نداء أبوعلي
الهجمة الإرهابية التي استهدفت مطعمًا وناديًا في مدينة إسطنبول التركية ليلة رأس السنة، وإن كانت امتدادًا لاستراتيجية داعشية تستهدف المحافل الدينية والاحتفالات، فلقد جاء اختيار بداية العام تحديدًا «رسالة إنذار» بوجود خطة مستقبلية تعرض تركيا لموجة مستمرة من الهجمات الإرهابية.
تنامي خطاب الكراهية وتجريم الآخر دفع المتطرفين لإلغاء إنسانيتهم واستهداف الأبرياء في مناسباتهم الدينية بعيدًا عن الشعور بأي ذنب. فهؤلاء - بنظر المتطرفين - يستحقون الموت، لكونهم لا يتبعون النهج الصحيح الذي ينتهجونه هم. ولقد تنامت في الآونة الأخيرة العمليات الانتحارية التي تركز على أماكن العبادة كالمساجد والكنائس من جهة، واختيار مناسبات دينية يسهل فيها استهداف تجمّعات كبيرة من جهة أخرى.
باتت العشوائية والدمار لغة العصر، وشمل ذلك الجماعات الإرهابية التي تنحو للتخريب واستهداف الأبرياء ببطش وعنف بعيدًا عن التخطيط المدروس بعناية. ولقد أصبح الهدف المحوري إثارة الرعب وإبادة كل من يعارض فكر التنظيم، وبلغت الوحشية الحد الذي استهدف فيه الإرهاب الأطفال في المدارس، والمصلين في المساجد، والأبرياء في الملاعب الرياضية.
لا يختلف المتابعون على أن تنظيم داعش الإرهابي المتطرف سرق الأضواء من تنظيم القاعدة، الذي خرج منه وانفصل عنه. ومن ثم تمكن من تكثيف حضوره القوي على الساحة الدولية، بصفته تنظيما وحشيا عنيفا وسّع نفوذه جغرافيًا، واكتسب أتباعًا ومؤيدين في بقاع مختلفة. إلا أن مؤشرات عدة تشير إلى تراجع قوة «داعش» نتيجة الضربات الموجهة إليه، ولا سيما في العراق وسوريا، والتصاعد التدريجي الاستراتيجي لـ«القاعدة» من جديد. ومردّ ذلك إلى تسرّع «داعش» وممارساته الموغلة في التوحش وابتعاده عن الاستراتيجيات التي من شأنها كسب مؤيدين على المدى البعيد.
إلى أي مدى يظهر التشابه ما بين النازية وتنظيم داعش؟ ما بين النازية التي تستخدم ميثيولوجيا متطرفة قائمة على العرق الآري، وتنظيم داعش الذي يستقطب مناصرين باسم الدين.
«لم أكن ميتًا بعد، كنت فقط في حالة من التحلل السريع». من السهل استشفاف التأزم الوجودي الذي يعصف بتشارلز بوكوفسكي، من خلال هذه العبارة المقتبسة من آخر عمل روائي له قبل مماته: «أدب رخيص» في عام 1994. وقامت منشورات الجمل بنقلها إلى اللغة العربية في عام 2016، عبر ترجمة المصرية إيمان حرز الله. وقد وصفت الشاعرة والمترجمة الفلسطينية ريم غنايم في تقديمها للعمل الروائي هذا بأنه «يحوي نكهة جديدة تنزاح عن الكتابة المشروطة لأدب التحري، وذلك عبر مزج أو تشويش أو ازدواج متعمد».
تشير دلائل كثيرة إلى تكثيف نشاط تنظيم داعش الإرهابي المتطرف في ليبيا، وانتقال عدد من قياداته ممن كانوا في السابق في العراق وسوريا إلى ليبيا. أحد أبرز التحذيرات فيما يخص نشاط تنظيم داعش كان تحذير الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال اجتماع عقده في مقر «وكالة الاستخبارات المركزية» الأميركية (سي آي إيه) مع مستشاريه في مجال الأمن القومي في أبريل (نيسان) 2016.
تضييق الخناق على التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» واعتقال عدد كبير من حركييها، حتم تغييرًا نوعيًا في استراتيجية هذا التنظيم الإرهابي المتطرف، وإعطاء النساء مهام قيادية ولوجيستية تتضمن حمل السلاح وتصنيع المتفجرات من جهة، وتجنيد مناصرين عبر مواقع التواصل الإلكتروني من جهة أخرى.
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة
