issue16697

Issue 16697 - العدد Thursday - 2024/8/15 الخميس OPINION الرأي 14 جنيف تضيف إلى تعقيدات المشهد السوداني! أمام المنعطف الأخطر! عن تيار التطرفواقتياته على التأزيم الصاعد مــــفــــاوضــــات جــنــيــف الـــتـــي انــطــلــقــت أمـــــس بــتــرتــيــبــات أميركية في الأساس، سوف تضيف إلى تعقيدات المشهد في السودان بعد أن قاطعَها الجيش، إثر فشله في الحصول على التوضيحات والالتزامات التي كـان يسعى إليها في اللقاء التشاوري مع الجانب الأميركي في جدة قبل أيام. خلافاً لما يقوله الذين يتهمون الجيش بالمناورة وعدم الرغبة لـ نـخـراط فـي المـفـاوضـات، فالحقيقة أنــه لـم يرفض الدعوة لحضور جنيف من حيث المبدأ، لكنّه حدد المطلوبات الـتـي يــراهــا ضــروريــة لـلـعـودة إلـــى المــفــاوضــات، ولأجـــل هـذا الــغـرض بعث بـوفـد إلــى جــدة للقاء الــتـشـاوري مــع الجانب الأميركي، ولو كان حصل على الضمانات وبعض الالتزامات بشأن تنفيذ بنود إعــ ن جــدة، لكان قد ذهـب إلـى سويسرا وشارك في المفاوضات. لكن الواضح أن أميركا هذه المرة تريد فرض رؤية محددة، وأجندة معينة، وتوسيع دائرة المشاركة رغــم التحفظ الـسـودانـي، وإدارة المـفـاوضـات بالضغط ولي الذراع، ولذلك نقلتها من جدة إلى جنيف لتكون هي الموجه الأساسي للعملية مثلما نراه حالياً. هـــل تـمـسـك الــحــكــومــة الـــســـودانـــيـــة بــضــمــان تـنـفـيـذ ما اتـفـق عليه فـي إعـــ ن جــدة مـوقـف خـاطـئ، أم أن الخطأ هو مساعدة «قوات الدعم السريع» على التملص من التزاماتها، والــتــجــاوز عــن كــل انـتـهـاكـاتـهـا، وعــــدم تـقـيـدهـا بـــأي أعـــراف أو مـبـادئ فـي استهدافها للمواطنين، وسـلـب ممتلكاتهم، والتعدي على أعراضهم؟ «قــــوات الــدعــم الــسـريــع» حـتـى قـبـل ســاعــات مــن إرســـال وفـدهـا إلـى جنيف، كانت تستهدف بالقصف المستشفيات والأحياء السكنية والمــدارس والأســواق، ما يدعم الاتهامات الموجهة لها بأن حربها هي ضد المواطنين الذين كانوا دائماً أولــى ضحاياها. وفــي هــذا القصف المتعمد والمـتـكـرر كانت «قـــوات الـدعـم الـسـريـع» كثيراً مـا تستخدم بـيـوت المواطنين وأحياءهم المحتلة، كمنصة لعملياتها العسكرية، وهو ما يتناقضمع كل ما قاله قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) في خطابه «الإعلامي» الموجه بمناسبة مفاوضات جنيف، الــذي تحدث فيه كثيراً عـن «حماية المـدنـيـ »، بـل أعلن عن تشكيل قوة خاصة قال إنها لحماية أرواحهم وممتلكاتهم، وحماية الأعيان المدنية. الـجـيـش مــن واقـــع المـعـلـومـات المـتـوفـرة لــديــه، واطـ عـه على الكثير من الجوانب عن تدخلات أطراف خارجية تؤجج الحرب، لا بد أن يكون قد درس موقفه من