وزيرا «حزب الله» و«أمل» في دمشق رغم الاعتراض الحكومي

الحريري يعتبر زيارتهما شخصية وليست رسمية

TT

وزيرا «حزب الله» و«أمل» في دمشق رغم الاعتراض الحكومي

وصل وزيرا «حزب الله» وحركة «أمل»، حسين الحاج حسن وغازي زعيتر، إلى العاصمة السورية دمشق، للمشاركة في معرض دمشق الدولي، رغم الانقسام الذي سببته بين القوى السياسية كافة، وداخل الحكومة التي رفض رئيسها سعد الحريري تغطيتها، واستبق الزيارة بتأكيده أن ذهاب الوزيرين إلى العاصمة السورية إنما يحصل بصفتهما الشخصية، لا الرسمية.
ولدى وصوله إلى العاصمة السورية دمشق براً، عن طريق معبر جديدة يابوس، قال وزير الصناعة حسين الحاج حسن: «نبدأ الزيارة إلى سوريا للمشاركة بمعرض دمشق الدولي، وسيكون لنا لقاءات مع عدد من المسؤولين السوريين»، وأضاف: «سنهنئ الشعب والجيش في سوريا على الانتصارات التي تحققت على الإرهاب»، مؤكداً أن «العلاقات التاريخية السورية اللبنانية هي مصالح عميقة وستستمر، ولنا كلبنانيين كل المصلحة في استمرارها».
أما وزير الزراعة غازي زعيتر، فقال في تصريح أدلى به في جديدة يبوس، على الحدود مع سوريا: «زيارتي إلى دمشق رسمية، وهي بتوجيه من رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أنتمي إلى حركته (أمل) وإلى كتلته النيابية، وهناك إصرار منه على إنجاز هذه الزيارة إلى الشقيقة سوريا»، ولفت إلى أنه «من مصلحة لبنان وسوريا وشعبيهما تفعيل الاتفاقات الموقعة، وستكون لزيارتنا نتائج إيجابية»، معتبراً أنه «لا يمكن عزل سوريا، وعلاقاتنا معها لم تنقطع».
ورأى زعيتر أن «استقرار سوريا لمصلحة لبنان، واستقرار لبنان لمصلحة سوريا أيضاً»، لافتاً إلى أن «سوريا بوابة لبنان إلى الدول العربية الشقيقة، وسنعمل على هذا المجال»، معتبراً أنه «يحق لكل وزير أن يزور الدولة التي يريدها، ومجلس الوزراء يعلن لاحقاً موقفه»، وأعرب عن أمله بأن «تجتمع الأمة العربية، وتعود الجامعة لتجمع الدول العربية في مواجهة الإرهاب وإسرائيل».
وأضاف وزير حركة «أمل» في الحكومة: «إذا لم نكن صفاً واحداً، ستقع الخسارة على الجميع، وما يجري في سوريا والعراق وفلسطين من حروب، وتوتر العلاقات بين دول الخليج، هو ضرر على كل الأمة العربية». ودعا زعيتر إلى «التضامن بين العرب لأن بوحدتنا قوة، وعدونا يكسب علينا، ولكن بقوة جيشنا ووحدة شعبنا سننتصر على الجهات الإرهابية والصهيونية».
أما وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون، فشدد في تصريح له على أن «زيارات بعض الوزراء اللبنانيين إلى دمشق ليست جزءاً من أي توافق في هذه الحكومة أو في الحكومة السابقة»، مؤكداً أنها «تتعارض مع التسوية السياسية التي أوصلت الرئيس ميشال عون إلى سدة الرئاسة، والتي تقضي بتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية، خصوصا تلك الدائرة في سوريا، وهذا ما ورد في خطاب القسم، ثم في البيان الوزاري».
ورأى فرعون أنه «لا تغطية حكومية لهذه الزيارات، كما أنه لا مصلحة للبنان في أن يكون في موقع معاكس للإجماع العربي في هذا المجال، ولذلك فإن هذه الزيارات تسجل في خانة الشخصية، وإلا فإنها ستؤدي إلى جدل داخلي كبير، سيؤثر على الحكومة والجو السياسي العام»، لافتاً إلى أن «التنسيق قائم بين أجهزة لبنانية وأخرى سورية على الصعيد الأمني أو التقني أو الإداري، وهو لم يتوقف، ولا خلاف عليه، وليس له تأثير على مصلحة لبنان العليا، في حين لا اتفاق على أي زيارة لها طابع العلاقات السياسية الطبيعية»، مؤكداً أن زيارة الوزير الحاج حسن وزعيتر «لها انعكاسات قد تهدد مصالح لبنان على صعيد علاقاته مع عدد من الدول».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.