عباس يستفز إسرائيل بتهنئة زعيم كوريا الشمالية بعيد التحرير

مسؤول فلسطيني: موقفنا لا يتحدد بناء على الموقف الأميركي

TT

عباس يستفز إسرائيل بتهنئة زعيم كوريا الشمالية بعيد التحرير

استغل مسؤولون إسرائيليون رسالة تهنئة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلى زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، للهجوم الشديد على عباس، بل والسخرية منه كذلك.
وأشعلت الرسالة التي جاءت في ذروة التوتر بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، وحملت التهاني من عباس لكيم جونغ أون بمناسبة عيد التحرير، جدلا كبيرا في تل أبيب التي فسرتها بمناصرة فلسطينية للظلم.
وقالت تقارير إسرائيلية، إن توقيت إرسال المذكرة في ذروة التوتر النووي بين الولايات المتحدة الأميركية وكوريا الشمالية، أدهش كثيرين في إسرائيل وفي أوساط زعماء العالم. وكتب وزير التربية والتعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت «تغريدة» قال فيها: «في البداية هتلر، ثم بعد ذلك صدام حسين، والآن كيم جونغ أون. إذا كنتم تبحثون عن موقف أخلاقي، فابحثوا من الذي يدعمه الفلسطينيون، وافعلوا عكس ذلك».
أما وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان، فغرد ساخرا: «لائحة مهام أبو مازن هي أن يرسل برقيات تهنئة حارة لكيم، وأن يدفع الأموال للإرهابيين، ومن ثم يقول للعالم إنه شريك في عملية السلام».
ولم يتوقف الأمر عند تغريدات مسؤولين إسرائيليين، بل تفاعل كثير من المواطنين في إسرائيل مع تعليقات هؤلاء المسؤولين، وكتبوا حول «حماقة التوقيت»، وأن الفلسطينيين «لا يفوتون أي فرصة لارتكاب الأخطاء»، إذ إن إسرائيل تعتبر كوريا الشمالية ضمن تحالفات «الشر».
وكان وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، قد صرح في أبريل (نيسان) الماضي، بأن كوريا الشمالية هي جزء من مسار الشر الذي يشمل سوريا، و«حزب الله»، وإيران، واصفا إياهم بـ«مجموعة متطرفة ومجنونة».
وقد ردت كوريا على ليبرمان بالقول: «من الأجدر لإسرائيل أن تفكر مرتين في إبعاد حملة التشهير ضدنا، التي تهدف إلى إخفاء جرائم الاحتلال في المناطق العربية، وتعرقل العملية السلمية». وتعتبر العلاقة الفلسطينية - الكورية عكس ذلك، وتوصف بأنها جيدة ومتقدمة إلى حد ما. وفي هذا السياق قال المسؤول الفلسطيني أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن العلاقات بين كوريا الشمالية ومنظمة التحرير قائمة منذ عشرات السنين، وكوريا الشمالية اعترفت بدولة فلسطين منذ 1988، وتوجد فيها سفارة فلسطينية.
وأضاف مجدلاني موضحا: «نحن لسنا جانبا في هذا الصراع، وموقفنا لا يتحدد بناء على الموقف الأميركي. هذه برقية يرسلها الرئيس منذ سنوات طويلة إلى زعيم كوريا الشمالية، ومن يريد استغلالها لافتعال أزمة فهذا شأنه».
وعادة ما يرسل عباس بشكل تلقائي رسائل تهنئة لكل زعماء العالم بأعياد بلدانهم. ومن هذا المنطلق أرسل عباس تهنئة إلى «الأمين الأول لحزب العمل الكوري، القائد الأول للجنة الدفاع الوطني لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، القائد الأعلى للجيش كيم جونغ أون، بعيد التحرير».
وقال عباس في برقيته: «إن الشعب الكوري قدّم أغلى التضحيات من أجل حريته وكرامته»، وعبّر عن تقديره «لمواقف كوريا التضامنية الثابتة الداعمة لحقوق شعبنا، ونضاله العادل من أجل إنهاء الاحتلال، وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، الضمانة الأكيدة لتحقيق السلام العادل، الذي تتطلع إليه جميع شعوب المنطقة».
وتمنى عباس للزعيم جونغ أون موفور الصحة والسعادة، وللشعب الكوري مزيدا من الاستقرار والازدهار، ولعلاقات الصداقة التاريخية بين فلسطين وكوريا الشمالية وشعبيهما، مزيدا من التطور والنماء.
كما أرسل عباس كذلك برقيات تهنئة في نفس اليوم، لنظيريه الباكستاني والهندي بيوم الاستقلال، ولرئيسي كوريا والكونغو بالعيد الوطني.



