تقرير إسرائيلي: متفقون مع «حزب الله» على عدم وقوع احتكاك عسكري

مسؤول أمني: 9 آلاف مصاب في صفوفه يحتاجون إلى علاج

TT

تقرير إسرائيلي: متفقون مع «حزب الله» على عدم وقوع احتكاك عسكري

بعد التأكيد على أن إسرائيل و«حزب الله»، شريكان في الموقف بالعمل على منع أي احتكاك بينهما في الوقت الحاضر، قال قائد سلاح الجو المنتهية ولايته، الجنرال أمير أيشل، إن إسرائيل، ولأول مرة منذ 50 سنة (حرب الأيام الستة)، استعادت القدرة على توجيه الضربة المسبقة على الحلبة الشمالية.
ويستند أيشل في تصريحاته إلى التقييم الاستراتيجي في الجيش الإسرائيلي، الذي يقول إن «كل اللاعبين في الحرب السورية مروعون» من قدراته. وجاء في هذا التقييم، الذي وصلت نسخة منه إلى «الشرق الأوسط»، أن «حزب الله يعاني أزمة شديدة، رغم تضخم جيشه وتجربته الغنية في القتال في سوريا. فلديه 1900 - 2000 قتيل، يضطر إلى دفع رواتب لذويهم وعائلاتهم. ولديه 8000 - 9000 مصاب، قسم كبير منهم يحتاجون إلى علاج. ولديه 230 قرية في الجنوب، جعل منها ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة. وما يحصل عليه من إيران، 800 مليون دولار في السنة، لم تعد تكفي لتغطية مصاريفه الضخمة هذه. وهناك تذمر متصاعد لدى شيعة لبنان، الذين من المفترض أنهم يشكلون قاعدته الشعبية، إذ يتساءلون: لماذا نحارب في سوريا ولمصلحة من؟ وإزاء هذا التذمر بشكل خاص، بعد أن قامت إيران باغتيال القائد العسكري لـ(حزب الله)، مصطفى بدر الدين، فقد دعي الرجل للقاء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، داخل مطار دمشق، الذي يعتبر أكثر قلعة حصينة لإيران في سوريا، وبعد عشر دقائق من خروجه من اللقاء تمت تصفيته. واللبنانيون يعرفون أن الرجل قتل لأنه مستقل أكثر من اللازم. وأن قيادة (حزب الله) السياسية كانت شريكة في التخلص منه. هذه كلها أدت إلى أزمة معنوية للحزب أمام جمهوره».
وجاء أيضا أن «(حزب الله)، وعلى الرغم من إخفاقات إسرائيل في الحرب الأخيرة سنة 2006، يحافظ على هدوء تام على حدود إسرائيل منذ 11 عاما. وباستثناء ثلاث حالات، قتل فيها أربعة جنود إسرائيليين، إحداها جاءت ردا على قيام إسرائيل باغتيال جهاد مغنية، نجل رئيس أركان قواته الأسبق في لبنان، لم يقدم الحزب على أي عملية ضد إسرائيل. بل هو حريص على عدم الرد على تدمير قوافل الأسلحة».
وقال أيشل، في حديث لصحيفة «هآرتس» العبرية سينشر اليوم الجمعة: «أنا لا أقول إنه يجب على إسرائيل توجيه ضربة مسبقة، هذه معضلة استراتيجية وكل شيء يجب فحصه في سياقه. لكننا نملك اليوم قدرات كهذه، حتى أمام الأعداء الجدد، تنظيمات الإرهاب ذات منظومة سيطرة مشتتة نسبيا. يمكن تحقيق إنجاز، أعتبره استثنائيا. هذا لن ينهي الحرب خلال ثلاث ساعات، لكنه سيدفعنا نحو الانتصار، واختصار الحرب بشكل دراماتيكي».
واعترف أيشل بأن إسرائيل هاجمت خلال السنوات الخمس الأخيرة، قرابة مائة قافلة سلاح كانت معدة لـ«حزب الله» ولتنظيمات أخرى على حلبات أخرى.
وقال: «منذ 2012، أنا أتحدث عن عشرات كثيرة جدا من العمليات. العدد يقترب من ثلاثة أرقام. ويمكن للعملية أن تكون شيئا منفردا، صغيرا وموضعيا، ويمكن أن تكون أسبوعا مكثفا تشارك فيه كثير جدا من الآليات. يسرني أن هذا يحدث تحت الرادار. يمكن النظر إلى المعدات التي تم تدميرها كإنجاز مباشر. لكن حدث أمر آخر أعتبره بالغ الأهمية... لقد تعلمنا كيف ألا ندهور إسرائيل باتجاه الحروب». وأضاف أيشل أنه يمكن «بسهولة» دهورة إسرائيل إلى الحرب، من دون قصد، فيما لو تم ارتكاب أخطاء أثناء العملية العسكرية التي تهدف إلى إحباط تهريب الأسلحة لـ«حزب الله». وأضاف: «في الشرق الأوسط يسهل جدا تصعيد الأمور لتصل إلى الحرب. هذا ذكاء صغير جدا أن تكون فيلا في متجر الخزف. عندما توجد مصالح لإسرائيل، فإنها تعمل رغم المخاطر. أعتقد أنه في نظر أعدائنا، كما أفهم الأمر، هذه لغة مفهومة هنا ومفهومة أيضا، أبعد من الشرق الأوسط». وأضاف قائد سلاح الجو السابق أن سلاح الجو طوّر بشكل كبير قدراته الهجومية في السنوات الأخيرة. وحسب أقواله، فإن القدرة على مهاجمة أهداف بمساعدة الاستخبارات الدقيقة، ازدادت أربعة أو خمسة أضعاف خلال عدة سنوات. وبالإضافة إلى ذلك، تم في سلاح الجو بناء قدرات لتوجيه ضربة مسبقة لـ(حزب الله)».
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو السنة الماضية إن إسرائيل نفذت «أعمالا عسكرية» ضد قوافل إيرانية تنقل أسلحة لـ(حزب الله) «عشرات وعشرات المرات».
وتنفذ إسرائيل كذلك غارات انتقامية كلما سقط صاروخ أو قذيفة أو استهدف إطلاق نار هضبة الجولان السورية المحتلة خلف خط الهدنة. واحتلت إسرائيل 1200 كلم مربع من هضبة الجولان السورية في سنة 1967 وضمتها في 1981. ولا يزال نحو 510 كلم مربع من الهضبة مع سوريا.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.