محكمة إسرائيل العليا تجمد قانوناً يشرع البؤر الاستيطانية

الوحدات السكنية زادت في مستوطنات الضفة الغربية بنسبة 70% خلال عام واحد

إحدى المستوطنات الإسرائيلية في قرية ولاجه قرب بيت لحم (إ.ب.أ)
إحدى المستوطنات الإسرائيلية في قرية ولاجه قرب بيت لحم (إ.ب.أ)
TT

محكمة إسرائيل العليا تجمد قانوناً يشرع البؤر الاستيطانية

إحدى المستوطنات الإسرائيلية في قرية ولاجه قرب بيت لحم (إ.ب.أ)
إحدى المستوطنات الإسرائيلية في قرية ولاجه قرب بيت لحم (إ.ب.أ)

قررت المحكمة العليا الإسرائيلية بصورة مؤقتة تجميد تطبيق قانون يشرع البؤر الاستيطانية العشوائية المقامة على أراض فلسطينية، وبخاصة في الضفة الغربية المحتلة، ردا على التماس أصحاب الأراضي.
وعلى الفور شجب تيار اليمين الإسرائيلي قرار المحكمة، بحجة أنه يضعف سيادة البرلمان.
وقال عضو الكنيست بيزاليل سموتريتش من حزب «البيت اليهودي» اليميني المتطرف، المشارك في حكومة بنيامين نتنياهو: «إنه تدخل خطير من المحكمة ضد قانون أصدره الكنيست».
وتظهر وثائق المحكمة التي اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية، أمس، أن القاضي نيل هندل أصدر أول من أمس أمرا احترازيا بتجميد القانون الذي أقره الكنيست في 6 من فبراير (شباط)، والذي يشرع بأثر رجعي عددا من البؤر الاستيطانية التي لم تبن بقرار من الحكومة الإسرائيلية.
وجاء القرار ردا على التماس تقدم به 17 مجلسا محليا فلسطينيا بنيت هذه البؤر على أراضيها، وعدد من جمعيات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية.
وكتب القاضي هندل في قراره، أن المستشار القضائي للحكومة أفيخاي ماندلبليت طلب منه إصدار القرار. وطلبت المحكمة من الكنيست إرسال رده في 10 من سبتمبر (أيلول) المقبل، على أن يبدي المستشار القضائي للحكومة رأيه القانوني في 16 من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ويعرف القانون باسم «قانون تسوية الاستيطان في يهودا والسامرة (الاسم الاستيطاني للضفة الغربية) مرة واحدة وللأبد، وإحباط المحاولات المتكررة للمس بالاستيطان». وقد لقي هذا القانون، الذي يشرع البؤر العشوائية المقامة على أراض فلسطينية خاصة، إدانة دولية.
وتعد المجموعة الدولية كل المستوطنات في القدس الشرقية المحتلة والضفة الغربية غير شرعية، سواء أجازتها الحكومة أم لا.
من جهته، حذر المدعي العام للحكومة أفيخاي ماندلبليت من أن القانون يعرّض المسؤولين الإسرائيليين لملاحقات قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية، و«يصعب الدفاع عنه» أمام المحكمة العليا.
أما نيكولاي ملادينوف، مبعوث الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، فقال إن هذا القانون «تجاوز خطا أحمر عريضا».
بدورها، وصفت حركة «السلام الآن» الإسرائيلية المناهضة للاستيطان، القانون بأنه «وصمة عار على الكنيست». وقالت الحركة التي شاركت في تقديم الالتماس مع جمعية «حقوق المواطن» إن «نتنياهو يسمح بسرقة الأراضي، ويجعل العسكريين عرضة للمحكمة الدولية من أجل ضمان بقائه السياسي».
كما أدانت منظمة التحرير الفلسطينية القانون، وقالت إنه «يشرع سرقة» الأراضي الفلسطينية.
ويشكل القانون خطوة في اتجاه ضم أجزاء من الضفة الغربية؛ وهو ما يدعو إليه بعض الوزراء في الحكومة الإسرائيلية علنا، مثل وزير التعليم نفتالي بينيت، زعيم حزب البيت اليهودي المؤيد للاستيطان والمعارض لإقامة دولة فلسطينية. وكانت المحكمة العليا قد قررت عام 2014 أن هذه البؤرة الاستيطانية، التي بنيت في تسعينات القرن الماضي، أقيمت على أملاك فلسطينية خاصة ويجب إزالتها قبل 25 من ديسمبر (كانون الأول) 2016.
ومع ذلك، تواصل إسرائيل التوسع الاستيطاني؛ إذ تفيد بيانات المكتب المركزي للإحصاء في إسرائيل بأن عدد الوحدات السكنية الجديدة في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة زاد بنسبة 70 في المائة في عام واحد.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم