قتلى للنظام على جبهات حي جوبر والغوطة الشرقية

أغلبهم من نخبة الفرقة الرابعة سقطوا بكمائن «فيلق الرحمن»

TT

قتلى للنظام على جبهات حي جوبر والغوطة الشرقية

منيت قوات النظام السوري في اليومين الماضيين، بخسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، سواء على جبهات حي جوبر في الطرف الشرقي للعاصمة دمشق، وبلدة عين ترما في الغوطة الشرقية، أم في معاركها مع فصائل المعارضة في البادية السورية وريف حلب، أو في مواجهة تنظيم داعش في ريف حمص الشرقي، وعلى محاور أخرى.
وأعلن «فيلق الرحمن» أحد أبرز فصائل المعارضة في حي جوبر وفي الغوطة الشرقية، أن «ضابطاً واحداً و14 عنصراً للنظام قتلوا اليوم (أمس) الأربعاء، في كمين نصبه مقاتلو (فيلق الرحمن) على جبهة حي جوبر شرق العاصمة دمشق، وذلك في الحملة العسكرية للنظام على المنطقة». وقال المكتب الإعلامي للفيلق في بيان، إن «15 عنصراً من قوات النخبة في الفرقة الرابعة بينهم ضابط، قتلوا جراء تفجير نقطة استراتيجية ضمن سلسلة الكمائن، التي أعدها ضباط مختصون في الجيش السوري الحر».
لكنّ المتحدث باسم «فيلق الرحمن» وائل علوان، قال في تصريح له، إن مقاتلي الفيلق «استدرجوا مجموعة من قوات الفرقة الرابعة إلى منطقة تم تفخيخها من قبل بشكل كامل، وذلك خلال محاولة اقتحام جديدة فجر اليوم (أمس) على جبهة المناشر جنوب غربي حي جوبر». وقال إن «المقاتلين اشتبكوا مع القوات المقتحمة، قبل أن يتم تفجير عدة أبنية مفخخة كانت مدفعية النظام وطائراته قد دمَّرتها بشكل كامل في وقت سابق، ما تسبب بمقتل أكثر من 20 عنصراً، بينهم ضابط، وإصابة العشرات من قوات الفرقة الرابعة».
قوات النظام، ردّت على هذه العملية، بقصف عنيف على مناطق في الغوطة الشرقية، وأشار موقع «الدرر الشامية» الإخباري، أن «عشرات الصواريخ من نوع (فيل)، سقطت على حي جوبر وبلدة عين ترما». وقال إن قوات النظام «استهدفت بالرشاشات الثقيلة مدينة عربين، ما أسفر عن وقوع عدة إصابات في صفوف المدنيين، في حين قصفت بلدة كفر بطنا بالمدفعية الثقيلة، كما تعرَّضت المنطقة الواقعة بين مدينة دوما وبلدة الشيفونية لقصف بقذائف الهاون»، لافتاً إلى أن هذا القصف «تزامن مع مواجهات شهدتها مدينة زملكا ووادي عين ترما بالغوطة الشرقية، بين مقاتلي «فيلق الرحمن» وقوات الأسد، في محاولة من الأخيرة لاقتحام المنطقة.
وتواجه قوات النظام والميليشيات الموالية لها في معارك جوبر وعين ترما، مقاومة كبيرة، ونقلت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة عن مسؤول في الفيلق، أن قوات النظام «تكبدت خسائر كبيرة خلال الأيام الماضية، حيث قتل خلال الأسبوع الأخير من المعارك، قرابة 50 عنصراً لقوات الأسد، وأصيب 80 آخرون، فيما تمكن الثوار في (فيلق الرحمن) من تدمير أربع دبابات، وبلدوزرين، ومدفع». وأكد المصدر أن «معظم خسائر النظام سقطت، خلال كمائن نصبها مقاتلو الفيلق للقوات المهاجمة، التي عجزت عن تحقيق أي تقدم على حساب الثوار في المنطقة».
وكانت فصائل الجيش الحرّ تمكنت أول من أمس، من إسقاط طائرة للنظام من طراز «ميغ 21» في ريف السويداء الشرقي وأسر الطيار حياً، وقد اعترف النظام بإسقاط طائرته، من دون أن يعطي إيضاحات. وقال التلفزيون السوري الناطق باسم النظام، إن «طائرة حربية سقطت في جنوب سوريا». ونقل عن مصدر في جيش النظام قوله، إن «التحقيق جارٍ لتحديد سبب سقوط الطائرة».
ولم يأت التلفزيون السوري على ذكر مصير الطيار، إلا أن «جيش أسود الشرقية» نشر على حسابه على صفحات التواصل الاجتماعي، صوراً للطيار، وقال إنه يدعى الرائد علي الحلوة، وهو على قيد الحياة، وبدت الجروح تكسو وجهه، كما نشر صوراً تظهر حطام الطائرة، التي أسقطت بمضادات أرضية بحسب ما أعلن سعد الحاج مسؤول المكتب الإعلامي في «جيش أسود الشرقية».
أما في الشمال السوري، حيث أعلنت «فرقة السلطان مراد» التابعة للجيش السوري الحر، عن «أسر أحد عناصر قوات الأسد قرب مدينة الباب شرق حلب شمال سوريا». وأوضحت «فرقة السلطان مراد»، في بيان صحافي نشرته على حساباتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، أنها «تمكنت من أسر هذا العنصر في كمين بمحيط قرية الشماوية، الخاضعة لسيطرة قوات النظام غرب مدينة الباب»، مشيرة إلى أن «هذا العنصر هو من مرتبات الحرس الجمهوري»، دون أن تذكر مزيدا من التفاصيل عن الواقعة، ليضاف هذا العنصر إلى عدد من أسرى النظام الموجودين لدى الفرقة.
ووثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل 27 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، جراء اشتباكات مع تنظيم داعش في البادية السورية، وقال إن «أكثر من 20 عنصراً من تنظيم داعش، قتلوا أيضاً في المعارك مع قوات النظام في المنطقة ذاتها».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.