«جديدة عرعر» شريان حدودي بين السعودية والعراق يعود للحياة

يستقبل يومياً 1200 حاج عراقي وجهز بمستشفى وخدمات متكاملة

حاج عراقي يتلقى الخدمات الطبية بمنفذ جديدة عرعر (تصوير: بشير صالح)
حاج عراقي يتلقى الخدمات الطبية بمنفذ جديدة عرعر (تصوير: بشير صالح)
TT

«جديدة عرعر» شريان حدودي بين السعودية والعراق يعود للحياة

حاج عراقي يتلقى الخدمات الطبية بمنفذ جديدة عرعر (تصوير: بشير صالح)
حاج عراقي يتلقى الخدمات الطبية بمنفذ جديدة عرعر (تصوير: بشير صالح)

يأمل السعوديون والعراقيون بأن يصبح منفذ جديدة عرعر (شمال السعودية)، الشريان النابض الذي يعيد الحياة والتواصل بين الشعبين بعد انقطاع استمر لأكثر من 27 عاماً، فيما ترتسم ملامح مستقبل مشرق للعلاقات خلال الفترة المقبلة.
ويؤكد عبد العزيز الشمري، القائم بأعمال السفارة السعودية في بغداد، أن افتتاح منفذ جديدة عرعر بعد كل هذه السنوات يعطي رسالة كبيرة للشعبين بأنهم بحاجة للالتفاف معاً، وألا غنى لدولة عن الأخرى. ويضيف: «نحن جيران، وبيننا تاريخ وعروبة ودم، المرحلة المقبلة ستكون مميزة في تاريخ العلاقات السعودية - العراقية».
«الشرق الأوسط» قامت بجولة ميدانية مصورة على الحدود السعودية - العراقية، وتحديداً منفذ جديدة عرعر، ووقفت على الجهود الكبيرة التي تقوم بها جميع الأجهزة الحكومية السعودية (حرس الحدود، والجوازات، والجمارك، ووزارة الصحة)، خصوصاً في استقبال الحجاج العراقيين عبر هذا المنفذ وتسهيل إجراءاتهم.

- الانطلاق نحو الحدود
توجهنا من مدينة عرعر (عاصمة إمارة الحدود الشمالية) في الساعة الحادية عشرة صباحاً بتوقيت مكة المكرمة، باتجاه منفذ جديدة عرعر الذي يبعد نحو 60 كيلومترا بمرافقة رجال حرس الحدود، استغرق منا الأمر نحو نصف ساعة. مررنا بنقطتي تفتيش تابعتين لحرس الحدود قبل الوصول للمركز الأخير الفاصل بين حدود البلدين. وكان لافتاً وجود عدد من آليات حرس الحدود السعودي على جانبي الخط الدولي من مدينة عرعر، وحتى منفذ جديدة عرعر الحدودي.

- وصول الحجاج العراقيين
بحسب مسؤولين في إدارة الجوازات السعودية، فإن منفذ جديدة عرعر يستقبل يومياً ما بين 48 و50 حافلة على متنها نحو 1200 حاج عراقي، وتمر هذه الحافلات بداية بنقطة تفتيش أولية للتأكد من تأشيرات الحجاج. ويستغرق إنهاء إجراءات الحافلة دقيقتين فقط؛ وفقاً لأحد العاملين في الجوازات السعودية، قبل التوجه إلى المركز الرئيسي لإكمال بقية الإجراءات.
وذكر لنا ضابط سعودي يعمل في المنفذ، أنهم وجدوا بعض التأشيرات لحجاج عراقيين خاصة بالسفر جواً، ونظاماً لا يمكنهم المرور عبر المنفذ، إلا أنه تم السماح لهم بعد مخاطبة الجهات المعنية لتسهيل دخولهم السعودية.

