منتجات تجميل بلا كحول أو مشتقات حيوانية تلقى رواجاً في الهند

ثورة «حلال» تقودها أختان استغلتا ثغرة في الأسواق أوصلتهما إلى العالمية

الأختان مولي وغريشما تيلي في صيدليتهما للمنتجات الطبيعية و«الحلال»
الأختان مولي وغريشما تيلي في صيدليتهما للمنتجات الطبيعية و«الحلال»
TT

منتجات تجميل بلا كحول أو مشتقات حيوانية تلقى رواجاً في الهند

الأختان مولي وغريشما تيلي في صيدليتهما للمنتجات الطبيعية و«الحلال»
الأختان مولي وغريشما تيلي في صيدليتهما للمنتجات الطبيعية و«الحلال»

نجح أول خط إنتاج لمنتجات تجميل تحمل تصنيف «حلال» في إحداث ثورة في سوق التجميل الهندية. فهي تخلو من أية مشتقات حيوانية أو كحول.
كانت شركة «إيبا حلال» قد تأسست على يد شقيقتين غير مسلمتين، مولي وغريشما تيلي. وهي أول شركة متخصصة في إنتاج مجموعة متكاملة من مستحضرات التجميل التي تلتزم في صناعتها بأساليب نقية تتوافق مع المبادئ الإسلامية في الهند.
بدأت الخطوة بتأسيس مولي، (36 عاماً) الحاصلة على درجة الماجستير في الهندسة الصيدلانية من جامعة ميتشيغن، شركة تلبي رغبات شريحة معينة من النساء لدى عودتها إلى وطنها الهند.
وعن هذا، قالت مولي خلال محادثة هاتفية: «عدت إلى الهند عام 2011 بعد سبع سنوات في الولايات المتحدة قضيتها في الدراسة والعمل. إلى جانب خلفيتي الفنية وعملي بمجال الإدارة في إنشاء شركة خاصة بي، كان لانتمائي إلى عائلة من أصحاب الأعمال دور كبير في اتخاذ قراري».
تتولى مولي حالياً منصب الرئيس التنفيذي والشريك الإداري في «إيكوتريل بيرسونال كير»، الشركة الأم لـ«إيبا حلال كير». وبالتعاون مع شقيقتها غريشما، الحاصلة على درجة علمية بمجال التكنولوجيا الحيوية من جامعة هيوستون، اكتشفت أن سوق التجميل الهندية تعج بعدد من الشركات بالغة الضخامة، بجانب عدد من الأسماء الناشئة المتخصصة في «أيورفيدا»، منظومة من تعاليم الطب التقليدي نشأت في شبه القارة الهندية.
وهي تعاليم التزمت بها الشقيقتان طيلة حياتهما. وقبل أن تخطوا أي خطوة فعلية لتأسيس الشركة، قضيتا بضعة شهور في التجول بمختلف أرجاء الهند، بهدف زيارة صالونات التجميل والبحث عن ثغرة يمكنهما ملؤها. خلال هذه الجولات لاحظتا أن الكثير من النساء المسلمات تحديدا تشتكين من عدم قدرتهن على وضع مساحيق تجميل معينة لاحتوائها على مشتقات الخنزير أو الكحول. وبما أن الهند تضم حالياً أكبر مجتمع مسلم على مستوى العالم ومن المتوقع أن يصبح الأكبر عالمياً بحلول عام 2050 وجدت الشقيقتان في ذلك ثغرة يمكنهما استغلالها لصالحهما وفي الوقت ذاته إفادة هؤلاء النساء.
في هذا الصدد، تشرح غريشما، التي تتقلد منصب نائب رئيس الشركة لشؤون البحث والتطوير، أن «تجنب المسلمات استخدام مستحضرات التجميل وعطور لاحتواء معظمها على دهون خنزير وكحول كان البذرة لإنتاج منتجات مناسبة لهن وفي الوقت ذاته رحيمة بالبيئة». وتضيف: «كشفت دراستنا للسوق أن الهنود، بغض النظر عن دياناتهم يفضلون منتجات نباتية وأصبح لديهم وعي متزايد تجاه ما يستعملونه ولا يقتصر الأمر على المسلمين وحدهم». العارضة الشهيرة ميراندا كير أعلنت مؤخراً أنها تعتمد على منتجات تجميل وعناية بالبشرة طبيعية تماماً. النجمة سلمى حايك أيضاً صرحت منذ سنوات أنها لا تزال تعتمد على بعض الوصفات الطبيعية التي ورثتها عن أمها وجدتها.
