كولومبيا تعلن رسمياً انتهاء الصراع مع {فارك}https://aawsat.com/home/article/1000856/%D9%83%D9%88%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%86-%D8%B1%D8%B3%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%8B-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%87%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D9%85%D8%B9-%D9%81%D8%A7%D8%B1%D9%83
الأمم المتحدة تؤكد اكتمال مرحلة تسلم سلاح الحركة والبدء في التأهيل السياسي
بوغوتا:«الشرق الأوسط»
TT
بوغوتا:«الشرق الأوسط»
TT
كولومبيا تعلن رسمياً انتهاء الصراع مع {فارك}
مع إعلان الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس، من مدينة جواخيرا الساحلية، وبحضور الأمم المتحدة التي تشرف على جمع السلاح من حركة فارك المتمردة، ينتهي بشكل فعلى الصراع الذي دام لأكثر من 5 عقود في كولومبيا، بين قوات الجيش من ناحية، وحركة فارك المتمردة من ناحية أخرى. وقال سانتوس، في خطاب في منطقة بوندوريس (شمال البلاد)، إنه الفصل الأخير من النزاع؛ مع التخلي عن السلاح، ينتهي النزاع فعلاً، وتبدأ مرحلة جديدة في حياة كولومبيا. ومتمردو «فارك» يشكلون حركة التمرد الأكبر في القارة الأميركية، التي أبصرت النور في 1964. وقال إيفان ماركيز، أحد قادة «فارك» والمفاوض السابق في مباحثات اتفاق السلام، إنه مع هذا الحدث، تنتهي عملية التحقق من وقف إطلاق النار وتسليم الأسلحة، وتبدأ الأمم المتحدة التحقق من اندماج عناصر «فارك» في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد. من جهتها، قالت الأمم المتحدة إن جماعة القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) سلمت أكثر من 8 آلاف قطعة سلاح، ونحو 1.3 مليون قطعة ذخيرة، في إطار نزع سلاحها بعد اتفاق سلام مع الحكومة. واكتملت عملية نزع السلاح رسمياً مع قيام الأمم المتحدة، التي تشرف على العملية، بنقل آخر شحنة من الأسلحة من معسكر في فونسيكا، في إقليم جواخيرا. والمعسكر واحد من أكثر من 12 منطقة تقيم بها «فارك» منذ بداية العام. هذا، وقال جان أرنو، رئيس بعثة الأمم المتحدة في كولومبيا، في حفل بمناسبة انتهاء الصراع رسمياً، إن بعثة الأمم المتحدة جمعت 8112 سلاحاً في حاويات تمهيداً لصهرها. وكانت بالفعل قد تأخرت عملية جمع السلاح من حركات التمرد، إلا أن الرئيس الكولومبي عبر عن سعادته بانتهاء المهمة، وقال إن جمع السلاح بعد انتهاء الصراع في آيرلندا استمر 10 سنوات، بينما في بلاده، استمر فقط لثمانية أشهر، في إشارة إلى أنه على الرغم من التأخير، فإن الصراع فعلياً انتهى، وفي وقت قياسي. وسوف تستخدم الأسلحة التي تم جمعها في صنع 3 نصب تذكارية احتفالاً باتفاق السلام الذي أبرم العام الماضي بين «فارك» وحكومة الرئيس خوان مانويل سانتوس، على أن توضع النصب في كوبا ونيويورك (مقر الأمم المتحدة) وكولومبيا. ويتيح الاتفاق لحركة فارك 10 مقاعد دون انتخاب في الكونغرس حتى عام 2026، ويمنح عفواً لغالبية المقاتلين السابقين. أما الذين تدينهم محاكم خاصة بانتهاك حقوق الإنسان، فلن يحصلوا على أحكام تقليدية بالسجن، بل سيقومون بأعمال إصلاحية، مثل إزالة الألغام الأرضية. ومن المقرر أن يزور البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان الأرجنتيني الأصل، كولومبيا في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، وذلك للإشادة بعملية السلام بشكل رسمي، والاحتفال مع الكولومبيين بانتهاء أقدم صراع مسلح عرفته القارة اللاتينية.
2025... عام ملء الفراغات؟https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/5098475-2025-%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D9%85%D9%84%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%BA%D8%A7%D8%AA%D8%9F
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.
يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟
بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.
دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.
بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».
حال العالم
في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.
في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.
وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.
يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟
إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.
شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.
التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ
مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.
تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.
في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