«ستايكيشن»... موضة سياحة العصر

الإقامة في أول برج سكني بلندن والزيارة تشمل التسوق والقصور

أجمل إطلالة على لندن من أعلى برج سكني فيها في الستينات
أجمل إطلالة على لندن من أعلى برج سكني فيها في الستينات
TT

«ستايكيشن»... موضة سياحة العصر

أجمل إطلالة على لندن من أعلى برج سكني فيها في الستينات
أجمل إطلالة على لندن من أعلى برج سكني فيها في الستينات

تطرأ بين الفينة والأخرى مصطلحات جديدة على معجم اللغة الإنجليزية ليصبح استخدامها رسميا ومعترفا بها، ولا يقتصر تسلل تلك المفردات الطارئة على بريطانيا فقط إنما يتعداها ليصبح استخدامها عالميا تماما مثل بعض الكلمات الأجنبية الأخرى التي تعرب في عالمنا، وقد تكون كلمة «ستايكيشن» Staycation من أجدد تلك الكلمات وهي مستمدة من كلمة «فاكيشن» (وتعني العطلة) وتم اللعب على حروفها وأضيف الفعل «ستاي» Stay (ويعني البقاء) وتم تداول هذه المصطلح للدلالة على موضة جديدة للسفر داخل البلد أو المدينة التي نعيش فيها.
وهذه الفكرة آخذة بالتوسع في أوروبا وفي عالمنا العربي نسبة لتكلفة السفر بالطائرة والمواصلات وما يلحقها من مصاريف إضافية يمكن تفاديها في حال اخترنا العطلة المحلية الصحيحة التي تناسب رؤية كل شخص ومتطلباته.
وهذه ليست هي المرة الأولى التي أكتب فيها عن مدينتي لندن، ولكن وبصراحة لا أمل من الكتابة عن هذه البقعة السياحية الساحرة التي تعتبر من بين أكثر مدن العالم زيارة من حيث عدد السياح الذين يؤمونها سنويا، وميزتها الأهم هي أنها دائمة التجدد وفيها ما يرضي الجميع، فيها ما يسعد العزاب والمتزوجين، العائلات والمثقفين والباحثين عن العروض المسرحية والفنية وحتى الباحثين عما تركوه وراءهم في بلادهم، وهنا أعني الشيشة لأن لهذه الأخيرة حضوراً لافتاً في المشهد السياحي الذي ألقى بسحره ليس فقط على الزوار العرب إنما أيضاً الأجانب.
- اختيار الفندق
إذا كنت تعيش في لندن أنصحك بالإقامة في أحد فنادقها إذا كنت تنوي تمضية عطلة قصيرة، ومن الضروري اختيار المنطقة المناسبة لما تحتاجه، وهذه المرة أردت النزول في فندق بروح عربية فيه مركز صحي وبركة سباحة ولكن بنفس الوقت أردته أن يكون مليئا بالتاريخ الجميل الذي يعكس الاناقة الإنجليزية في مهدها وأن يكون موقعه مناسبا للمشي حتى لا يتعين علي سياقة السيارة أو استخدام التاكسي أو اي وسيلة نقل.
فكان فندق «جميرا كارلتون تاور» Jumeirah Carlton Tower هو الخيار الأنسب بسبب موقعه الجميل في منطقة نايتسبريدج والقريب من شارع «سلوان ستريت» الذي يضم أكثر البوتيكات أناقة في لندن كما أنه على بعد أقل من 5 دقائق مشيا على الأقدام من متجر هارودس وهارفي نيكولز ومنه تصل بسهولة إلى حديقة هايد بارك التي تشق منها طريقك إلى شارع التسوق «أوكسفورد ستريت» الأشهر.
هذا هو مختصر دواعي قراري للإقامة في هذا الفندق الأنيق والذي يحمل في طياته تاريخا لافتا ومعلومات لا يعرفها الكثير.
- قصة مبنى جميرا كارلتون تاور
يمكن رؤية مبنى فندق جميرا كارلتون تاور من أين نقطة حللت بها في محيط بارك لاين ونايتسبريدج وما حولها، والسبب وراء ذلك هو شموخ المبنى العالي الذي بني في عام 1961 وكان حينها أطول برج للسكن والإقامة الفندقية في لندن، وبما أنه يقع في واحدة من أكثر مناطق وسط لندن أناقة فكان مرتعا للطبقة الإنجليزية المخملية والفنانين والفنانات أمثال ماري كوانت وسيد كاريس.. كيف لا وكان أول فندق من فئة خمس نجوم في نايتسبريدج حينذاك وكانت تديره شركة «هوتيل كوربوريشن أوف أميركا» وكان نقطة انطلاق لنوع جديد من عالم الفنادق في المدينة وفي عام 2001 تحولت إدارة الفندق إلى شركة «جميرا» الإماراتية وتحول الاسم من «ذا كارلتون تاور» إلى «جميرا كارلتون تاور».
وخضع الفندق عام 2012 لعملية ترميم وتغيير ديكور ضخمة ولكن تمت مراعاة الديكور الأصلي فظلت الغرف والأجنحة محافظة على ملامحها فترة الستينات ولكن بحلة عصرية وحديثة جدا.
وتقع مقابل الفندق مباشرة حديقة «كادوغن» ويستطيع النزلاء زيارة الحديقة والاستفادة من المرافق المتوفرة بها مثل مزاولة رياضة التنس في ملعبين كبيرين.
واليوم غالبية النزلاء هم من الجنسية العربية أو الأميركية والسبب هو مراعاة الفندق لما يحتاجه السائح العربي وتأمين كل حاجاته كما أن هذه المنطقة هي بين أكثر المناطق المحببة على قلوب الزوار العرب.
فهناك نسبة كبيرة من موظفي الاستقبال من جنسيات عربية مما يسهل عملية تفاهم النزلاء العرب معهم، كما أن الفندق يقع على مسافة 15 كلم من مطار هيثرو وفيه واحد من أهم المراكز الصحية في لندن المطلة على أجمل المناظر.
- «ذا بيك هيلث كلوب أند سبا» واحة من الراحة تحت سقفين