- مركز الخدمات الصحية
وفرت السلطات السعودية مركزاً للخدمات الطبية في منفذ جديدة عرعر لخدمة الحجاج العراقيين، ومستشفى يتسع لـ50 سريراً وبه طاقم طبي ومجهز بأحدث الأجهزة وقادر على استقبال الحالات الطارئة، كما تعطى للحجاج لقاحات الحمى الشوكية وبعض الأمراض المزمنة، ويتم توزيع كثير من المنشورات الطبية التوعوية على الحجاج للاستفادة منها.
واستفاد كثير من الحجاج العراقيين من الخدمات الطبية، لا سيما كبار السن الذين يعانون أمراضا مزمنة، وتصرف لهم الأدوية اللازمة مجاناً، إلى جانب إجراء الفحوص والكشوفات وتقديم الرعاية اللازمة.
وقال لـ«الشرق الأوسط» الحاج العراقي إدريس محمد (55 عاماً): «السعوديون استقبلونا استقبالا مشرفا. لقد وفروا لنا كل ما نحتاج إليه؛ المباني المكيفة، والأجهزة، والأدوية، حتى الطعام. نحن إخوة وأصهار، ودمنا واحد، وهم بالفعل خدمة الحرمين الشريفين».

- خنساء العراق
أثناء تجول القائم بأعمال سفارة السعودية في بغداد، والسفير العراقي في الرياض، في مركز الخدمات الطبية بمنفذ جديدة عرعر، استوقفتهما أم عبد الجليل، وهي حاجة عراقية مسنة في عقدها السابع تجلس على كرسي متحرك، وأبدت لعبد العزيز الشمري، القائم بأعمال سفارة السعودية في بغداد، رغبتها في مقابلة خادم الحرمين الشريفين، مبينة أنها أم لخمسة شهداء عراقيين، وتريد تقديم الشكر للملك سلمان مباشرة على كل التسهيلات والخدمات التي رأتها وعايشتها على أرض الواقع، وما كان من الشمري إلا أن وعدها خيراً وأنه سيسعى لتحقيق أمنيتها.
ووصف السفير العراقي في الرياض رشدي العاني السيدة بأنها «خنساء العراق»، طالباً منها الدعاء للعراق والسعودية بالخير، وردت عليه بقولها: «أسال الله أن ينصر السعودية ويسعد العراق ويرحم الشهداء السعوديين والعراقيين».

- إجراءات الجوازات
خصصت إدارة الجوازات السعودية صالة كبيرة مكيفة لاستقبال الحجاج العراقيين وإنهاء جميع إجراءاتهم بيسر وسهولة، وفوجئ المسؤولان؛ السعودي والعراقي، أثناء دخولهما الصالة بوجود مدير عام الجوازات السعودية اللواء سليمان اليحيى الذي كان في زيارة روتينية للمنفذ للاطلاع على أداء الجوازات وتقديم الخدمات للحجيج.
وبعد أن قدم له السفير العراقي الشكر والتقدير على الخدمات المميزة والتجهيزات الكبيرة لاستقبال حجاج بلاده، أكد اللواء اليحيى أن «خادم الحرمين الشريفين أوصانا بكم خيراً، وأن نسهل إجراءاتكم، ويتابع الملك سلمان، ونائب خادم الحرمين الشريفين، ووزير الداخلية السعودي، سير العمل بشكل مباشر، كما أننا نشكر تعاون الحجاج العراقيين وسرعة تجاوبهم مع الإجراءات».

- مكتب وزارة الحج «النقطة الأخيرة»
بعد أن يقوم الحجاج بإنهاء إجراءات الجوازات والجمارك، تتوجه الحافلات إلى مركز وزارة الحج، وهو النقطة الأخيرة قبل دخولهم مدينة عرعر، حيث يتم استقبالهم هناك والتأكد من سلامة أوراقهم وإجراءاتهم، وتوزع عليهم وجبات جاهزة معدة خصيصاً لهم يتناولونها في خيام مكيفة بمساعدة من الكشافة السعوديين المتطوعين.

- تشغيل منفذ جديدة عرعر بشكل دائم
وفقاً لرشدي العاني سفير العراق لدى السعودية، فإن منفذ جديدة عرعر سيتم تشغيله بشكل دائم بعد موسم حج هذا العام، من الجانبين العراقي والسعودي، وقال: «بالنسبة للمنافذ؛ القرار السياسي اتخذ، وتتبقى الآن الترتيبات الإجرائية والفنية فيما يخص البنية التحية والأمور الأمنية، وسيتم فتح منفذ جديدة عرعر بعد انتهاء موسم الحج».



السعودية تفتح باب التطوع بأكثر من عشرين تخصصاً طبيا لدعم سوريا

وفد سعودي من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يقوم بجولة على المشافي السورية (سانا‬⁩)
وفد سعودي من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يقوم بجولة على المشافي السورية (سانا‬⁩)
TT

السعودية تفتح باب التطوع بأكثر من عشرين تخصصاً طبيا لدعم سوريا

وفد سعودي من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يقوم بجولة على المشافي السورية (سانا‬⁩)
وفد سعودي من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يقوم بجولة على المشافي السورية (سانا‬⁩)

أعلن مركز الملك سلمان للإغاثة عن فتح باب التطوع بالخبرات الطبية السعودية المتخصصة لدعم القطاع الصحي في سوريا وتلبية احتياجاته العاجلة في أكثر من 20 تخصصاً، وذلك من خلال برنامج «أمل» التطوعي السعودي المَعْنيّ بسد احتياجات القطاع الصحي لدى الدول المتضررة.

ودعا المركز عموم المتخصصين الراغبين في التطوع بخبراتهم إلى التسجيل في برنامج «أمل»، الذي يستمر عاماً كاملاً لدعم القطاع الصحي السوري الذي تَضَرَّرَ جراء الأحداث، وتقديم الخدمات الطارئة والطبية للمحتاجين في مختلف التخصصات، للتخفيف من معاناة الشعب السوري من خلال مساهمة المتطوعين في البرنامج.

جولة الوفد السعودي للاطلاع على الواقع الصحي والوقوف على الاحتياجات اللازمة في سوريا (سانا‬⁩)

وقال الدكتور سامر الجطيلي، المتحدث باسم المركز، إن منصة التطوع الخارجي التي أطلقها المركز، تتيح فرصة التسجيل في عدد من التخصصات الطبية الملحّة لدعم القطاع الصحي في عدد من المدن السورية، لا سيما خلال الفترة الحالية من الأزمة الإنسانية التي تمر بها سوريا.

وأشار الجطيلي في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أن قائمة التخصصات المطلوبة حُدِّدت بعد التواصل مع الجهات الصحية المسؤولة في سوريا، مؤكداً أن البرنامج يهدف لإتاحة الفرصة للمتطوعين السعوديين في القطاع الصحي لتلبية حاجة القطاع الصحي السوري في كل مناطق البلاد. ونوه الجطيلي بجهود الكوادر الصحية السعودية التي تطوعت بخبراتها وعطائها من خلال البرنامج، وأضاف: «لقد سجل المتطوعون السعوديون في القطاع الصحي حضوراً دولياً مميّزاً، من خلال كثير من الأحداث التي بادروا فيها بتقديم العون والمساعدة للإنسان في مناطق جغرافية مختلفة، وكان لهم أثر طيب في نحو 57 دولة حول العالم، وأَجْرَوْا فيها أكثر من 200 ألف عملية في مختلف التخصصات».

وأشار الجطيلي إلى أن الخبرة التي راكمها البرنامج ستسهم في مدّ يد العون إلى الجانب السوري الذي يعاني من صعوبات خلال هذه المرحلة، وفي إنقاذ حياة كثير من السوريين من خلال أشكال متعددة من الرعاية الطبية التي سيقدمها البرنامج في الفترة المقبلة.

