متشددو «عين الحلوة» يضغطون بالمعارك لتسوية تُخرجهم إلى سوريا

TT

متشددو «عين الحلوة» يضغطون بالمعارك لتسوية تُخرجهم إلى سوريا

فشلت الهجمات التي قادها متشددون في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان أمس، لاستعادة السيطرة على حي الطيري بعد أن طردتهم القوى الفلسطينية منه، في أبرز نتائج للمعركة الأخيرة المستمرة منذ 6 أيام، وأرادها المتشددون للضغط على الدولة اللبنانية للقبول بتسوية تقضي بإخراجهم من المخيم إلى سوريا.
وقالت مصادر فلسطينية في مخيم عين الحلوة لـ«الشرق الأوسط»، إن تدهور الوضع الأمني المفاجئ في المخيم، إثر مهاجمة فصائل متشددة مركز القوة الأمنية الخميس الماضي رغم الاتفاق السابق الذي أبرم في أبريل (نيسان) الماضي، يريد منه المتشددون «الضغط على الدولة اللبنانية للقبول بتسوية تقضي بإخراجهم إلى سوريا أسوة باتفاق تنظيم (جبهة النصرة) و(حزب الله) في جرود القلمون». ولفتت المصادر إلى أن الهجوم «جاء بالتزامن مع معركة الجيش اللبناني ضد (داعش) في شرق لبنان»، فضلاً عن أنهم «يحاولون الضغط أيضاً على حركة فتح، ويسعون لاسترجاع نفوذهم السابق في بعض الأحياء» التي أخرجتهم منها القوة الفلسطينية في المعركة السابقة في أبريل الماضي.
وإثر طرد المتشددين من حي الطيري ليلة أول من أمس، تفقد قائد الأمن الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب مواقع القوة الفلسطينية المشتركة والأمن الوطني الفلسطيني، عبر زيارة نفذها إلى أحياء الطيري والصحون وجبل الحليب في المخيم.
وبعد الظهر، تجددت الاشتباكات في الشارع الفوقاني - حي الطيرة، معقل مجموعتي «بدر» و«العرقوب»، حيث سمعت أصوات انفجارات القذائف الصاروخية مترافقة مع إطلاق رصاص كثيف، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، لافتة إلى أن المعارك «تتركز على محور الطيري - الصحون وسوق الخضار، حيث علت أصوات انفجارات القذائف وإطلاق الرصاص الكثيف».
وسابق الحسم العسكري في تلك البقعة، جهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار عبر اجتماعات عقدت في السفارة الفلسطينية، وبحث الاجتماع العمل على إعادة الأمن والاستقرار إلى المخيم، الذي شهد اشتباكات عنيفة منذ يوم الخميس الماضي بين القوة الفلسطينية المشتركة وحركة «فتح» من جهة، وبين مجموعتي «بلال بد»ر و«بلال العرقوب»، أدت إلى سقوط 4 قتلى وعشرات الجرحى.
ولم تعارض حركة «فتح» الجهود لوقف إطلاق النار، رغم الأفضلية العسكرية للقوى الأمنية المشتركة في المخيم، بالنظر إلى أن الحركة وسائر الفصائل المعتدلة، وأبرزها «الحركة الإسلامية المجاهدة» و«عصبة الأنصار»؛ «توافق على ما يخدم أهلنا وشعبنا ويعيد الأمن والهدوء إلى المخيم»، بحسب ما قالت مصادر فلسطينية مقربة من حركة «فتح» لـ«الشرق الأوسط»، مشددة على أن القوى الفلسطينية تصر خلال المحادثات في السفارة الفلسطينية على «تفكيك المربع الأمني في حي الطيري، لأنه يشكل خطراً على أمن المخيم».
ولم توقف المجموعات المتشددة القتال بعد طردها من الطيري، فقد ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية الرسمية أن «التوتر ساد مخيم عين الحلوة ليل الاثنين – الثلاثاء؛ حيث كانت تسمع بين الحين والآخر رشقات نارية وإلقاء قنابل وقذائف على محور حي الصحون - رأس الأحمر - حي الطيري، استمرت حتى ساعات الصباح الأولى».
ويمثل إطلاق النار خرقاً للاتفاق على وقف إطلاق النار الذي انبثق عن اجتماع القيادة السياسية الفلسطينية في منطقة صيدا، والذي أفضى إلى وقف إطلاق النار والتزام طرفي النزاع بتطبيقه ونشر عناصر القوة المشتركة. وقالت المصادر القريبة من «فتح» لـ«الشرق الأوسط» إن القوى الإسلامية المعتدلة في المخيم «لم تؤمن أي غطاء للعناصر المتشددة بعد خرقها اتفاق وقف إطلاق النار»، مشيرة إلى أن جميع القوى «باتت على يقين بأن القوة الأمنية المشتركة جدية في الحسم العسكري بالنظر إلى أن الوضع الأمني في الداخل لم يعد يُحتمل بالنسبة للفلسطينيين وبالنسبة للمحيط اللبناني».
وأفاد سكان في المخيم بأن «الإسلاميين» شنوا هجمات معاكسة لاستعادة حي الطيري، تم صدها صباح أمس، مما دفع بالعناصر المتشددة إلى محاولات تجميع قواها. وأشار هؤلاء إلى أن أبرز المطلوبين في المخيم بلال بدر «أصيب (يوم) الاثنين إصابة طفيفة، ونقل زوجته إلى مكان آمن قبل أن يعود للقتال ضد القوى الفلسطينية».
ويشكل المطلوبون الفلسطينيون أبرز القوة المقاتلة في المعارك الأخيرة، بينما «لم تُرصد مشاركة لمجموعات شادي المولوي وجماعة الشيخ المتشدد أحمد الأسير». وبعد المعارك، انكفأ المتشددون إلى أحياء المنشية وبيوت في حي السميرية، وحي الطوارئ.
وشهد يوم الاثنين، اشتباكات عنيفة، سقط على أثرها أكثر من 9 جرحى، وأسفرت عن خسائر جسيمة في الممتلكات، فضلا عن احتراق عدد من المنازل والمؤسسات.
يذكر أن الاشتباكات قد اندلعت في المخيم مساء الخميس الماضي، على خلفية إقدام مجموعة الفلسطيني المطلوب بلال عرقوب على إطلاق نار على مقر القوة الفلسطينية المشتركة في المخيم. وأسفرت الاشتباكات منذ اندلاعها عن سقوط 4 قتلى و15 جريحا وإلحاق أضرار بكثير من المنازل والممتلكات والبنى التحتية، وتهجير سكان الأحياء التي دارت فيها المعارك والأحياء القريبة منها.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».