إذا كنت من محبي تمضية بعض الوقت في النادي الرياضي والمركز الصحي فأنت في المكان الصحيح، فيوجد في الفندق واحد من بين أجمل وأكبر المراكز الصحية التي تمتد على طابقين، تجد في الطابق الثاني بركة سباحة كبيرة بسقف زجاجي مدبب تشاهد من خلاله السماء بتبدل فصولها بحسب طقس لندن المتقلب، وتجد أيضاً فيها جاكوزي وغرف ساونا وبخار، ومن الممكن للمقيمين بلندن الحصول على عضوية تخولهم زيارة المركز الصحي والرياضي باستمرار، أما بالنسبة للنزلاء فيمكنهم السباحة واستخدام المركز الرياضي مجانا.
ففي عام 2016 تم تجميل المركز وأضيفت العلاجات في الطابق التاسع وهنا يجب التنويه بأن المنظر الذي تراه من المركز الرياضي يغنيك عن زيارة مبنى الـ«شارد» لأنه يشرف على روعة المدينة ومبانيها الجميلة.
ومن بين أفضل العلاجات التي يقدمها «ذا بيك هيلث كلوب» هو 90 دقيقة تشمل تقشير الوجه بواسطة كريمات «سكيندور كوبيدو» وتدليك للجسم والرجلين، وهذا العلاج هو كفيل بمنحك جرعة إضافية من الحيوية. وأفضل ما يمكن أن تفعله هو الاسترخاء عند الواجهة الزجاجية للمركز وشرب العصائر الصحية التي ابتكرت خصيصا.
وهناك شيء آخر لا يدركه كل من ينزل بالفندق وهو وجود المصعد البانورامي، المصنوع من الزجاج، تستقله من الطابق الثاني ويأخذك إلى النادي الصحي في الطابق التاسع وتشاهد خلال رحلتك بداخله أجمل إطلالة على لندن لأنه يقع من الجهة الخارجية للفندق.
- علاقة الفندق بالفن
هناك علاقة متينة تربط الفندق بمتحف «فيكتوريا إند ألبرت» التاريخي الذي أسس عام 1852، فيقدم الفندق لنزلائه بطاقات مجانية لزيارة المعارض الخاصة في المتحف، وفي كثير من الأحيان يتم التنسيق ما بين المتحف والفندق، ففي عام 2016 قدم الفندق شاي بعض الظهر الإنجليزي بنمط الستينات مع عرض صور من تلك الحقبة لتتناغم الفكرة مع معرض حقبة الستينات والسبعينات للموسيقى.
- اكتشف لندن على الدراجة الهوائية مجانا
إذا أردت التجوال في وسط لندن واكتشاف حديقة هايد بارك، يمكنك ذلك مجانا، من خلال طلب دراجة هوائية من موظفي الاستقبال في الفندق، وهذه الرحلة مفيدة صحيا ويمكن من خلالها التعرف على خضرة لندن التي تمتد على مساحة 173 كلم وبذلك تكون لندن المدينة ألأكثر خضرة بحجمها في العالم.
- التسوق
لا تكتمل زيارة العرب للندن إلا بالتسوق، وهم أكثر من يعرف أهم أماكن التسوق في المدينة وخارجها، ولكن تبقى هناك بعض الحيل التي يعرفها المقيم في المدينة والمتمرس بهواية التسوق، لذا أنصح المهتمين بالتسوق الباحثين عن شراء الماركات العالمية بأسعار جيدة التوجه إلى «بيستر فيلادج» ويمكن شراء تذاكر النقل بواسطة حافلات فخمة، توفر الـ«واي فاي» وتنقل الركاب من عدد كبير من النقاط القريبة من الفندق، من خلال موقع «فيزيت بريتان» www.visitbritain.com الذي يقدم عروضا كثيرة من بينها خدمة النقل إلى قرية التسوق القريبة من مدينة أكسفورد، ويمكن البقاء فيها للتسوق لمدة تتراوح ما بين خمس ساعات ونصف وست ساعات متواصلة، وتصل نسبة التخفيضات إلى 70 في المائة، وهذه الفترة هي من أكثر الفترات التي أنصح فيها الزوار بالتسوق في «بيستر فيلادج» بسبب تخفيضات الصيف الإضافية.
ولمحبي المشي والتسوق بنفس الوقت، يمكنهم التوجه إلى شارع «أكسفورد ستريت» عبر حديقة هايد بارك، وتستغرق المسافة نحو 15 دقيقة، ومن أشهر المحلات التي يقصدها العرب لأنها رخيصة وتتبع الموضة محلات «برايمارك».
- المسرح
يقدم موقع «فيزيت بريتان» أيضاً عروضات كثيرة لمشاهدة العروض المسرحية بأسعار تنافسية، فيمكن شراء ما يعرف بالـ«فاوتشر» أو القسيمة تخولك الاختيار من بين العروضات المشاركة على الموقع، وحاليا هناك عرضان رائعان يناسبان العائلات والأطفال هما «ألادين» Aladdin التابع لشركة ديزني، وهو عرض مسرحي رائع يروي قصة «علاء الدين» الشهيرة، أما العرض الثاني فهو «هاري بوتر» الذي يرتكز على كتب هاري بوتر للروائية البريطانية جي كي رولينغ، وأنصح الكبار بمشاهدة مسرحية «ذا بوك أوف مورمون».
- زيارة القصور
يقع الفندق على مقربة من عدة قصور ملكية مثل قصر باكنغهام وقصر كينزينغتون وخلال فترة الصيف من الممكن حجز تذاكر لزيارة القصور من الداخل، أفضل طريقة لتحاشي الوقوف في طوابير طويلة هي الحجز من موقع «فيزيت بريتان».
كما يمكن شراء قسيمة تخولك الدخول إلى ثلاثة قصور مثل «تاور أوف لندن» الواقع على نهر التميز وهو مليء بالتاريخ والقصص المثيرة. وقصر هامبتون كورت الواقع إلى جنوب غربي لندن وتعود ملكيته للملك هنري الثامن ويعتبر من أجمل الأماكن للمهتمين بالفن، ففيه معرض فني تعرض فيه قطع فريدة تابعة للمجموعة الملكية.
وقصر كينزينغتون الذي يعود بناؤه للقرن السابع عشر وشهد ولادة الملكة فيكتوريا وكان المقر السكني للأميرة ديانا واليوم يسكن به ابنها الأمير وليم وعائلته.
ومن الضروري زيارة تلك القصور من الداخل لأنها تزخر بقطع فنية وجداريات رائعة تماما مثل تلك التي تجدها عند «سلم الملك» في قصر كينزيتغتون الذي يأخذك إلى الشقق السكنية الخاصة بالملك وهذا القسم من القصر هو الأهم في الجولة التعريفية.