من ناحيتها، تعتمد منتجات «إيبا» على عناصر طبيعية تماماً مثل بتلات الورود وما يعرف باسم «فواكه الجنة» وهي مزيج من عصارة الرمان والبلح والتين والعنب، وزيت الزيتون وعصارة خضراوات وفيتامينات.
وأوضحت غريشما أن: «مصدر جميع العناصر التي نعتمد عليها نجري أبحاثا حولها لضمان خلوها التام من أي منتجات غير حلال مثل الكحول أو مواد كيميائية مثل الكبريت والزئبق، ومشتقات الحيوانات».
وتتابع: «نظراً للثقة الكبيرة التي يوليها لنا الناس، أحرص أنا وشقيقتي على الإشراف على عملية التصنيع بصورة شخصية».
حاليا تُعتبر الهند المُسوق الأول لمستحضرات التجميل «الحلال»، تبعاً لما كشفه تقرير أجرته وكالة «تومسون رويترز» بالتعاون مع «دينار ستاندرد»، وحسبما كشفت صحيفة «ذي فايننشال إكسبريس».
وحمل التقرير اسم «تقرير حالة الاقتصاد الإسلامي العالمي لعام 2016 - 2017»، ويقدر قيمة السوق الإسلامية الهندية بـ4.7 مليار دولار. وجاءت روسيا في الترتيب الثاني بقيمة 3.5 مليار دولار، تلتها إندونيسيا (3.3 مليار دولار)، ثم تركيا (3.1 مليار دولار) وبعدها ماليزيا (2.9 مليار دولار)، وأخيرا بنغلاديش في المركز السادس بقيمة تبلغ 2.5 مليار دولار وذلك في عام 2015.
وتؤكد مولي أن «إيبا» لا ترتبط بديانة معينة بقدر ما يهمها تقديم خدمة للسوق الهندية، مشيرة إلى أنها وشقيقتها ليستا مسلمتين، وبالتالي غير مجبرتين على التزام المنتجات «الحلال». لكن كلمة «حلال هنا لا نخص بها الإسلام، بل هي إشارة إلى أن منتجاتنا عضوية ونقية وخالية من أية مواد كيميائية كما لم تتسبب في معاملة قاسية للحيوانات. وعليه، فإنها منتجات مناسبة للجميع، بمن فيهم النباتيون من أتباع الديانات الأخرى».
لكن تبقى نسبة المسلمات أعلى من غيرهن لحد الآن، سواء تعلق الأمر بكريمات التفتيح أو غسول الوجه وزيوت الشعر والعطور. أما المنتج الأكثر مبيعاً فهو أحمر الشفاه.
وفي الوقت الذي لم تبديا استعداداً للكشف عن العائدات التي تحققت حتى الآن، فإنهما شددتا على أن المبيعات فاقت توقعاتهما، الأمر الذي يؤكد أن فكرتهما كانت جيدة.
فقد بدأتا بمتجرين داخل مسقط رأسهما منذ عامين فقط. أما اليوم فتوجد متاجرهما في سنغافورة والشرق الأوسط وجنوب أفريقيا وأماكن أخرى، بينما تحقق 25 في المائة من إجمالي مبيعاتها عبر شبكات التسوق الإلكتروني، مثل «أمازون» و«فليبكارت» و«سنابديل» و«بيربل آند نيكا» تباع فيها أكثر عن 80 منتجاً «حلال».
أما بالنسبة للأسعار، فإنها تتراوح بين 50 و500 روبية. وتقول مولي في هذا الصدد: «لقد تعمدنا الإبقاء على الأسعار منخفضة نسبياً حرصاً منا على عدم تحول (إيبا) على علامة تجارية فاخرة، وإنما في متناول الجميع، من دون أن تتأثر جودتها وفاعليتها».



الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
TT

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

تحظى سراويل الجينز اليابانية المصبوغة يدوياً بلون نيلي طبيعي، والمنسوجة على أنوال قديمة، باهتمام عدد متزايد من عشاق الموضة، الذين لا يترددون في الاستثمار في قطع راقية بغض النظر عن سعرها ما دامت مصنوعةً باليد. وعلى هذا الأساس يتعامل كثير من صُنَّاع الموضة العالمية مع ورشات يابانية متخصصة في هذا المجال؛ فهم لا يزالون يحافظون على كثير من التقاليد اليدوية في صبغ قطنه وتصنيعه من الألف إلى الياء.

يوضع القطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن لا يلوّنها وحدها بل أيضاً أيدي العاملين (أ.ف.ب)

داخل مصنع «موموتارو جينز» الصغير في جنوب غربي اليابان، يغمس يوشيهارو أوكاموتو خيوط قطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن يلوّن يديه وأظافره في كل مرّة يكرر فيها العملية. يتم استيراد هذا القطن من زيمبابوي، لكنّ الصبغة النيلية الطبيعية المستخدَمة مُستخرجةٌ في اليابان، ويؤكد أوكاموتو أنّ لونها غني أكثر من الصبغات الاصطناعية. وكانت هذه الطريقة التي يشير إلى أنها «مكلفة» و«تستغرق وقتاً طويلاً»، شائعةً لصبغ الكيمونو في حقبة إيدو، من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

العمل في هذه المصانع صارم فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع من صبغة إلى خياطة (أ.ف.ب)

وتشكِّل «موموتارو جينز» التي أسستها عام 2006 «جابان بلو»، إحدى عشرات الشركات المنتِجة لسراويل الجينز، ويقع مقرها في كوجيما، وهي منطقة ساحلية تشتهر بجودة سلعها الحرفية، بعيداً عن سراويل الجينز الأميركية المُنتَجة على نطاق صناعي واسع. ويقول رئيس «جابان بلو»، ماساتاكا سوزوكي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن صارمون جداً فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع». ويشمل ذلك «جودة الخياطة والصبغة»، ما يجعل الاعتماد على مهارات التصنيع التقليدية للحرفيين المحليين، مسألة ضرورية.

بيد أن كل ما هو منسوج يدويا ومصنوع بهذا الكم من الحرفية له تكلفته، إذ يبلغ سعر النموذج الرئيسي من الجينز الذي تنتجه «موموتارو» نحو 193 دولاراً. أما النموذج الأغلى والمنسوج يدوياً على آلة خشبية محوّلة من آلة نسج كيمونو فاخرة، فيتخطى سعره 1250 دولاراً.

يعمل أحد الحرفيين على تنفيذ بنطلون جينز باليد بصبر رغم ما يستغرقه من وقت (أ.ف.ب)

ومع ذلك، ازداد الاهتمام بما تنتجه «جابان بلو» على أساس أنها إحدى ماركات الجينز الراقية على غرار «إيفيسو»، و«شوغر كين». وتمثل الصادرات حالياً 40 في المائة من مبيعات التجزئة، كما افتتحت الشركة أخيراً متجرها السادس في كيوتو، ويستهدف السياح الأثرياء بشكل خاص. يشار إلى أن صناعة الجينز ازدهرت في كوجيما بدءاً من ستينات القرن العشرين لما تتمتع به المنطقة من باع طويل في زراعة القطن وصناعة المنسوجات. وخلال حقبة إيدو، أنتجت المدينة حبالاً منسوجة للساموراي لربط مقابض السيوف. ثم تحوّلت بعد ذلك إلى صناعة «تابي»، وهي جوارب يابانية تعزل إصبع القدم الكبير عن الأصابع الأخرى، وانتقلت فيما بعد إلى إنتاج الأزياء المدرسية.

تعدّ سراويل الجينز الياباني من بين أغلى الماركات كونها مصنوعة ومصبوغة باليد (أ.ف.ب)

ويقول مايكل بندلبيري، وهو خيّاط يدير مشغل «ذي دينيم دكتور» لتصليح الملابس في بريطانيا، إنّ سوق سراويل الجينز اليابانية «نمت خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 الماضية». ومع أنّ محبي الجينز في الدول الغربية يبدون اهتماماً كبيراً بهذه السراويل، «لا يمكن للكثيرين تحمل تكاليفها»، بحسب بندلبيري. ويتابع قائلاً: «إن ماركات الجينز ذات الإنتاج الضخم مثل (ليفايس) و(ديزل) و(رانغلر) لا تزال الأكثر شعبية، لكن في رأيي تبقى الجودة الأفضل يابانية». ويرى في ضعف الين وازدهار السياحة فرصةً إضافيةً لانتعاش سوق هذه السراويل.

رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها فإن الأنوال القديمة لا تزال هي المستعملة احتراماً للتقاليد (أ.ف.ب)

يعزز استخدام آلات النسيج القديمة رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها، وبالتالي لا تملك سوى رُبع قدرة أنوال المصانع الحديثة، من سمعة «موموتارو جينز» التي تعود تسميتها إلى اسم بطل شعبي محلي. وغالباً ما تتعطَّل هذه الأنوال المصنوعة في الثمانينات، في حين أنّ الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيفية تصليحها تزيد أعمارهم على 70 عاماً، بحسب شيغيرو أوشيدا، وهو حائك حرفي في موموتارو.

يقول أوشيدا (78 عاماً)، وهو يمشي بين الآلات لرصد أي صوت يشير إلى خلل ما: «لم يبقَ منها سوى قليل في اليابان» لأنها لم تعد تُصنَّع. وعلى الرغم من تعقيد هذه الآلات، فإنه يؤكد أنّ نسيجها يستحق العناء، فـ«ملمس القماش ناعم جداً... وبمجرّد تحويله إلى سروال جينز، يدوم طويلاً».