إسلام آباد تترقب انطلاق مرحلة جديدة من المفاوضات مع كابل

أحمد فاروق السفير الباكستاني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
أحمد فاروق السفير الباكستاني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
TT

إسلام آباد تترقب انطلاق مرحلة جديدة من المفاوضات مع كابل

أحمد فاروق السفير الباكستاني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
أحمد فاروق السفير الباكستاني لدى السعودية (الشرق الأوسط)

في وقتٍ شهدت فيه كل من الرياض والدوحة وإسطنبول مفاوضات مباشرة لنزع فتيل التوتر بين إسلام آباد وكابل، كشف مسؤول باكستاني أن بلاده تنتظر المرحلة الثانية من المفاوضات لإيجاد حل للتوتر بين البلدين، مشدداً على أهمية اتفاقية الدفاع المشترك التي وُقّعت أخيراً بين الرياض وإسلام آباد.

وقال أحمد فاروق، السفير الباكستاني لدى السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، إن باكستان وقّعت، هذا العام، اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المتبادل مع السعودية، و«ساعدت على إضفاء طابع رسمي على علاقة عسكرية قوية جداً بين البلدين. كما نعمل حالياً على كيفية تعزيز شراكتنا الاقتصادية بشكل أكبر، وهناك فِرق من الجانبين منخرطة حالياً في هذا الجهد». وأضاف فاروق: «نتطلع كثيراً إلى تعزيز علاقاتنا الاقتصادية وروابطنا التجارية بشكل أكبر، ونتطلع لزيارة مرتقبة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى باكستان».

وأضاف فاروق: «إن العلاقة بين إسلام آباد والرياض علاقة تاريخية جداً، وقوية جداً، وأخوية وصادقة. ولهذه العلاقة أهمية عميقة لشعبَي البلدين، حيث إن العلاقات الثنائية على مستوى القيادات علاقة قوية جداً، ويتجلى ذلك في كثافة الزيارات رفيعة المستوى التي نشهدها، ففي هذا العام وحده زار رئيس وزراء باكستان المملكة أربع مرات». وتابع: «بالمثل، هناك العديد من الوفود التي تأتي من باكستان إلى السعودية، كما تزور وفودٌ سعودية باكستان. وعلى المستوى العسكري أيضاً، هناك توافق ثنائي، إذ إن العلاقات العسكرية قوية جداً».

وزاد فاروق: «الأهم من ذلك، أودّ أن أقول إن التواصل بين الشعبين مهم جداً، فهناك أكثر من ثلاثة ملايين باكستاني يعيشون ويعملون في المملكة، وفي جميع المجالات، سواء في قطاع البناء، أو الصناعات الأخرى، أو النفط والغاز، أو القطاع المالي، أو المِهن الطبية، أو تكنولوجيا المعلومات».

وتابع فاروق: «في جميع قطاعات الحياة في السعودية، ستجدون باكستانيين يعملون ويساهمون في تنمية المملكة، وفي تحقيق الأهداف والرؤية ضمن (رؤية 2030) لقيادة المملكة، لذلك أقول إنها علاقة عميقة وقريبة، وتزداد قوة مع مرور الوقت».

التوتر الباكستاني الأفغاني

وعلى صعيد آخِر المستجدّات الدبلوماسية المتعلقة بالتوتر بين باكستان وأفغانستان، قال فاروق: «نحن نتلقى دعماً من دول صديقة مثل السعودية وقطر وتركيا وقطر، لإيجاد حل لهذه المشكلة. ولذلك نواصل الانخراط في هذا الملف، ونأمل أنه بدعم جميع الدول الصديقة، سنتمكن من إيجاد طريق أفضل للمُضي قُدماً، بحيث يتمكن شعبا البلدين من العيش في سلام وازدهار». وأضاف: «عقدنا اجتماعات في ثلاثة أماكن، في الدوحة، واجتماعات في إسطنبول، وكانت هناك أيضاً لقاءات هنا في الرياض، حيث كان فيها الطرفان على طاولة واحدة وجهاً لوجه، والآن نحن ننتظر المرحلة التالية. في الوقت الحالي، لا يحدث شيء جديد، لكنني لا أرى خياراً آخر، إذ لا بد من إيجاد حل».

