الجيش اللبناني و«حزب الله» يطلقان معركة ضد «داعش»... دون تنسيق

تحرير 30 كلم سيطر عليها التنظيم من جهة لبنان

طائرات مروحية للجيش اللبناني رابضة في مناطق جبلية قرب رأس بعلبك شرق لبنان للمشاركة في طرد «داعش» من المنطقة (أ.ف.ب)
طائرات مروحية للجيش اللبناني رابضة في مناطق جبلية قرب رأس بعلبك شرق لبنان للمشاركة في طرد «داعش» من المنطقة (أ.ف.ب)
TT

الجيش اللبناني و«حزب الله» يطلقان معركة ضد «داعش»... دون تنسيق

طائرات مروحية للجيش اللبناني رابضة في مناطق جبلية قرب رأس بعلبك شرق لبنان للمشاركة في طرد «داعش» من المنطقة (أ.ف.ب)
طائرات مروحية للجيش اللبناني رابضة في مناطق جبلية قرب رأس بعلبك شرق لبنان للمشاركة في طرد «داعش» من المنطقة (أ.ف.ب)

تزامن الإعلان عن «فجر الجرود» لتحرير الجرود الشرقية الحدودية التي يحتلها تنظيم داعش من الجهة اللبنانية، صباح يوم أمس (السبت)، مع إعلان مماثل من قبل حزب الله الذي تحدث عن بدء مقاتليه وقوات النظام السوري تنفيذ عملية «وإن عدتم عدنا» للسيطرة على جرود القلمون الغربي من الجهة السورية. وعلى الرغم من إصرار الحزب على تظهير العمليات العسكرية كأنّها مشتركة بين الطرفين اللبناني والسوري، أكدت قيادة الجيش اللبناني أن المعركة التي تشنها، لا تنسق فيها لا مع حزب الله ولا مع قوات النظام السوري، سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر.
ونجح الجيش اللبناني في اليوم الأول من إطلاق المعركة من استعادة السيطرة على 30 كلم2، وأعلن في بيان، مساء أمس، أنه دمر 11 مركزاً للتنظيم، تحتوي على مغاور وأنفاق وخنادق اتصال وتحصينات وأسلحة مختلفة. وأشار إلى أن وحدات الجيش «تواصل تقدّمها السريع تحت دعم ناري من المدفعية وراجمات الصواريخ والطائرات، فيما تسجل حالات انهيار وفرار كبيرة في صفوف الإرهابيين»، وتحدثت التقارير عن مقتل 20 عنصراً من التنظيم المتشدد مقابل جرح 10 من عناصر الجيش.
وبدا تنظيم داعش في اليوم الأول من انطلاق المعارك مشتتاً إلى حد كبير، خصوصاً مع إعلان الجيش اللبناني تحقيق أهدافه «وأكثر بقليل»، بالتوازي مع بث «الإعلام الحربي» التابع لحزب الله صوراً ومقاطع فيديو لمجموعة قال إنّها تابعة للتنظيم سلمت نفسها في القلمون الغربي بعد ساعات قليلة على انطلاق المعركة.
وأعلن المتحدث باسم الجيش اللبناني العقيد نزيه جريج، في مؤتمر صحافي عُقد بعد ظهر يوم أمس لشرح مجريات اليوم الأول من المعركة، السيطرة على مجموعة كبيرة من التلال، «إضافة إلى تدمير 11 مركزاً للإرهابيين بينها مغاور وخنادق وتحصينات، وضبط كميات من الأسلحة والذخائر»، لافتاً إلى أنّه بذلك «يكون الجيش قد حرر 30 كيلومتراً مربعاً». وقال جريج إن الجيش «التزم بما خطط له واستطاع السيطرة على تلة العدم والمرتفع 1564 وهي نقاط حاكمة»، مضيفاً أنه «بذلك نكون حققنا أهدافنا في اليوم الأول وأكثر بقليل».
ورجّح الخبير العسكري والاستراتيجي العميد المتقاعد إلياس حنا أن تصعب المعارك كلما تقدم الجيش باتجاه مواقع ومراكز «داعش» في الوسط، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود مساحات شاسعة فارغة، مما يجعل الفترة الأولى من المعارك هي الأسرع والأسهل. وأضاف: «علينا أن نعي أن قتال جبهة النصرة هو غير قتال (داعش) باعتبار أن الأخير مرتبط بقيادته في الرقة، فيما الجبهة لديها حرية قرار ولا مركزية»، لافتاً إلى أن «ملف التفاوض مع التنظيم المتطرف لن يكون بالأمر السهل، باعتبار أن الوجهة التي سيتجه إليها غير واضحة، نظراً إلى أنّه يخوض معارك شرسة في الرقة، إضافة إلى أن السلطات اللبنانية وقيادة الجيش لن تقبل بالدخول في أي عملية تفاوض قبل تحديد مصير العسكريين الـ9 المختطفين».