برشلونة تفرض قوانين جديدة على السياح

زحمة سياح غير عادية في برشلونة (شاترستوك)
زحمة سياح غير عادية في برشلونة (شاترستوك)
TT

برشلونة تفرض قوانين جديدة على السياح

زحمة سياح غير عادية في برشلونة (شاترستوك)
زحمة سياح غير عادية في برشلونة (شاترستوك)

بعد المظاهرات التي شهدتها برشلونة الأسبوع الماضي؛ إذ تجمّع أكثر من 2800 متظاهر رشّوا السياح بمسدسات المياه، طالبين منهم «العودة إلى منازلهم»، كان لا بد من إجراء بعض التغييرات من قِبل السلطات الإسبانية؛ للحد من الكمّ الهائل من السياح الذين يتوافدون إلى برشلونة وغيرها من المدن والجزر السياحية الإسبانية.

وبينما أدان جوردي هيرو، وزير السياحة الإسباني، تصرفات المتظاهرين، واصفاً إياهم بأنهم لا يمثّلون ثقافة الضيافة في بلاده، إلا أنه كان لا بد من الامتثال إلى مطالب الشعب وإجراء التعديلات اللازمة فيما يخصّ موضوع تأجير البيوت لمدة زمنية قصيرة في المدينة، التي من شأنها أن ترفع أسعار تأجير العقار؛ ما يجعل الأمر صعباً جداً بالنسبة إلى الإسبان.