وأضاف: «خلال السنوات الثلاث الماضية منذ أن سيطرت (طالبان) على أفغانستان، كان مصدر قلقنا الرئيسي هو استمرار نشاط التنظيمات الإرهابية التي تستخدم الأراضي الأفغانية لتنفيذ أعمال إرهابية داخل باكستان. وبخلاف ذلك، ليست لدينا مشاكل مع السلطات في أفغانستان، وقد طالبناهم باتخاذ إجراءات لمنع هذه التنظيمات من استخدام الأراضي الأفغانية لتنفيذ الإرهاب في باكستان». وتابع: «لكن للأسف، لم نحصل على التعاون الذي كنا نأمل به. وأنتم تعلمون جيداً أن لباكستان دوراً تاريخياً في مكافحة الإرهاب. وخلال السنوات الثلاث الأخيرة، تكبدنا مرة أخرى خسائر كبيرة، خاصة في صفوف قواتنا الأمنية، نتيجة للهجمات الإرهابية التي يتم التخطيط لها وتنطلق من أفغانستان».


مزاعم «الاعتدال» الحوثي تتلاشى... سجون خاصة وتصفيات داخلية

مسلحون حوثيون على متن عربة أمنية في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون على متن عربة أمنية في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)
TT

مزاعم «الاعتدال» الحوثي تتلاشى... سجون خاصة وتصفيات داخلية

مسلحون حوثيون على متن عربة أمنية في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون على متن عربة أمنية في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)

في وقت تواصل فيه الجماعة الحوثية محاكمة العشرات من المدنيين بتهم مزعومة عن «التجسس» لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، تتكشّف وقائع جديدة تُظهر جانباً آخر من ممارسات القيادات النافذة داخل الجماعة، وتنسف محاولات بعضهم، وفي مقدمهم محمد علي الحوثي، تقديم أنفسهم كواجهة للاعتدال، إذ تعكس الشكاوى المتصاعدة من داخل مناطق سيطرتهم نمطاً من الانتهاكات المنهجية، تتجاوز الخصوم إلى الموالين أنفسهم، وتُدار غالباً بدوافع شخصية وتصفية حسابات داخلية.

وتزامنت هذه التطورات مع تأكيدات من مصادر داخل الجماعة بأن سجون الأجهزة الأمنية، التابعة للاستخبارات ووزارة الداخلية في حكومة الجماعة غير المعترف بها، تحولت فعلياً إلى أدوات بيد المتنفذين من المشرفين والقيادات والواجهات القبلية، بل وحتى بعض مديري المؤسسات التعليمية.

ووفق هذه المصادر، يُزجّ بالمواطنين في تلك السجون دون أوامر قضائية أو تهم قانونية واضحة، لتصبح الحرية أو الإفراج رهناً بمزاج النافذين ودرجة رضاهم أو غضبهم.

ابن عم زعيم الحوثيين حاول تقديم نفسه زعيما لجناح الاعتدال لكن الوقائع كشفت عكس ذلك (إعلام محلي)

وفي تسجيل مصوّر، روى المواطن شرف حجر تفاصيل ما قال إنه تعرّض له من تنكيل منذ تسعة أعوام، بعد أن اتهمه محمد علي الحوثي وهو ابن عم زعيم الجماعة بالاختلاس. وأكد حجر أنه أبدى استعداده للمثول أمام القضاء للفصل في القضية، إلا أن القيادي الحوثي، وهو عضو في مجلس الحكم وأحد أبرز المتنفذين، أجبره على اللجوء إلى «التحكيم». ورغم أن المحكّمين الذين جرى تعيينهم أقرّوا صراحة ببراءته، فإن الحوثي رفض جميع الأحكام الصادرة، بحسب رواية حجر، وهدده لاحقاً بجهاز المخابرات.

وأكد ناشطون موالون للجماعة براءة حجر، مطالبين قيادات الحوثيين بـ«الإنصاف» ومشيرين إلى أن الرجل تعرّض للظلم طوال هذه السنوات، رغم صدور توجيهات من زعيم الجماعة بتبرئته وتعويضه، بعد أن كلّف قاضياً للفصل في القضية. غير أن تلك التوجيهات، وفق الناشطين، ظلت حبراً على ورق، في ظل رفض ابن عم زعيم الجماعة وهو عضو مجلس الحكم، الاعتراف بالحكم حتى اليوم.

