محافظ كركوك يرفض «إنزال العلم» الكردي عن المؤسسات الحكومية

المحكمة الإدارية في بغداد تعتبر قرار مجلس المحافظة «مخالفاً للقانون»

TT

محافظ كركوك يرفض «إنزال العلم» الكردي عن المؤسسات الحكومية

عادت إلى دائرة الضوء من جديد قضية رفع علم إقليم كردستان إلى جانب علم الدولة العراقية فوق المباني والمؤسسات الحكومية في محافظة كركوك، أثناء الأعياد والمناسبات الرسمية. وبعدما أصدرت محكمة القضاء الإداري، أمس، حكماً بإلغاء قرار مجلس المحافظة القاضي برفع علم كردستان فوق الدوائر الرسمية، انتقد محافظ كركوك نجم الدين كريم الحكم ورفض «إنزال العلم».
ويأتي قرار المحكمة الإدارية غداة جولة اجتماعات أجراها أعضاء اللجنة العليا لاستفتاء إقليم كردستان مع مسؤولين سياسيين في بغداد في الأيام الأخيرة.
وأثار قرار رفع علم إقليم كردستان الذي صوّت عليه مجلس محافظة كركوك نهاية فبراير (شباط) الماضي، موجة احتجاج واسعة في حينها من جماعات عربية وتركمانية في كركوك، كما رُفعت دعوى قضائية ضد رئيس مجلس المحافظة ريبوار طالباني أمام المحكمة الاتحادية.
غير أن المحكمة الإدارية أشارت في معرض عرضها للحكم الصادر بشأن علم الإقليم، إلى أن «القرار محل الاعتراض هو قرار إداري صادر من رئيس مجلس المحافظة وليس من الحكومة الاتحادية أو إقليم كردستان كي نكون أمام دعوى دستورية تخضع لاختصاصات المحكمة الاتحادية العليا، وإنما هي دعوى إدارية تخضع لاختصاص هذه المحكمة (الإدارية)».
ويلفت قرار المحكمة الإدارية إلى أنه «ليس من اختصاصات مجلس المحافظة رفع العلم»، ذلك أن محافظة كركوك والمناطق التابعة لها تتبع الحكومة المركزية وليس إقليم كردستان، بحسب المادة 36 من قانون الأقضية والمحافظات الصادر عام 2008. وبناء على هذه المعطيات، رأت المحكمة أن قرار مجلس محافظة كركوك صدر عن جهة ليست صاحبة اختصاص بإصداره وهو بالتالي «مخالف للقانون».
لكن محافظ كركوك نجم الدين كريم رفض في تصريحات صحافية، أمس، إنزال علم إقليم كردستان من المؤسسات الحكومية في المحافظة. وقال إن «علم كردستان لن ينزل من مدينة كركوك»، مضيفاً أن «حكومة العراق تهمل كركوك ولا تقدم أي خدمات لسكانها، لأنها متأكدة أن كركوك ليست تابعة للعراق». وتابع أنه «لا يوجد نص دستوري يمنع رفع راية كردستان، طالما أن العلم العراقي مرفوع في المدينة».
وفي رده على الرافضين إجراء الاستفتاء في كردستان عموماً ومحافظة كركوك خصوصاً، قال كريم: «إنني على ثقة بأن الاستفتاء سينجح، وغالبية شعب كردستان ستصوّت لصالح الاستقلال».
ومررت الغالبية الكردية في مجلس محافظة كركوك قرار رفع علم كردستان في فبراير الماضي، وظلت متمسكة به على رغم الاعتراضات العربية والتركمانية. وجادل الأكراد بحقهم في رفع علمهم على المؤسسات الرسمية إلى حين تنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي المتعلقة بتطبيع الأوضاع في كركوك.
وكان مجلس النواب العراقي صوّت بالإجماع، مطلع أبريل (نيسان) الماضي، على رفض قرار مجلس محافظة كركوك، لكن رئيس مجلس المحافظة ريبوار الطالباني امتنع عن تطبيق قرار البرلمان.
وفي شأن آخر يتعلق بكركوك، رفضت الهيئة السياسية لـ«اتحاد القوى العراقية» السنّي، شمول محافظة بالاستفتاء المزمع إجراؤه في إقليم كردستان يوم 25 سبتمبر (أيلول) المقبل. وقال بيان صادر عن اجتماع للهيئة السياسية لـ«اتحاد القوى»، أمس، إن «الاجتماع ناقش قضية الاستفتاء الذي تدعو إليه حكومة إقليم كردستان، وعبّرنا فيه عن رفضنا إجراء هذا الاستفتاء في كركوك وجميع المناطق التي تقع خارج حدود الإقليم المنصوص عليها في المادة 143 من الدستور، مع تحفظنا على إجرائه داخل الإقليم».
من جانبه، اعتبر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة إلى العراق يان كوبيتش، أول من أمس، الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان «غير شرعي»، مشدداً على ضرورة تسوية الخلافات بين بغداد وأربيل عبر الحوار والمفاوضات. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا»، عن لقاء أجرته مع كوبيتش قوله إن «إجراء الاستفتاء العام في هذه المنطقة (إقليم كردستان) غير شرعي، وإن موضوع الاستفتاء العام لم يرد في الدستور العراقي».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.