وابتداءً من السبت الموافق العشرين من يوليو (تموز) 2024 ستبدأ هذه الوجهات الإسبانية، مثل: برشلونة وإبيزا ومالقا، وغيرها من الأماكن المتضررة بسبب السياحة المفرطة؛ استراتيجيات غير مسبوقة ومبتكرة لا تهدف فقط إلى إدارة الحشود، وإنما أيضاً إلى الحفاظ على تراثها الثقافي، وحماية البيئة ونوعية الحياة لسكانها، من بينها منع السياح من شراء الكحول ما بين الساعة التاسعة والنصف مساء حتى الثامنة والنصف صباحاً، وهذا القانون موجه بطريقة غير مباشرة (للسبب الرئيس في مشكلة إسبانيا) إلى السياح البريطانيين والألمان الذين يأتون بأعداد كبيرة ويقضون أوقاتهم في الشرب في الحانات؛ ما يتسبّب في حدوث مشكلات كبيرة. كما ستُمنع القوارب التي تحيي الحفلات الصاخبة على متنها من الاقتراب من الشاطئ، وفرضت عليها مسافة يجب الالتزام بها.

زحمة سياح غير عادية في برشلونة (شاترستوك)

تأجير الشقق للسياح من الأسباب المهمة التي دفعت بالإسبان إلى التظاهر، إلى جانب السياحة المفرطة من حيث عدد السياح الذين يأتون بوساطة البر والجو، بالإضافة إلى البواخر السياحية العملاقة التي يخرج منها آلاف الزوار يومياً؛ لذا أعلن عمدة برشلونة أن المدينة سوف تمنع تأجير الشقق للسياح بحلول عام 2028، وهي خطوة جذرية غير متوقعة في إطار سعيها لكبح جماح تكاليف السكن المرتفعة، وجعل المدينة صالحة للعيش بالنسبة إلى السكان.

تنظيم السياحة سيتضمن تدابير، مثل: الحد أو حتى إلغاء الإيجارات قصيرة الأجل، وما يُعرف بـ«إيربي إند بي»، ووضع حد أقصى لعدد غرف الفنادق، وهذا الأمر متروك للسلطات المحلية والإقليمية التي تعوّل كثيراً على المردود السياحي، ولكن يجب عليها في الوقت نفسه الاستماع إلى حاجة الشعب ومتطلباته.

الاكتظاظ السياحي ليس سوى جزء من المشكلة، فالجانب الآخر هو أزمة الإسكان الحادة، لا سيما بالنسبة إلى الشباب الذين يضطرون إلى العيش في بيت العائلة حتى سن الثلاثين وأكثر بسبب ارتفاع الأسعار.

ردات الفعل في بريطانيا إزاء هذه القوانين والمظاهرات الموجهة «ضمنياً» ضدهم، جعلت بعضهم يمتعض من تصرّفات الشعب الإسباني المستاء من السياحة المفرطة ويكره السياح، ولهذا السبب يفكر عدد منهم في إلغاء حجوزاتهم إلى إسبانيا، والتوجه إلى أماكن أخرى لتمضية إجازات الصيف.

ويقول إندرو ميللر (25 عاماً)، وهو بريطاني مقيم في لندن، إن الأمر سهل «لا تذهب إلى إسبانيا» بل اذهب إلى بلد آخر، ورأى أن ما تفعله إسبانيا والإسبان تجاه السياح وفرض القوانين الصعبة ضدهم من شأنه أن يؤثر في اقتصاد البلاد قريباً، مضيفاً أن إسبانيا وغيرها من البلدان التي تمتعض من وجود السياح «ستندم في نهاية المطاف».

السياحة جزء لا يتجزّأ من الاقتصاد، والقوانين التي تسنّها إسبانيا قد تبطِئ عجلة الاقتصاد؛ ولكنها حاجة ملحة لتحويل السياحة المفرطة إلى سياحة منظمة.

المعنيّون بأزمة السياحة في إسبانيا هم البريطانيون والألمان (شاترستوك)

يُشار إلى أنه في أبريل (نيسان) الماضي، أعلن مجلس المدينة في مدريد التي تضمّ أكثر من ألف شقة سياحية -أي ضعف عدد الشقق السياحية في برشلونة-، أنه سيعلّق مؤقتاً منح تراخيص سياحية جديدة.

في العام الماضي، زار نحو 26 مليون سائح برشلونة، حسب مرصد السياحة في المدينة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن عدد سكان برشلونة 1.7 مليون نسمة، وهذا ما يفسّر امتعاض الشعب من الزحمة التي يتسبّب بها السياح وما يتبعها من مشكلات وضوضاء.