وفد سعودي يبحث مع القائم بأعمال وزارة الصحة السورية سبل تعزيز العمل الإنساني والطبي في سوريا (سانا‬⁩)

وتضم‏ تخصصات الكوادر التطوعية المطلوبة للانضمام «جراحة الأطفال، وجراحة التجميل، وجراحة النساء والولادة، وجراحة عامة، وطب الطوارئ، والدعم النفسي، وجراحة العظام، وطب الأمراض الباطنية، وجراحات القلب المفتوح والقسطرة، وأمراض الكلى، والطب العام، والصدرية، وطب الأطفال، والتخدير، والتمريض، وطب الأسرة، والعلاج الطبيعي، والنطق والتخاطب، والأطراف الصناعية، وزراعة القوقعة، وعدداً آخر من التخصصات الطبية المتعددة».

وقال مركز الملك سلمان للإغاثة إن برنامج «أمل» «يُدَشَّن بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، واستشعاراً لدور السعودية الخيري والإنساني والريادي تجاه المجتمعات المتضررة في شتى أنحاء العالم»، مؤكداً في البيان المنشور على صفحة التسجيل، الدور المؤثر لتقديم الخدمات الطارئة والطبية في رفع المعاناة عن الإنسان، وعيش حياة كريمة، وذلك بمشاركة متطوعين من الكوادر السعودية المميزة.

وبينما يستمر الجسران الجوي والبري اللذان أطلقتهما السعودية بوصول الطائرة الإغاثية السادسة، ونحو 60 شاحنة محمَّلة بأكثر من 541 طناً من المساعدات، زار وفد سعودي من قسم التطوع في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الأحد، عدداً من المشافي والمراكز الطبية السورية، في جولة ميدانية للاطلاع على تفاصيل الواقع الصحي، والوقوف على الاحتياجات اللازمة والطارئة للقطاع.

وجاءت الجولة الميدانية للوقوف على حالة القطاع الصحي في سوريا، وتلمُّس احتياجاته من الكوادر والمؤن الدوائية، عقب اجتماع وفد من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، مع مسؤولين من وزارة الصحة السورية في دمشق، تناولا فيه الاحتياجات الطبية العاجلة والمُلحة للمستشفيات السورية.

60 شاحنة محملة بأكثر من 541 طناً من المساعدات الغذائية والطبية والإيوائية عَبَرَت معبر جابر الحدودي إلى سوريا (مركز الملك سلمان)

وعلى صعيد الجسرين الجوي والبري السعوديين، ​وصلت، الأحد، الطائرة الإغاثية السعودية السادسة التي يسيِّرها «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، إلى مطار دمشق، وتحمل على متنها مساعدات غذائية وطبية وإيوائية؛ للإسهام في تخفيف آثار الأوضاع الصعبة التي يمر بها الشعب السوري حالياً.

كما عَبَرَت، صباح الأحد، أولى طلائع الجسر البري الإغاثي السعودي إلى معبر جابر الأردني للعبور منه نحو سوريا؛ حيث وصلت 60 شاحنة محملة بأكثر من 541 طناً من المساعدات الغذائية والطبية والإيوائية، وهي أولى طلائع الجسر البري السعودي لإغاثة الشعب السوري.

وقال الدكتور سامر الجطيلي، المتحدث باسم المركز، إن الجسر البري سيدعم الجهود في سبيل إيصال المساعدات لجميع الأراضي السورية؛ إذ يحوي كميات كبيرة وضخمة من المواد الغذائية والصحية والإيوائية، تُنْقَلُ بعد وصولها إلى دمشق إلى جميع المناطق الأخرى المحتاجة. وأضاف الجطيلي أن جسر المساعدات البري إلى دمشق يتضمن معدات طبية ثقيلة لا يمكن نقلها عن طريق الجو؛ مثل: أجهزة الرنين المغناطيسي، والأشعة السينية والمقطعية.