وتضاربت المعلومات يوم أمس حول مصير هؤلاء العسكريين، إذ أعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ظهر يوم أمس، أن «موكباً للأمن العام اللبناني توجه إلى عرسال بمواكبة الصليب الأحمر والجيش اللبناني في مهمة سيعلن عنها لاحقاً». وأرفق هذا التصريح بموقف آخر بعد الظهر قال فيه إن «الأمن العام والجيش اللبناني يقومان بمهمة لها طابع القدسية الوطنية»، متمنياً من وسائل الإعلام «عدم الخوض في التحليلات حفاظاً على نجاح المهمة، ومنعاً للتلاعب بعواطف اللبنانيين»، مؤكداً الإعلان عن نتائج المهمة فور إنجازها.
وكانت معركة «فجر الجرود» انطلقت بإعلان صادر عن قائد الجيش جوزيف عون، نقله الحساب الرسمي للجيش اللبناني على موقع «تويتر» جاء فيه: «باسم لبنان والعسكريّين المختطفين ودماء الشهداء الأبرار، وباسم أبطال الجيش اللبناني العظيم، أطلق عملية فجر الجرود».
وبعد نحو ساعة من إعلان انطلاق المعركة زار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزارة الدفاع في منطقة اليرزة، للاطلاع على سير العمليات العسكرية بالجرود، كما تابع النقل المباشر لوقائع تحرك الجيش في المنطقة واشتباكه مع المجموعات المتطرفة، ثم اتصل الرئيس عون عبر الهاتف بقادة الوحدات المقاتلة، وحيا العسكريين على جهودهم، وتمنى لهم التوفيق في «مهمتهم الوطنية».
وعقد مدير التوجيه العميد علي قانصوه بعد ذلك مؤتمراً صحافياً فصّل فيه المعطيات المتوافرة حول المعركة، وأوضح أن عناصر «داعش» في الجرود اللبنانية «هم مجموعات من المشاة معززة بآليات ودراجات نارية تمتلك أسلحة ثقيلة ومتوسطة وخفيفة ومدافع هاون وصواريخ موجهة وأسلحة مضادة للدروع وأسلحة مضادة للطائرات وقناصات ومناظير ليلية وطائرات من دون طيار»، لافتاً إلى توزعهم على 3 مجموعات؛ فصيل بكر شمالاً (جرد القاع)، فصيل علي في الوسط (جرد رأس بعلبك)، فصيل أسامة في الجنوب (على امتداد التلال المشرفة على وادي الشحوط).
وأكد قانصوه رداً على سؤال حول عدم وجود أي تنسيق مباشر أو غير مباشر مع حزب الله أو النظام السوري، معتبراً أن المعركة التي يخوضها الجيش اليوم: «هي من أصعب المعارك التي يخوضها الجيش ضد التنظيمات الإرهابية».
سياسياً، أعلن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أنه يواكب «بكل أشكال الدعم والتأييد عملية فجر الجرود لطرد فلول الإرهاب من الأراضي اللبنانية».
وكانت المعارك في الجهة اللبنانية تسير بالتوازي مع المعارك من الجهة السورية المقابلة. وأعلن «الإعلام الحربي» سيطرة حزب الله وقوات النظام السوري على 87 كيلومتراً مربعاً، من إجمالي المساحة التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش، مشيراً إلى أن «المواجهات أدَّت إلى تضييق خط التماس مع المسلحين، ليبلغ مع نهاية يوم أمس 50 كيلومتراً».
وأفاد الحزب بتقدم حققه وقوات النظام في جرود الجراجير وجرود قارة في القلمون الغربي، كما في جبل الموصل الاستراتيجي الذي يشرف على معبري فيخة وميرا. وتحدث بعد الظهر عن «تقدم كبير من خلال السيطرة على مرتفع أبو خديج الذي يشرف على كامل سهل الجراجير في القلمون الغربي إضافة للسيطرة على مرتفع شلوف الزمراني الذي يسيطر بالنار على معبر الزمراني»، مشيراً إلى استسلام أحد الأمراء «الشرعيين» لـ«داعش» في القلمون الغربي، وهو مسؤول قاطع الزمراني ومنطقتها المدعو أحمد وحيد العبد مع أفراد مجموعته.


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».