المفاوضات، وبحث تبعات وتداعيات مقاطعة المفاوضات. شخصياً كنت أتمنى لـو أنــه ذهــب إلــى جنيف وقــال كلامه الــذي قاله للأميركيين في لقاء جـدة الـتـشـاوري، وشــرح موقفه ثم انسحب بعد أن يؤكد أنه مستعد للعودة متى ما تحققت مطالبه المشروعة. هـذا كـان سيجعله في موقف أفضل دبلوماسياً، ويساعده في إحباط مخططات وتحركات من يريدون عزله، وإعطاء مشروعية دولية لـ«قوات الدعم السريع» من بوابة مشروع المساعدات الإنسانية والممرات الآمنة. فالدبلوماسية يمكن أن تـسـتـخـدم أيــضــ كــجــزء مــن الأســلـحـة المـتـاحـة فــي أوقـــات الحروب، لا سيما بالنسبة للحكومة السودانية التي تواجه حرباً معقدة، ومؤامرات خارجية تشارك فيها عدة أطراف. والـحـكـومـة الــتــي خــســرت مـبـكـراً الــحــرب الإعــ مــيــة، لا يـمـكـنـهـا أن تـغـامـر بــخــســارة الـــحـــرب الـدبـلـومـاسـيـة أيـضـ ، وهــي بالتأكيد حــرب لا تقل تعقيداً عـن الـحـرب فـي المـيـدان الــعــســكــري، وتــحــتــاج إلــــى قــــدرة كــبــيـرة عــلــى المــــنــــاورة. الآن بات عليها أن تتحسب لتداعيات الغياب عن جنيف، وتعد خطواتها القادمة جـيـداً، بـالانـخـراط فـي حملة دبلوماسية واسعة تجاه الأطراف المؤثرة، بما فيها الراعيان الأساسيان لمنبر جـدة، وتترك الباب موارباً أمـام إمكانية الانـخـراط في المـفـاوضـات متى مـا تـوفـرت الـشـروط المناسبة، حتى لا يتم تجاوزها بخطوات تضر بمصلحة البلاد وسيادتها تحت ســتــار الإغـــاثـــة وفــتــح المـــمـــرات الآمـــنـــة. فــالــواضــح أن المشهد أعـــد بـعـنـايـة بـالـتـرويـج لـلـمـعـانـاة الإنـسـانـيـة والــحــديــث عن مـجـاعـة، عـلـمـ بـــأن المـتـسـبـب الأســـاســـي فــي ذلـــك هــو «قـــوات الــدعــم الـسـريـع» الـتـي شـــردت المـواطـنـ بـالـتـرويـع، ودمـــرت بشكل منهجي المصانع والمنشآت الخدمية والبنية التحتية، ونهبت وأحـرقـت مـخـازن الـغـذاء. وهـنـاك فيديوهات موثقة تصور الاعتداءات على المزارعين ونهب ممتلكاتهم بما فيها الــتــراكــتــورات، ونـهـب وحـــرق المـحـاصـيـل والـــبـــذور ومختلف المعينات الزراعية. لـــو كـــانـــت هـــنـــاك عـــدالـــة حـقـيـقـيـة لـــوقـــف الــعــالــم بشكل صـــريـــح وقــــــوي ضــــد المـــــؤامـــــرة الـــتـــي تــســـتــهــدف الـــــســـــودان، والانتهاكات الفظيعة التي يتعرض لها شعبه، ولأدان وعزل الطرف المسؤول عنها، بدلاً من محاولة فرضه كشريك مساوٍ في المفاوضات الآن، وفي المشهد السوداني لاحقاً. لكن العالم لـ سـف لا يـــدار بـهـذه العقلية بـل بمنطق الـقـوة والمـصـالـح، وعلى السودانيين بمختلف أطيافهم أن يستوعبوا أن بلدهم يواجه أخطر تحد يمر به في تاريخه الحديث، وأن يدركوا أن