر تفعيل الشبكات القديمة، واستغلال عدم الاستقرار في البلد.

قال أندرو تابيلر، المدير السابق لسوريا في مجلس الأمن القومي: «هذا فشل كارثي لإيران. حجم الكارثة سيعتمد على ما إذا كانت سوريا ستظل موحدة»، وأضاف: «قد تجد إيران طريقاٌ للعودة بفضل الانقسامات الطائفية التي لا تزال غير محلولة في ظل النظام الجديد».