حتى النشطاء الذين أيدوا الحوثيين تم اعتقالهم بناء على رغبات نافذين (إعلام حوثي)

ويرى هؤلاء أن ما جرى يعكس اختلالاً عميقاً في منظومة العدالة داخل مناطق سيطرة الحوثيين، حيث يُفرغ القضاء من مضمونه، وتُختزل القضايا في إرادة القيادات النافذة. ولفتوا إلى أن حجر «مكلوم ولا أحد يقف إلى جانبه»، وأن قضيته لم تحظَ بتغطية سوى من وسيلة إعلامية واحدة، في مؤشر على الخوف أو التواطؤ داخل المشهد الإعلامي الموالي للجماعة.

سجون بقرار نافذين

لا تقتصر هذه الممارسات على قضية حجر. إذ تشير مصادر داخل الجماعة إلى أن سجونها تحولت إلى «سجون خاصة»، يُعتقل فيها كل من يختلف مع المتنفذين، حتى من داخل الصف الحوثي نفسه. وذكرت المصادر أن عميد أحد المعاهد الصحية أصدر توجيهاً للأجهزة الأمنية باعتقال مدرس يعمل لديه، بعد خلاف على ترتيب جدول المحاضرات، ولا يزال المدرس، ويدعى مهيوب الحسام، محتجزاً حتى الآن.

كما طالت الاعتقالات إعلاميين وناشطين موالين للجماعة، من بينهم محمد الشينة وعبد الكريم علي وعلي القاضي، الذين أُودعوا سجن استخبارات الشرطة، الذي يقوده علي حسين الحوثي نجل مؤسس الجماعة، بأوامر من القيادي حسن الهادي، لأسباب وُصفت بالشخصية.

وتحدثت المصادر أيضاً عن اعتقال الناشط رشيد البروي في ظروف مشابهة، مؤكدة أن «الحماية السياسية» التي يتمتع بها بعض المتنفذين تبيح لهم كل المحظورات.

وأعاد ناشطون التذكير بخطاب الحوثيين عند اقتحام صنعاء، حين وعدوا بردم الأقبية وإنهاء السجون السرية والتغييب والإذلال، وهدم قلاع النفوذ. غير أنهم، بحسب هؤلاء، لم يفعلوا سوى تعميق تلك الأقبية، وإعادة تشييد قلاع النفوذ الاجتماعي، ليس ضد الخصوم فحسب، بل ضد الأصدقاء أيضاً.

معاناة المعتقلين الإنسانيين

وجّهت رابطة أسر العاملين الإنسانيين المعتقلين والمخفين قسراً لدى الحوثيين منذ نحو عام ونصف رسالة عاجلة إلى رعاة مشاورات الأسرى والمعتقلين، التي تستضيفها مسقط. وأكدت الرابطة أن استمرار احتجاز أقاربهم، وحرمانهم من التواصل معهم، وغياب أي معلومات عن أوضاعهم الصحية والنفسية وأماكن احتجازهم، تمثل انتهاكاً جسيماً لا يمكن تبريره.

الفريق الحكومي في محادثات المحتجزين يواجه اشتراطات غير منطقية من الحوثيين (إعلام محلي)

وحمّلت الرابطة جماعة الحوثي كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن سلامة المعتقلين، مطالبة الأمم المتحدة باتخاذ موقف «واضح وحازم»، وممارسة ضغط فعلي لإلزام الحوثيين بالكشف عن مصيرهم، وتمكين أسرهم من زيارتهم، والإفراج عنهم دون شروط. كما دعت المنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية لتحمّل مسؤولياتها تجاه موظفيها وشركائها المعتقلين.

وأكدت الرسالة أن معاناة الأسر لا تزال مستمرة، وسط قلق دائم وخوف من المجهول، مشددة على أن هذه العائلات لم تعد قادرة على تحمّل مزيد من التأجيل أو الوعود غير المقرونة بخطوات عملية، في ظل واقع يعكس، أكثر من أي وقت مضى، اتساع دائرة القمع داخل مناطق سيطرة الحوثيين.


«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المبرم قبل نحو شهرين، وسط حديث إسرائيل عن أن هناك تعثراً وشروطاً إسرائيلية للانتقال لتلك المرحلة.

تلك الجهود التي تشمل تحركات واتصالات أميركية ومصرية بخلاف اجتماع عسكري بالدوحة، تعزز فرص التوصل إلى حل لإنهاء تعثر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب ما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، معتقدين أن هناك ترقباً للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لحسم الانتقال من عدمه.

وعاد الحراك الأميركي بشأن غزة مكثفاً، وأطلع ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، مبعوثا ترمب، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على المستجدات بشأن اتفاق غزة خلال مؤتمر عبر الفيديو، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».

فلسطيني يجمع قوالب الخرسانة الخفيفة لبناء مأوى لعائلته قبل حلول فصل الشتاء في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن توم برّاك مبعوث ترمب يصل إلى إسرائيل، الاثنين، لبحث بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أن «الزيارة بالغة الحساسية، وتقيّم مدى استعداد إسرائيل للتقدم نحو المرحلة الثانية، وتعكس نفاد صبر الرئيس ترمب إزاء تعثر الانتقال إلى المرحلة التالية من خطته لقطاع غزة، وستناقش قوات الاستقرار بغزة».

وأوضحت أن «برّاك يرى أن تركيا يجب أن تكون جزءاً من قوة الاستقرار، بفضل قدراتها العسكرية ونفوذها في غزة، ولكن إسرائيل تعدّ ذلك خطاً أحمر، إذ ترى أن أي طرف يحتفظ بعلاقات مع (حماس) لا يمكن أن يُصنف قوةَ استقرار، وإشراكه (في القوة الدولية) قد يقوض الاتفاق».

ورأت الهيئة زيارة برّاك، رغم أنه مهتم أكثر بشؤون سوريا ولبنان، «خطوة تحضيرية مباشرة للقاء المرتقب بين نتنياهو وترمب بفلوريدا في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي»، في ظل انشغال ويتكوف وكوشنر بملف أوكرانيا.

وتأتي تلك الزيارة عشية استضافة الدوحة اجتماعاً للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة 25 دولة، الثلاثاء، لبحث هيكل القيادة وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة، بحسب ما ذكره مسؤولان أميركيان لـ«رويترز» قبل أيام.

وسبق أن تحدثت القناة «14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة إلى إمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن المساعي الأميركية تعكس وجود ضغوط لتسهيل التفاوض بشأن المرحلة الثانية، التي تبدو معقدة للغاية مع مساعي نزع سلاح القطاع وتشكيل قوات الاستقرار ولجنة إدارة القطاع، مشيراً إلى أن «تلك الملفات لم تحسم بعد، وليست هناك ملامح بشأن إنجازها قريباً والأمور ضبابية».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، بأنه «أياً كانت المساعي فيجب أولاً وقف التماهي بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأن تضغط واشنطن بقوة على نتنياهو، غير ذلك ستذهب التحركات الأميركية بلا نتائج مؤثرة، خصوصاً أن هناك حديثاً عن توجه للقفز للبند 17 من اتفاق غزة الذي يسمح ببدء تحركات فردية إسرائيلية في أماكن سيطرتها وإعمارها، وهذا أمر خطير».

ووسط تلك المساعي الأميركية، والمخاوف، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال اتصال هاتفي، الاثنين، مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب، وأهمية نشر قوة الاستقرار الدولية المؤقتة لمراقبة وقف إطلاق النار، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر أمني، أن تنفيذ المرحلة الثانية «غير وشيك»، مع استمرار مساعي إسرائيل لاستعادة جثة الرهينة ران غويلي، التي تعد آخر جثة تطالب باستعادتها من قطاع غزة، فيما أفاد موقع «والا» العبري بأن تل أبيب تربط التقدم في الاتفاق باستعادة الجثة.

ويرى السفير هريدي أن إسرائيل تتعمد إفساد التوجه للمرحلة الثانية بتلك الذرائع، مشيراً إلى أن «القاهرة تعمل على إنهاء تلك الذرائع وتوسيع دائرة التحركات، لدفع واشنطن نحو إجبار نتنياهو على تنفيذ الاتفاق، وهذا سيتضح أكثر خلال لقاء القمة مع ترمب أواخر الشهر».

وشدد الرقب على أن «محددات المرحلة الثانية 3 أمور رئيسية؛ هي وصول قوات الاستقرار، وتشكيل لجنة إدارة القطاع، ووجود جهاز شرطي فلسطيني لتسلم غزة، وجميع ذلك لم يحدث، وبالتالي سيتأخر الانتقال لتلك المرحلة، ما لم يحسم ترمب الأمر مع نتنياهو خلال القمة المرتقبة».