المخرج الحقيقي يكمن في أن يبحثوا بأنفسهم عن الحلول لـحـمـايـة بـلـدهـم مـــن مـصـيـر مــجــهــول، بـعـيـداً عـــن الـضـغـوط والمصالح الخارجية التي لن تكون في صالحهم، والدروس حولنا كثيرة لمن يريد أن يتعلم ويعتبر. كل المنطقة على فوهة بـركـان. يتكثف تحديد مواعيد الرد على الاغتيالات التي نفذتها إسرائيل في قلب طهران وداخـل المربع الأمني لـ«حزب الله» فـي ضاحية بـيـروت الجنوبية، وطـالـت إسماعيل هنية وفـــؤاد شكر. وتتقدم معطيات بـأن إسرائيل تتحضر لضربة استباقية يؤكد البحث بها وزير الحرب الإسرائيلي غالانت الــذي ذكّــر بأنه كـان قد أكـتـوبـر (تـشـريـن 11 اقــتــرح ضــربــة اسـتـبـاقـيـة يـــوم ، لكنه يتحفظ عليها الآن! 2023 ) الأول فـــــي الـــشـــهـــر الـــــحـــــادي عـــشـــر عـــلـــى بــــــدء حـــرب الـتـوحـش الـصـهـيـونـي عـلـى غــــزة، تـتـوضـح صــورة دخول المنطقة في منعطفٍ جديد. صحيح أن حدث أكـتـوبـر» شـكـل أكـبـر تـهـديـد وجــــودي لإسـرائـيـل 7« فـأطـلـقـت حـــرب اســتــعــادة الـهـيـبـة والــــــردع، لـكـن من لحظة عـــودة نتنياهو، مــن واشـنـطـن، بــدأ مخطط أخــــذ المــنــطــقــة إلــــى حــــرب واســــعــــة، وبـــهـــذا الــســيــاق يُـفـهـم قــــرار الاغــتــيــال عـلـى مـسـتـوى الــقــمــة. تبدلت المعطيات، وكان لافتاً تأكيد نتنياهو لمجلة «تايم» أن «إسرائيل في حرب وجودية»، وهو بهذا الحديث تــــوّج خــطــاب الــكــونــغــرس الــــذي تــركــز عـلـى الخطر الإيراني. وفي السياق أطلقت تل أبيب استراتيجية استعادة الـردع، وحجم النفوذ، أياً كان الثمن غير عـابـئـة بقضية الــرهــائــن الــتــي بــاتــت فــي آخـــر سلم الأولويات. يؤكد المنحى الإسرائيلي الجديد أن المواجهة باتت ما بعد غزة المدمرة التي أُعيد احتلالها، ولا يغير فـي الأمـــر قـذيـفـة مــن هـنـا أو كـمـ مــن هـنـاك. كما أن المواجهة لم تعد محصورة بجنوب لبنان، حـيـث اسـتـنـسـخ الـــعـــدو أكــثــر مـــن غـــزة فـــي الـبـلـدات الحدودية، وفرض بالنار حزاماً أمنياً، وإن لم يؤمن له بعد استقرار شمال إسرائيل ما يمكنه من فرض إعادة المستوطنين. لقد وُضعت المنطقة أمام براكين مواجهة عسكرية إسرائيلية إيرانية ورسم خرائط نــفــوذ، رغـــم مـسـاعـي مـحـور المـمـانـعـة عـــدم الانـــزلاق وإبقاء المواجهة تحت سقف منضبط. مثير لـ نـتـبـاه أن هـــذا المـنـحـى أبـــرز معطيات بأن هذه المواجهة ليست فقط بين إسرائيل وإيران. فــــزيــــارة الـــجـــنـــرال شــويــغــو المــفــاجــئــة إلــــى طـــهـــران، اســتــتــبــعــت بــجــســر عـــســـكـــري جـــــوي روســــــي تـسـلـم بموجبه الحرس الثوري أنظمة دفاع جوي جديدة، وصــــواريــــخ كــــروز بــحــريــة مــتــقــدمــة، وصــفــهــا قـائـد الـبـحـريـة الإيــرانــيــة بـأنـهـا ضــــرورة لإقــفــال المــمــرات البحرية في لحظة استهداف إيران. أما قائد المنطقة الوسطى الجنرال كوريلا فتكررت زياراته لإسرائيل ومــبــاحــثــاتــه مـــع الـــقـــادة الــعــســكــريــ ، واسـتـتـبـعـت بتحريك أكبر قـوة أميركية ضاربة بحرية وجوية تــمــركــزت فـــي الـــشـــرق الأوســــــط. يـعـيـد المــشــهــد إلــى الأذهان شيئاً من زمن الحرب الباردة! كانت المفاوضات الأميركية غير المباشرة مع إيــران (وضمناً «حــزب الـلـه») متقدمة، وتقترح رداً يـحـفـظ لـهـمـا مــــاء الـــوجـــه، وعــكــس هــــذا المــنــحــى ما أعلنه حسن نصرالله من أن الــرد الإيـرانـي حتمي، «لـكـن لـيـس مـطـلـوبـ مــن إيــــران أن تـدخــل فــي حــربٍ دائمة» (..) فيكشف تأخر الرد الحرصعلى معالجة معضلة كيفية حفظ ماء الوجه، وعدم منح تل أبيب الـفـرصـة لـتـوسـيـع نــطــاق الـــحـــرب، وبــهــذا التوقيت تـقـدمـت واشــنــطــن بـمـقـتـرح اسـتـئـنـاف المــفــاوضــات بـــشـــأن غــــزة مـــدعـــومـــة مـــن الـــقـــوى الــغــربــيــة ومـصـر وقطر. وتقرر إيفاد وليم بيرنز للمشاركة فيها، بما أوحى أن واشنطن تضع ثقلها لنجاح هذه العملية، التي تحدد اليوم الخميس موعداً لانطلاقتها من الدوحة. تسارعت المعطيات بعد قبول إسرائيل شكلياً بـالمـقـتـرح. لـكـن عـلـى الأرض وقـعــت مقتلة مـدرسـة «التابعين» في شرق غزة التي فحّمت أو مزقت إلى فلسطينياً. كـان ذلـك ردّ نتنياهو 125 أشــ ء نحو الحقيقي عـلـى دعـــوة اسـتـئـنـاف المــفــاوضــات، فبدا «الـــثــقــل» الأمــيــركــي غـيــر حــاســم مـــع اكــتــفــاء الـبـيـت الأبيض بإعلانه «قلقاً بالغاً» إزاء أنباء عن سقوط مـدنـيـ ، مـا أعـــاد إلــى الأذهــــان رســم صـــورة خطرة عن التماهي الأميركي الإسرائيلي! ولـم يتأخر رد «حماس» التي طالبت بإطار تنفيذي لما تم عرضه ســابــقــ عـلـيـهـا ووافــــقــــت عــلــيــه. مـــا يــعــنــي أن هــذه المـبـاحـثـات إن عـقـدت قــد لا تضيف شـيـئـ ، فتكتب جـريـدة «الأخـبــار» أن الأميركيين «أخـرجـوا أرنبهم الوحيد، قرروا بث الروح في المفاوضات حول غزة، لكنهم لم يقدموا اقتراحاً يقود إلى وقف الحرب». اليوم عندما يدفع العدو الإسرائيلي إلى حرب مــع إيــــران (ضـمـنـهـا لــبــنــان)، يــعــرف أنـــه عــاجــز عن إنجازها بـدون تـورط أميركي، فيصطدم بممانعة واشــنــطــن لــكــن الــــــردع الأمـــيـــركـــي لـــهـــذا الــنــهــج غير حــاســم. فـالـسـيـاسـة الأمـيـركـيـة تــــراوح بــ مـواقـف تـــبـــرر الارتـــكـــابـــات الإســرائــيــلــيــة وتــسـلــيــح مـكـثـف، فتترك