نساء غزة يدفعن ثمناً أكبر لاستمرار الانقسام الفلسطيني

تدهور غير مسبوق في حقوق المرأة بمختلف المجالات

تعاني النساء في غزة من تهميش واضح في الوظائف (غيتي)
تعاني النساء في غزة من تهميش واضح في الوظائف (غيتي)
TT

نساء غزة يدفعن ثمناً أكبر لاستمرار الانقسام الفلسطيني

تعاني النساء في غزة من تهميش واضح في الوظائف (غيتي)
تعاني النساء في غزة من تهميش واضح في الوظائف (غيتي)

تظهر أرقام عرضها أكاديميون ومتخصصون وممثلو منظمات أهلية وناشطات نسويات في قطاع غزة، أن النساء هناك يدفعن الثمن الأكبر للانقسام المستمر منذ منتصف عام 2007، الذي خلف آثاراً سلبية على مناحي الحياة كافة، خصوصاً الاقتصادية والاجتماعية.
وقالت منى الشوا، مديرة وحدة المرأة في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، خلال ورشة نظمتها شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة، بالشراكة مع مؤسسة «فريدريش ايبرت» الألمانية، وعقدت تحت عنوان، «تكلفة الانقسام على واقع المرأة في قطاع غزة»، أن معدل البطالة في القطاع بين الجنسين وصل إلى 43 في المائة، لكنه يبلغ بين النساء وحدهن نسبة 50 في المائة، نسبة الشابات بينهن تصل إلى 65 في المائة.
وأضافت الشوا، أن «مؤشر الفقر بين سكان قطاع غزة ارتفع ليصل مستويات خطيرة 75 في المائة من السكان يعتمدون على المساعدات، و47 في المائة يعانون من انعدام أمن غذائي متوسط وحاد. وتتحمل النساء العبء الأكبر، فهن أكثر الفئات تضررا، وفقاً للدور التقليدي المنوط بهن، والمهام الملقاة على عاتقهن في الحياة الأسرية».
وتابعت: «هناك تدهور غير مسبوق في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمرأة، يطال مجمل شرائح المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة».
وأردفت: «النساء أكثر الفئات تضررا نتيجة ما تعانيه من إقصاء وتهميش، في ظل مجتمع تسوده السلطة الذكورية، وثقافة تكرس دونية النساء، وتقوم على التمييز ضد المرأة».
وحملت الشوا كلا من السلطة وحماس المسؤولية عن التمييز، قائلة، إن إجراءات السلطة الأخيرة بإحالة الآلاف من الموظفين على التقاعد المبكر، استهدفت في جانب كبير منها النساء، فيما لا توجد قوانين في غزة لحماية حقهن في التوظيف.
ويسلط حديث الشوا الضوء على الظروف العامة التي تعاني منها النساء، ولا تقارن بالظروف التي يعاني منها الرجال.
إذ تعاني النساء في غزة، من تهميش واضح في الوظائف، فيما يحظى الرجال بالنسبة الكبيرة، سواء في صفوف الحكومة أو قوات العسكر التابعة لحماس.
وتعمل غالبية النساء في غزة كربات بيوت، لكن كثيرا منهن يتحملن المسؤولية عن الأسرة، بسبب فقدان الزوج في حرب أو اعتقال، أو بسبب الهجرة، مما يضاعف من المعاناة.
وتشتكي النساء في قطاع غزة من انعدام فرص العمل، وعدم قدرة الجهات الحكومية الرسمية على توفير فرص عمل دائم للعوائل المحتاجة واليتيمة، التي يعملن على إعالتها.
وقالت أم سامي عدوان (43 عاما)، من سكان منطقة جنوب قطاع غزة، إنها منذ فقدت زوجها المعيل لبيتها، قبل 13 عاما، وهي تعاني أوضاعا اقتصادية صعبة جدا، مضيفة «على الرغم من أني حاولت الحصول على عمل ولكني لم أتمكن».
ولفتت عدوان، الحاصلة على شهادة جامعية، إلى أنها كرست حياتها طوال تلك السنين، من أجل تأمين لقمة العيش لعائلتها، والحفاظ عليها، والعمل على تعليم أبنائها، على الرغم من انعدام الدخل المادي.
وكانت عدوان قد عملت، خلال الأعوام الأربعة الماضية، في بيع حاجات للأطفال أمام بيتها، للحصول على 10 أو 15 شيقلا يوميا، أي بما يعادل (نحو 4 دولارات فقط). وقالت: «إن عدم اهتمام الجهات الحكومية الرسمية بالعوائل الفقيرة والمحتاجة، وخصوصا اليتيمة، بعد فقدان المعيل الوحيد لها، يجعل هذه العائلات عرضةً لكثير من المخاطر الاجتماعية والاقتصادية والحياتية اليومية».
وأضافت: «ابنتي الكبرى خريجة إحدى الجامعات، وابني اقترب من التخرج في الجامعة، لكن أيا منهما لم يحصل على أي فرصة عمل تمكنه من إعالة المنزل».
وينسحب ما تعانيه عدوان على الكثير من النساء.
وقال مدير شبكة المنظمات الأهلية، أمجد الشوا، أن الأسر الأشد فقراً هي الأسر التي تقودها نساء، وإن المرأة هي التي تدفع الفاتورة الأكبر للانقسام حيث باتت أكثر تهميشا وضعفا.
وأكدت مديرة مركز الأبحاث والاستشارات القانونية للمرأة، زينب الغنيمي، أن المرأة الفلسطينية واجهت ولا تزال، تحديات كثيرة، على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وفي مجال المساواة، جراء الظروف المعقدة والصعبة التي عاشها الشعب الفلسطيني، وخصوصا في قطاع غزة، خلال السنوات الماضية على المستويات كافة.
وأشارت الغنيمي، في ورقة قدمتها بعنوان الواقع القانوني للمرأة في قطاع غزة، إلى التحديات القانونية للمرأة في ظل الانقسام السياسي، مؤكدة أن التشريعات السارية لا تحمي المرأة.
وقالت: «إن التحديات التي تواجهها المرأة تتجسد على المستوى الاجتماعي، في أشكال العنف المختلفة الممارسة ضدها، وعدم التمكين الاقتصادي والفقر». وأضافت: وهذا ناشئ عن «ثقافة التمييز القائمة بسبب جنسها، والتي تغذيها منظومة القوانين السارية المفعول، والسياسات المميزة ضد المرأة، وذكورية الهياكل المنفذة لهذه القوانين والأنظمة، والسياسات، وعدم تمثيل المرأة بشكل فاعل فيها».
وتابعت الغنيمي: «إن مكانة المرأة في القوانين والقرارات الصادرة في ظل الانقسام، وأولها قرارات الرئيس محمود عباس، تبين أن هذه القرارات، خصوصاً الصادرة منها خلال السنة الأخيرة، كانت تتضمن فصل غزة عن الضفة، وتخلي السلطة الوطنية عن توفير الحماية للمواطنين، وتوفير الخدمات، بما يطال وقف دعم المحروقات والكهرباء، والتضييق على مؤسسات المجتمع المدني في شأن المنح والمساعدات الدولية، وإحالة موظفين على التقاعد، وفصل موظفين بشكل مخالف للقوانين ذات العلاقة، وتدفع النساء الثمن المضاعف لهذه القرارات التي تكرس العنف الواقع ضدها.
أما ما يتعلق بالقوانين والقرارات الصادرة عن السلطة النافذة في قطاع غزة (سلطة حماس)، فقالت الغنيمي: «إن هذه القرارات لم تكن حساسة لاحتياجات النساء، لجهة تخصيص حصص كافية لوحدات النوع الاجتماعي بالوزارات، وتأمين ميزانيات لأوضاع النساء الفقيرات والعاطلات عن العمل، وعدم تغطية ميزانية صندوق النفقة، وتخصيص حصص كافية لتعزيز مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار، ومنها ما يكرس ثقافة التمييز ضد المرأة مثل قانون التعليم».
وأكدت الغنيمي أن الجهود كافة، بعد تشكيل حكومة الوفاق في عام 2014، لم تؤثر على تطوير الوضع القانوني للمرأة، وإنهاء حالة التمييز الواقع ضدها.
وأكدت الغنيمي أن المرأة ما زالت تدفع تكلفة الانقسام السياسي، على مستوى إهدار حقوقها السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والصحية، سواء لجهة تعطل إصدار القوانين، وعدم تمتعها بالحماية الكافية من القوانين السارية، أو لجهة اختلال آليات التطبيق، وتقاعس السلطات النافذ عن حماية هذه الحقوق.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.