الباب مفتوحاً، ولو جزئياً، أمام نتنياهو! بالمقابل يحاذر الموقف الإيراني منح إسرائيل فـــرصـــة المـــضـــي بـــالـــدفـــع إلـــــى حـــــرب واســــعــــة تــهــدد الــنــووي الإيـــرانـــي. وتـــدرك طـهـران أن الـــرد مــن نوع مــا جـــرى فــي أبــريــل (نــيــســان) المــاضــي عـلـى عملية القنصلية الإيرانية يكرس علو كعب إسرائيل قوةَ ردع مطلقةً لن تتورع بعدها عن مغامرة عسكرية كبرى. إنه المأزق فما البدائل؟ ويــــكــــاد ســــتــــار ســـمـــيـــك يُــــســــدل عـــلـــى الــقــضــيــة الفلسطينية، ويحاصر المــأزق أكثر من طـرف، لكن الثمن المخيف قتلاً ودمـاراً يدفعه لبنان، بعد غزة، فــي حـــرب بــدأهــا «حـــزب الــلــه» مرجعيتها طـهـران. يتسع الــشــرخ الشعبي الـــذي تسبب بــه «الــحــزب»، ويـفـاقـم حجم المـآسـي استنكاف السلطة والطبقة الـسـيـاسـيـة عـــن مـسـؤولـيـة مــحــاولــة إنـــقـــاذ الأرواح وحــمــايــة الــبــلــد، فــي وقـــت تـعـتـرف «الأخـــبـــار» بأنه ينبغي أن «ندع جانباً الكلام الشعبوي الذي يصدر عـن جمهور مـؤيـد للمقاومة يتوقع تـدمـيـراً كاملاً لـلـكـيـان» (..) فيما الحقيقة أن جـمـهـوراً مسحوراً يردد ترهات مدمرة يطلقها «القادة» ويوظفون ذلك في مشروع تأبيد التسلط والتبعية! مــن المـعـلـوم أن الـتـطـرف يحيا ويقتات ويتغذى على التوترات ويستثمر بالأزمات. منها يستمد طـاقـة تـمـدد هـائـلـة تمكّنه من الانـــتـــعـــاش، والآن بــعــد حــــرب غــــزة المــطــولــة لسبب أو لآخــر تـحـاول منصات «إخـوانـيـة» أن تعيد الــوهــج للربيع الـعـربـي الـــذي فشل فـي تونس ومصر وعـــددٍ مـن الـبـلـدان، وارتــدّ التنظيم المتطرف للعمل تحت الأرض، وهو يـتـحـسّـر عـلـى ضـيـاع الــفــرص الـتـي أتـتـه من أجـــل إســقــاط الــــدول، والـــعـــدوان عـلـى مفهوم الدولة. هـــذا مـــا انـتـبـه إلــيــه الـــوعـــاة مـــن الـكـتـاب والمفكّرين، ومنهم الأستاذ عبد الله بن بجاد العتيبي في مقالةٍ له، وسبق أن أصدر كتاباً بعنوان: «ضد الربيع العربي». يرى ابن بجاد في مقاربته الجديدة أن الأخطر من غزة هو استغلالها لحرق العالم الـــعـــربـــي، مـــن عــــدوٍ خـــارجـــي وعـــــدوٍ داخـــلـــيٍ، فـنـحـن أمـــــام إرهــــاصــــات ربـــيـــع عـــربـــي جـديـد تتم صناعته بنفس الأدوات وذات الداعمين وعـــ الـفـاعـلـ ، ولـئـن كـانـت الأولـــويـــات في الربيع العربي المـدمّـر قبل أكثر مـن عقدٍ من الزمان تقودها (جماعات الإسلام السياسي) ولكن تحت غطاء رقيق مـن مفاهيم حديثة مثل (الديمقراطية) و(الحقوق)، لم تلبث أن تــ شــت ورجــــع الأصــــل حــيــنــذاك، بـــل يعتبر أن الأولـويـات اليوم تتعلق بمحور المقاومة وجـــمـــاعـــات الإســــــ م الـــســـيـــاســـي، وإنـــمـــا في تـــوظـــيـــف الــــحــــدث الـــســـيـــاســـي مــــن أجـــــل بـــثّ مفاهيم مثل الأمـــة بـوجـه الــوطــن، أو الـثـورة بوجه الدولة، أو الديمقراطية ضد التنمية. الـتـطـرف يـحـيـا ويـقـتـات ويـتـغـذى على الــتــوتــرات، ويــطــرب لـــ زمـــات، منها يستمد طاقة مدد هائلة تمكّنه من الانتعاش، والآن بعد حرب غزة تحاول منصات «إخوانية» أن تعيد الـوهـج للربيع العربي الـــذي فشل في تـونـس ومـصـر والخليج وعـــددٍ مـن البلدان، لــذلــك ارتـــــدّ الـتـنـظـيـم المــتــطــرف لـلـعـمـل تحت الأرض، وهـــو يـتـحـسّـر عـلـى ضــيــاع الـفـرص التي أتته من أجـل إسقاط الـــدول، والـعـدوان عـلـى مـفـهـوم الـــدولـــة، والـــــذي حـــدث بــــالأردن يــمــثّــل أكــبــر مـــثـــالٍ عــلــى إرادة الانـــبـــعـــاث من جديد، وإعادة بعث أفكار وأساليب التخريب التي حدثت قبل ثلاثة عشر عاماً. إنني أتفق مع ابن بجاد حين سبّب هذا التحليل للحدث الحالي، فكتب عنه أنه وفي أكـثـر مــن بـلـدٍ عـربـي تـتـمّ تــحــركــاتٌ متشددة بغية صناعة الفوضى من جديد، عبر خطبٍ وفتاوى وبياناتٍ وجمع تبرعاتٍ، وعبر كل منصات (السوشيال ميديا) المختلفة، ويتم تـسـخـ الأوضـــــاع وإعـــــادة صـنـاعـة السخط والإحــبــاط، وتنظيمات الإرهـــاب تتحرك في كل المنطقة، والميليشيات الطائفية تتأهب، والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان وعناصره في الغرب ينشطون ويتحركون، وجماعات الإســــ م الـسـيـاسـي تـزيـد مــن تحركاتها في الدول التي لم تصنفها إرهابية. الــخــ صــة أن تـركـيـز دول الإقــلــيــم على الــخــطــر الـــثـــوري المــحــيــط المـتـغـطـي بـقـضـايـا ومــظــالــم مـعـيـنـة لا بـــد أن يــكــون عــالــيــ . لقد كانت الأحـــداث المـؤلمـة أيــام مـا عـرف بالربيع العربي محدقة، وقد نجت منها دول عديدة استطاعت أن تتعامل مع المشروع التثويري الـــكـــارثـــي، والآن ثــمــة مـــن يـــحـــاول اســتــخــدام القضايا الـعـادلـة مـن أجــل تثوير ممارسات جـــائـــرة، وهــــذا المـــشـــروع مـــن تـدبـيـر الإخــــوان ومـــحـــور المـــقـــاومـــة ومــــن يـــــدور فـــي فـلـكـهـمـا، فالحذر مـن هـذه الـتـطـوّرات المتسارعة؛ لئلا يسبق السيف العذل. جماعات الإسلام السياسي تزيد من تحركاتها في الدول التي لم تصنفها إرهابية على السودانيينجميعاً أن يبحثوا بأنفسهم عن الحلول لحماية بلدهم من مصير مجهول من لحظة عودة نتنياهو من واشنطن بدأ مخطط أخذ المنطقة إلىحرب واسعة فهد سليمان الشقيران عثمان ميرغني حنا صالح

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky